fbpx

المصالحة… هدية دول الخليج الأخيرة لترامب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

جهود إدارة ترامب في حلحلة الأزمة الخليجية لا تضعف افتراض الفشل، وهو افتراض راجح في ظل ما شهدناه من محاولات متكررة للمصالحة، حال دونها توتر أعمق من “المصالح” قائم على نفور شخصي بين ملوك دول الخليج وأمرائها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يبدو أن ترامب متمسّك حتى آخر أيام إدارته بمحاولة تحقيق “إنجازات” في الشرق الأوسط، إذ يسعى وصهره جاريد كوشنر إلى إبرام صفقات في المنطقة، وتعزيز صداقات مع شخصيات خليجية، لا سيما ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان. مع العلم أنّه لم يبقَ أمامه الكثير من الوقت، ففي كانون الثاني/ يناير 2021، تكون على ترامب مغادرة البيت الأبيض، ليحلّ فيه الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي قد يعتمد سياسة خارجية مختلفة.

آخر خطوات التقرّب، كان لقاء كوشنر، كبير مستشاري دونالد ترامب، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة بعد لقائه بن سلمان في مدينة نيوم السعودية، والذي نتج عنه إبرام اتفاق مبدئي لإنهاء الأزمة الخليجية، يستثني الإمارات والبحرين ومصر. 

لقاء جاريد كوشنر وأمير قطر تميم بن حمد الأخير

لكن “المهمة الأخيرة” لكوشنير في الرياض وفي الدوحة تبدو أقرب إلى غيرها من المحاولات السابقة المتعثرة لعقد هذه المصالحة، على رغم إبداء قادة البلدين مرونة شكلية في التعامل معها. فالخصومة أصلاً قائمة على انعدام الكيمياء الشخصية بين القيادتين، لا على تضارب المصالح ولا على توتر حدودي ولا على اختلاف في طبيعة النظامين. ويعزز هذا الافتراض أن الإدارة الأميركية التي تمارس ضغوطاً هائلة على أميري البلدين بن سلمان وبن حمد ستغادر البيت الأبيض الشهر المقبل، ويبدو هنا أن المرونة التي يبديها حاكما البلدين ليست أكثر من هدية أخيرة لترامب، ستحل مكانها فور مغادرته البيت الأبيض حسابات لها علاقة ببرنامج الإدارة الجديدة. 

تأتي الزيارتان في وقت حساس، مع تصاعد التوترات عقب اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، واضطراب العلاقات الإقليمية من جهة، والحديث عن قرب تطبيع العلاقات الإسرائيلية- الخليجية، واستمرار الخلافات الخليجية من جهة أخرى.

رسمياً، لم تتضح أهداف زيارة كوشنر إلى الدولتين الخليجيتين، إلا أن الواضح أن الإدارة الأميركية تسابق الزمن لإنجاز ملفات “مواجهة الخطر الإيراني” في المنطقة، وتسريع عجلة التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بعدما نجح ترامب في إنجاز “اتفاق إبراهيم” الذي دشن العلاقات بين الإمارات والبحرين وإسرائيل. 

“المهمة الأخيرة” لكوشنير في الرياض وفي الدوحة

تبدو أقرب إلى غيرها من المحاولات السابقة المتعثرة

لعقد هذه المصالحة.

في المقابل، تشير التحليلات إلى أن الزيارتين ستركزان على أمرين أساسيين، أولهما السعي إلى إقناع السعوديين أو القطريين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو أمر تعتبره الإدارة الترامبية جزءاً من إرثها في الشرق الأوسط. خصوصاً أن كوشنر أشار في تقرير لـ”فورين بوليسي” إلى أنه يعتبر تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية “أكبر جائزة” له، لما في الأمر من “تشجيع” لدول عربية وإسلامية أخرى لتطبيع العلاقات أيضاً.

