fbpx

غزّة إذ تواجه “كورونا” بقطاع صحي في العناية المركزة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

القطاع الصحي في غزة مستمر اليوم بفضل تدخل طارئ هنا ومساعدة سريعة هناك من دون أي انتظام في المساعدات أو خطة واضحة بإمكان السكان الركون إليها ولو لأيام قليلة مقبلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مساء 24 آب/ أغسطس الماضي وبعد أشهر من تفشي الوباء عالمياً، اكتشفت وزارة الصحة في قطاع غزة، أولى حالات الإصابة بفايروس “كورونا”. خرج حينها وكيل وزارة الصحة الدكتور يوسف أبو الريش ليقول في مؤتمر صحافي “بعد اكتشاف أولى الحالات، انتقلنا من خطة منع دخول الفايروس، إلى خطة السيطرة، القائمة على ألا يزيد عدد الإصابات النشطة الإجمالية عن ألفي إصابة، وألا يزيد عدد الإصابات اليومية عن 280″، موضحاً أن أيّ زيادة ستؤثر في جودة الخدمة وتعرض المنظومة الصحية للانهيار.

لكن، مع انتصاف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تجاوز عدد الإصابات اليومية الـ300 كما قفز العدد الإجمالي للحالات النشطة لأكثر من 3100، بحسب التقرير الوبائي اليومي للصحة، من دون أن تعلن الوزارة عن الانهيار التام. فكيف يتم التصدي للفايروس اليوم في قطاع يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة يعيشون بمساحة لا تتجاوز 365 كيلو متراً مربعاً ويواجه حصاراً إسرائيلياً مطبقاً منذ 14 عاماً؟

توقف المختبر المركزي 

في نهاية كانون الأول/ ديسمبر تواصلنا مع 10 مصابين بالفايروس اختاروا جميعهم العزل المنزلي بعدما كانت وزارة الصحة خيرتهم بين الحجر المنزلي أو الصحي. وكانت الوزارة أقرت العزل المنزلي للمصابين، ما عدا الذين تستلزم حالتهم الصحية رعاية طبية خاصة، أو الذين لا تتوفر لديه ظروف مناسبة لإتمام العزل المنزلي. لكن 8 من الـ10 اشتكوا من عدم وصول ممثلين عن الوزارة لأخذ عينات من المخالطين داخل منازلهم، على رغم مرور أكثر من أسبوع على الحجر. وبسؤال الناطق باسم الوزارة الدكتور أشرف القدرة عن الأمر، قال إن السبب هو تزايد أعداد المبلغين عن ظهور أعراض في تلك الفترة.

وأوضح، “المختبر المركزي يعمل بشكل محدود، قدراته لا تتعدى إجراء 3 آلاف فحص يومي، لذلك تراكمت أعداد المخالطين لتبلغ حوالى 17 ألف مخالط لم تتمكن فرق جمع العينات من أخذ عيناتهم حتى اللحظة”. وأضاف “الصحة بحاجة لفحص قرابة ألفي شخص تظهر عليهم الأعراض يومياً، وقرابة 5 آلاف مخالط. لكن بسبب محدودية العينات اليومية، وزيادة معدل الانتشار، يركز المختبر على فحص من تظهر عليه الأعراض وبخاصة من كبار السن”، لافتاً الى وجود حالات مصابة، ربما لا تظهر عليها الأعراض، أو غير مكتشفة أو مضافة إلى بيانات الوزارة اليومية، بسبب محدودية الفحوص.

جاء ذلك فيما تجاوز العدد التراكمي للحالات النشطة 9 آلاف و700 حالة لغاية 21 كانون الأوّل 2020، وتجاوز عدد الحالات الخطرة 226 حالة، كما بلغت الوفيات 271  حالة وفاة. 

