fbpx

أرمينيا وأذربيجان: جذور الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يرى محللون مستقلون أن أذربيجان كانت المحرك الرئيسي للحرب إلى حدٍ كبير، قائلين إنها استعدت لشن هجومٍ كبيرٍ، لكنهم يرون أيضاً أن باشينيان تمادى كثيراً في خطاباته الشعبوية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اتفق قادة أذربيجان وأرمينيا طوال سنوات على إرجاء المناقشات حول وضع إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه، وذلك لتجنب إثارة مشاعر العداء. بيد أن هذا تغيّر فجأة هذا الربيع، عندما أعلن رئيس وزراء أرمينيا الشعبوي أن الإقليم أرميني بلا منازع.

نزلت تصريحات رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان كالصاعقة على الأذريين، الذين خسروا في التسعينات حرباً مريرة لا تزال غير محسومة على الإقليم. ومما أجج غضبهم أكثر، هو إدلائه بتلك التصريحات في مدينة شوشا، التي يعتبرها الأذريون عاصمتهم الثقافية، لكنها تقع في أراضٍ خسروها خلال الحرب.

قال حكمت حاجييف، مساعد رئيس أذربيجان في الشؤون الخارجية، “كان قوله إن ناغورنو كاراباخ أرمينية هو آخر مسمار في نعش المفاوضات”.

عاد البلدان إلى حرب شاملة منذ أكثر من شهر، مع عزم الأذريين على استعادة ما يقرب من 13% من أراضيها التي استولت عليها أرمينيا قبل 26 عاماً، في عملية أدت إلى نزوح 800 ألف أذري، وسط مخاوف من أن يمتد القتال إلى خارج المنطقة ويستدرج تركيا، التي تقف إلى جانب أذربيجان، وروسيا التي تدعم أرمينيا. 

أسفر الصراع بالفعل عن خسائر في الأرواح تقدر بالآلاف، لكن الرئيس الأذري إلهام علييف، الذي تتقدم قواته على الأرض،لا يُظهر أيّة نية للتهدئة، ويبدو أن حمى الحرب قد استحوذت على البلاد.

وقد خُرق وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن بعد ساعة واحدة من دخوله حيز التنفيذ، مع تبادل الجانبان القصف المدفعي صباح الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الأول.

يطالب علييف بانسحاب القوات الأرمينية إلى الحدود المعترف بها دولياً، امتثالاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمبادئ الأساسية المُتفق عليها في المفاوضات السابقة، وهي شروط اتفق الجانبان عليها قبل 10 سنوات لكنها لم تُنفذ قط، ويقول محللون إن مزاعم أرمينيا حول إقليم ناغورنو كاراباخ والمناطق المحيطة التي فرضت سيطرتها عليها خلال الحرب أصبحت أقل غموضاً هذا العام. 

قال حاجييف في مقابلة إن أذربيجان أملت في إحراز تقدم عندما تولى باشينيان مقاليد الحكم بعد ثورة شعبية في عام 2018. وفي اجتماعهم الأول، طلب باشينيان، الذي كان صحفياً في السابق، أن يمهله علييف بعض الوقت لكنه وعد بانتهاج سياسة جديدة حيال ناغورنو كاراباخ.

بيد أنه لم يشرع قط في اتباع هذه السياسة. ويقول محللون إن حدة التوترات تصاعدت هذا العام بعد التصريحات الشعبوية المتزايدة التي أدلى بها باشينيان ووزير دفاعه حول الإقليم، معلنين عن عزمهما جعل مدينة شوشا عاصمةً للإقليم ونقل مقر البرلمان إليها في أغسطس/آب. ربما سيثبت في نهاية المطاف أن هذه الخطوات لم تكن سوى خطأ كبيراً في الحسابات. 

اتفق قادة أذربيجان وأرمينيا طوال سنوات على إرجاء المناقشات حول وضع إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه، وذلك لتجنب إثارة مشاعر العداء.

أشار المؤرخ الأميركي الأرمني جيرار ليباريديان إلى نفس الأمر، فقد كتب في سبتمبر/أيلول، “لقد أصبحنا مهووسين بأحلامنا بدلاً من التركيز على ما يمكن إنجازه”. 

يرى محللون مستقلون أن أذربيجان كانت المحرك الرئيسي للحرب إلى حدٍ كبير، قائلين إنها استعدت لشن هجومٍ كبيرٍ، لكنهم يرون أيضاً أن باشينيان تمادى كثيراً في خطاباته الشعبوية. 

