fbpx

تركيا نجم صاعد في نظام عالمي جديد يخطط له أردوغان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قد يؤدي الترقب الذي يشوبه التوتر لمآلات الانتخابات الأميركية إلى تضليل الاتحاد الأوروبي للاعتقاد أنه في حالة انتخاب جو بايدن فإن السياسة الأميركية تجاه تركيا ستتغير تغيراً جذرياً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يبدو واضحاً أن إصرار تركيا على التنقيب العدواني عن الغاز الطبيعي في مناطق من شرق البحر المتوسط تُطالب بها اليونان وقبرص هو نوع من التكشير عن الأنياب للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس في بيان مقتضب، “نحث تركيا على إنهاء هذا الاستفزاز المدروس والبدء فوراً في محادثات استكشافية مع اليونان”.

وجاء في البيان أيضاً أن “ممارسات الضغط والتهديد والترهيب والأنشطة العسكرية لن تحل التوترات في شرق البحر المتوسط”.

في حين قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، “يجب على أنقرة أن تضع حداً لدوامة التهدئة والاستفزاز إذا كانت الحكومة مهتمة بإجراء محادثات”. وأضاف ماس الذي ألغى بصورة دراماتيكية زيارته المزمعة إلى أنقرة، أنه “تفاجأ للغاية” من الخطوات التي اتخذتها تركيا مؤخراً.

تتعلق ردود الجانبين الأوروبي والأميركي  بإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيمدد فترة المسح الجيولوجي عن الغاز الطبيعي في إحدى المناطق البحرية المتنازع عليها قرب تركيا حتى 27 أكتوبر/تشرين الأول. علماً أن المنطقة المشار إليها تقع في المياه الإقليمية اليونانية. وكان من المقرر أصلاً أن تنتهي أعمال المسح يوم الخميس (22 أكتوبر/تشرين الأول)، حسبما جاء في تصريح سابق. وقد بدا بالفعل أن تركيا بدأت تنصاع للضغوطات الدولية وأنها مستعدة للعودة إلى طاولة الحوار. لكن  أردوغان  كان لديه مخططات أخرى. 

فقد كثر الحديث خلال الأسابيع الماضية عن فرض عقوبات اقتصادية أو حظر عسكري على تركيا ما لم توقف عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في مناطق بحرية متنازع عليها. لكن قادة الاتحاد الأوروبي لم يتطرقوا تقريباً إلى المسألة عندما اجتمعوا في قمة عُقدت، واضطرت اليونان إلى ممارسة ضغوطات هائلة لوضعها ضمن جدول أعمال القمة. 

تمخضت قمة قادة الاتحاد الأوروبي عن إصدار بيانات حازمة وحاسمة فحسب، وأوضح القادة لليونان أن المناقشات حول فرض عقوبات على تركيا يفضل أن تتأجل حتى القمة المقررة في ديسمبر/كانون الأول. بيد أن الانقسام بين ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا ومالطا والمجر من جهة، الذين يُعارضون العقوبات، وفرنسا من جهة أخرى، يخدم المصالح التركية. إذ تخشى الدول الخمسة من أن ترسل تركيا إليهم موجة جديدة من اللاجئين في حال فرضوا عقوبات عليها. 

هذه ليست المرة الأولى التي تستغل فيها تركيا ملايين اللاجئين السوريين وتستخدمهم كورقة مساومة رابحة للضغط على الاتحاد الأوروبي كما لو كانوا رهائن لديها. ورغم أن اتفاقية اللاجئين التي وقعتها تركيا مع الاتحاد الأوروبي لم تحقق لها كل ما أردته، فقد هددت تركيا أكثر من مرة بفتح الحدود على مصراعيها، وذلك لمنع المبادرات الأوروبية الرامية إلى وضع حدٍ لاعتداءات أردوغان، مثل أعمال التنقيب في البحر المتوسط أو مشاركة تركيا في حرب سوريا. 

 كثر الحديث خلال الأسابيع الماضية عن فرض عقوبات اقتصادية

أو حظر عسكري على تركيا ما لم توقف عمليات التنقيب عن الغاز

الطبيعي في مناطق بحرية متنازع عليها.

