fbpx

الأردن: انتخابات “تجميلية”… و”كورونا” يقترع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تجرى الانتخابات النيابية في الأردن بنكهة “كورونا”، على وقع قانون الدفاع وحالة الطوارئ المفروضة على المملكة منذ 9 شهور للحد من انتشار جائحة كوفيد19، ما سلب المرشحين فرصة إقامة مهرجانات خطابية لمناقشة برامجهم مع قواعدهم الانتخابية وسط حالة من اللامبالاة السياسية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ذهبت أدراج الرياح الدعوات التي أطلقها حزبيون ونقابيون ونشطاء لتأجيل الانتخابات، حتى تحسن الأوضاع الصحية في المملكة بعد التفشي المرعب للفايروس وتصدع المنظومة الصحية مع تنامي التساؤلات الشعبية والسياسية حول سر الإصرار اللافت على الانتخابات معطوفا بقرار إغلاق المملكة لمدة 5 أيام بدءاً من مساء الثلاثاء (10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020) لمنع زيارات التهنئة ونقل الفيروس. 

أجواء انتخابات صعبة… عمادها الفضاء الافتراضي

جائحة “كورونا” أجبرت ممثلي الشعب المنشودين (1693 مرشحاً ومرشحة) التواصل مع الناخبين في حلقات نقاشية ضيقة لا تتعدى 20 شخصاً، من دون تقديم وجبات طعام أو حلوى. ولتسهيل التواصل أطلق معظم المرشحين صفحات فايسبوكية ومنصات إلكترونية، وبعضهم نشر فيديوات على وسائل التواصل الاجتماعي لشرح برامج القوائم الـ294 المشاركة في ما كان يسمى “العرس الديموقراطي الأردني”. 

 بالمقابل، فان صور المرشحين الشخصية مع “فوتوشوب” تجميلي وصور ملونة للقوائم مع وعود مختصرة ملأت الشوارع والميادين، بخاصة في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية والنسيج الاجتماعي متعدد الأصول والمنابت.

الأردن الرسمي أصر على عقد الانتخابات في موعدها. لماذا؟

الملك عبدالله الثاني يسعى إلى توجيه رسالة مهمة للمجتمع الدولي وللمانحين الأوربيين وأميركا، التي انتهت في عهدة رئيس ديمووقراطي جديد ما بعد ترامب، عنوانها الرئيسي التزام الأردن بالخيار الديموقراطي ورغبته في السير صوب المستقبل بخطى واثقة في مرحلة تعدّ من أصعب الأوقات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية، التي تمر بها المملكة منذ عقود.

ولهذا كثر في الأوقات الأخيرة كلام حكوميين ومسؤولين عن أن الأردن يصر على تنفيذ الاستحقاقات الدستورية مهما كانت الظروف، تماماً كما حدث إبان احتدام الربيع العربي، حين أصر الملك على إجراء الانتخابات في موعدها. 

لكن هذه الصورة الموجهة  للخارج لضرورات كثيرة لا تشبه كثيراً الصورة الداخلية التي يعيشها معظم الأردنيين هذه الأيام، في ظل تراجع حاد في الحريات الإعلامية والسياسية، نتيجة تفعيل قانون الدفاع لعام 1992، منذ نهاية آذار/ مارس، لكبح جماح “كورونا”، ما منح رئيس الوزراء سلطات واسعة لتقييد الحقوق الأساسية مع أن الحكومة تعهدت وقتها بتطبيقه بأضيق الحدود وأكدت أنه لن يمس الحقوق السياسية أو حرية التعبير أو الملكية الخاصة.

هي شهور صعبة مرت على البلاد، شهدت تضييقاً على العمل الحزبي وضغوطاً أمنية على النشطاء والصحافيين، إضافة إلى التعامل الرسمي الصارم مع ملف نقابة المعلمين ومنع انتخابات لنقابات مهنية بحجة جائحة “كورونا” التي كشفت التخبط الرسمي في التعامل مع الملف الصحي وما رافقه من أوامر دفاع.

