fbpx

لبنان: إيلي الفرزلي فصيح النظام… وكيمياؤه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

صحيح أن لا كيمياء بين عون وبري، لكن بينهما ما هو أهم من الكيمياء. بينهما إيلي الفرزلي، الكيمياء البديلة، ناهيك بأن بينهما فيزياءه، أي “حزب الله”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في وجه إيلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس النواب، كل تقاطعات النظام اللبناني القبيح والفاسد والمرتهن. فالرجل يتولى اليوم حراسة ما تبقى من قيم تتقاطع عندها مصالح أركان النظام التي يصعب الجمع بينها، إلا اذا ارتسمت في وجه رجل مثل إيلي الفرزلي. هو عضو تكتل “لبنان القوي” الذي يرأسه صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل، وهو الناطق شبه الرسمي باسم مجلس النواب الذي يرأسه نبيه بري. عون وبري رجلا النظام اللذان يصعب جسر العلاقة بينهما بغير الفرزلي. ثم أن هذا الأخير تربطه علاقة “تاريخية” مستمرة مع النظام السوري، وهو في الوقت نفسه متمسك بتسمية الخصم الافتراضي لهذا النظام، أي سعد الحريري، رئيساً للحكومة. 

الفرزلي هو النظام، وإن كان لا يملك نفوذاً يكفي لتمثيله، ذاك أنه أرثوذكسي في دولة ملل الأكثريات الثلاث، وهو ممثل الحساسية العميقة لهذا النظام منذ تشكله في أعقاب اتفاق الطائف. أي اهتزاز للنظام هو اهتزاز في موقع الرجل، وما أن يلتقط النظام أنفاسه حتى تتبلور للفرزلي مهمة ودور. ميشال عون حين قرر حجز مكان له في منظومة الفساد والاستتباع قرّب الفرزلي منه، ونبيه بري لم يقطع معه العلاقة يوماً، أما سعد الحريري، وهو نظرياً خصم انتخابي للفرزلي، فلطالما اعتبره قناة ضرورية لتصريف حاجات تواصلية مع الخصوم داخل الحدود وخارجها.

والرجل صاحب الفصاحة البعثية الصادرة عن علاقة عائلية قديمة مع البعث ومع ثقافة أقلوية، لم يجد حرجاً في الذهاب منها إلى القانون الأرثوذكسي سيئ الذكر الذي صاغه الفرزلي ليس بعيداً من ماضي عائلته الذي يخلط بين التمسك بالهويات الضيقة وزعم الانتماء لهويات متوهمة ومختلقة، وظيفتها حماية هذا الضيق. ولطالما كان هذا دأب نخب الأرثوذكس، خصوصاً الطرفيين منهم.

الفرزلي هو النظام، وإن كان لا يملك نفوذاً يكفي لتمثيله، ذاك أنه أرثوذكسي في دولة ملل الأكثريات الثلاث.

اليوم يعود الفرزلي إلى التصدر لمهمة التعبير عن مصالح النظام المتصدع بفعل الانهيار وبفعل الفساد. المسارعة إلى لملمة الفضيحة عبر تعويم خطاب الفصاحة البعثية هي ما تبقى لأصحاب النظام. ومن أفضل من الفرزلي للتصدي لهذه المهمة. ها هو يتولى الرد على ادعاء القاضي فادي صوان على وزيري “حركة أمل” علي حسن خليل وغازي زعيتر بانفجار المرفأ. فالتهمة أصابت “المجلس النيابي” بحسب فصيح النظام ووجهه وممثله! وفي هذه اللحظة ينكشف العمق الحقيقي للعلاقات بين أركان السلطة. نبيه بري وميشال عون، وبينهما النظام الذي يمثله الفرزلي، والسلطة التي يمثلها “حزب الله”. صحيح أن لا كيمياء بين عون وبري، لكن بينهما ما هو أهم من الكيمياء. بينهما إيلي الفرزلي، الكيمياء البديلة، ناهيك بأن بينهما فيزياءه، أي “حزب الله”.

والفرزلي رجل “خبرة” بكل ما يتعلق ببناء العلاقات الضرورية في المحطات الانتقالية، وهو كاد يدفع حياته ثمناً في لحظات كثيرة، لعل أبرزها التفجير الذي استهدف ايلي حبيقة عام 1987، في مدينة زحلة والذي اتهم رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع بالوقوف خلفه. وما زال الفرزلي يحمل في وجهه آثار جروح إصابته جراء هذا الانفجار.

لكن النظام اللبناني في استحضاره الفرزلي اليوم ليرأب صدوعاً جوهرية يكابدها، يكشف عن حال التخبط والوهن التي يعيشها، فالنائب البقاعي ليس صانع واقع، إنما مجرد معبر عنه، وأدواره لم ترق يوماً إلى مستوى صوغ السياسة، إنما بقي قناة لتصريف حاجات أركان النظام، وهذه الحاجات هي اليوم أعقد من أن يتصدى لها رجل مثل الفرزلي. 

إنه كيمياء النظام، إلا أنه ليس ركناً فيه، والنظام إذ فقد هيكله، لن يقوى على البقاء بمجرد كيمياء خطابية وصوتية صادرة عن موقع أقلوي طرفي. فالبعث في دولتيه، العراق الذي اختاره أقارب الفرزلي بلداً لبعثهم، وسوريا التي اختارها هو موئلاً لفصاحته، يترنح ويهوي، وأن يتولى الفرزلي مهمة أكبر من قدرته الصوتية، فهذا مؤشر إلى اقتراب النهاية.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.