fbpx

ألمانيا.. المنتخب الذي يخشاه الجميع

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعلمنا التاريخ أن الألمان بأسوأ حالاتهم يصلون إلى الربع النهائي، ومنتخبهم الرديء يصل إلى نصف النهائي، وفي معظم الأحيان يلعبون المباراة النهائية. ولولا خطيئة الحكم عام 1966 الذي احتسب هدفاً للإنجليز لم يدخل المرمى، لكان الألمان اليوم متساوين مع البرازيل بعدد مرات الفوز بكأس العالم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قرر المدرب يواكيم لوف، أن تشارك ألمانيا ببطولة كأس القارات (روسيا 2017) بمنتخب رديف، مانحاً فريقه الأساسي متعة الراحة الصيفية. ظن البعض أن ألمانيا غير مكترثة بهذه الكأس، واعتقد البعض أن ألمانيا غير جاهزة لهذه المنافسة العالمية. هكذا، ذهب منتخب ألماني إلى روسيا، مكوّن من مواهب جديدة وشبان يافعين، لا خبرة لديهم ولا تجارب في البطولات. هناك اكتسح الألمان الجميع وعادوا حاملين الكأس.

في السنة ذاتها، كان لدى ألمانيا منتخب آخر يشارك ببطولة أوروبا تحت سن الـ21 عاماً. أيضاً تفوق صغار السن الألمان على كل نظرائهم الأوروبيين، ونالوا البطولة القارية.

الأرقام القياسية اختصاص ألماني

هذا ما حدث العام الماضي. لدى يواكيم لوف إذاً عدد من اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين ما يكفي لتشكيل ثلاثة منتخبات دفعة واحدة، كل واحد منها قادر على حصد الألقاب أو زرع الرعب في قلوب الفرق الأخرى. وبلغة واضحة، لدى ألمانيا جيش مدجج بأسلحة فتاكة، وبعديد لا ينضب من المقاتلين.

في كل الأحوال، يعلمنا التاريخ أن الألمان بأسوأ حالاتهم يصلون إلى الربع النهائي، ومنتخبهم الرديء يصل إلى نصف النهائي، وفي معظم الأحيان يلعبون المباراة النهائية. ولولا خطيئة الحكم عام 1966 الذي احتسب هدفاً للإنجليز لم يدخل المرمى، لكان الألمان اليوم متساوين مع البرازيل بعدد مرات الفوز بكأس العالم.

“المانشافت” هو منتخب الأرقام القياسية بلا منازع: الأكثر مشاركة بعد البرازيل التي لعبت في جميع المونديالات (غابت ألمانيا عام 1950 معاقبة لها على دورها بالحرب العالمية الثانية). بلغت ألمانيا على الأقل ربع النهائي في جميع مشاركاتها باستثناء عام 1938. هي المنتخب الوحيد الذي لم يخرج من دور المجموعات. وصل 13 مرة إلى نصف النهائي. ألمانيا هي الرقم واحد في التسجيل بتاريخ المونديال بـ224 هدفا، يليها البرازيل بـ221. حافظ الألمان على الصدارة لكونهم الأكثر خوضا للمباريات بـ106، انتهت 66 منها بانتصار لهم، و20 تعادلاً و20 خسارة. سجلت “الماكينات” الألمانية أعرض نتيجة بمباراة نصف نهائية في تاريخ المونديال (7-1) الشهيرة. تأهل الألمان بجدارة للمباراة النهائية ثمان مرات (رقم قياسي): 1954 و1966 و1974 و1982 و1986 و1990 و2002 و2014. وكان بطلاً أربع مرات وأحتل مركز الوصافة أربع مرات (رقم قياسي). والهداف التاريخي للمونديال بـ16 هدفا هو اللاعب الألماني ميروسلاف كلوزه (يليه البرازيلي رونالدو 14 هدفاً).

 قبل كل هذا، هي الآن حاملة لكأس العالم، كأول دولة أوروبية تفوز بالبطولة على أرض أميركا اللاتينية (البرازيل 2014)، متغلبة على العملاقين البرازيلي والأرجنتيني معاً. إضافة إلى ذلك، ألمانيا هي بطلة أوروبا ثلاث مرات ومركز الوصيف ثلاث مرات (رقمان قياسيان).

