fbpx

انهيار في عائلة أردوغان مع تفاقم الأزمة الاقتصاديّة التركيّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعاني تركيا منذ أسبوع من الدراما السياسيّة والعائليّة على مستوى عالٍ، بدأت برحيل البيرق، ولكنّ نُذُرَها كانت تلوح في الأفق منذ شهور.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نشرَ وزيرُ الخزانة والماليّة التركيّ القويّ، براءت البيرق، رسالةَ استقالة عاطفيّة على حسابه في “إنستغرام” يومَ الأحد 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، وقال إنّه يأمل بأن يستطيع الآن تمضية المزيد من الوقت مع “والدي وأمّي وزوجتي وأولادي”.

ولم يكن هناك سوى إشارة خاطفة إلى الرجل الذي جعل منه ثاني أقوى شخصيّة في الحكومة، والذي يَدين له البيرق بمساره السياسيّ، وهو صهره الرئيس رجب طيّب أردوغان.

تعاني تركيا منذ أسبوع من الدراما السياسيّة والعائليّة على مستوى عالٍ، بدأت برحيل البيرق، ولكنّ نُذُرَها كانت تلوح في الأفق منذ شهور مع استمرار المشكلات الاقتصاديّة المتزايدة واتّجاه العملة التركيّة نحو الحضيض.

غير أنّ قلّة هم مَن سيحزنون لرحيل رجلٍ كان يسبّب الاستياء على نطاقٍ واسع وصنع له أعداءً عبر أجهزة الدولة التركيّة. فكما يقول أحد مسؤولي الحكومة التركيّة، “شعَر معظم الناس بالارتياح لرحيله”.

براءت البيرق وزوجته إسراء أردوغان

لم يكن البيرق، ذو الـ 42 عاماً، مسؤولاً عن إدارة الاقتصاد الذي يحتلّ المرتبة الـ 19 في قائمة أكبر الاقتصادات على مستوى العالم فحسب. فقد كان للمدير التنفيذيّ السابق في قطاع الأعمال، المتزوّج من السيّدة إسراء أردوغان، نفوذٌ واسع على الحكومة وخارجها. وقد اعتقد كثيرون في “حزب العدالة والتنمية” الحاكم أنّ الرئيس أردوغان كان يُعدّه ليكون وريثه السياسيّ.

ولكنْ يبدو اليوم أنّ مستقبله في عالم السياسة قد وصل إلى طريقٍ مسدود.

قال زميلٌ سابق مذهولاً “لا أعتقد أنّ أحداً على الإطلاق كان بإمكانه تخيّل ما حصل. ولن يستطيع البيرق أبداً أنْ يستعيد النفوذ والسلطة التي كانت لديه”.

يبدو أنّ اندلاع شرارة انهيار سياسيّ وعائليّ يمثّل إدراكاً مفاجئاً من الرئيس التركيّ لحقيقة الوضع الاقتصاديّ للبلاد.

ففي الأسابيع الأخيرة واجه أردوغان ضغوطاً متزايدة من داخل “حزب العدالة والتنمية” الذي يُعاني من تدنّي شعبيته في استطلاعات الرأي إثر تداعيات وباء “كورونا” وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة نسبة البطالة وتدهور قيمة العملة التركيّة.

فقد أصرّ البيرق لأشهر على أنّ تركيا كانت تتفوّق على الاقتصادات المنافسة، وأنّها تمرّ بتحوّل اقتصاديّ عظيم. وأعاد تلك الكلمات حين التقى أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم، وفق تقارير إعلاميّة تركيّة.

وأكّد أيضاً أنّ الليرة التركيّة -التي فقدت ثلت قيمتها أمام الدولار الأميركيّ منذ بداية العام الحالي- ليست هي المعيار الوحيد الذي ينبغي توظيفه للحكم على مدى جودة الاقتصاد.

بَيد أنّ الرئيس انتبه أخيراً لما يحدث، وفق مصادر داخل الحزب الحاكم والحكومة، بعدما أُطلِع على حجم الأزمة التي تواجهها البلاد، لا سِيَّما الحالة العصيبة لرصيد العملة الصعبة في البنك المركزيّ.

إذا استبعدنا القروض وغيرها من الديون، تصبح احتياطيّات النقد الأجنبيّ في منطقة سلبيّة للغاية، وتضعها بعض التقديرات عند قيمة -50 مليار دولار (رقم سلبيّ) في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي. ويُعزَى هذا العجز الهائل بشكلٍ كبير إلى التدخّل الفاشل في العملة بقيادة البيرق، الذي قدِّرت تكلفته بنحو 140 مليار دولار على مدى العامَين الماضيَين.

