fbpx

هل بات وباء “كوفيد- 19” خلفنا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يقال إن أكثر ما يخافه الإنسان هو ما يجهله، لذلك يمكن القول إن أخطر وجه لـ”كوفيد- 19″، قد يكون عدم فهمنا الكافي له بعد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يقول العالمان كلوس فيلكه وسارة سوير في تعليق حول أهمية الفايروسات في دفع عجلة التطور والتكيف الجيني عند البشر والثدييات الأخرى: 

“الفايروسات، لا الأسود، ولا النمور أو الدببة، هي من يجلس ببراعة فوقنا في السلسلة الغذائية، محتلةً بذلك دور الألفا المفترس الذي يفترس كل شيء ولا يقع فريسة أحد!”.

بالفعل، فظهور فايروس “كوفيد- 19” أعطانا صورةً واقعيةً للمعنى. واقعٌ غريب حل علينا أشبه بمسلسل خيال علمي بات حقيقة مفروضة بفعلٍ يومي من دون أن نرى نهاية له، حتى اليوم.

سيحتفل العالم بمرور عام كامل منذ بدء هجمة فايروس “كورونا” الذي تفوّق على أفراد عائلته مثل “السارس” و”الميرس”، حتى أخذ العالم بغتة، فحتى “منظمة الصحة العالمية” لم تكن تتوقع ما آلت إليه الأمور.

لم تكن قد مرت الأشهر الأولى من الأزمة (ربيع عام 2020) حتى بدأت تظهر الوعود بالخلاص من هنا وهناك. بدءاً من الطبيب الفرنسي الذي ظهر على شاشاتنا، لإعلان الكلوركين، العلاج الموعود (التجارب أثبتت عدم فعاليته لاحقاً)، وصولاً إلى وعود ساره جيلبرت في أن يكون لقاح أكسفورد جاهزاً بحلول أيلول/ سبتمبر الماضي!

العالم إذاً يعيش حالة ترقب وانتظار، شاخصاً أنظاره إلى المختبرات العلمية حول العالم، واضعاً آماله بلقاح أو علاج ينهي الكابوس. حتى زعماء العالم باتوا لا يتأخرون في تسويق الأمل لجماهيرهم في سباقٍ سياسي علمي عالمي لإعلان أول الواصلين إلى اللقاح الموعود. 

 ما الذي أخّر العلماء عن إيجاد علاج أو لقاح فعال لـ”كوفيد- 19″ حتى الآن؟

يقال إن أكثر ما يخافه الإنسان هو ما يجهله، لذلك يمكن القول إن أخطر وجه لـ”كوفيد- 19″، قد يكون عدم فهمنا الكافي له بعد. ولعل هذا تحديداً كان سبب ارتباك المجتمع العلمي مع بدء ظهور “كورونا” وانتشاره، وسط ضغوط عالمية لإيجاد “الحل” في أسرع وقت ممكن.

فالغموض العلمي حول طبيعة الفايروس، انتشاره السريع والفعال والوقاية منه بخاصة في الفترة الأولى لانتشاره، وصولاً إلى عدم فهم آلية عمله بشكل كبير، والمضاعفات التي يمكن أن يخلفها عند فئات معينة من الناس دون آخرين وغيرها، عوامل صعّبت على العلماء إيجاد حل سريع. فأبحاث كهذه بطبيعة الحال عادةً ما تأخذ سنوات من الدراسات والأبحاث لفهمها بشكل كافٍ وبالتالي معالجتها بشكل فعال. أضف إلى ذلك أن منهجية البحث العلمي لاختبار أي علاج أو لقاح جديد، تتطلب سنوات إضافية من العمل البحثي للتأكد من فعاليته وسلامته، بخاصة في ظل غياب لقاحات لفايروسات أخرى من عائلة “كورونا” سابقة لظهور “كوفيد- 19″، مثل “السارس” وغيره، ما عقّد الأمور أكثر.

هل بتنا قريبين من الحل؟ 

لا شك في أن التطور العلمي والضغوط الملحة سرّعت عمليات البحث عن لقاحات تتطلب عادةً سنوات من الدراسة بالحد الأدنى. كما أن هناك فايروسات تثبت أحياناً أنها أكثر تحدياً من غيرها مثال على ذلك فايروسHIV ، الذي على رغم مرور أكثر من 20 عاماً على اكتشافه لا يوجد لقاح فعال له حتى الآن. ذلك يعود إلى أسباب كثيرة، أهمها تركيبة الفايروس نفسه والأساليب المبتكرة التي يتبعها للتخفي والتملص من جهاز المناعة. و”كوفيد- 19″ ليس استثناءً في ذلك. أضف إلى ذلك المخاوف من طفرات جينية يمكن أن تغير من شكل الفايروس أو عمله (فايروس إنفلونزا كمثال). على أنه حتى في أفضل الأحوال ليس هنالك لقاح يوفر حمايةً تامةً من الإصابة، فنسب التجاوب للقاحات تختلف بين الأشخاص، على أن تكون عادةً أضعف عند كبار السن، ما يشكل تحدياً أكبر. ولعل العامل الأهم يدور حول فترة الحماية التي يمكن أن يؤمنها اللقاح المحتمل والتي يتوقع العلماء ألا تكون طويلة في حالة “كوفيد- 19”. 

