fbpx

في عالم “كورونا”… أين نقع نحن؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ماذا لو قلتُ لكم إن كثراً منكم أصيبوا بفايروس “كورونا” على الأقل مرة واحدة في فترة ما من حيواتهم؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نعم هذا صحيح، فبحسب التقديرات، 5 إلى 30 في المئة من حالات الرشح السنوية الشائعة سببها فايروسات “كورونا”، ما يجعلها ثاني أكثر عامل مسبب للزكام أو الرشح عند البشر. بالتالي إن كنت قد أصبت بالرشح من قبل، فيمكن أن تكون قد أصبت بإحد فايروسات “كورونا”.

فـ”كورونا” عائلة من الفايروسات عمرها تقريباً من عمر الإنسان وهي كثيرة، منها فايروسات تصيب الإنسان والحيوان بدرجات متفاوتة منها الطفيف ومنها الأكثر خطورة. أول اكتشاف لفايروس “كورونا” يصيب الانسان كان في ستينات القرن الماضي و”كوفيد- 19″ المستجد ما هو إلا العضو الجديد في هذه العائلة.

على رغم ذلك لم يأخذ العالم “كورونا” بجدية كافية في السابق، فالإصابات كانت غالباً طفيفة، تقتصر على عوارض الرشح. ذلك حتى ظهور السارس عام 2002، عندها بدأ العالم في رؤية الوجه الآخر المخيف لـ”كورونا”، إذ بدت نتائج الإصابة أكثر جدية وحصدت أرواح المئات. غير أن بقعة انتشار السارس بقيت محصورة نسبياً والسيطرة عليه تمت بنجاح. بعدها ظهر “الميرس” في الشرق الأوسط عام 2012، كان أشد فتكاً بمعدل وفيات تجاوز الـ40 في المئة في بعض الأماكن. على رغم ذلك، فإن مجموع الإصابات في الحالتين لم يتعدَّ الالاف بخلاف “كوفيد- 19” الذي قارب عدد الإصابات المسجلة به الـ60 مليوناً حتى كتابة هذا المقال.

5 إلى 30 في المئة من حالات الرشح السنوية الشائعة سببها فايروسات “كورونا”

ما المختلف هذه المرة إذاً؟

مع بدء الإعلان عن ظهور مرضٍ جديد في شرق اسيا في أوائل العام الماضي، لم يكن العالم يعرف بعد ما العامل الجديد المسبب للمرض وبالتالي كان المرض بحد ذاته لغزاً للأطباء والعلماء. الإعلان نفسه جاء متاخراً نسبياً، إذ يرجح أن تكون الحالات القليلة الأولى قد تم الاخفاق في تشخصيها نظراً إلى تشابه الأعراض مع عوارض فايروسات أخرى كالإنفلونزا. ولكن مع تزايد أعداد الإصابات السريع واتساع بقعة الانتشار انتبه العالم والعلماء إلى أن ما نتعامل معه الآن هو ضيفٌ جديد. سارع العلماء عند إذ إلى عزل العامل المسبب للمرض أي الفايروس ودراسته لتحديد ماهيته، تركيبته، خصائصه. ليتبين سريعاً انضمامه لعائلة “كورونا” بسبب تركيبته الجينية، وشكل البروتين التاجي الذي يزين غلافه والذي يميز هذه العائلة من الفايروسات ويعطيها اسمها.

ولكن حتى عند ذلك لم تدق المؤسسات العالمية كمنظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر ولم تتحرك لإعلان “كوفيد- 19” وباءً عالمياً حتى 11 آذار/ مارس 2020 أي بعد أشهر على بدء انتشار الفايروس بين البشر، ربما ظناً منهم أن ما يتعاملون معه سيكون شبيهاً بالسارس أو الميرس ويمكن احتوائه. خطأ كبير طبعاً لم ندرك خطورته حتى بدأنا نرى نتائجه المدمرة صحياً، اقتصادياً وحتى سياسياً.

