fbpx

“اتخذنا قراراً بالانتقام…” : هل ستردّ إيران حقاً على اغتيال كبير علمائها؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لن يكون هناك رد إيراني على اغتيال فخري زاده، بمستوى اغتيال فخري زاده، لأن الاختلاف حول طبيعة الانتقام وزمانه ومكانه وجدواه، سوف يتحول إلى خلاف سياسي داخلي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عملية اغتيال كبير علماء الذرة في إيران محسن فخري زاده مهابادي (62 عاما) تحمل الرقم خمسة في مسلسل تصفية المسؤولين المباشرين عن البرنامج النووي الإيراني، فقد شهدت إيران بين عامي 2010 و2012، أربعة عمليات اغتيال، طالت أهم علمائها المختصين في مجال الفيزياء النووية وعلوم الذرة والطاقة وصناعة الصواريخ، ونُفذت جميعها في العاصمة طهران.

ففي كانون الثاني/يناير من العام 2010، اغتيل أستاذ فيزياء الجسيمات في جامعة طهران مسعود علي محمدي، بانفجار عبوة ناسفة مزروعة فوق دراجة نارية، أثناء مرور سيارته بمحاذاتها. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، اغتيل أستاذ التكنولوجيا النووية في جامعة بهشتي في طهران مجيد شهرياري، بانفجار عبوة ناسفة أيضا. في تموز/يوليو من العام 2011، أردى مسلحون ملثمون مهندس الطاقة في جامعة نصرالدين طوسي في طهران، داريوش رضائي نجاد أمام منزله، وبعد مرور سنتين بالكامل على أولى عمليات الاغتيال، أي في كانون الثاني/يناير من العام 2012، قتل مساعد مدير مفاعل “نطنز” النووي مصطفى أحمدي روشن، بانفجار قنبلة مغناطيسية ألصقت بسيارته، وصولا إلى يوم الجمعة الفائت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، حيث تعقب مسلحون موكب فخري زاده في مدينة آبسرد في مقاطعة دماوند ضمن محافظة طهران (77 كلم عن العاصمة طهران)، وأقدموا بداية، على تفجير سيارة لعرقلة الموكب، ثم تقدموا وفتحوا النار عليه في سيارته.

فارق فخري زاده الحياة في المستشفى، بعد فشل عمليات إسعافه، كما أعلنت وزراة الدفاع الإيرانية، التي يتولى فيها رئاسة لجنة البحث والتطوير، واصفة الحادثة ب”العمل الإرهابي الجبان”.

محسن فخري زاده مهابادي

ثم توالت بعدها، ردود الفعل المحلية، عبر بيانات وتصريحات وتغريدات غاضبة وشاجبة، منها تغريدة المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، التي أتت متأخرة قليلا، قياسا على أهمية الحدث، والتي حث فيها على “متابعة هذه الجريمة بجدية ومعاقبة من ارتكبها ومن خطط لها”، إلى تغريدة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي اعتبر أن “هذا العمل يظهر نوايا عدوانية يائسة”، داعيا باسم إيران “المجتمع الدولي، ولا سيما الاتحاد الأوروبي، إلى الكف عن اعتماد المعايير المزدوجة المعيبة، وإدانة إرهاب الدولة هذا”.

وفي حين وصف رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الجنرال محمد حسين باقري، عملية الاغتيال بأنها “ضربة مؤلمة وقوية”، متوعدا الفاعلين بأن “هناك انتقاما قاسيا ينتظرهم”، أكد قائد تنظيم الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي، كون المغدور أحد قادة التنظيم، المدرجة أسماؤهم ضمن لائحة العقوبات الدولية، أنه “اتخذنا القرار بالانتقام من قاتلي فخري زاده”.

أما رئيس الجمهورية حسن روحاني، فقد اتهم الكيان الصهيوني بالاغتيال، مؤكدا أن هذه العملية “لن تؤثر على برنامج إيران النووي”، في حين تحدث سفير إيران في الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة عن “مؤشرات خطيرة تثبت تورط إسرائيل في العملية”.

انقسام داخل ايران

من خلال ما سلف، يتضح أن كبار المسؤولين في إيران وحتى صغارها أيضا، أجمعوا على توجيه الاتهام لإسرائيل أولا، ثم على وجوب الانتقام ثانيا، لكن حتى الآن، لم يحدد أي منهم كيف ستكون طبيعة هذا الانتقام ولا أين سيكون ولا متى، فهل سيكون انطلاقا من سوريا، أم لبنان، أم غزة؟ أم سترينا الأجهزة الأمنية الإيرانية، التي يصل عددها إلى 16 جهازا فتاكا، عملية أمنية نوعية داخل إسرائيل؟ أم أن الرد سيكون شبيها بالرد على اغتيال سليماني؟ أم سيظل معلقا بانتظار الزمان والمكان المناسبين، كما هو الحال بعد تجاوز الغارات الإسرائيلية على مواقع للحرس الثوري في سوريا 300 غارة؟

بكل الأحوال، الرد الوحيد الملموس حتى الآن، هو حدوث انقسام داخل أروقة النظام، بين متحمس للرد الفوري، مع مبالغة في تقدير إمكاناته وقدراته الأمنية والعسكرية، وبين متروٍ، لعدم ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية كلها، على تنفيذ عملية انتقام نظيفة.  