أما ثانيهما، وهو ما يُرجّح حصوله قريباً، فهو محاولة تقريب وجهات النظر بين السعودية وقطر والسعي إلى حلّ الخلاف وفكّ الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على الدوحة، لتكون بداية لمصالحة بين تحالف دول الخليج الذي تقوده السعودية منذ عام 2017، بعدما فرضت، بالتحالف مع الإمارات ومصر والبحرين، حظراً جوياً وبحرياً وبرياً على قطر، لاتهامها بالتقرّب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، وهو ما تنفيه الدوحة. خصوصاً أن مفتاح الأزمة الخليجية بيد الرياض، نظراً إلى موقف الإمارات المتشدد والعنيد، خصوصاً أنها كانت الأكثر تردداً في إصلاح علاقاتها مع قطر، وفضلت التركيز على بناء علاقاتها مع إسرائيل مع تجنب أي تصعيد مع إيران.

وفي سياقٍ متّصل، ترجّح تحليلات إلى أن تشمل مساعي حلّ الخلاف بين السعودية وقطر إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية، وإنهاء حرب المعلومات بينهما، وأن تشمل أيضاً خطوات أخرى لإعادة بناء الثقة. فقد نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصدر ديبلوماسي قوله إن كوشنر أثار في الدوحة موضوع تحويل مسار الرحلات الجوية القطرية من أجواء إيران إلى السعودية، مضيفةً أن تحويل هذه الرحلات من أجواء إيران قد يحرم الأخيرة 100 مليون دولار رسوم عبور سنوية.

بالعودة إلى زيارة السعودية، هي ليست المرة الأولى التي يزور فيها أعضاء إدارة ترامب المنطقة، مذ أصبح جو بايدن رئيساً منتخباً للولايات المتحدة الأميركية، إذ قام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بزيارة إلى المنطقة، تضمنت، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، لقاءً ثلاثياً بين قادة السعودية وإسرائيل إضافة إلى بومبيو، فيما بقي مضمون اللقاء غامضاً وغير معلن.

تصالح “الرباعي العربي”… الكويت وسيطة ومصر تُعرقل؟  

إذا لم تنجح إدارة ترامب في تحقيق أهدافها بالتطبيع مع السعودية، ربما يكون إرساء المصالحة بين الدول الخليجية والدوحة بديلاً، خصوصاً أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال في مقابلة جديدة إن “بلاده ترحّب بالحوار القائم على احترام السيادة”، معتبراً أنه “ليس هناك رابح من الأزمة الخليجية”، في إشارة واضحة إلى نية للمصالحة مع الدول الأربع. وأتى ذلك فيما قال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين إن “إدارة الرئيس ترامب ترغب في حل الأزمة قبل مغادرتها البيت الأبيض”.

يُشار إلى أن المصالحة المتوقعة بين الرياض والدوحة أتت برعاية أميركية من جهة، وبوساطة كويتية بارزة من جهة أخرى، إذ باتت مسوّدتها لإنهاء مقاطعة “الرباعي العربي” شبه نهائية، علماً أن الاجتماع السنوي للقادة الخليجيين ينعقد في في البحرين في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2020، بالتزامن مع خطوات متسارعة لإنجاح الوساطة الكويتية الساعية لإرضاء جميع الأطراف في العلن، ليضمن ذلك الوصول إلى “توافق خليجي”.

وتقول مصادر إن الكويت تضغط لتمرير ورقة المصالحة وموافقة الجميع عليها، في إشارة إلى أنها عُدّلت وأُرسلت مرّة أخرى إلى السلطات المصرية المعنية، حتى أثنى عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي مُبدياً ترحيبه بـ”إعادة وحدة الصف العربي”، معبّراً عن حذره من “التلاعب القطري”، خصوصاً إن لم تكن لدى الدوحة رغبة حقيقية في المتصالحة، ضارباً المثل باتفاقات الدوحة وحكومة الوفاق الوطني الليبية، التي تخالف مبادئ الرباعي المناهض. 

وفيما تشير المعلومات إلى أن المصالحة تستثني الدول الثلاث، أي البحرين ومصر والإمارات، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن “دول الحصار خففت سراً مطالبها الـ13 التي كانت وضعتها على الدوحة لتحريرها من الحصار”، ما يشي بمصالحة رباعية لحلحلة الأزمة الخليجية، وقد تكون قريبة.

لكن هذا كله لا يضعف افتراض الفشل، وهو افتراض راجح في ظل ما شهدناه من محاولات متكررة للمصالحة، حال دونها توتر أعمق من “المصالح” قائم على نفور شخصي بين ملوك دول الخليج وأمرائها.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!