fbpx

مؤتمر “عودة اللاجئين السوريين”… محاولة يائسة لتعويم الأسد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يُعقد هذا المؤتمر فيما ما زال حوالى 120 ألف سوري مختفين في سجون النظام السوري ولا يعرف ذووهم عنهم شيئاً، وفيما تغصّ مخيّمات الشمال السوري بأكثر من مليوني نازح نصبوا خيمهم داخل حدود وطنهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
صورة من مؤتمر عودة اللاجئين السوريين في دمشق

في غياب الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين (باستثناء لبنان)، تنتهي أعمال “المؤتمر الدولي للاجئين السوريين” الذي تنظّمه روسيا في العاصمة السورية دمشق، ويُعقد من دون حضور دول الاتحاد الأوروبي وتركيا وكندا والولايات المتحدة، التي تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين.

عقد هذا المؤتمر فيما ما زال حوالى 120 ألف سوري مختفين في سجون النظام السوري ولا يعرف ذووهم عنهم شيئاً، وفيما تغصّ مخيّمات الشمال السوري بأكثر من مليوني نازح نصبوا خيمهم داخل حدود وطنهم، من دون أن يهتمّ الأسد بعودتهم إلى منازلهم، كما يأتي المؤتمر والمخابرات الجوية هي المخابرات الجوية، وسجن صيدنايا هو سجن صيدنايا، والعقلية الأمنية القائمة على سحق أي شخص لديه أفكار معارضة ما زالت مستمرّة مذ أسس الأسد الأب دولة البعث.

لم يقدّم النظام السوري أي ضمانات مكتوبة أو شفهية للمجتمع الدولي، حول أمن اللاجئين الذين يرغب في إعادتهم، وكذلك الحال بالنسبة إلى الوضع المعيشي، إذ ما زال السوريون داخل بلادهم يدخلون أقفاصاً تشبه معتقلات النازية ويمضون فيها نصف يومهم للحصول على بضعة أرغفة من الخبز إن وجدوها أصلاً.

لم يحضر بشار الأسد المؤتمر الذي خرق قواعد التباعد الجسماني، بل اكتفى بتسجيل كلمة وبثّها أمام الحضور عبر الفيديو، تحدّث فيها عن أفكار لا تنسجم مع أي منطق أو حقيقة، فعزا هروب السوريين من بلدهم الى “إرهابيين” متشددين متجاهلاً مسؤولية نظامه ووحشية أجهزته الأمنية وحلفائه الإقليميين والتسبب بقتل وتهجير ملايين من السوريين.

قال الأسد في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: “معظم اللاجئين السوريين فروا بسبب تهديدات الإرهابيين، ونحن على اتصال مباشر مع مختلف البلدان التي استضافت اللاجئين وهم يريدون عودة اللاجئين إلى بلدهم سوريا، ولكن بعد أن تقدم لهم الحكومة السورية الضمانات اللازمة لعودتهم”.

وأضاف أن “الإدارة الأميركية وعدداً من الدول في المنطقة على غرار تركيا تستغل ملف اللاجئين لممارسة الابتزاز السياسي وتصعيد الضغوط على بلاده”، معتبراً أن “الحكومات التي عملت بجد لنشر الإرهاب لا يمكن أن تكون هي نفسها السبب والطريق لعودتهم إلى وطنهم”.

وأكمل كلمته: “إضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في الخارج لمنعهم من العودة، فإن العقوبات الاقتصادية اللاشرعية والحصار الذي يفرضه النظام الأميركي وحلفاؤه تعيق جهود مؤسسات الدولة السورية التي تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للمناطق التي دمرها الإرهاب بحيث يمكن اللاجئ العودة والعيش حياة كريمة بظروف طبيعية”.

أوامر روسية

يقول فضل عبد الغني، مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” لـ”درج”: “المؤتمر بلا جدوى بالنسبة إلى اللاجئ السوري، وهو يفيد بروبوغاندا النظام وروسيا”، موضحاً أن هذا المؤتمر عقد بأمر من الروس وليس بمبادرة من النظام، لأن الأخير غير مكترث بعودة اللاجئين فهو الذي شرّدهم وصعّب عودتهم عبر قوانين السطو على الممتلكات والانتهاكات التي يتعرّض لها العائدون وإهمال أي عملية لإعادة تأهيل المناطق التي أعاد النظام السيطرة عليها، لأنّه خصّص معظم مقدّرات الدولة للعمليات العسكرية ودفع رواتب الأجهزة الأمنية”.

وأضاف عبد الغني: “المؤتمر غير قانوني إطلاقاً، لاعتبارات عدة أهمها أن النظام يفتقر للشرعية نتيجة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية ويفتقد لأي شكل من أشكال الصدقية، كما أنّه غير مؤتمن على مصير اللاجئين. نحن وثّقنا عدداً كبيراً من الانتهاكات التي وقعت بحق سوريين عادوا إلى بلادهم، من اعتقالات وإخفاء قسري وتعذيب وإعادة تجنيد ضمن صفوف النظام. فعن أي صدقية يتحدّثون؟”.

