fbpx

“ليلة الاعتداء”: “الغارديان” تكشف تفاصيل عمليّة الريتز في الرياض

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد مرور ثلاث سنوات، كشف بعض المحتجَزين السعوديين عمّا يدّعون وقوعه خلال الاحتجاز.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2017، اعتُقِل ما يقرب من 400 شخصيّة من أقوى الشخصيّات في المملكة العربيّة السعوديّة، كان من بينهم أمراء وكبار رجال الأعمال ووزراء؛ واحتُجزوا في فندق ريتز-كارلتون، فيما عُرف لاحقاً بأكبر عمليّة تطهير وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ المملكة الحديث.

هزّت حملة الاعتقالات أُسسَ المجتمع السعوديّ، إذ تحوّلت، في لحظات، شخصيّاتٌ مؤسَّسيّة لا يمكن المساس بها إلى أهدافٍ للاعتقال. فقد تمّ تجاهُل مراكزهم المرموقة، وصُودِرت الأصول، ودُمِّرت إمبراطوريّاتهم التجاريّة. وهكذا جرى تمزيق الميثاق التقليديّ بين الدولة ونخبتها المؤثّرة من ذوي النفوذ بين عشيّةٍ وضُحاها.

في الوقت الحالي، كشفت شخصيّات بارزة، من بين الذين أُلقِي القبضُ عليهم في حملة الاعتقالات، عن تفاصيل ما يدّعون وقوعه في أثناء الاحتجاز. إذ يصِف المحتجَزون السابقون، الذين جُرِّد العديد منهم من ثرواتهم، مشهداً من التعذيب والإكراه، بالإضافة إلى قيام مستشاري الديوان الملكيّ بقيادة محاولات عشوائيّة ترمي إلى فهم سرّ الاستثمارات الكامن وراء ثروات العائلات الأكثر نفوذاً في المملكة، ثمّ الاستيلاء على كلّ ما يمكنهم العثور عليه.

“الأمر كان يتعلّق بتعزيز حكمه وسلطاته، بهذا الوضوح والبساطة. ووَقع هذا قبل جريمة قتل خاشقجي؛ وقد شجّعه إفلاتُه من عواقب عمليّة الاحتجاز تلك على القيام بما أعقبها من أعمال ومنها عمليّة الاغتيال. فنفس الحرس الذين كانوا في عمليّة الاحتجاز بفندق الريتز شارَكوا في عمليّة الاغتيال. وعلى نفس الشاكلة، لن يرحم التاريخُ الأمير بن سلمان حيالَ أيٍّ من العمليّتَين”.

وَردَت الشهادات المتعلّقة بما حدث في فندق الريتز -التي سُرِدَت عبر وسيط- من بعض كبار رجال الأعمال السعوديّين، الذين يزعمون تعرُّضهم للضرب والترويع على يد ضبّاط الأمن، وتحت إشراف وزيرَين، كلاهما من الأصدقاء المقرّبين من الرجل الذي أمر بتنفيذ عمليّة التطهير، وهو وليّ العهد محمّد بن سلمان.

يأتي الإفصاح عن هذه الأحداث في الذكرى الثالثة لعمليّة التطهير، وقُبَيل عقد قمّة مجموعة العشرين التي من المقرّر انعقادُها في الرياض نهايةَ هذا الأسبوع، والتي حوّلتها جائحة كورونا من حدث عالميّ مبهر إلى ندوة عملاقة عبر شبكة الإنترنت. ومن المتوقّع أيضاً أنْ يُواجه الأمير محمّد، الذي يُعدّ الحاكم الفعليّ للمملكة، اعتباراً من يناير/كانون الثاني رئيساً جديداً للولايات المتّحدة مِن المرجّح ألّا يلتزم بتقديم الغطاء الشامل الذي اعتادت إدارة ترامب توفيره، وذلك لصالح اتّباع نهج أكثر تقليديّة يُولي بعضَ الاهتمام لقضايا حقوق الإنسان.

سمر بدوي – احدى الناشطات المعتقلات

ما زالت المدافِعات عن حقّ المرأة في قيادة السيّارة في المملكة العربيّة السعوديّة، ومن بينهنّ لُجَين الهذلول، مُعتقلات في سجون الرياض، رغم تدشين حملات سعياً إلى إطلاق سراحهنّ. وقد اعتُبرَت القمّة -التي كان من موضوعها الأساسيّة تمكينُ المرأة- لحظةً لمنح العفو وإظهار اللِّين، ولكن ظلَّ المسؤولون بلا حراك.

