fbpx

عن “كراميش” والعنصرية التي تتفشّى كـ”كورونا” في الأردن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إذا كان فيديو “كراميش” تفشّى على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن وباء العنصرية وصل إلى حدّ استهداف المصابين بفايروس “كورونا”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

جولة سريعة على حساب قناة “كراميش” الأردنية على “فايسبوك”، يظهر مقاطع فيديو للأطفال تتنوّع مواضيعها بين الحديث عن رمضان، وبين لعبة “الشرطي والحرامي”، وبكاء الأطفال، و”مصروفي ما بيكفي”، إضافة إلى مقطع آخر بعنوان “ما أحلى أن نعيش”، وكلها مواضيع لطيفة ويمكنها أن تكون هادفة في محاكاتها الأطفال، بمعزل عن تقييم مستواها الفني. أكثر الفيديوات انتشاراً على الصفحة، لم يتجاوز عدد مشاهديها عشرات الآلاف. والفيديو الذي أعطى للقناة شهرة عربية واسعة، حذفه القيمون عليها بعدما وصل عدد مشاهديه إلى ما يزيد على 6 ملايين شخص، معظمهم كانوا من مهاجمي القناة على المضمون المهين لعاملات المنازل والانتهاك الصارخ لأبسط حقوق الإنسان، في رسائل يحاول زرعها فيديو كليب الأغنية في رؤوس الأطفال، الفئة التي تستهدفها عادة هذه القناة. 

الفيديو كليب لم يعد متوفراً على منصات القناة. لكنه انتشر وتم نسخه وتوزيعه عبر وسائل التواصل الإجتماعي على أنواعها، وهو شريط مصوّر تحت عنوان “فيديو الخدامة”، نشرته القناة ويصور حواراً مذلاً بين عاملة أجنبية (تلعب دورها طفلة) تتحدث عن حاجتها إلى تحويل المال إلى الدولار لإرساله إلى ابنتها المريضة، وبين خطاب تنمّري يحمل شحنة عالية من العنصرية أعدّه القيمون على العمل لطفلة (ممثلة) ثانية لتقوله في الكليب في تعزيز “لخطاب الكراهية إضافة إلى استغلال الأطفال للسخرية من عاملات المنازل”، بحسب مديرة مركز “تمكين” للمساندة القانونية ليندا كلش. 

اعتذار منقوص

 مدير قناة كراميش قال لـ”درج” إن “هذا العمل احتوى على مجموعة من الأخطاء التي سنتفاداها لاحقاً في أعمال جيدة”، لكنه يضمّن كلامه شيئاً من التبرير: “مع أن الكليب تحدث عن نوع معين من العاملات وهن الهاربات”، يضيف.

تعلّق كلش: “هن هاربات ولكن لماذا لا نطرح السؤال، لماذا هربن؟ فهن هاربات من الانتهاكات التي تعرضن لها، بالأحرى هاربات من الجحيم”. يرى الحقوقي محمد شما أن تبريرات مدير المحطة في المقطع المصور الذي خرج به وقال (إن كلمة الخدم ثقافة لدينا ولا تقلل من قدرهن)، ليست مقبولة ولا عذر له لأن العمل الذي أنتجته القناة يكرّس صورة مجتمعية تتكبّر على العامل وتكرس مفهوم العبودية الحديثة التي ما زالت موجودة في منازل كثيرة في بلادنا العربية”.

مركز “تمكين” كان أعدّ دراسة حول خطاب الكراهية في الإعلام إزاء العمالة المهاجرة واللاجئين، حملت توصيات بـ”إعداد سياسات تحريرية جديدة تهتم بفئة المهاجرين واللاجئين بشكل أشمل في ما يتعلق بالتغطيات الصحافية على اختلافها، والعمل على تدريب صحافيين من الوسائل الإعلامية كافة للتميز بين خطاب الكراهية والرأي، وتعزيز حقوق الإنسان”.

“هن هاربات ولكن لماذا لا نطرح السؤال، لماذا هربن؟ فهن هاربات من الانتهاكات التي تعرضن لها، بالأحرى هاربات من الجحيم”

العنصرية تتفشى مع “كورونا”

إذا كان فيديو “كراميش” تفشّى على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن وباء العنصرية وصل إلى حدّ استهداف المصابين بفايروس “كورونا”، فبدلاً من مدّ يد العون والمساندة لهم، شنّت حملات وهجمات عليهم من الجهات الرسمية وبعض وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بلغة مشبّعة بالتمييز العنصري. ونشرت صحيفة يومية أردنية خبراً بعنوان “لا أردنيين بين المصابين بكورونا في مصنع العقبة”، وتداولته مواقع إخبارية أردنية أخرى بالعنوان نفسه.

تحمّل كلش المسؤولية لرئيس مفوضي سلطة العقبة نايف بخيت الذي صرح بأنه لا إصابات لأردنيين بين العمال، علاوة على قيام المسؤولين بتعطيل العمال من الجنسية الأردنية حرصاً على سلامتهم، من دون مراعاة الجانب الصحي للعمال المهاجرين في المصنع الذين أغلبهم من الجنسية الهندية ويقطنون في مساكن مكتظة، الأمر الذي يُسرع انتقال الوباء. وأعربت عن قلقها من تنمر البعض على العمال، مشددة على أن لهؤلاء فضلاً على الأردن: “العمال المصريون مثلاً هم الذين ساهموا في بناء المنشآت في الأردن فلا يوجد بناء من دون بصمة عامل مصري كذلك العمال في المصانع والذين معظمهم من جنسيات أجنبية، فلماذا هذا التنمر كله؟”.

يجرّم قانون العقوبات الأردني وقانون الجرائم الإلكترونية خطاب الكراهية الذي تم تحديده بـ”كل كتابة أو خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة”. وهذا ما اعتبرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” ناقصاً إذ إنه لا يمكّن السلطات من ضبط نطاق أوسع من الخطاب العنصري الذي لا يزال “مشروعاً ومحمياً”، كذلك الذي تجرأت عليه “كراميش” في إهانة العاملات في المنازل، أو تلك التصريحات التي تصبّ جام كراهيتها على العمّال الأجانب وتعاملهم كما لو كانوا جراثيم!