fbpx

لبنان: الاتحاد الأوروبي يتقصّى الفساد بعدما صار أممياً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يعد الفساد اللبناني إداءً وطنياً. لقد صار فساداً أممياً، وهو دخل إلى مناهج التعليم في مدارسنا! وهذا ليس مبالغة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل أخبرك أحد يا فخامة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أن نائبين في البرلمان الأوروبي وصلا إلى بيروت ليتفقدا ما حل بمعمل النفايات في طرابلس، الذي مول الاتحاد الأوروبي إنشاءه بعدما وصلهم خبر أن فساد الدولة اللبنانية تسبب بعدم اكتمال منشآت المعمل، وأن اختلاساً شاب التحويلات المالية التي رصدها الاتحاد! هل تناهى إلى أسماعك تصريح أحد هذين النائبين عندما قال: “لقد جئنا لندقق بمصير أموال دافعي الضرائب الأوروبيين؟”، سمعة الدولة التي تقف على رأسها يا فخامة الرئيس طافت على القارات الخمس، وتسبب الفساد الوطني باهتزاز ثقة دافع الضرائب في أوروبا بمصير الضرائب التي يدفعها.

لم يعد الفساد اللبناني إداءً وطنياً. لقد صار فساداً أممياً، وهو دخل إلى مناهج التعليم في مدارسنا! وهذا ليس مبالغة. فهل من مفارقة أشد هزلية من هذه؟ المدارس في لبنان تعطي تلامذتها دروساً عن فساد الدولة التي تشرف على مناهج التعليم! لم يعد ممكناً تفادي الفساد بصفته حقيقة لا تمكن إشاحة النظر عنها. لا يمكن لمنهاج تعليمي واقعي أن لا يلاحظ الفساد بصفته ركيزة المشهد الذي يعيش التلميذ في ظله. وهذا ما أملى على المدارس أن تستدخل الفساد إلى المناهج وأن تجعله وسيلة ليفهم التلميذ حاضره وبعض ماضيه. هو تماماً كالشعر والتاريخ والجغرافيا، لا بل أنه في طريقه ليصير فرعاً معرفياً سيُمتحن به الطلاب. وربما اجتهد الطلاب المتفوقون في البحث عن الفساد بوصفه خبرة اجتماعية تطمح إلى الانتقال من كونها نوعاً معرفياً إلى مجال العلوم المكتملة.

لكن ما لم يرق إليه التعليم المدرسي في مجال الفساد بعد، هو تحديد وجوه الفساد وممثليه. من هو الفاسد؟ هو اسم ووجه ومنصب. هذا ما لم يتحقق بعد. يقولون لأولادنا في مدارسهم إن دولتهم فاسدة! في الصفوف والمدارس ذاتها، يجلس على مقاعد التلامذة أبناء سياسيين وأحفادهم، وهؤلاء لا يشعرون بأن المستهدف من تعريف الفساد هو أهلهم وعائلاتهم. الفساد ما زال قيمة مطلقة وغير مترجمة بوجوه ومواقع. هذا نقص معرفي نحار نحن الأهل ما إذا كان علينا أن نردمه.

الدولة ستدفع لدعم عائلات تحددها أحزاب السطو والفساد من ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان. هذا الاحتياطي هو ما تبقى من ودائع الناس.

لكن ثمة مجالاً جديداً للفساد ستفتتحه جمهوريتنا قريباً جداً. سيتم رفع دعم الدولة عن السلع الغذائية والدوائية، وسيستعاض عن الدعم بـ”البطاقة التموينية” التي ستوزع على حوالى 400 ألف عائلة محتاجة. ولكن من سيحدد من هي الـ400 ألف عائلة؟ “حركة أمل” ستتولى تحديد حصة الشيعة من هذه البطاقات، يساعدها في المهمة “حزب الله،” والتيار العوني سيتولى المهمة عند المسيحيين، وطبعاً “تيار المستقبل” سيحدد هوية الفقراء السنة! المهمة إذاً هي إعادة تعويم الطبقة السياسية وتكريس أحزاب الفساد بصفتها معيلة لفقراء الجمهورية. وهنا علينا أن نتخيل المشهد مجدداً. لن يقوى فقير على التقاط أنفاسه من دون أوكسيجين تمده به “حركة أمل” أو التيار العوني أو “المستقبل”.

لدى المدارس مادة معرفية دسمة إذاً. على أولادنا أن يفسحوا لها مساحة في مخيلاتهم، ذاك أن مبدعي هذا النوع الجديد من الفساد وظفوا فيه أشكالاً إضافية من أشكال السطو على مدخراتنا. الدولة ستدفع لدعم عائلات تحددها أحزاب السطو والفساد من ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان. هذا الاحتياطي هو ما تبقى من ودائع الناس. السرقة ستكون مركبة ومضاعفة. الدولة ستسرق ودائع الناس والأحزاب ستسرق البطاقات التموينية، وثمة سرقات موازية ستشهدها خطوة البطاقة التموينية تتمثل في السلع التي ستشملها والمتاجر التي ستُعتمد، وهذا كله متروك لخيال فاسد مبدع، لكنه أيضاً سيكون باباً معرفياً يُفترض أن ينتظره أولادنا على مقاعدهم الدراسية.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.