fbpx

“قمة العشرين”: بن سلمان في مهبّ العاصفة ونتانياهو المُنقذ؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

تخوض السعودية بقوة حقل العلاقات العامة لتلميع صورتها في ظلّ انتهاكات حقوقية واسعة، تحاول استغلال أي مناسبة لتلميع صورة النظام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحاول النظام السعودي تقديم استضافة الرياض قمة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها مساء الأحد 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، بوصفها لحظة فخر وطنية إلا أنها تبدو للكثيرين، لا سيما نشطاء حقوق الإنسان، مثار قلقٍ وعدم ارتياح.

منحت دول مجموعة العشرين السعودية رئاسة المجموعة لهذا العام، وسط عواصف متزايدة ترخي بثقلها على دول الخليج عموماً، وعلى المملكة خصوصاً. فهناك حملات ضغط لم تتوقف، خصوصاً أن أحد محاور هذه الدورة هو “تمكين المرأة” و”إتاحة الوصول إلى الفرص خصوصاً للنساء والشباب”.

وُجهت انتقادات لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان من سياسيين وبرلمانيين أميركيين وأوروبيين، إضافة إلى منظمات حقوقية دولية، رأت أن الرياض لا يمكن أن تستقبل قمة هدفها إتاحة الفرص للنساء والشباب بينما يقبع في سجونها نشطاء، بين نساء ورجال، “بشكل تعسفي” و”على خلفية نشاطهم المجتمعي والسياسي”. هذا عدا حربها على اليمن، وقضية قتل الصحافي جمال خاشقجي، التي ما زالت تخيّم على محاولات السعودية تحسين صورتها العالمية، خصوصاً أن لا محاسبة للمتورطين الفعليين في الجريمة. 

وكان لافتاً سؤال أحد الصحافيين وزير الاستتثمار السعودي خالد الفالح عما إذا كانت الأخبار السلبية عن المملكة من عوامل منع المستثمرين من الاستثمار في السعودية. حاول رئيس الجلسة استبعاد السؤال، لكن الفالح رد على السؤال قائلاً: “المستثمرون ليسوا صحافيين”، مضيفاً أن “المستثمرين يبحثون عن دول يثقون في حكومات بلادها ولديها آلية مناسبة لصنع القرار الاقتصادي”. كان هذا جواباً كافياً لفهم أن السعودية تقايض ما بين الاستثمار والمنافع الاقتصادية وما بين حق الانتقاد وحرية التعبير.

والسعودية تخوض بقوة حقل العلاقات العامة لتلميع صورتها في ظلّ انتهاكات حقوقية واسعة، تحاول استغلال أي مناسبة لتلميع صورة النظام، وفي هذا السبيل أنفقت مليارات الدولارات لاستضافة أحداث ترفيهية وثقافية ورياضية وفنية كبرى بوصفها بلداً ينتقل من التشدد نحو الانفتاح، وهذه السياسة أتت أكلها، إذ فعلاً باتت السعودية تشهد حياة اجتماعية لم يكن أحد يتخيل أن تحصل فيها، لكن هذا الأمر يأتي بوصفه عملية تجميلية لا تقارب مسألة الحريات السياسية وحرية التعبير. يحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلميع صورته التي تهشمت بفعل سلسلة اعتقالات، لا سيما لناشطات طالبن بحقوق النساء البدهية، أبرزهن لجين الهذلول، المضربة عن الطعام منذ 27 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي تعجز عائلتها عن معرفة أي خبر عنها، وفق ما ذكرته أختها لينا في تغريدة على “تويتر”.   

على رغم الانتقادات الواسعة، استقبلت الرياض افتراضياً دول مجموعة العشرين، نظراً إلى الاجراءات التي فرضها وباء “كورونا”، وتولّت توجيه أعمال المجموعة تحت عنوان “اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”، في يومي 21 و22 من الشهر الجاري. 

إلا أن أعمال القمة بدت مصغّرة ومختصرة مقارنة بما كانت عليه في السابق، إذ إنها كانت تشكّل عادةً فرصةً للحوارات الثنائية بين قادة العالم، لكنّها انحصرت هذه المرة بجلسات افتراضية عبر الإنترنت، وهو ربما، ما ساعد على تجنّب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان موقفاً محرجاً.  

