fbpx

تونس: مسلسل الاعتقالات والحنين إلى الدولة البوليسية مستمرّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع اقتراب طي عقد كامل على اندلاع الثورة التونسية التي كان من محركاتها سوء تعامل أجهزة الأمن وتحديداً الداخلية مع المعترضين والمنتقدين ومع الصحافة، تعود مؤشرات قوية حول محاولة استعادة قبضة أمنية قاسية على غرار تونس ما قبل الثورة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعلو في البلاد أصوات تدافع عن ارتكابات أمنيين لجهة تكرار حوادث ضرب وشتم وأحياناً سحل، وتهديد وتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يحاول البعض الدفاع عنه بأنه مجرد “تجاوزات” و”حالات فردية منعزلة”، متحاشياً وضعه في سياقه، كقمع أمني ممنهج.

تقرير حديث صدر في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر لمكتب شمال أفريقيا لـ”منظمة العفو الدولية”، يؤكد أن ما لا يقل عن 40 مدوناً/ة، وناشطاً/ة سياسياً/ة، ومدافعاً/ة عن حقوق الإنسان ومديراً/ة لصفحات على “فايسبوك” لديها عدد كبير من المتابعين، قد تعرضوا لملاحقات قضائية جنائية بين عامي 2018 و2020 لمجرد كتابتهم على الإنترنت منشورات انتقدت السلطات المحلية، أو الشرطة…

المنظمة قالت إنه على السلطات التونسية أن تتوقف فوراً عن استغلال القوانين البالية إلى حد كبير، والمفرطة في عموميتها، والقمعية لمقاضاة الأشخاص بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير على الإنترنت.

وعلى رغم أن معظم حالات الملاحقات القضائية لم تؤد إلى فرض عقوبة بالسجن، إلا أن الاستدعاءات للتحقيق، ولوائح الاتهام، والمحاكمات بحد ذاتها، بتهم تحمل في طياتها أحكاماً بالسجن، ترقى إلى مستوى المضايقة والترهيب للأشخاص الذين يعبّرون عن آراء انتقادية لموظف عمومي، وسوف تُحدث تأثيراً مروعاً.

فقد توالت التقارير الصادرة عن منظمات تونسية ودولية في الآونة الأخيرة والتي تؤكد ارتفاع عدد الاعتداءات والانتهاكات الأمنية بحق نشطاء وصحافيين، والتقرير السنوي لـ”النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” يؤكد ذلك. فقد وثق التقرير انتهاكات العام 2020 والتي بلغت 66 اعتداء على الصحافيين من بينها 32 اعتداء لفظياً و15 حالة تحريض و12 حالة تهديد و6 اعتداءات جسدية وحالة سرقة. 

وقد طاولت الصحفيات اعتداءات قائمة على النوع الاجتماعي. وتذكر النقابة أن الأطراف الرسمية مسؤولة عن 88 اعتداء، وانخرط رجال أمن في 22 اعتداء يليهم موظفون حكوميون.

وتبعاً للفصل 101 مكرر من  المجلة الجزائية، فإنه يعاقب بالسجن مدة 8 أعوام الموظف الحكومي أو شبهه الذي يخضع شخصاً للتعذيب و”ذلك حال مباشرته وظيفه أو بمناسبة مباشرته إياها”.

ويقصد بالتعذيب “كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أو عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول منه أو من غيره على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على فعل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو غيره أو تخويفه هو أو غيره أو عندما يقع إلحاق الألم أو العذاب الشديد لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيّاً كان نوعه”.

تعلو في البلاد أصوات تدافع عن ارتكابات أمنيين

لجهة تكرار حوادث ضرب وشتم وأحياناً سحل.

وتنطبق أحكام هذا الفصل على رجال الأمن في حال تم تتبعهم قضائياً، ولم يفلتوا من العقاب كما يحدث في كل قضية. وهو التخوف الذي يشعر به الشاب حامد عياد ووالدته، بعد تعرضهما لاعتداء وعنف من قبل دورية أمنية. حامد كان يقود السيارة مصطحباً والدته إلى المستشفى بعدما ساءت حالتها الصحية، حين اشتبك مع أمنيين استخدموا الغاز المسيل للدموع لشل حركته هو ووالدته في السيارة.

 فيديو الحادثة جاب مواقع التواصل الاجتماعي في تونس وخلف ردود فعل ساخطة ومنددة بتصرفات الأمنيين ضد شاب ووالدته لم يقترفا أي جرم.

وزارة الداخلية التونسية لم تعترف بمسؤولية عناصر أمن تابعين لها، على رغم أن الفيديو يظهر بوضوح العنف الذي مورس على حامد ووالدته، وأرجعت ما حصل إلى خلاف بين حامد وسائق سيارة أخرى.

ما حصل مع حامد ليس حالة فردية، فقد تعرض راهناً الصحافي أيمن البشني لاعتداء من عناصر أمنيين أيضاً في محافظة بنزرت، وحصل اشتباك وتم إيقاف البشني بجنحة “هضم جانب موظف عمومي”، أي الاعتداء على موظف حكومي أثناء قيامه بعمله

وقد صدر حكم ابتدائي عاجل ضده يقضي بسجنه 6 أشهر.