الدفاع عن اللقب

إذا كان التاريخ أو الأرقام القياسية أو كل السجل المخيف لألمانيا غير كاف لقراءة “المانشافت” واستعداداته لمونديال روسيا، فيكفي القول أن رحلة ألمانيا، في التصفيات المؤهلة، كانت عبارة عن انتصارات في مبارياتها العشر كلها. إنجاز لم يحققه بالتاريخ سوى المنتخب الإسباني في تصفيات مونديال 2010. وكان بالغ الدلالة في هذه التصفيات أن 21 لاعباً سجلوا 43 هدفاً، ما يعني أن أي لاعب ألماني قادر على صنع الأهداف وتسجيلها.

كان يواكيم لوف شديد الوضوح في تصريحته: ألمانيا تستعد للدفاع عن لقبها والاحتفاظ  بكأس الذهب للمرة الثانية على التوالي، لتكون الدولة الثالثة بعد إيطاليا (1934، 1938) والبرازيل (1958، 1962) التي تحقق هكذا إنجاز. إنه طموح “طبيعي” للماكينات. نحن نتحدث عن منتخب اعتاد باستمرار لعب الأدوار النهائية، وتحقيق المفاجآت الكبيرة. إن أكثر عبارة يرددها المعلقون: “لا أمان مع الألمان”، فمن عاداتهم القتال حتى آخر ثانية.. فريق لا يعرف الاستسلام أبداً. لقد كانوا دوماً سبباً للدهشة، فكل من ينظر إلى تشكيلة “المانشافت” لا يجد فيها نجماً أو لاعباً استثنائياً أو خارقاً، لكن الميزة هي هذه الكيمياء بين المجموعة، وهي العقلية الجماعية، وهي الانضباط الصارم، وهي التفكير الاستراتيجي (لكل مباراة جهدها المدروس)، عدا الاستعداد النفسي والتركيز الذهني الذي يمتازون به، منذ أيام فرانتز بكينباور وغيرد مولر وكارل هاينز رومينغيه ولوثار ماتيوس وبرتي فوغتز ويورغن كلينسمان وبيار ليدبارسكي ورودي فولر ومايكل بالاك وأوليفر بيرهوف.. واللائحة تطول.

أبطال وشبان

رغم المبالغة التي تتسم بها مقولة هداف كأس العالم عام 1986، الإنكليزي غاري لينيكر: “كرة القدم لعبة بسيطة: 22 لاعباً يطاردون الكرة لمدة 90 دقيقة، وفي النهاية يفوز الألمان دائماً”، إلا أنها مقولة قابلة للتصديق، طالما أن الألمان يفعلونها باستمرار ويفاجئون الجميع. فحتى منتخب 2002 الواهن، المتشكل من كبار السن وممن بقي من جيل 1994 -1998، ولم يحسب له أحد حساباً، وصل إلى المباراة النهائية.

هذا العام، يفتقد “المانشافات” من تشكيلة 2014 المبدعة، عددأ من اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين، منهم القائد المعتزل فيليب لام، والمقاتل العنيد باستيان شفاينستايغر، والمدافع الممتاز ميرتساكر، والهدّاف التاريخي ميروسلاف كلوزه.. لكن، عوضاً عنهم، كسبت ألمانيا لاعبين جدد لا يقلون أهمية عمن اعتزلوا أو استبعدوا.

في التشكيلة الأساسية، التي أعلنها لوف، ما زالت حراسة المرمى موكلة لمانويل نوير، أحد أفضل الحراس في العالم و”الليبرو” في أحيان كثيرة، العائد من إصابة أبعدته طوال الموسم عن الملاعب. وفي أسوأ الأحوال، هناك تير شتيغن حارس عرين برشلونة المتألق، والجدير بوارثة هذا الموقع الذي شغله عظماء من أمثال سيب ماير وشوماخر وكوبكه وأوليفر كان، إضافة إلى الحارس الاحتياطي الثاني كيفن تراب (باري سان جرمان).