فقد أخذ “كوفيد- 19” العالم على غفلة هذه المرة، تمثلت في سرعة انتشاره، وتبين لاحقاً أن “كوفيد 19” الجديد أكثر فعالية في الانتشار بين البشر واكثر كفاءة في إصابة خلايانا من أقرانه.

ما الذي يجعل “كوفيد- 19” مميزاً؟

يقال إنك لتربح معركة ما، عليك أن تكون متقدماً على عدوك بخطوة. في لعبة ضغوط الانتقاء التطوري، هذا بالتحديد هو ما يفعله “كوفيد- 19” للانتصار علينا. الآن ومع مرور العام الأول لوصول الضيف الجديد باتت معرفتنا به أوضح وبتنا أكثر فهماً لأسباب نجاحه. ما حققه العلماء في عام واحد فقط أقل ما يقال فيه إنه مثير للإعجاب ولكن هنالك الكثير لنكتشفه بعد، وما يبقى مؤكداً هو أنه كلما زاد فهمنا لعدونا الجديد كلما أدركنا نقاط ضعفه واقتربنا أكثر من انتصارنا عليه. 

ففي حين أنه شبيه بأفراد آخرين من عائلته (تقارب جيني يقارب الـ80 في المئة مع السارس)، إلا أنه دخيل جديد على دفاعاتنا المناعية وهذه الأخيرة لم تعرفه سابقاً. وبفضل بعض الطفرات الجينية اكتسب فايروس “كورونا” الجديد فعالية أكبر في الارتباط بالمستقبلات الخليوية والدخول إلى خلايانا بطرق مبتكرة جعلته أكثر قدرة على العدوى حتى من فايروسات كالإنفلونزا. إلا أن ما هو أهم، هو قدرته على الاختباء من الجهاز المناعي وفترة الحضانة التي تعطيه أفضلية. فكمعدل وسطي تبدأ الأعراض بالظهور على الشخص بعد 5 أيام من الإصابة وأحياناً أكثر، هذا إن وجدت أصلاً. في هذه الفترة يكون الفايروس قادراً على الانتقال في وقت مبكر من العدوى إلى أشخاص آخرين قبل/ في غياب الأعراض وبالتالي إصابة أكبر عدد ممكن حتى قبل أن يدرك المريض إصابته. هذا لم نره مع “السارس” أو “الميرس” مثلاً، وبهذه الفعالية، فالعدوى كانت غالباً مرتبطة بظهور الأعراض، وبالتالي محاصرة الإصابات ومنع التفشي كانا أسهل نسبياً.

“كوفيد 19” الجديد أكثر فعالية في الانتشار بين البشر واكثر كفاءة في إصابة خلايانا من أقرانه.

الوقاية أولاً وأخيراً

إن المعرفة العلمية السابقة بجوانب الإصابة بفايروسات “كورونا” أخرى سابقة لظهور “كوفيد- 19” وسبل انتشارها، سرعان ما دفعت “منظمة الصحة العالمية” وغيرها من المنظمات الحكومية في وقت مبكر لإصدار إرشادات مبدئية للوقاية من غزو الفايروس الجديد، تمثلت بشكل رئيس بإرشادات غسيل اليدين بشكل مستمر والتباعد الاجتماعي وارتداء كمامة عند الحاجة. ما تغير فقط هو تشديد هذه الإجراءات عند وضوح الصورة العلمية لانتقال العدوى في حالة “كوفيد- 19” بخاصة لجهة فرض ارتداء كمامة بشكل فعال أكثر في الأماكن العامة. إذ إن الطريق الرئيس للعدوى يتمثل عبر قطرات الرذاذ من شخص إلى آخر عند الكلام أو العطس أو السعال وخلاف ذلك. من هنا تأتي أهمية التباعد الاجتماعي التي يشدد عليها الجميع. طرائق أخرى أقل مباشرة يمكن أن ينتقل عبرها الفايروس كوصول أيدي ملوثة بالفايروس إلى الفم أو الأنف أو العين كمثال. من هنا أهمية تعقيم الأسطح التي يمكن أن تكون قد تلوثت بالفايروس، وعدم لمس الوجه قبل التأكد من نظافة اليدين.

