fbpx

كيف سيواجه بايدن الفوضى التي خلفها ترامب في الشرق الأوسط؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

خلف دونالد ترامب فوضى هائلة استفاد منها جميع ديكتاتوريي الإقليم. فمن إيران الى الخليج فلبنان وتركيا، كيف سيتعامل بايدن مع تلك التركة الثقيلة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أما وقد أعلن فوز جو بايدن في الانتخابات الأميركية، فقد حان الوقت لنتأمل نحن أهل هذا الإقليم البائس بما سينالنا من هذا الحدث الكوني الهائل. ذاك أن الإرث الشرق أوسطي الذي خلفه دونالد ترامب للرئيس الجديد ثقيل جداً. فترامب في سنوات حكمه الأربع أعاد رسم المنطقة على نحو كارثي. أطلق يد بنيامين نتانياهو وأنهى فرص السلام مع الفلسطينيين، وتغاضى إلى أبعد الحدود عن طموحات رجب طيب أردوغان الإمبراطورية، وحمى محمد بن سلمان من قصة جريمة معلنة، وهو إذ ألغى الاتفاق مع طهران وصعد من العقوبات عليها وعلى أذرعها في المنطقة، فعل ذلك في سياق حرب نفوذ وانقسام، لا في سياق المساعي لعقلنة النظام فيها.

 نتساءل عن مدى استجابة الإدارة الديموقراطية للحماسة المتبادلة بين العواصم الخليجية وتل أبيب، على رغم معرفتنا أن مزاج الديموقراطيين في أميركا قد لا يكون بعيداً عن مشهد التطبيع. لكن ما يجب التوقف عنده هو عدم حماسة بايدن لعلاقة دافئة مع دول الخليج، وعدم وشكوكه بطبيعة هذه الأنظمة.

أمام الرئيس المنتخب مشهد مذهل سيكون من الصعب رأب صدوعه. فالعودة عن قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس خطوة غير ممكنة، قد يلتف عليها بايدن بأن يعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية. وطبعاً لن تكون الخطوة الالتفافية بحجم خطوة نقل السفارة. وخطوط التطبيع التي فُتحت بين تل أبيب ودول الخليج، انطلقت برعاية صهر الرئيس جاريد كوشنير، وجاءت ضمن برنامج طموحات صهر الرئيس الاستثمارية وهي امتداد لمزاجه الليكودي، وعلينا والحال هذه أن نتساءل عن مدى استجابة الإدارة الديموقراطية للحماسة المتبادلة بين العواصم الخليجية وتل أبيب، على رغم معرفتنا أن مزاج الديموقراطيين في أميركا قد لا يكون بعيداً عن مشهد التطبيع. لكن ما يجب التوقف عنده هو عدم حماسة بايدن لعلاقة دافئة مع دول الخليج، وعدم وشكوكه بطبيعة هذه الأنظمة.

بالموضوع التركي، أعلن بايدن على نحو صريح أنه سيعيد ترتيب العلاقة مع أنقرة على نحو يضبط طموحات أردوغان، وأنه سيدعم خصوم الرئيس التركي الذين وصفهم بالديموقراطيين. هذا الأمر يعني انقلاباً كاملاً في المشهد الداخلي التركي، وأيضاً يمس النفوذ التركي في كل الساحات التي دخلها أردوغان، بدءاً بسوريا ومروراً بليبيا والمناطق المتنازع عليها مع اليونان، ووصولاً إلى ناغورنو كاراباغ. ومرة أخرى سيجد بايدن نفسه أمام مهام شاقة، فترامب كان يضرب ويتخبط في مساراته السياسية من دون تحديد سياق للنفوذ الأميركي. دعم أردوغان في طموحاته التوسعية، فأقدم الأخير على بناء قاعدة عسكرية له في قطر لحمايتها من السعودية التي يدعمها ترامب نفسه. هذه عينة عن التخبط الذي على بايدن معالجته. وترامب اذ صعد بوجه ايران إلى حد قتله قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد في واقعة “ترامبية”، لم يبدِ في المقابل استعداداً في الذهاب بالمواجهة إلى أبعد من العقوبات. وهذا مشهد أيضاً من الصعب تخليص خطوط المصلحة الأميركية فيه من خطوط المزاج الترامبي.

حزب الله بقي صامتاً لأنه يعرف أن مأزقه مع أميركا أعمق من انقساماتها بين الديموقراطيين والجمهوريين، وهو بصمته بدا أكثر انسجاماً مع نفسه. مع العلم أن التوقعات من واشنطن تقول إنه ما زال لدى ترامب أكثر من شهر في البيت الأبيض ومن المحتمل جداً يصدر مزيداً من العقوبات، ضمن برنامجه للفوضى غير الخلاقة!    

خلف دونالد ترامب فوضى هائلة استفاد منها جميع ديكتاتوريي الإقليم على رغم تشكيلها خطراً عليهم. دفع دول الخليج إلى التطبيع ليس مع إسرائيل، انما مع نتانياهو ومع طموحاته في إلغاء أي رغبة فلسطينية بقيام دولة، كان جزءاً من هذه الفوضى، ذاك أن التطبيع جرى من دون أي أثمان، وبهدف تعويم نتانياهو، والدافع الخليجي إليه كان الرغبة في الالتحاق بطموحات ترمب بهدف نيل حمايته في حال جرت مواجهة مع إيران. اليوم المشهد مختلف تماماً، واذا كان التطبيع ثمناً للحماية، فإن إدارة بايدن وان بقيت متحمسة له فلن تكون بنفس الاندفاع لجهة تأمين الحماية!

لبنان أيضاً لم يكن بعيداً عن هذه الفوضى. سقطت بقايا “14 آذار” مرة أخرى في هوة أخلاقية عبر رهانها على فوز ترامب، لا سيما وأن هذا الأخير أقدم على خطوة في يوم الانتخابات تمثلت بإصدار عقوبات بحق الشخصية اللبنانية الأقبح، أي جبران باسيل. حزب الله بقي صامتاً لأنه يعرف أن مأزقه مع أميركا أعمق من انقساماتها بين الديموقراطيين والجمهوريين، وهو بصمته بدا أكثر انسجاماً مع نفسه. مع العلم أن التوقعات من واشنطن تقول إنه ما زال لدى ترامب أكثر من شهر في البيت الأبيض ومن المحتمل جداً يصدر مزيداً من العقوبات، ضمن برنامجه للفوضى غير الخلاقة!