ويغذي هذا الانقسام وجود وجهتي نظر متناقضتين، بين رجال النظام، حول حجم الاستفادة العملية من الانتقام، الأولى، تدعو إلى ضبط النفس، والاكتفاء بالتصعيد الكلامي، لقطع الطريق أمام إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الخليج، لشن حرب على إيران، في الفترة المتبقية من عمر إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، أي قبل 20 كانون الثاني/ يناير المقبل، ويقود روحاني وجهة النظر هذه، حيث لمّح في حديث أمس السبت، إلى أن الشعب الإيراني أكثر حكمة من الوقوع في فخ المؤامرة الصهيونية، التي تبتغي خلق الفوضى في إيران، وأن المسؤولين الإيرانيين يملكون شجاعة الرد، لكن في الوقت المناسب، ويحسب لروحاني أنه يحاول القيام بخطوة ذكية، لتشكيل ضغط شعبي ضد وجهة النظر المعاكسة.

ويبدو أن خامنئي يؤيد هذا التوجه، فاستنادا إلى تعليقه على الحادثة، الذي يكاد يكون التعليق الوحيد الذي خلا من اتهام إسرائيل بالاغتيال، ليس تبرئة لها بالطبع، إنما تخفيفا من مستوى الحماسة لدى محبذي المواجهة، وذلك لغايات سياسية وحسابات اقتصادية، تتعلق بمدى قدرة النظام الذي أنهكته العقوبات، على الصمود، في حال استدرج إلى حرب، هو غير جاهز لها حاليا، والتي ستكون خطأ قاتلا، يشبه إلى حد بعيد مغامرة صدام حسين باجتياح الكويت، بعد سنوات طويلة من الحصار المنهك، والتي انتهت بالاحتلال الأميركي للعراق. 

الرد الوحيد الملموس حتى الآن، هو حدوث انقسام داخل أروقة النظام، بين متحمس للرد الفوري، وبين متروٍ لعدم ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية كلها، على تنفيذ عملية انتقام نظيفة.  

أما أصحاب وجهة النظر الثانية، فيمكن رصد خطابهم في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، وهو خطاب حماسي ذو نفس انتقامي ومذهبي في كثير من الأحيان، يتضح ذلك من خلال تمسكهم بشعار “يا لثارات الحسين” بعد كل انتكاسة أمنية أو عسكرية تتعرض لها إيران، وهم لم ينسوا بعد، عملية اغتيال قاسم سليماني، والرد الانتقامي الهزيل في “عين الأسد”، فكيف يمكنهم أن يستوعبوا تصفية شخصية استثنائية أخرى، بعد أقل من سنة على خسارتهم سليماني؟ 

إضافة إلى ذلك، باعتقاد هؤلاء، أن تسريع الرد، والرد القاسي بالضبط، وحده يلجم إسرائيل ومن ورائها إدارة ترامب والسعودية أيضا، ولو أن إيران بطشت بقاتلي سليماني، لما وصلنا إلى اغتيال فخري زاده، ويرون أن اعتماد استرتيجية الصبر، حتى دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، لا يعني سوى مزيد الاغتيالات للشخصيات التي بنت إيران، ومزيد من العبث الصهيوني الجماعي، بمصير النظام الإسلامي. 

بناء عليه، لن يكون هناك رد إيراني على اغتيال فخري زاده، بمستوى اغتيال فخري زاده، لأن الاختلاف حول طبيعة الانتقام وزمانه ومكانه وجدواه، سوف يتحول إلى خلاف سياسي داخلي، وسوف تحتدم خلاله المعارك الكلامية، وتزدهر الخطابات الشعبوية، وينقسم فيه أركان السلطة كما هي العادة، إلى طرفين ضدين، طرف يعول على المتغيرات الدولية، ليعيد إحياء إيران الدبلوماسية، التي قمعها ترامب، فيثبت مصداقيته أمام شعبه، وبالتالي، يمدد فترة بقائه في السلطة، إذ إن الانتخبات الرئاسية على الأبواب، وطرف يشبه ترامب نفسه، يستعرض كل عضلاته العسكرية، على مرأى من العالم كله، ويتلو كل عبارات التهويل والتهديد بالحروب المدمرة والمعارك الطاحنة، وحين تدنو ساعة التنفيذ، تراه يقايضها فجأة، على صفقات نفط وغاز وسلاح وغيرها، ثم يتفرغ لقمع شعبه، ضامنا استمرار تجاراته المافيوية العملاقة.  

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.