قال توماس دي وال، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي أوروبا ومؤلف كتاب “الحديقة السوداء” الذي يتناول إقليم ناغورنو كاراباخ، “يبدو منطقياً أن الأذريين هم من أرادوا بدء هذه الحرب، وليس الأرمنيون، الذين لم يريدوا سوى إبقاء الوضع على ما هو عليه. لكن خطوات الأرمنيين الاستفزازية كان لها دور أيضاً”.

اتهمت الحكومة الأرمينية أذربيجان بشن هجوم مُخطط وإثارة المواجهات التي أشعلت شرارة الحرب الشاملة، مضيفةً أن كافة تحركاتها تأتي دفاعاً عن النفس.

كان لروسيا دوراً حاسماً في مساندة أرمينيا. فقد دعمتها في الصراع الأصلي، ولديها قاعدتين عسكريتين في البلاد وتوفر لها الإمدادات والمعدات. 

أضاف دي وال أنه منذ الهدنة الواهية في عام 2009، تصرف قادة البلدين بحذرٍ، معتقدين أنه من الأكثر أماناً سياسياً الإبقاء على الوضع الراهن بدلاً من المخاطرة بتقديم التنازلات الإقليمية التي قد تتطلبها أيّة اتفاقية سلام مبرمة. 

طوال ذلك الوقت، كان علييف، الذي ورث الرئاسة عن والده في عام 2003، يستخدم ثروات بلاده من النفط والغاز الطبيعي لتعزيز قدرات الجيش وشراء أسلحة متطورة وإرسال ضباط للمشاركة في التدريبات العسكرية التي تجريها تركيا وفقاً لمعايير حلف شمال الأطلسي (الناتو). 

يبدو أن جهود إعادة التسليح هذه قد بدأت تؤتي ثمارها في عام 2016، عندما فرضت القوات الأذرية سيطرتها على قرية تقع تماماً على طول خط وقف إطلاق النار خلال قتال استمر لأربعة أيام فحسب. لكن روسيا تدخلت لوقف هذا التقدم الأذري، مثلما أشار فريد شافييف، الدبلوماسي السابق ورئيس مركز الدراسات وتحليل العلاقات الدولية في باكو الذي تموله الحكومة. مضيفاً أن الإحباط الشعبي الذي خيم على المشهد آنذاك كان واضحاً. ولاحظ نفس رد الفعل الجماهيري حين تفاوضت روسيا على وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد مضي أسبوعين فقط من اندلاع القتال الأخير. قائلاً، “لقد كان الناس محبطين للغاية”.

اندلعت الشرارة السريعة للقتال الحالي في يوليو/تموز الماضي، في أعقاب اشتباك مميت وقع بالقرب من مدينة توفوز الحدودية، حيث تمر خطوط أنابيب النفط والغاز الأذرية الحيوية في طريقها إلى جورجيا وتركيا.

فقد أطلق الجنود الأرمن النيران على مركبة عسكرية أذرية، مما أدى إلى تبادل كثيف لإطلاق النار عبر الحدود، أسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص، بينهم عدد من الضباط.

كان من بين القتلى اللواء بولاد هاشموف، الذي يحظى بشعبية كبيرة وأثار مقتله موجة من المشاعر. وتحول احتجاج صغير إلى مظاهرة عارمة شارك فيها عشرات الآلاف من الناس عبر شوارع العاصمة الأذرية باكو، مطالبين باستعادة إقليم ناغورنو كاراباخ.

قال حاجييف، “لقد تسببت أحداث يوليو/تموز في إحداث صدمة عارمة. مما دفع جموع الشعب والشباب على وجه الخصوص إلى إرسال هذه الرسالة: لقد طفح الكيل”.

قالت الصحفيّة الأذريّة، خديجة إسماعيلوفا، إن مشاعر الإحباط بسبب تداعيات جائحة كورونا والنقص الحاد في المياه، زادا من الضغوط. وبدا واضحاً أمام علييف أن الشعب بات قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، وقد آن الأوان للتحرك”.

اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن الاشتباك الذي وقع في توفوز يُشكل تهديداً استراتيجياً على أذربيجان، وأرسل على الفور طائرات وقوات للمشاركة لمدة أسبوعين في مناورات عسكرية مع القوات العسكرية الأذربيجانية.

