fbpx

طفرة نسوية إسرائيلية تشجّع على المزيد من القتال والوحشية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُعزز المجندات، مثل المجندين الذكور، الاحتلال العسكري ويدافعن عن غنائمه التي تتجسد في البؤر الاستيطانية والمستوطنات، وجميعها غير قانونية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
الطفل الضحية علي ابو عليا

هل احتفل الجنود بعدما أطلق أحدهم رصاصات مباشرة على بطن الطفل الفلسطيني علي أبو عليا (15 سنة)، الذي مات بعد ذلك متأثراً بجروحه؟

ليس هذا بالسؤال الجدلي البعيد من الواقع، فقد احتفل أفراد شرطة حرس الحدود من المجندين والمجندات يوم الجمعة 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعدما أطلق أحدهم رصاصة من نوع “التوتو” مباشرة على ساق شاب فلسطيني آخر. وقد وثق مقطع فيديو فرحة الجنود ولحظة احتفال أفراد شرطة حرس الحدود.

بيد أن المتحدث باسم الشرطة لم يكلف نفسه عناء الإجابة على السؤال الذي طرحته صحيفة “هآرتس” حول سبب هذه الفرحة والابتهاج. في الماضي، عندما كانت تُنشر أدلة مرئية توثق رضا الجنود عن الدماء التي تسبَّبوا في إراقتها، كانت تصدر بيانات رسمية تؤكد أن “ذلك بعيد كل البعد من النهج الذي يتبعه جيش الدفاع الإسرائيلي”. أما اليوم، فلم يعد هذا التظاهر ضرورياً حتى. فقد باتت مظاهر الوحشية والخضوع الفاجر والجهل المؤذي، الموجهة إلى الفلسطينيين، تبدو طبيعية ومقبولة لدى الإسرائيليين. إذ أصبح ذلك جزءاً لا جدال فيه من أسلوب حياتنا.

تبدو ظروف إطلاق الرصاص في يومي الجمعة متشابهة: فلسطينيون يتظاهرون ضد الإسرائيليين الذين يعيشون في بؤر استيطانية، والذين استولوا على أرضهم. في حين تُقدم قوات الجيش وشرطة حرس الحدود فوراً على استخدام العنف الذي يفضي بدوره إلى إثارة رد فعل بعض الشباب الفلسطينيين.

حدثت واقعة إطلاق الرصاص عند المدخل الشرقي لقرية المغير. أما في الأسبوع الذي سبقه، فقد وقعت جريمة أخرى في الجنوب، بالقرب من مرفق آبار المياه التابع للسلطة الفلسطينية في قرية عين سامية. وتقع القريتان إلى الشمال الشرقي من محافظة رام الله. وعلى رغم أنني ما زلت لا أعرف تشكيلة القوات التي أطلقت الرصاص على المتظاهرين، ففي قرية عين سامية كان وجود المجندات الإسرائيليات المسلّحات واضحاً للغاية.

شهدت الحركة النسوية الإسرائيلية طفرة خطيرة، تمثلت على وجه التحديد في المطالبة بأن تشغل النساء المزيد من الأدوار “القتالية”. بيد أنه لا تمكن معرفة ما إذا كان عليهن في يوم ما أن يدافعن عن أرض الوطن ضد جيش أجنبي. وفي الوقت نفسه، تُعزز المجندات، مثل المجندين الذكور، الاحتلال العسكري ويدافعن عن غنائمه التي تتجسد في البؤر الاستيطانية والمستوطنات، وجميعها غير قانونية. إذ يتم إرسال المجندات، شأنهن في ذلك شأن المجندين، سواء كن مجندات مقاتلات أم لا، للدفاع عن تنفيذ الوصية اليهودية بالتنكيل والسلب والطرد.

باتت مظاهر الوحشية والخضوع الفاجر والجهل المؤذي، الموجهة إلى الفلسطينيين، تبدو طبيعية ومقبولة لدى الإسرائيليين. إذ أصبح ذلك جزءاً لا جدال فيه من أسلوب حياتنا.

اتضحت الطفرة السادية للنسوية الإسرائيلية في عينة مُمثِلة ظهرت في الفيلم الذي اقتنصته عدسة المصور الصحافي هشام أبو شقرة. إذ تمكن بوضوح رؤية مجموعة من قوات شرطة حرس الحدود في زيهم الرمادي، تتألف من ثلاثة رجال وامرأتين، وجميعهم يحملون حقائب على الظهر، ومزودون ببنادق وقاذفات لإطلاق الرصاص المطاطي، المعروفة بقدرتها على اقتلاع العيون.