نهاية الوباء… هل باتت قريبة؟

على صعيد مباشر، برهن “كوفيد- 19” أنه أقل فتكاً من غيره من الأوبئة، على رغم انتشاره الواسع (والسريع)، فنسب الوفيات تبقى منخفضة نسبياً، على أن الإصابات بمعظمها تتمثل بأعراض طفيفة لا تحتاج إلى تدخلات استشفائية. الجدير بالذكر أيضاً أن فايروس “كورونا” ليس سريع التحول كغيره من الفايروسات. هذا لا يعني أنه ليس في تغير مستمر (عبر تراكم الطفرات الجينية)، فبالفعل تم عزل بعض متغيراته، لكن سرعة تغيره ما زالت أبطأ من الإنفلونزا مثلاً التي تتطلب تغيير اللقاحات ضدها بشكل مستمر. هذه العوامل ترفع الآمال بأن ألسنة الجديدة ستأتي بحلول لهذا الوباء.

في هذا السياق، بوادر إيجابية في ما يتعلق بإنتاج لقاح فعال أعلنت عنها شركتا “فايزر” و”موديرنا”. كما تم الإعلان عن النتائج الأولية للقاح جامعة “أوكسفورد” في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية عليه. لقاح “أوكسفورد” بحسب القائمين عليه برهن فعالية عالية أسوة بلقاحات “فايزر” و”موديرنا”.

برهن “كوفيد- 19” أنه أقل فتكاً من غيره من الأوبئة، على رغم انتشاره الواسع والسريع

على رغم أن أسئلة كثيرة ما زالت تحتاج إلى إجابات للتأكد من سلامة اللقاح للاستعمال البشري وفعاليته، إلا أن العبء الصحي كما الأعباء الاقتصادية والمعيشية قد أثقلت ظهر العالم، ما يتطلب تدخلاً سريعاً. لذلك من المتوقع أن تُعطى موافقة بالاستخدام الطارئ للقاح مع بداية العام الجديد حتى قبل إنهاء المراحل الأخيرة من التجارب السريرية وظهور نتائجها. هذا سيتطلب أشهراً إضافية من المراجعة والمتابعة الدقيقة، كما أن تلقيح مليارات البشر من تعداد سكان الكوكب، في حال نجاح اللقاح، ليس بالأمر البسيط وسيتطلب الكثير من الجهود (والوقت) على صعيد عالمي. 

في خضم ذلك، فإن العلماء في بحث مستمر ومتواصل عن علاج فعال ضد الفايروس (اللقاح عامل وقاية وليس علاجاً) بخاصة للحالات الخطرة. حتى اللحظة فإن الكورتيكوستيرويدات هي العلاجات الأكثر اتباعاً حالياً، والتي أثبتت فعالية في الحالات الأكثر صعوبة بخاصة عند دمجها في برتوكولات علاجية مختلفة بحسب كل حالة. ولكن الأهم أن فهمنا للفايروس في تطور وتحسن مستمرين، وهذا له تأثير على تغير البروتوكولات العلاجية. فكما شهدنا تراجع استخدام أدوية معينة بسبب ثبوت عدم فعاليتها، هناك أخرى ما زالت قيد الدراسة.

اليوم وحتى إقفال باب هذا الهجوم الوبائي التزموا أساليب الوقاية، كونوا بأمان.

لقد ظن الإنسان أنه سيد العالم والحاكم بأمره، إلى أن قهره فايروس مجهري لا حياة فيه. فجاء هذا الوباء ليذكرنا بأن نتواضع، بأن نتكاتف، وبأننا سواسية أمام الخوف، نختبئ حتى إشعار آخر، من عدو لا يُرى.

*فايروس الكوفيد 19, وهيكلية البروتين التاجي (بروتين سبايك) الذي يزين غلافه والمسؤول عن الارتباط بالمستقبلات على خلايانا وبالتالي اصابتها.

(المصدر: مجلة ساينس العلمية ومجلة نايتشر)

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.