السلامة أولاً!

جزء كبير من المعايير التي يتم وضعها لإعطاء الضوء الأخضر للقاح ما، يكمن في سلامة اللقاح للاستخدام البشري. لماذا هذا أساسي؟ ليس للتأكد من أن اللقاح لن يؤدي الى أعراض جانبية خطيرة بخاصة على المدى البعيد، وحسب، بل أيضاً لأنه في حالات معينة قليلة تبين أن اللقاح يمكنه في الواقع أن يعزز الإصابة عند المواجهة الأولى أو الثانية مع الفايروس. وهذا ما حصل سابقاً مع فايروسات مثل “الدنغ”، وحتى فايروسات “كورونا”، أخرى وهو ما يعرف علمياً بـantibody dependent enhancement أو التعزيز المعتمد على الأجسام المضادة. 

أين نحن من اللقاح الآن؟ 

هنالك عشرات اللقاحات المحتملة التي يتم تطويرها ضد “كوفيد- 19” حول العالم. 11 منها وصلت إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. هذه التجارب يتوقع أن تستمر لسنوات مقبلة لتقييم نتائجها، فعاليتها، سلامتها، تأثيراتها في المدى الطويل. فإذاً، لا يوجد لقاح معتمد وموافق عليه حتى اللحظة بانتظار المزيد من النتائج. 

لا شك في أن التطور العلمي والضغوط الملحة سرّعت عمليات البحث

عن لقاحات تتطلب عادةً سنوات من الدراسة بالحد الأدنى.

مع ذلك، ففي التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أعلنت شركة “فايزر” لصناعة الأدوية أن النتائج الأولية للقاح “كوفيد- 19″ المحتمل الذي تعمل على تطويره، قد أثبتت فعالية عالية في الحماية من الفايروس. الشركة اعتمدت في إعلانها هذا على تقييمها لـ94 حالة مصابة بـ”كوفيد- 19” من إجمالي أكثر من 40 ألف متطوع شاركوا في تجارب الشركة. ولكن علينا أن نكون واقعيين وبالتالي علينا انتظار المزيد من الإثباتات، فتجارب الشركة على اللقاح سوف تستمر ومعه فإن التقديرات حول فعالية لقاح “فايزر” يمكن أن تتغير بحسب النتائج المستجدة. “فايزر” لم تنهِ بعد المرحلة الثالثة من التجارب السريرية والتي يتوقع أن تستمر حتى عام 2022. كما أن الشركة لم تعلن عن تفاصيل ما توصلت إليه ولم تنشر نتائج أبحاثها بعد. بالتالي هنالك أسئلة كثيرة تنتظر إجابات قبل القفز إلى الاحتفال. من دون شك، إعلان الشركة إيجابية نتائجها الأولية رفع أسهمها وأدر عليها ملايين الدولارات، لكنه أيضاً شكل بارقة أمل بأننا ربما بتنا قريبين من إنتاج لقاح فعال وسط الكثير من الحذر العلمي كما فتح المجال أمام شركات أخرى لتحذو حذو “فايرز”. وبحسب معطيات الشركة فإنها ستسعى للحصول على إذن من إدارة الغذاء والدواء FDA، للاستعمال الطارئ للقاح في نهاية تشرين الثاني تقريباً. إذا تم ذلك فعلاً، سيتطلب الأمر أشهراً إضافية من إدارة الغذاء والدواء لمراجعة النتائج والأدلة، ما يعني أن ذلك لن يحصل قبل بدء عام 2021. 

ما الأسئلة التي على لقاح “فايزر” أن يجيب عليها؟ 

السؤال عن فعالية اللقاح سؤال ظاهره بسيط ولكنه سؤال معقد كما أسلفنا. أضف أن “فايزر” اعتمدت في تطوير لقاحها على تكنولوجيا الحمض النووي الجديدة والتي تستعمل للمرة الأولى في المجال، إذ لا توجد لقاحات معتمدة سابقاً تتبع هذه التكنولوجيا. إذا نجح الأمر سيكون هذا أول لقاح من هذا النوع يُرخص للاستعمال البشري. على ذلك فإن شركات أخرى مثل “موديرنا” تسعى إلى تطوير لقاحات أخرى قائمة على التكنولوجيا ذاتها. لكن هذا يأتي مع حذر إضافي للتأكد من سلامة اللقاح، خصوصاً في المدى الطويل. الشركة قالت إن لا مخاوف “خطيرة” تتعلق بالسلامة. البيانات الأولية تشير إلى عوارض طفيفة مثل ارتفاع في الحرارة، تعب عام، آلام موضعية وخلافه. ولكن بما أننا في هذه المرحلة بتنا ندرك أن معظم إصابات “كورونا” هي اصابات طفيفة مع عوارض خفيفة إجمالاً (إن وجدت)، فإذاً أي لقاح محتمل عليه إثبات أنه قادر على حماية أولئك الأكثر عرضة لمضاعفات الإصابة بالفايروس، مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمناعة الضعيفة. أضف إلى ذلك النقطة الأهم وهي تحديد الفترة الزمنية التي سيؤمن اللقاح الحماية خلالها؟ إلى أي مدى ستكون هذه الحماية فعالة بخاصة مع التعرض المتكرر للفايروس؟ ماذا عن الذين سيصابون بالفايروس على رغم إعطائهم اللقاح؟ هل يعانون من عوارض؟ هل سيبقون ناقلين للعدوى؟ ما فعالية اللقاح في الحد من انتشار الفايروس؟ هل سيخفض عدد الوفيات؟ كلها أسئلة أساسية تطلب إجابات نتوقع أن تظهر تباعاً مع ظهور بيانات جديدة.   