في حين رأى المحللون الأتراك أن تحرك أردوغان وسيلة لاكتساب النفوذ في تعاملاته مع روسيا، لكن حماية حليفته أذربيجان التي تشترك مع تركيا في سمات ثقافية وتاريخية، والتي صارت مؤخراً المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي في تركيا بدلاً من روسيا، كان أيضاً على قدر عظيم من الأهمية.

صرح رئيس مركز الدراسات وتحليل العلاقات الدولية، فريد شافييف، مُتحدثاً عن مجازفة أذربيجان بالدخول في الحرب، أن “القول إن تركيا كانت تحرض على الحرب ليس سوى عبارة مبتذلة”. إلا أنه أكد مثلما فعل الرئيسان أردوغان وعلييف من قبل، أن تركيا وعدت بتقديم الدعم الفعال إذا واجهت أذربيجان أيّة صعوبات.

كان لروسيا دوراً حاسماً في مساندة أرمينيا. فقد دعمتها في الصراع الأصلي، ولديها قاعدتين عسكريتين في البلاد وتوفر لها الإمدادات والمعدات.

في أغسطس/آب، أعلنت السلطات الأذرية أن الجيش اعتقل بعض القوات الأرمينية التي كانت تحاول شن غارة أخرى عبر الحدود. قال حاجييف، “حينها أدركنا أن ثمة أمراً على وشك الحدوث”.

بعد مضي سنوات من تبادل نيران المدفعية من وقت لآخر، صار كلا الجانبين على أهبة الاستعداد وجاهزين للمزيد من أعمال الحرب بحلول سبتمبر/أيلول.

حذرت القوات العسكرية الأذرية سكان القرى الذين يعيشون على الجانب الأذري من خط التماس قرب مدينة تارتار في 26 سبتمبر/أيلول. وغادر بعضهم بالسيارات في جنح الليل، أما من بقوا في المدينة، فقد وصفوا تعرضهم لوابل من الصواريخ الأرمينية في الساعة السابعة صباحاً في اليوم التالي.

قالت غولبنيز بادالوفا (59 عاماً)، وهي تعيش في مدينة تارتار على بعد 500 متر فقط تقريباً من خط التماس، “نسمع القصف طيلة الوقت، ولكن هذه المرة كانت مختلفةً تماماً. فقد بدأوا في إطلاق النار بصورة متواصلة، وشعرنا جميعاً بالفزع”.

سرعان ما ردت أذربيجان على هذه الهجمات، وأعلنت أنها تدافع عن مواطنيها المدنيين. قال حاجييف، “لقد بدأوا في مهاجمة المدنيين وكنا ملزمين بشن عملية هجومية مضادة”. غير أن بعض المسؤولين اعترفوا أنهم كانوا ينتظرون عذراً لشن هجوم.

استعادت القوات الأذرية بالفعل أجزاءً من أربع مناطق جنوبية على طول الحدود مع إيران، ووصلوا إلى مسافة قريبة للغاية من ممر لاتشين، وهو ممر جبلي يمثل طريقاً هاماً للإمدادات من أرمينيا.

لكن لا شك أن الأمر انطوى على قدر كبير من الصعوبة بالنسبة للقوات الأذرية. ففي حين لم تصرح باكو عن أعداد الضحايا بين صفوف العسكريين، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس إن كلا الجانبين قد مُني بالفعل بخسائر في الأرواح تزيد عن ألفي جندي خلال أقل من شهر من القتال. وأسفرت الهجمات الصاروخية عن مقتل 65 مدنياً على الأقل من أذربيجان و37 من أرمينيا، وفقاً للأرقام الرسمية من الجانبين.

لا يزال الهجوم يحظى بدعم شعبي كبير، يتجلى في تأييد علييف والجيش، إلا أن الرئيس قد يواجه مهمة صعبة تكمن في إدارة التوقعات.

إذ إن كثيرٌ من العائلات الأذرية التي نزحت بسبب القصف في مدينة تارتار، هم في الأصل لاجئون من إقليم ناغورني كاراباخ، وأعربوا أنهم لن يشعروا بالرضا، إذا توقف علييف عن الهجوم بعد أن سيطر على بضع مناطق فقط.

قالت ظريفة سليمانوفا (43 عاماً)، “لن يكون التوقف عن الهجوم الآن كافياً، لا بد من استعادة السيطرة على كافة المناطق التي تحتاج أذربيجان إليها. لدينا أبناء شجعان للغاية. ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلا”.

هذا المقال مترجم عن الرابط nytimes.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.