ياسين عزازة وهو محامي حامد عياد يؤكد لـ”درج” ارتفاع وتيرة الاعتداءات البوليسية على المواطنين، معرباً عن تخوّفه من استمرار سياسة الإفلات من العقاب في ظل تصميم وزارة الداخلية على عدم أخذها بجدية تجاوزات أعوانها وعدم فتحها تحقيقات شفافة تعاقب المجرمين. 

ودعا عزازة الى تطبيق القانون، مؤكداً أن “ما يحدث للمواطنين ليس حالات فردية بل سياسة ممنهجة لعودة دولة البوليس في تونس، بخاصة بعد الاعتداء على محامية داخل مركز أمن في ولاية/ محافظة بن عروس في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي”. 

تؤكد عائلة البشني أن الأخير أحيل للتحقيق والمحاكمة، نكاية بصفته الصحافية، وهنا يشير عزازة إلى “الخروق الجسيمة في الإجراءات القانونية التي تم اتباعها إثر توقيف البشني، إذ منع من إحضار محام خلال التحقيق وهو فعل مخالف للقانون عدد 5 لسنة 2016 والمتعلق بحقوق المتهم”.

“فايسبوك” ساحة للتشهير!

من الظواهر المقلقة لجوء صفحات تابعة لأجهزة أمنية على السوشيل ميديا إلى حملات تحريض بحق نشطاء وصحافيين وأفراد، وهو أمر يتكرر كثيراً. الصحافية وصال الكسراوي تعرضت خلال الفترة الماضية لحملة تحريض وتهديد وتشهير، بسبب تدوينات انتقدت فيها التعامل الأمني مع المواطنين وقانون زجر الاعتداءات عليهم. الحملات ضدها قادها أمنيون ومشرفون على صفحات النقابات الأمنية في مواقع التواصل الاجتماعي.

تروي لـ”درج”: “نشروا صورتي على صفحاتهم مرفقة بعبارات صادمة مست سمعتي كصحافية وامرأة متزوجة، منها:

(قحبة” أي (عاملة جنس)، باعت نفسها حتى تدخل للمجال الإعلامي، ذات الشعر الأصفر من المؤكد أن أحد زملائنا “استفعل فيها” بمعنى اغتصبها وهرب، لذلك تحمل الضغينة لرجال الأمن). وأكثر من ذلك”.

وصال عاشت فترة صعبة نفسياً، مع تواصل الحملة ضدها خلال شهر آب/ أغسطس الماضي لأسبوعين متتالين، فكلما كانت تفتح “فايسبوك” تجد صورتها منشورة ومرفقة بعبارات السب والشتم وحتى التهديد. التعليقات الساخرة والمتنمرة كانت تصدر حتى من أمنيات نساء وهو أكثر ما أصابها بالذهول والصدمة.

“هددوني باعتراض طريقي وقذفي بالحجارة، وتسليط عشرات المخالفات المرورية.

لم أكن أعلم أن مجرد تدوينات متعاطفة مع المحامية نسرين القرناح التي بدورها تم الاعتداء عليها من أمنيين في آب الماضي سبب لي هذه المشقة كلها”.

الكسراوي أعلنت رفضها قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين وعللت ذلك بأنهم يحملون السلاح، ومهما بدرَ من المواطنين من تجاوزات فهم عزّل. لذلك فإن هذا القانون سيمنح حصانة مبالغة للأمنيين، تشجعهم على ارتكاب تجاوزات أكبر وتفتح الباب على مصراعيه أمامهم للإفلات من الحساب والعقاب.

وعلى رغم أن تونس تعد الدولة العربية الرائدة في مجال حرية التعبير

إلا أن المؤشرات المؤكدة لتصاعد وتيرة التضييق

تنبئ بخطر وشيك بالعودة إلى  العصر الديكتاتوري ما قبل الثورة.

وترى كسراوي أن هذه الحملات التي استهدفتها إن لم تأخذ مجرى قضائياً فإنها بمثابة تشجيع على الإفلات من العقاب وتكرار الفعل مع صحافيين آخرين. وهي لا تزال بانتظار أن ترفع “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” دعوى في هذا الخصوص.

عضو النقابة وجيه الوافي، يؤكد لـ”درج” ضرورة أن تتوقف الملاحقات الأمنية والقضائية ضد الصحافيين والنشطاء والمواطنين عموماً، بسبب آرائهم ودياناتهم… ودعا وزارة الداخلية إلى التعامل بالجدية المطلوبة مع تجاوزات الأمنيين.

وعلى رغم أن تونس تعد الدولة العربية الرائدة في مجال حرية التعبير إلا أن المؤشرات المؤكدة لتصاعد وتيرة التضييق تنبئ بخطر وشيك بالعودة إلى  العصر الديكتاتوري ما قبل الثورة. ويعزز هذا التخوف تشجيع السلطة التنفيذية نفسها المجرمين على الإفلات من العقاب وعدم مساءلتهم.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.