هناك نقطة إضافية مهمة تتعلق بطبيعة اللقاح نفسه، فلقاحات من هذا النوع يتم عادةً تبريدها في النيتروجين السائل وحفظها في درجات حرارة منخفضة جداً (-80 درجة مئوية)، ما سيحتم على المصنع حل هذه المسألة التقنية المتعلقة بالإنتاج، ووسائل حفظ هذه اللقاحات وتوزيعها واستعمالها حول العالم في ظل غياب التجهيزات اللازمة في الكثير من المراكز المخصصة لإعطاء اللقاحات، بخاصة في دول مثل لبنان مثلاً. 

ما زال أمامنا الكثير إذاً. نقاط كثيرة يجب أخذها في الاعتبار ودراستها بحذر قبل الانتقال للشق الاستهلاكي أي توزيع اللقاح عالمياً. وفي حال توفر أي لقاح فعال قريباً فإن السيناريو العالمي يرمي، في أفضل الأحوال، إلى أن تكون نسب قليلة من المجتمع هي المستفيد الأول (القطاع الصحي، كبار السن، أصحاب المناعة الضعيفة… إلخ)، فالكميات الأولية ستكون محدودة. وبالتالي هذا لن يمنع بالضرورة تفشي المرض ولن يكسر سلسلة استمراريته، لكنه يرمي بالدرجة الأولى إلى حماية الفئات الأكثر عرضة وتأثراً بالمضاعفات. وعليه فإن “كوفيد- 19” وإجراءات الوقاية منه من تباعد اجتماعي ووضع كمامة، ستبقى برفقتنا في ظل هذا السيناريو وحتى إشعار آخر! لنكن واقعيين فقط عندما يتم تلقيح نسبة كافية من السكان وهي نسبة عالية سنكون قادرين على السيطرة على زمام الأمور وهذا لن يحصل في أي وقت قريب.

لا شك في أن المنافسة على أشدها عالمياً لتحصيل موافقة على لقاح فعال في أسرع وقت ممكن. المنافسة ليست بين شركات الدواء التي تسعى إلى تحقيق أرباح طائلة، وحسب، بل هي منافسة بين الدول التي تحاول إيجاد لقاح فعال ينقذ العالم من الوباء. من المتوقع أن تعطي إدارة الغذاء والدواء موافقة مبدئية لاستعمال الضرورة للقاح الذي يحقق شروط الفعالية والسلامة الأساسية حتى قبل إنهاء كامل مسار التجارب، فذلك يطلب سنوات من المتابعة. (الجدير بالذكر أن هذه الموافقة اعطتها إدارة الغذاء والدواء سابقاً لعلاجات أثبتت الدراسات لاحقاً أنها غير مجدية منها الموافقة قد فترة على استعمال الضرورة لعقار رمديسيفير). 

هنالك عشرات اللقاحات المحتملة التي يتم

تطويرها ضد “كوفيد- 19” حول العالم. 11

 منها وصلت إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.

الأكيد أن نجاح أي لقاح من اللقاحات قيد التجربة في الحصول على الموافقة المبدئية عليه، سيكر مسبحة إنتاج لقاحات أخرى وبالتالي توفير جرع كبيرة في وقت قصير، ولكنه بالتأكيد لن ينهي الأزمة. كما أن “منظمة الصحة العالمية” تستبعد أن يصبح اللقاح متوفراً للتطعيم على نطاق واسع حتى منتصف عام 2021 في الحد الأدنى. 

فهل إذاً من الوارد أن يكون لدينا لقاح جاهز ومتوفر قبل نهاية العام الحالي؟ 

كلا. هذا مستبعد جداً. ولنكن واقعيين، فمن المرجح أن تستمر الأزمة حتى أواخر عام 2021 كتقدير أولي. 

الحصول على لقاح فعال ليس نهاية القصة كما يظن أو يروج البعض. هي مجرد بداية لطريق ما زال طويلاً في وجه عدو غير مرئي في محاولاتنا لننتصر عليه، معركة صغيرة تلو الأخرى كما انتصرنا على الكثير قبله. لم تكن أبداً انتصارات بلا أثمان، ولكن علينا أن نضع ثقتنا بالعلماء ونأمل الأفضل. لذلك من الآن وحتى ظهور بوادر أخرى فإن الالتزام بمعايير الوقاية ضروري لحماية جميع من نحب.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.