كما أن الانتخابات تعقد وسط تنامي مديونية البلاد الداخلية والخارجية بصورة مقلقة وتزايد مناسيب الفقر من دون مساءلة الفاسدين والمفسدين ممن أوصلوا البلاد إلى هذه الضائقة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانسداد الأفق السياسي مع دفن رهان الأردن الاستراتيجي القائم على خيار “حل الدولتين” بين إسرائيل والفلسطينيين، نتيجة القرارات التي اتخذتها الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب خلال السنوات الأربع الماضية لمصلحة الأجندة الصهيونية.

سلسلة الإجراءات الترامبية استهدفت بغالبيتها الأمن الوطني والقومي من خلال مشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حساب المملكة وضم الأغوار ومس الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية، والتوطين من خلال إلغاء حق العودة، وتحييد الأردن عن لعب أي دور سياسي وتشجيع دول الخليج على القفز فوق الدور الأردني التقليدي كحلقة وصل بين العالم العربي وأميركا وإسرائيل، من خلال سباق التطبيع بين الدولة العبرية والإمارات والبحرين والسودان. 

جائحة “كورونا” أجبرت ممثلي الشعب المنشودين (1693 مرشحاً ومرشحة) 

التواصل مع الناخبين في حلقات نقاشية ضيقة لا تتعدى 20 شخصاً.

وتجرى الانتخابات في ظل قانون الانتخاب ذاته التي أجريت بموجبه الانتخابات السابقة، وهو أمر لم يتكرر، فالانتخابات الأردنية وعبر سنوات كانت تجرى في كل دورة من خلال قانون جديد أو قانون معدل. تعتبر الأحزاب السياسية القانون الحالي غير صديق لها ولا يضمن مساحة أوسع للأحزاب البرامجية لتشكيل حكومات قوية بقاعدة برلمانية. ما يعني عدم حصول أي تغيير ملموس في قواعد اللعبة السياسية ونهج إدارة الدولة وولادة برلمان سياسي قوي يمثل إرادة الشعب، قادر على ممارسة دوره التشريعي والرقابي.

 تأسيساً على ذاك فإن مراقبين ومتحزبين يَرَوْن أن البرلمان الجديد لن يدخل في صراعات ومناكفات سياسية برامجية مع الحكومة الجديدة برئاسة د. بشر الخصاونة، وهو ديبلوماسي محافظ، الذي يتعين عليه دستورياً التقدم للبرلمان الجديد للحصول على الثقة وبعدها إقرار ميزانية 2021.

 ويرى أولئك أن البرلمان الجديد سيشبه البرلمان القديم الى حد كبير، برلمان مطواع يحمل فكراً تقليدياً محافظاً ينفذ التوجيهات المطلوبة في حال خرجت النقاشات عن إطار السياق المحبب. برلمان جديد قديم لن يحدث أي فرق يذكر في طريقة إدارة البلاد والعباد. لكن ربما نجح البرلمان في أن يوازن بتركيبته غير المتجانسة، الغياب اللافت للأردنيين من أصول فلسطينية عن تركيبة الحكومة الجديدة وعن مجلس الأعيان الجديد والذي تشكل بغالبية عشائرية محافظة ومن متقاعدي الجيش والمخابرات والأمن – وهم ممثلو الملك – لمواجهة مخاطر حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن. 

تشارك في الانتخابات “كتلة الإصلاح” وهي الذراع البرلمانية لجبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمين). وتضم متحزبين ومقربين مستقلين من الجبهة ويتوقع أن تفوز بـ10-12 مقعداً، بالمقارنة مع 14 مقعداً في البرلمان السابق. كما يشارك تيار “معاً صوب قيام دولة المواطنة والعدل”، وشخصيات قومية وبعثية سابقة ويسارية ويمينية وتكتل “أصحاب رؤوس الأموال” وممثلون عن العشائر وأوساط بدو الشمال والوسط والجنوب والكوتات النسائية.

 ويغيب عن هذه الانتخابات رئيس مجلس النواب السابق المهندس عاطف الطراونة الذي ترأس المجلس لسبع سنوات متتالية وبات صاحب نفوذ وتأثير في لعبة السياسة المحلية، قبل أن تشن على أشقائه حملة التهرب الضريبي قبل شهور، إضافة إلى تهم باستغلال النفوذ السياسي. كما يغيب النائب الإشكالي الأسبق طارق خوري لأسباب قانونية قال داعموه إنها كيدية لإخراجه من المشهد بسبب تصريحاته المناهضة لإسرائيل. 