أصرّ البيرق لأشهر على أنّ تركيا كانت تتفوّق على الاقتصادات المنافسة وأنّها تمرّ بتحوّل اقتصاديّ عظيم

يجد البعض من المستحيل تصديق أنّ أردوغان، الذي يلتقي بانتظام مجموعة كبيرة من شخصيّات قطاع الأعمال، لم يكن حقّاً على علمٍ بمدى السوء الذي آلت إليه الأمور.

إلّا أنّ آخرين يؤكّدون أنّ أردوغان غاب وانعزل عن الواقع نتيجة تهميشه صوتَ النقد الداخليّ وإحاطتِه نفسَه بأناس من ذوي الولاء الأعمى.

فقد قال مسؤول رفيع المستوى في “حزب العدالة والتنمية” إنّ “الرئيس عادةً ما كان صهره البيرق يطلعه على الأوضاع؛ فقد كان أكثر انشغالاً من أنْ يحصل على معلوماتٍ من مصادر أخرى”.

وعلّق مصدر آخر ذو صلات وثيقة بالحزب الحاكم، قائلاً إنّ هذا الأمر “لا يكاد يُصدَّق، ولكنّه معقول في الوقت نفسه”.

في وقتٍ سابق من يوم السبت 7 تشرين الثاني، نُشِر خبر في الصحيفة الرسميّة التركيّة يقول إنّ أردوغان أقال محافظَ البنك المركزيّ.

وعيّن الرئيس مكانَه ناجي آغبال محافظاً للبنك المركزيّ، وهو حليف قديم لأردوغان وأحد منتقدي سياسات صهره، وهو أيضاً الرجل الذي أطلَع أردوغان على الصورة الحقيقيّة للاقتصاد التركيّ؛ ومِن ثمّ عاد أردوغان لتثبيت سيطرته على الاقتصاد.

ردّ البيرق بغضب شديد. فبعد نشر إعلان استقالته، التي جاءت بصورة مفاجئة حتّى لأقرب مساعديه، حذف حسابَيه على “تويتر” و”إنستغرام”، واختفى من المشهد العامّ.

رافَق رحيلَه تحوّلٌ جذريّ في الخطاب العامّ. فقد وعد أردوغان يومَ الأربعاء الماضي بإعادة “الثقة والاطمئنان” إلى المستثمرين. ويعتزم وزير الماليّة الجديد ومحافظ البنك المركزيّ القيام بجولة دعائيّة في أوساط المستثمرين الدوليّين لجذب رؤوس الأموال الأجنبيّة التي تحتاجها البلاد بشدّة. وقد ارتفع سعر الليرة بشكلٍ حادّ إثر تلك الخطوات.

غير أنّ مشكّكين يقولون إنّ تركيا تواجه الكثير من المشكلات السياسيّة والاقتصاديّة العميقة، التي لا يمكن حلّها بمجرّد تعيين وزير أو محافظ جديد للبنك المركزيّ أو من خلال لهجة أكثر تودّداً للسوق. وسيظلّ الرئيس أردوغان، ذو الآراء غير التقليديّة في الاقتصاد، هو الرجل الأقوى نفوذاً في الحكومة.

ولكنْ إذا لبّى البنك المركزيّ توقّعات السوق، عبر الإعلان عن زيادة كبيرة في سعر الفائدة قريباً، فيمكن أن يُساهم ذلك في جذب موجة من النقد الأجنبيّ الذي تحتاجه البلاد لانتشالها من حافّة الهاوية.

يبدو أنّ اندلاع شرارة انهيار سياسيّ وعائليّ يمثّل إدراكاً مفاجئاً من الرئيس التركيّ لحقيقة الوضع الاقتصاديّ للبلاد

وفيما يرى محلّلون أنّه مع كَون حالة الاقتصاد التركيّ مشكلة نتجت بشكلٍ كبير عن أفعال أردوغان نفسه، فقد أثبت الرجل الذي هيْمَن على المشهد السياسيّ التركيّ لنحو عِقدين، قدرته على التكيّف والتعامُل مع الأمور ببراغماتيّة.

يقول جان سلجوقي، رئيس شركة “إسطنبول إيكونومي” الاستشاريّة في مجال الاقتصاد، إنّ “أردوغان أثبت براعته السياسيّة من جديد. فقد كانت هناك كلفة كبيرة لوجود براءت في ذلك الموقع على مدى أكثر من عامَين، وقد تحمّل أردوغان تلك التكلفة. ولكنْ حين أدرك بالفعل أنّ الاقتصاد كان على وشك أن يقضي على مسيرته، التفّ على الأمر بطريقةٍ لم يتوقّعها أحد”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.