فعام 2018 خرج عدد قليل من قادة العالم عن طريقهم لمصافحة بن سلمان، الذي وقف في أقصى يمين الصورة وتم تجاهله إلى حد كبير، خصوصاً أنها كانت المرة الأولى التي يظهر فيها على المسرح الدولي منذ مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.

يحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلميع صورته التي تهشمت بفعل سلسلة اعتقالات، لا سيما لناشطات طالبن بحقوق النساء البدهية، أبرزهن لجين الهذلول

ما هي “مجموعة العشرين” وما أبرز ما توصّلت إليه في اجتماعها؟

مجموعة العشرين، أو G20، هي منتدى تأسس عام 1999 عقب الأزمات المالية في التسعينات، ويمثل ثلثي التجارة وعدد السكان في العالم، كما يمثل أكثر من 90 في المئة من الناتج العالمي الخام. ودخول السعودية، كدولةٍ عربية وحيدة في المنتدى، عائد أساساً إلى أهميتها الاقتصادية كقوة فعالة في سوق الطاقة العالمي، وكونها تملك أكبر احتياط نفط في العالم.

وبعد يومين من الاجتماعات الافتراضية، وعد رؤساء الدول المجتمعة بمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة فايروس “كورونا”، إلا أنهم لم يحددوا كيفية عمل هذه الدول على ضمان وصول اللقاح للجميع، كما لم تُحدد آلية لسد العجز التمويلي في جهود مكافحة الفايروس.

من جهة أخرى، وبعيداً من الوباء، سلّط البيان الختامي الضوء على قضايا كانت شائكة في السنوات الأخيرة إنّما بلغة أكثر توافقية من السابق، من بينها التجارة والمناخ. إذ قال المجتمعون بعد أكثر من نصف عام من الإغلاقات المرتبطة بالفايروس، إنّ “دعم النظام التجاري متعدد الأطراف الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى”. وأضافوا: “نحن نسعى جاهدين لتحقيق بيئة تجارية واستثمارية حرة وعادلة وشاملة وغير تمييزية وشفافة ومستقرة يمكن التنبؤ بها، وإلى جانب ذلك نسعى إلى إبقاء أسواقنا مفتوحة”.

وفي ما يتعلّق بالبيئة، كان لدونالد ترامب كلمة مسجّلة دافع فيها عن سحب بلاده من اتفاق باريس للمناخ الذي اعتبر أن هدفه تدمير الاقتصاد الأميركي، إلا أن كلامه، وفق محللين، لم يُؤخذ على محمل الجد، خصوصاً أنه يستعد لمغادرة البيت الأبيض قريباً، وعلى مضض. 

سلّط البيان الختامي الضوء على قضايا كانت شائكة في السنوات الأخيرة إنّما بلغة أكثر توافقية من السابق، من بينها التجارة والمناخ

نتانياهو في زيارة خاطفة إلى السعودية

عقب انتهاء اجتماعات قمة العشرين الافتراضية مساء الأحد 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو التقى بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برفقة رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، خلال زيارة سرية إلى السعودية. 

كما كشف موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن طائرة إسرائيلية، سبق أن استخدمها نتانياهو في مهمات خارجية في الماضي، أقلعت مساء الأحد من مطار بن غوريون/ اللد شرق تل أبيب إلى مطار مدينة نيوم الساحلية السعودية، حيث مكثت في المطار 5 ساعات قبل أن تقلع عائدة إلى إسرائيل.

وتأتي هذه الرحلة بعدما وافقت السعودية على السماح للرحلات الجوية، التي تكون الإمارات والبحرين طرفاً فيها، بعبور مجالها الجوي مهما كانت الوجهة الأخرى لهذه الرحلات، إثر إعلان الدولتان إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل.

لم تذكر الصحف الإسرائيلية أسباب هذه الرحلة الخاطفة التي دامت 5 ساعات، إلا أن تزامنها مع انتهاء مؤتمر قمة العشرين، الذي لم يحضر أي من أعضائه شخصياً للسعودية، على عكس ما فعله نتانياهو، يطرح أسئلة كثيرة حول ضرورة هذا اللقاء وسرّيته…