في الغالب، بدأت حملة الاعتقالات في فندق الريتز بمكالمة هاتفيّة، لاستدعاء الأهداف بحجّة لقاء الأمير محمّد أو الملك سلمان نفسه. وفي حالة أخرى، قال اثنان من رجال الأعمال البارزين إنّه طُلِب منهما القدوم لعقد اجتماع في أحد المنازل وانتظار انضمام أحد المستشارين من الديوان الملكيّ لهما. وبدلاً من ذلك، ظهر مسؤولو أمن الدولة، الذين رافقوهم إلى سجن في فندق من فئة الخمس نجوم، حيث كان الحرس وكبار المساعدين في انتظارهم هناك.

وصرَّح مصدر مطلع عن كثب على ما حدث، قائلاً “في الليلة الأولى، كان الجميع معصوبي الأعين، وتعرَّض الجميع تقريباً لما تسمّيه المخابرات المصريّة ’ليلة الضرب‘. سُئل هؤلا الأشخاص عمّا إذا كانوا يعلمون سبب وجودهم هناك؛ ولكنّ أحداً منهم لم يعرف السبب. تعرّض معظمهم للضرب، وبعضهم للضرب المبرِّح. كان هناك أشخاص مقيَّدين بالجدران في أوضاع مُضنية. استمرّت هذه العمليّة لساعات، وكان كلّ مَن قام بعمليّة التعذيب من السعوديّين.

“صُمِّم ذلك للضغط عليهم وتهيئتهم. ثمّ وصل المحقّقون في اليوم التالي”.

آنذاك، تمّ فصل المحتجَزين إلى غرف منفصلة في الفندق الذي كان قبل عام واحد فقط المكان المخصص لإطلاق خطّة الأمير محمّد الطموحة بعنوان “رؤية 2030″، التي تتمحور حول إجراء إصلاح شامل للمجتمع السعوديّ بُغيَةَ فتح الدولة الصارمة على عالمٍ كان مفتوناً في تلك اللحظة بمدى اتّساع نطاق إصلاحاته التي وعد بها.

صرّح مصدر بالقول عن المحقّقين إنّ “هناك اعتقادٌ خاطئ يفيد بأنّهم أصبحوا على علم تامّ بكلّ شيء في صفحات مملؤة بالبيانات والمعلومات. ولكنّ هذا لم يحدث؛ فالواقع أنّهم لم يعرفوا إلّا القليل جدّاً، وكانوا يحاولون تخمين البقيّة. إذ وصلوا إلى مرادهم فيما يتعلّق بالأصول السعوديّة، لكنّهم فقدوا الأمل فيما يخصّ الأصول الخارجيّة بعيدة المنال”.


بعد ثلاث سنوات من تلك الأحداث، ما يزال بن سلمان مصرّاً على أنّ جميع مَن جُرِّدوا من ثرواتهم كانوا متورِّطين في الفساد. ويقول مسؤولون سعوديّون إنّ ما يصل إلى 107 مليار دولار أميركيّ انتُزِعت من 87 شخصاً وأعيدَت إلى الخزانة السعوديّة.

تحدّث بعضُ المحتجَزين عن تهديدهم بكشف أسرارهم، مِن قَبيل الخيانات الزوجيّة أو تفاصيل الصفقات التجاريّة التي لم تكن لتنال الموافقة حتّى في ظلّ النظام القديم. لم يتمّ تسريب شيء تقريباً، ولكنّ بعض التفاصيل القليلة التي برزت صلتها بالمكالمات التي بدأ يتلقّاها إبراهيم وردة، الأستاذ المساعد في مجال التمويل الدوليّ بجامعة تافتس الأميركيّة، في منتصف 2017، من طلّاب سابقين يسألونه عن سعوديّين بارزين درَس مساراتهم المهنيّة في بعض مساقاته الدراسيّة. شعر حينها أنّ شيئاً خطيراً يُحاك في الرياض، وكان على صواب.

يقول وردة إنّ “كثيرين ممّن حضروا دروسي انتهى بهم المطاف في عالم الاستخبارات الماليّة. تلقّيت طلبات غريبة من بعضهم يسألون عمّن كانوا متورّطين في خدَع ماليّة مختلفة. صار من الواضح أنّهم كانوا يُعِدّون تقارير لشركات تعمل مع السلطات السعوديّة داخل المملكة”.

فاجأ عدمُ فهم البنى الاستثماريّة بعضَ الرجال الذين جرى استجوابهم. فقد قال مصدر مطلّع على الأحداث التي وقعت في فندق الريتز “كانوا يخمِّنون القيمة الصافية لثروة المحتجَزين. كان تفتيشاً دقيقاً؛ وفي مرحلةٍ ما سمحوا لهم بالوصول إلى حسابات بريدهم الإلكترونيّ وهواتفهم، وطلبوا منهم الاتّصالَ بمديري علاقاتهم المصرفيّة في جنيف وطلبَ مبالغ ماليّة كبيرة. ولكنّ قِيل لهؤلاء المتّصلين إنّه ليس هناك رصيد في الحسابات المقصودة؛ إذ ظنّ المحقّقون أنّ جميع الأصول نقديّة”.