واعتبر أن لا قانونية المؤتمر تأتي من كونه ينتهك حقوق اللاجئين الأساسية، بما يتعارض والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يسمو على القوانين المحلية.

ويرى عبد الغني أن الفرصة الوحيدة لعودة اللاجئين السوريين، تكمن في انتقال سياسي مع سقوط النظام الحالي وتشكيل نظام جديد يحترم حقوق الإنسان ولكن “بوجود هذا النظام المتوحش والأجهزة الأمنية البربرية لن يؤمّن اللاجئون على حياتهم” بحسب تعبيره.

ويشير عبد الغني إلى أن أحد أهداف الروس من هذا المؤتمر هو تعزيز قوّة الأحزاب اليمينية في أوروبا للضغط على الحكومات الأوروبية التي تستقبل اللاجئين.

مطامع بكسر العزلة الدولية

الباحث الاقتصادي السوري يونس الكريم أشار إلى أن أهم أسباب المؤتمر هو كسر العزلة الدولية المفروضة على النظام قائلاً: “عند الرغبة في إعادة اللاجئين لا بد من تنسيق أممي مع النظام وتنسيق دولي لمعرفة قوائم اللاجئين العائدين وهذا الأمر سيعيد التفاعل مع النظام على المستويات الأمنية والسياسية”.

وأضاف أن من أهداف المؤتمر، إطلاق عملية إعادة الإعمار من مبدأ أن البنى التحتية السورية غير مؤهّلة لعودة اللاجئين السوريين، وبالتالي سوف تحتاج إلى إعادة إعمار بمليارات الدولارات، وهنا يحصل النظام على فوائد عدة منها تسويق مشاريع إعادة الإعمار من جديد ودخوله كشريك فيها.

لم يقدّم النظام السوري أي ضمانات مكتوبة أو شفهية للمجتمع الدولي،

حول أمن اللاجئين الذين يرغب في إعادتهم.

وبحسب تعليق للاستاذ في السياسات والتخطيط في الجامعة الاميركية في بيروت والباحث في قضايا اللاجئين ناصر ياسين ، فإن حظوظ نجاح المؤتمر لا تبدو كبيرة، مثل غيره من المؤتمرات، بسبب الرفض الدولي للتقارب مع النظام السوري، لما يمكن أن يشكله التعاون والدعم الدوليان، من ممر إلزامي لإعادة الإعمار وتمويل النهوض في سوريا بعد نحو عقد من الحرب المدمرة. 

وأشار ياسين إلى أن الأبحاث تشير إلى أن العوامل داخل سوريا هي التي ستحدد تحفيز العودة وتفعيلها، وليس الضغط من الدول التي تستضيف اللاجئين.

ومن أهم هذه العوامل بحسب ياسين، الشعور بالأمان عند العودة وضمان عدم الاعتقال، العودة إلى أماكن السكن الأصلية وإعادة إعمار ما تهدم من منازل، والوضع الاقتصادي من ناحية وجود فرص عمل وسبل عيش، لافتاً إلى أن هذه الشروط لا تزال غير موجودة بل بعضها تأزم مع الانهيار الاقتصادي والمالي في سوريا. 

رفض جماعي

لاقى هذا المؤتمر رفضاً أممياً ودولياً واسعاً، وبعد الإعلان عنه أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً أكّد فيه عدم مشاركته.

وقال الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان: “وزراء خارجية عدد من دول الاتحاد، تلقوا دعوة للمشاركة في المؤتمر المنعقد في دمشق، إلا أنهم لن يشاركوا”.

وأصدر “مكتب شؤون اللاجئين التابع للائتلاف السوري المعارض”، بياناً رفض فيه ترويج النظام وروسيا لعودة اللاجئين.

وقالت أمل الشيخو منسقة مكتب شؤون اللاجئين في الائتلاف: “لا بيئة آمنة ومستقرة في سوريا تسمح بعودة اللاجئين السوريين إليها حتى الآن”.

وأضافت الشيخو، أن التواصل مع اللاجئين أظهر عدم رغبتهم بالعودة إلى سوريا، لحين الخلاص من نظام الأسد، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن محاولات روسيا لعقد المؤتمر تهدف لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية.

واعتبر فريق “منسّقو استجابة سوريا” أن التسوية التي يدعو إليها النظام لا يمكن تحقيقها بوجود حكومة الأسد والقوات الروسية، التي لا تزال طائراتها تستهدف المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة.

وقال الفريق في بيانٍ له: “إن الهدف الأساسي من المؤتمر هو تعويم الأسد دولياً، وإظهار روسيا بمظهر الضامن لتقديم المساعدات الإنسانية من طريقها أو من طريق النظام”.

كما نفى البيان، الأرقام التي تصرح بها روسيا بشأن اللاجئين العائدين، إذ بلغ عددهم 2.15 مليون بحسب التصريحات الروسية، مشيراً إلى أن هدف روسيا من الترويج لذلك هو كسب الوقت وتأييد المجتمع الدولي لتلك العودة.