ثمة علاقة بين تأجيل المناقشات حول فرض عقوبات على تركيا حتى ديسمبر/كانون الأول والانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة. فمثل نظرائهم في جميع أنحاء العالم، لا يستطيع قادة أوروبا وتركيا البدء حتى في تخمين الرئيس القادم للولايات المتحدة. وعلى الرغم من الانتقادات الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، فإن أردوغان ودونالد ترامب تربطهما علاقة شخصية ممتازة. فقد منع ترامب الكونغرس وحلف الناتو من فرض عقوبات على تركيا عندما اشترت تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400. لكن ومع أن أردوغان وعد ترامب إنه لن يستخدم الصواريخ قبل الانتخابات، فقد أجرت تركيا مناورات عسكرية الأسبوع الماضي أطلقت خلالها منظومة الصواريخ. وبالمثل، استُبعدت تركيا من برنامج تطوير مقاتلات إف-35، لكنها ستواصل تصنيع قطع منها في فترة ما من عام 2021. 

امتنع ترامب أيضاً عن الصدام مع إردوغان حول مسألة الحرب في إقليم ناغورنو كاراباخ، حيث تُقاتل قوات تركية في صف أذربيجان. واكتفى الرئيس الأميركي بالانضمام إلى دعوات فرنسا وروسيا بوقف إطلاق النار، ومنذ ذلك الحين لم يصدر عنه أيّ شيء حول هذه القضية، وعرض فقط استضافة مفاوضات بين الجانبين في الولايات المتحدة. في حين لا يستطيع ترامب إلقاء اللوم على أرمينيا لأنه يحتاج إلى أصوات المواطنين الأميركيين الأرمن الذين يبلغ تعدادهم  1.5 مليون أرمني، والذين يتركز معظمهم في ولايات نيويورك وبوسطن ولوس أنجلوس، وهي ولايات ديمقراطية. لكنه أيضاً لا يرغب في لوم أنقره لأنه يريد أن يحمي صديقه. في المقابل، قال سيرغي لافروف، وزير الشؤون الخارجية الروسي، في الأسبوع الماضي إن “روسيا لم تنظر قط إلى تركيا باعتبارها حليفاً استراتيجياً فحسب، بل شريكاً وثيقاً”. وخلافاً لترامب، لا يكترث بوتين بعلاقاته الشخصية الطيبة مع أردوغان عندما تهدد تركيا مصالح روسيا. 

قد يؤدي الترقب الذي يشوبه التوتر لمآلات الانتخابات الأميركية إلى تضليل الاتحاد الأوروبي للاعتقاد أنه في حالة انتخاب جو بايدن فإن السياسة الأميركية تجاه تركيا ستتغير تغيراً جذرياً، وسوف تدعم الاتحاد في ممارسة الضغوط الدبلوماسية على أردوغان. بيد أن تهديد اللاجئين سيظل مُحدقاً بأوروبا بصرف النظر عن الرجل الذي يجلس في البيت الأبيض، وسوف يضطر الاتحاد الأوروبي إلى حل الصراع اليوناني التركي بمفرده وألا يسمح لواشنطن بوضع قواعد اللعبة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

لقد تلقى كل من كان يأمل في حصول تحول جوهري في السياسة الدولية من شأنه أن يُثني إرادة أردوغان، رسالة واضحة ومدوية.

فقد صرح أردوغان في خطاب ألقاه في مؤتمر صحفي عقب جلسة مجلس الوزراء، قائلاً “جميع الأساليب، بما في ذلك الأعمال الإرهابية، والمحاولات الانقلابية، والمكائد الاقتصادية، والجهود الرامية إلى عزلنا، كان الغرض منها إقصاء تركيا عن أهدافها. لكننا نجحنا في إحباط جميع هذه الهجمات والمؤامرات… لقد كشفت غالبية المنظمات الدولية والدول التي تزعم أنها تحمل راية الديمقراطية عن نواياها الحقيقية حين طبقت معايير مزدوجة في التعامل مع تركيا”.

مضيفاً، “لقد أصبحت تركيا أكبر وأقوى، وباتت مجالات مصالحها تزداد بصورة طبيعية معها”. وسواء كان الأمر يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو الحرب في ليبيا، أو النزاع المستعر في إقليم ناغورني كاراباخ، أو التنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط، أو الأكراد في سوريا، أو اتفاقية الدفاع المشترك مع قطر، فإن أردوغان يعد بأن تركيا ستكون حاضرةً في كل مكان ولن يستطيع أحد إيقافها.

في أولى خطواته رئيساً لوزراء تركيا، تمكن أردوغان من الوصول إلى قوته السياسية بفضل النجاح الاقتصادي السريع الذي قاد البلاد إلى تحقيقه. وفي الأعوام الأخيرة، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية المتنامية، نجح أردوغان في بناء تركيا باعتبارها قوة إقليمية ودبلوماسية لا يمكن تجاهلها أو عزلها، قوة مستعدة لمواجهة أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.

فبعد أن كانت مجرد دولة تسعى إلى إيجاد ركن دافئ في الشرق الأوسط العربي، أصبحت تركيا دولة تصادمية تنظر إليها العديد من الدول العربية على أنها عدو. ففي هذا الشهر فرضت المملكة العربية السعودية عقوبات اقتصادية على تركيا في أعقاب تصريحات أردوغان بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

 “لقد أصبحت تركيا أكبر وأقوى،

وباتت مجالات مصالحها تزداد بصورة طبيعية معها”.

بدأت المملكة العربية السعودية في مقاطعة تركيا رسمياً منذ نحو عام، بيد أن المقاطعة الآن يقودها مكتب التجارة والمستوردين والتجار والمواطنين. فقد استنسخ رئيس مجلس الغرف السعودية، عجلان العجلان، شعار حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، وطبقه على تركيا، وذلك بالإعلان أنه “لن تكون هناك استثمارات، ولا تجارة، ولا سياحة” مع تركيا. ولا تقتصر هذه المقاطعة على السلع التركية فحسب، بل تشمل أيضاً العلامات التجارية والمنتجات التي يتم تصنيعها جزئياً في تركيا وتُسوَّق في المملكة العربية السعودية. تُقدر الخسائر التي لحقت بالاقتصاد التركي جراء حملة المقاطعة هذه بنحو 3 مليارات دولار، وهو مبلغ كبير بالنسبة لدولة تعاني من تراجع قيمة عملتها وتواجه ارتفاع في معدلات البطالة وتضخم بنسبة 12%، فضلاً عن عجز ضخم في الموازنة بنسبة 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بتوقعات بلغت 2.9%.

بيد أن أردوغان كان له موقفاً لاذعاً على نحو خاص تجاه هذه المقاطعة، قائلاً “لا بد ألا ننسى أن بعض هذه الدول في منطقتنا (دول الخليج) لم تكن موجودة بالأمس، وربما لن تكون موجودة غداً، لكننا سنواصل رفع رايتنا في هذه المنطقة إلى الأبد، إن شاء الله”.

الواقع أن أردوغان يروج لوجهة نظره العالمية التي تؤكد أن أوروبا والولايات المتحدة تحتاج إلى تركيا أكثر من احتياجها إليهم. ويشير إلى أن النظام العالمي القديم، والتحالفات والتكتلات التقليدية، والاتفاقات التي جرى العمل بها حتى الآن، بدأت في الانهيار مع إفساح المجال لتشكيل موازين جديدة للقوى. مضيفاً أن “تركيا هي النجم الصاعد في هذه الاتجاهات العالمية والإقليمية الجديدة”.

يبدو أن هذه الرؤية صحيحة في ضوء الاضطرابات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، فضلاً عن تراجع قوة الولايات المتحدة ومكانتها في عصر ترامب وتقوقع أوروبا على نفسها.

إلا أن نهج أردوغان الذي يتسم بجنون العظمى، ويحظى بحماية حلفائه ومنافسيه الذين يخشون من ردة فعله، تدفعنا إلى أن نفحص فحصاً دقيقاً العواقب الوخيمة المترتبة على بروز زعيم إقليمي يمتلك قوة عسكرية مؤثرة ويعلن أن الاتفاقات القائمة حالياً لم تعد تلزمه. قد يتضح فيما بعد أن المواجهة مع اليونان وأوروبا بشكل عام حول التنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها بمثابة تجربة عملية لإستراتيجية أردوغان الجديدة وليس فقط مجرد صراع اقتصادي بين دولتين.

هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع  الأصلي زوروا الرابط التالي

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.