وقال مصدر مصرفيّ رفيع المستوى، رفض الكشفَ عن هُويّته، إنّ التنفيذيّن في القطاع المصرفيّ السويسريّ بدأوا في إجراء تحقيق في أعقاب التعاملات غير المعتادة التي تمّت في وقت الإجراءات الصارمة. وأضاف “يبدو أنّ كثيراً من هذه التحويلات تمّت بالإكراه؛ ولذا جرى إيقاف بعضها، لأنّ الطلبات لم تكن معتادة، ولكنّ بعضها الآخر جرى إتمامه”.

وأخبر كثيرٌ من هؤلاء المحتجَزين مساعديهم عن مدى حيرتهم حول سبب احتجازِهم؛ إذ كان بعضهم من أقرب المقرّبين من الملكيّة السعوديّة على مدى عقود، مستفيدين من قربهم من الملوك والأمراء الذين لم يخجلوا من تنمية علاقاتهم بقيادات المال والأعمال، من خلال الهِبات وإتاحة الوصول إلى الموارد. فقد حظِي جميع أفراد الأسرة المالكة السعوديّة بعلاقات مع أسر كبرى من رجال الصناعة، وكانت الرعاية والمحاباة السياسيّة شيئاً محوريّاً في أعمال المقايضة. إذ يقول هذا المصدر المصرفيّ “هذه ملكيّة مُطلَقة؛ وهذا يعني أنّ بإمكان قادتها القيام بما يحلو لهم. فيحصلون على المزايا والمحاباة من خلال عاداتٍ راسخة”.

وأضاف “غالباً لم تكن لديهم أدنى فكرة عمّا يسعون إليه. وتحوّل الأمر إلى ابتزاز مباشر في بعض الحالات، لأنّ بعض المحتجَزين رفضوا التوقيع على أيّ شيء. لم تكن هناك إجراءات قانونيّة عادلة؛ فليس هناك شيء من قبيل التساوُم القضائيّ [اتّفاق تفاوضيّ لتخفيف العقوبة] في النظام القضائيّ السعوديّ، ولكن هذا ما حاولوا فرضه”.

بعد ثلاث سنوات من تلك الأحداث، ما يزال بن سلمان مصرّاً على أنّ جميع مَن جُرِّدوا من ثرواتهم كانوا متورِّطين في الفساد. ويقول مسؤولون سعوديّون إنّ ما يصل إلى 107 مليار دولار أميركيّ انتُزِعت من 87 شخصاً وأعيدَت إلى الخزانة السعوديّة. وقد حظيَت عمليّة الاحتجاز بدعمٍ واسع النطاق في المجتمع السعوديّ، الذي ما يزال وليّ العهد يتمتّع فيه بشعبيّة على الرغم من الأعوام الثلاثة التي تصدّرتها الأخبار المسيئة لسمعته، ومنها مقتل الصحفيّ المعارض جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده بمدينة إسطنبول على أيدي فرقة اغتيال ذات صلة بالمساعد السابق لوليّ العهد.

وقالت المصادر التي تحدّثت إلى صحيفة الغارديان أنّ مقدارَ الأموال التي تمّ انتزاعها تقترب من 28 مليار دولار، وتزعم أنّ عمليّة التطهير تمّت على حساب كسر الثقة بين النظام الملكيّ ومجتمع الأعمال السعوديّ.

وقال أحد المصادر إنّ “الأمر كان يتعلّق بتعزيز حكمه وسلطاته، بهذا الوضوح والبساطة. ووَقع هذا قبل جريمة قتل خاشقجي؛ وقد شجّعه إفلاتُه من عواقب عمليّة الاحتجاز تلك على القيام بما أعقبها من أعمال ومنها عمليّة الاغتيال. فنفس الحرس الذين كانوا في عمليّة الاحتجاز بفندق الريتز شارَكوا في عمليّة الاغتيال. وعلى نفس الشاكلة، لن يرحم التاريخُ الأمير بن سلمان حيالَ أيٍّ من العمليّتَين”.

وقال الدكتور إبراهيم وردة “عادةً ما تكون مبادرات مكافحة الفساد ذات دوافع سياسيّة؛ وغالباً ما تمثّل أدواتٍ لاستهداف أولئك الذي حقّقوا ثرواتٍ كبيرة، فتلك المبادرات تقدِّم قوائم انتقائيّة بأمثال هؤلاء. وقد كانت هذه العمليّة مثالاً واضحاً لتقاطع المال والسياسة في العالم الإسلاميّ”.

مارتن شولوف، مراسل منطقة الشرق الأوسط

هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.