لاحظ أحد المتظاهرين الإسرائيليين أن أظافر إحدى الشرطيات المسلحات تتزين باللون الوردي. في حين بدا الجنود هادئين للغاية وهم يشاهدون الحادثة التي وقعت على بعد أمتار منهم. فقد تصاعد دخان كثيف من إطار سيارة مشتعل، وظهر عدد من الفتية يدورون حوله، واثنان منهم يلوحان بمقلاع. ومن الواضح أن احتمال وصول حجارة المقلاع إلى الطريق أو حتى الجنود ضئيلة للغاية. في وقت سابق، استقبلت الشرطة والجنود المسيرة السلمية للمتظاهرين التي خرجت من كفر مالك بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية صوبهم. هذا هو النمط المألوف لتفريق التظاهرات في بدايتها. وفي وقت لاحق، بدأ إطلاق الرصاص المطاطي والرصاص المعدني المغطى بالمطاط على المتظاهرين.

إقرأوا أيضاً:

في مقطع الفيديو الذي انتشر، يظهر أحد أفراد شرطة حرس الحدود وهو منبطح في وضعية القنص خلف باب السيارة العسكرية  المفتوح. بينما تجمع خلف الباب شرطيان آخران وشرطيتان. صرح أبو شقرة للباحث إياد حداد من منظمة “بتسيلم”، أنه لاحظ وجود ضابط يصدر تعليماته إلى الشرطي المُستلقي على الأرض. أعرب المصور عن انطباعه حينها قائلاً، “بدا الأمر كأنه يدرب الجندي ويعلمه كيفية القنص”. كان ذلك في وقت الظهر تقريباً. وفجأة سُمع دوي إطلاق رصاصة واحدة. ثم ظهر في مقطع الفيديو، أحد الشباب الذين كانوا يلوحون برمي المقلاع وهو ينحني فجأة ويمسك بساقه، إذ أصابته الرصاصة.

صفق أحد رجال الشرطة، وبدأت الشرطيتان بتهنئة القناص المستلقي، بلمسة رقيقة بقدميهما. وبعد وصول سيارة الإسعاف التي حملت المصاب، سارعت إحدى الشرطيات إلى عناق القناص الذي كان قد وقف على قدميه بالفعل، وهتفت بشيء أشبه بـ”كان هذا رائعاً”. ثم سُمع صوت أحد رجال الشرطة، وهو القائد على ما يبدو، وهو يقول، “ممتاز”. أدرك الصحافيون في موقع الحدث على الفور، بما فيهم أبو شقرة، أنها رصاصة من نوع “التوتو” أطلقت من سلاح خاص عالي الدقة يسمى “روجر”.

في ردها على صحيفة “هآرتس”، وصفت وحدة التحدث باسم الشرطة، التظاهرات بأنها سلوك عنيف وغير منضبط، وأكدت أن استخدام بندقية “روجر” هو جزء من وسائل تفريق التظاهرات، وذلك “بناءً على موافقة الجهة العسكرية المسؤولة، ووفقاً للإجراءات المتبعة، صوب الشخص مثير الشغب الذي خطط لإلقاء حجر على قوات الجيش، وبعدما رشق عدداً من الحجارة باستخدام المقلاع”.

تطلق بندقية “روجر” رصاصاً من عيار 0.22 إنش، وهو مصدر الاسم “التوتو”. وهي رصاصات حية، والتي على رغم  أن قوتها أقل من الرصاص العادي، إلا أنها قد تكون قاتلة أو تتسبب في إصابات خطيرة. عام 2009، رداً على سؤال من منظمة “بتسيلم”، قال النائب العسكري آنذاك، الجنرال أفيخاي ماندلبليت، إن الجيش لا يستخدم الرصاص من نوع “التوتو” كوسيلة لتفريق التظاهرات أو التصدي للسلوك غير المنضبط.

في ذلك الوقت، لقي متظاهران فلسطينيان على الأقل مصرعهما برصاص من  نوع “التوتو”. ومنذ ذلك الحين، تسبب الرصاص ذاته في مقتل خمسة متظاهرين آخرين على الأقل. والآن، في إطار عملية المعاملة الوحشية الجماعية، يشكل استخدام الرصاص من نوع “التوتو” جزءاً لا يتجزأ من أساليب قمع التظاهرات الفلسطينية. وباسم تحرير المرأة وحق المساواة، تتطلع المزيد من النساء الإسرائيليات إلى المشاركة في ذلك، ويشاركن الآن بصورة فعالة في سلب الأخرين حق الحرية.

عميرة هاس

  • هذا المقال مترجم عن haaretz.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: