fbpx

“إحنا نسجِن ما نتسجنش”: القانون سيف على المعارضين والفقراء في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تم توقيف المراهق وبعدما أخلت سبيله النيابة العامة خرج في بث مباشر عبر موقع “إنستغرام” ومعه بعض من أصدقاءه يتباهون ويستعرضون قواهم: “إحنا نسجن، منتسجنش”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“إذا كان الواد مشروع بلطجي وهو لسه مكملش 15 سنة، أومال لما يكبر ويبقا قاضي ومعاه سلطة وحصانة وقوة القانون هيعمل إيه في الناس ؟!”.

 بتلك الجملة انتقد صديق تصرفات مراهق لا يتعدى عمره 15 عاماً انتشر له مقطعي فيديو عبر السوشيال ميديا، يتصرف فيها باستعلاء و يسيئ مخاطبة رجلي شرطة تابعين لإدارة المرور بوصفه من عائلة نافذة. تم توقيف المراهق لكن وبعد إخلاء سبيله من قبل النيابة العامة خرج في بث مباشر عبر موقع “إنستغرام” ومعه بعض من أصدقاءه يتباهون ويستعرضون قواهم: “إحنا نسجن، منتسجنش”. 

بدأت الواقعة التي انصب اهتمام الرأي العام المصري عليها مؤخراً، عندما انتشر مقطع فيديو للفتى – تبين لاحقا أن والده قاضي (رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية)- وهو يقود سيارة ويستوقفه أمين شرطة ويسأله عن رخصة القيادة، ليجيب: “أوعى بس إيدك كده!، فين كمامتك أنت؟”، وظهر في الفيديو يضحك مع  أصدقائه. 

رد الشرطي: “مش معايا كمامة”،  ليجيبه الفتى عندها “ابعد طيب وشك بعيد عني”، وبعدها يقود السيارة مسرعاً هرباً.

انتشر مقطع الفيديو الذي صوره أحد أصدقاء المراهق من داخل السيارة على السوشيال ميديا كالنار في الهشيم.

المستشار حماده الصاوى النائب العام المصري أمر بإيداع الطفل إحدى دور الملاحظة، وحبس من كانوا في صحبته احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وأودع الطفل بإحدى دور الملاحظة لمدة أسبوع وعقد جلسات تقويم لسلوكه وفقا لوصية “المجلس القومي للأمومة والطفولة”، على أن يعرض فور انتهاء المدة على المحكمة المختصة للنظر في أمر مد الإيداع.

لكن لاحقاً أعلنت النيابة العامة الإفراج عن الفتى مقابل تعهد والديه بحسن رعايته وتقويم سلوكه، مؤكدة أن صغر سنه هو السبب الرئيسي لعدم حبسه وإدخاله دار رعاية اجتماعية”، وقالت النيابة إن والد الطفل باع السيارة قبل الواقعة بيوم واحد لأحد أصدقاءه وقبل أن يستلم المشتري السيارة استأذنه الطفل أن يتجول بالسيارة قليلا فسمح له، وأثناء ذلك حدثت الواقعة، وقررت النيابة تغريم مالك السيارة الجديد 10 آلاف جنيه (650 دولارا تقريبا). 

اعتذار 

والد المراهق المستشار أبو المجد عبدالرحمن أبو المجد، نائب رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية، أصدر بيان اعتذار عما بدر من ابنه من إهانات لرجال الشرطة، قائلا إنه يشعر بالخجل من تصرفات نجله التي قام بها الأيام الماضية سواء في واقعة التعرض بالإيذاء باللفظ لرجل من رجال الشرطة أثناء قيادته سيارة دون حمله ترخيص قيادة، أو عما نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مادة مصورة، تتضمن ما ردده نجله من عبارات بذيئة يرفضها تماما، سيما وقد انطوت على عبارات تشير إلى أنه فوق المحاسبة، معبرًا عن خجله من سلوك نجله الذي تعهد بأنه سيتولى تقويمه ولن يصدر عنه أي تصرف مسيء آخر.

حالة الاستهجان ليست نابعة فقط من تفكيك القضية ومعالجتها بشكل قانوني من أجل إيجاد مخرج قانوني للطفل حتى لا يتم سجنه وهو الابن الوحيد لأحد رجال القضاء الذين يملكون نفوذا وسلطة واسعة -وفقا للقانون-، لكن لازدواجية المعاملة القانونية بين عموم المصريين  غير المحميين بنفوذ أمني أو اجتماعي وبين أبناء رجال الأعمال وأصحاب النفوذ من ناحية أخرى.

فقرار النيابة العامة بعدم حبس الطفل أو إيداعه أي دار رعاية اجتماعية لتقويم سلوكه نابعا من مبدأ قانوني ينص أنه “لا يحبس احتياطياً الطفل الذي لم يجاوز خمس عشرة سنة، ويجوز للنيابة العامة إيداعه إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع وتقديمه عند كل طلب إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي التحفظ عليه، على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها وفقاً لقواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية”. وفي الوقت الذي دافعت فيه النيابة العامة عن قرارها بعدم حبس الطفل، لم تحرك النيابة العامة ساكنا أمام قرار حبس طفل عمره 4 أعوام لمدة 28 عاما، عام 2016، إضافة إلى تجاهلها طلبات والتماسات عدة من أهالي بعض الأطفال الصادر بحقهم قرارات بالإعدام على ذمة قضايا سياسية أو أعمال عنف نفذها أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين المصنفة في مصر “جماعة إرهابية”. 

المؤبد لطفل عمره 4 أعوام 

الطفل أحمد منصور قرني كان عمره 3 أعوام ونصف فقط، عندما أصدرت محكمة غرب القاهرة العسكرية، فبراير 2016، قرارا بالسجن المؤبد عليه بتهمة إثارة الشغب وحرق منشآت عامة، ضمن 115 آخرين، إثر مشاركتهم في مظاهرة لعناصر الإخوان المسلمين بالفيوم، مارس 2014، وتوجهت قوات الأمن إلى منزل الطفل للقبض عليه وبعد رفض والد الطفل تسليمه، ألقت القوات القبض على والده وتم حبسه 4 أشهر، قبل أن تُثار القضية إعلاميا ويقال إن ما حدث هو تشابه أسماء. 

وانتقدت مؤسسات حقوقية وقانونين الواقعة، وأكد أحمد مصيلحي المستشار القانوني للائتلاف المصري لحقوق الطفل، أن هذا الحكم يعد “مهزلة” بكل المقاييس، مشيرًا إلى أنه لا يجوز محاكمة الأطفال أمام المحاكم العسكرية، موضحا أنه لا مجال لحدوث أخطاء في مجال القضاء، وأنه سواء شهدت تلك الواقعة خطأ أم لم تشهد، فهذا لا يعفي جهات التحقيق المختصة من تهمة التقصير في جمع الاستدلالات والتحريات الكاملة.

أحكام بإعدام أطفال 

وكانت قضت محكمة جنايات القاهرة، فبراير 2018، برئاسة المستشار شعبان الشامي، بإعدام أربعة متهمين، وبالسجن بحق 26 متهما آخرين، وكان بين المحكوم بإعدامهم الطفل أحمد خالد عبدالمحسن صدومة، وذلك على ذمة قضية “خلية أوسيم”، بزعم أنها تعد إحدى الخلايا النوعية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين لتورطهم في عدد من قضايا العنف والتفجيرات، وبينها إدانة المتهمين بوضع عبوة ناسفة أمام منزل المستشار فتحي البيومي على خلفية حكم البراءة الذي شارك في إصداره لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وكان عمر الطفل وقتها لا يتعدى 16 عاما. 

وكحال الطفلين السابقين، قضت محاكم مصرية في 2014 بإعدام 3 أطفال آخرين متهمين بقضية “شغب العدوة” والمؤبد لطفل رابع، هم: أحمد عبد الفتاح ذكي محمد، وشهرته أحمد عبد الفتاح عبد العزيز الشاعر (17 سنة)، وحمادة عبد الله أبو الحسن محمد (17 سنة)، وإسلام شعبان عبد الباسط جاد (16 سنة). 

قضت محاكم مصرية في 2014 بإعدام 3 أطفال آخرين

متهمين بقضية “شغب العدوة” والمؤبد لطفل رابع.

المحامي الحقوقي ياسر سعد يؤكد لـ”درج”، أن سياسة الكيل بمكيالين قانونا إجراء متبع وومتعارف عليه، فهناك عُرف سائد يؤكد أن المتهم برئ ما دام مشهوراًَ وله نفوذ أو له قريب بمنصب كبير أو أحد أفراد أسرته يشغل منصباً كبيرا بأحد المؤسسات ذات السلطة، وفي كل واقعة أو حادثة نرى تجسيداً واقعيا لهذا العُرف، على النقيض تماماً نرى كثير من العجائب عندما يكون المتهم فقيراً أو معارضاً. 

“تصرف طفل المرور سيتسبب في إنشاء جيل كامل لا يحترم القوانين، ويسعى إلى كسرها وانتهاكها إثباتا للقوة الشخصية، وإرضاء لغرور قطاع عريض من المراهقين الذين تابعوا الواقعة بالتفصيل، وعندما يفشلون في هذا الأمر، سيلجأون إلى التفكير في طرق سريعة للثراء من أجل اكتساب القوة والنفوذ الذين يمكنهم من تطبيق تلك الممارسات دون عقوبة او رادع”، وفقا لرأي الباحث السيكولوجي محمد الحسيني.