في الدفاع، برهن جوشوا كيميش أنه خير من يأتي بعد لام كظهير الأيمن. سريع وبارع في الثنائيات، ويمتلك قوة بدنية تؤهله كمدافع من الصعب تجاوزه. وعلى الجهة اليسرى، يقف جوناس هكتور الذي اختبره لوف كاحتياطي ناجح في المونديال السابق. في القلب لا غنى عن جيروم بواتينغ وماتس هاملس بخبرتهما الكبيرة مع بايرن ميونخ، ودورهما الأساسي بإنجاز 2014. المدافعون الجدد هم نيكلاس سوليه، ماتياس غينتر، أنطونيو رودريغر، ومارفين بلاتنهارت. مرة أخرى تظهر عقلية لوف في هذا المزج بين الخبرة والشباب.  

لدى ألمانيا واحد من أهم خطوط الوسط. كل واحد فيهم يحمل مسؤولية أداء أكبر النوادي في أوروبا: طوني كروس (ريال مدريد) “المعلّم”، الدقيق، وضابط الإيقاع. أبرع ممرر كرة في العالم. ما من لاعب يجاريه بنسبة التمريرات الصحيحة والتي تتجاوز 90 في المئة. إلى جانبه، مسعود أوزيل (أرسنال): صانع الألعاب الرشيق والخبير، فكّاك العقد. ومعهما سامي خضيرة (يوفنتوس): صاحب المهام الشاقة بين الوسط والدفاع، ونقطة الارتكاز. ولـ”زيادة الخير” في هذا الخط لدى يواكيم لوف الشابان اللذان يمثلان مستقبل الكرة الألمانية وأبرز اكتشافات السنوات الأخيرة: ليون غوريتسكا (شالكه) وسيباستيان رودي (بايرن ميونخ). وطبعاً هناك نجم مانشستر سيتي إلكاي غوندوغان الذي يجاري أوزيل في المساندة الهجومية وصناعة الفرص، كذلك الشاب الأنيق جوليان دراكسلر (باري سان جرمان)، المتميز بالمهارات الفنية والخفة وسرعة اختراقاته. وفضّل المدرب جوليان براندت (باير ليفركوزن) على لاعب مانشستر سيتي، ليروي سانيه (استبعاد الأخير أكبر مفاجأة في التشكيلة). وأخيراً ماركو رويس (بروسيا دورتموند) الذي ينتقل باستمرار من الوسط إلى قلب الهجوم بسرعة خاطفة.

في الهجوم، يظل توماس مولر (بايرن ميونخ) هو روح الفريق، والمهاجم الذي لا يتعب منذ مونديال 2010. هو المحرض والمحرك. يجاوره ويتقدم كرأس حربة المخضرم ماريو غوميز (شتوتغارت). ويأتي تيمو فرنر (لايبزغ) المهاجم الجديد لـ”المانشافت”. ثلاثي هجومي متكامل.

مواجهات الدور الأول

تواجه الماكينات في الدور الأول كل من المكسيك والسويد وكوريا الجنوبية. وتأهل الألمان “مضمون” على الورق، لكن المكسيك فريق متوازن ويدافع جيداً ويلعب باسلوب هجومي جذاب، فيما السويد تبدو من الفرق المرشحة لإحداث واحدة من مفاجآت هذا الصيف مع منتخبها المنظم والمميز بالقوة البدنية، وحتى كوريا الجنوبية الأضعف، نظرياً، فقد قال لوف نفسه: “الكوريون يركضون كثيراً، يركضون في مباراة واحدة ما نركضه في مبارتين”.

سلاح ألمانيا الأول هو قميصها. فكل لاعب ألماني يدخل الملعب مفعماً بقيمة ما يمثل، ممتلئاً بالثقة والمعنويات العالية، فيما الفرق الأخرى فتحل عليها الرهبة لمجرد أن ترى هذا القميص. وفي هذا المونديال، وحدها ألمانيا لديها ما تخسره، كونها حاملة اللقب.

ألمانيا مرة ثانية على التوالي؟ لما لا؟ تذكروا هنا العبارة المعهودة التي نسمعها في كرة القدم: “المستحيل ليس ألمانياً”.

 

 

 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!