حكومة الخصاونة ملتزمة بتوفير الأمور اللوجستية لنجاح الانتخابات عبر تسليم الهيئة المستقلة للانتخاب العملية الانتخابية، من ألفها إلى يائها. 

 الهيئة تعد الجميع بأن العملية الانتخابية ستكون ديموقراطية وشفافة ولن تكون بؤرة لنقل العدوى. التعليمات التي وضعتها الهيئة لضمان سلامة الناخبين والناخبات وصحتهم، تضاهي الموجود في المراكز الصحية والمستشفيات. الهيئة تعاملت بحزم مع 100 شكوى عن حدوث مخالفات وصلتها، منها عمليات شراء أصوات. وحولت 20 قضية للمدعي العام. وهي تتوقع أن يأتي كل مرشح بألف ناخب وناخبة كحد أقصى في زمن “كورونا”، ما يعني 30 في المئة من إجمالي من يحق لهم التصويت، وهي نسبة مقبولة بالمقارنة مع 32 في المئة ممن شاركوا في الانتخابات الأخيره عام 2016. 

يُتوقّع أن تشهد المدن الكبرى تدنياً في إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع بالمقارنة مع الأطراف حيث نسيج اجتماعي أكثر تقارباً بسبب ثقل العشائر.

المجلس المقبل سيظل يلعب دوراً هامشياً أمام تحدي الاقتصاد وكتلة الجوع والفقر المتنامية وصعوبة التحديات الإقليمية. ويسأل الجميع إذا ما كانت الدولة بمؤسساتها الرسمية والشعبية والمجلس النيابي المنشود قادرة على نقل الحوار الصاخب من الشارع إلى داخل المؤسسات للاتفاق على قواعد جديدة لإصلاح شامل متدرج طال انتظاره، يقوي الجبهة الداخلية كجدار راسخ خلف النظام ويسير بالأردن صوب دولة المواطنة والتعددية بكل تلاوينها.

الجواب سيبان في الأيام المقبلة، ولا أحد يتوقع مفاجأت من العيار الثقيل.

يمضي الأردن قدماً لإنجاز الانتخابات التي يشارك فيها 90 من أعضاء البرلمان السابق المشكل من 130 مقعداً، بينما يستعد للتعامل مع  تداعيات فوز جو يايدن، رئيس الولايات المتحدة المقبل من رحم الحزب الديموقراطي. 

تجرى الانتخابات في ظل قانون الانتخاب ذاته التي أجريت بموجبه الانتخابات السابقة،

وهو أمر لم يتكرر،

فالانتخابات الأردنية وعبر سنوات كانت تجرى في كل دورة من خلال قانون جديد أو قانون معدل.

يتوقع ساسة وديبلوماسيون بعض التغيير في التعاطي مع ملفات إيران وممالك الخليج والعراق وسوريا والقضية الفلسطينية. لكن بايدن لن يتمكن من يمس القرارات التي اتخذها سلفه على حساب الأردن. ولن يلغي قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس أو الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان ويهودية الدولة العبرية. لكنه قد يعطل أو يماطل في تنفيذ “صفقة القرن” التي تمس صلب أمن الأردن واستقراره، ما يسمح لعمان بالتقاط أنفاسها. وقد يعيد الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (اونروا) بعدما خفضها ترامب للضغط على السلطة الفلسطينية.

وبالتأكيد ستصبح العلاقات بين البيت الأبيض والقصر الملكي وبين الخارجية الأميركية والأردنية أكثر دفئاً بعد فتورها لدرجة مقلقة خلال عهد ترامب، بينما يمسك الملك بتلابيب إدارة الملف الأمني مع وزارة الدفاع والجهات الأمنية السيادية. كابوس ترامب انتهى إلى غير رجعة. فأميركا الجديدة حال القديمة لن تتخلى عن تحالفها الاستراتيجي مع الأردن وإسرائيل، لكنها لن تدفع الأردن إلى البقاء متأهباً على حافة الهاوية إرضاء لليمين المتشدد المسيحي- الصهيوني ولدول الخليج التي تبحث عن دور إقليمي في شرق أوسط جديد.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.