وإذ أوشكت الوزارة على الإعلان عن انهيار النظام الصحي كاملاً، تمكنت منظمة الصحة العالمية بمنحة من دولة الكويت من إدخال 15 جهاز تنفس، ما ساعد على رفع أعداد أسرّة العناية إلى 150 سريراً، وذلك بعد مماطلة الاحتلال ومنعه دخول الأجهزة لقرابة أسبوعين. كذلك تم إدخال جهاز فحص PCR ثالث إلى المختبر المركزي في القطاع، ما رفع القدرة المخبرية لإجراء بين 2500 و3 آلاف فحص يومي.

هذا علماً أن أحد أكبر التحديات التي تواجه قطاع الصحة اليوم هو عدم انتظام توفر المواد المخبرية للمختبر المركزي، الذي اضطر للتوقف عن العمل في 6 كانون الأول لمدة يومين بعدما نفدت منه المواد اللازمة لإجراء الفحوص. وبعد يومين، في 8 كانون الأول استجابت منظمة الصحة العالمية وأرسلت 19 ألفاً و500 عينة مخبرية تكفي لـ8 أيام فقط بحسب أقصى معدلات الفحص.

تجاوز العدد التراكمي للحالات النشطة 9 آلاف و700 حالة لغاية 21 كانون الأوّل 2020، وتجاوز عدد الحالات الخطرة 226 حالة، كما بلغت الوفيات 271  حالة وفاة. 

كذلك ساهمتغيير البروتوكول المعتمد لدى منظمة الصحة العالمية، واعتماد تزويد المرضى بالأوكسجين بديلاً عن أجهزة التنفس في جعل الأمور أكثر صعوبة. فالقُدرة الإنتاجية من الأوكسجين في مستشفيات القطاع كانت تقتصر خلال النصف الثاني من تشرين الثاني على 1100 لتر في الدقيقة الواحدة، بينما يحتاج كل مريض من المصنفين خطرين وعددهم 100 إلى 60 لتراً في الدقيقة، ما يعني أن الكمية المنتجة تكفي أقل من خُمس عدد المرضى الكلي. لم يكن من حل إلا اللجوء إلى الشركات بخاصة المنتجة للأوكسجين، بتكلفة 155 ألف دولار شهرياً لتعود دولة قطر وتعلن في 29 تشرين الثاني عن تبرعها بـ55 ألف دولار من القيمة الإجمالية، دعماً للقطاع الصحي.

قطاع متهالك قبل “كورونا”

بالعودة قليلاً إلى الوراء، يظهر جلياً أن اكتشاف الإصابة الأولى لم يكن الخطر الوحيد على قطاع غزة، بل أيضاً كفاءة المستشفيات واستعدادها من حيث الأجهزة الطبية والمعدات والكوادر البشرية وكلها مستنزفة على مدار 20 عاماً ماضية، بسبب القصف الإسرائيلي الذي كان يستهدف المستشفيات والطواقم الطبية الميدانية بشكلٍ مباشر. كذلك منع الإسرائيليون أو أعاقوا دخول أجهزة ومعدات طبية وأدوية، عن طريق تحكمهم بمعبر رفح، وهو المعبر التجاري الوحيد مع العالم الخارجي، ما ساهم في إضعاف المنظومة الصحية وكفاءتها ودفع وزارة الصحة الفلسطينية إلى إعداد خطة مبكرة لمواجهة الفيروس بما تيسر، أي 110 سرير عناية، و96 جهاز تنفس صناعي، بمعدل جهاز تنفس واحد لكل 33.333 نسمة، بحسب بيان لمركز الميزان لحقوق الإنسان. 

بدأت الوزارة تنفيذ خطتها في آذار/ مارس 2020 عندما فرضت حجراً صحياً إلزامياً على العائدين من الخارج لمدة 21 يوماً في مستشفيات وفنادق ومدارس، أُعدت مسبقاً، لتكتشف الصحة 109 إصابات من العائدين، 72 منهم تماثلوا للشفاء قبل اكتشاف الحالة الأولى داخل المجتمع، وتوفيت سيدة كانت تعاني أمراضاً مزمنة.

وكانت الوزارة أعدت خطة بتكلفة 59 مليون دولار، عرضتها على الدول المانحة لكنها لم تجد داعمين. حينها قررت تجهيز مختبر مركزي بشكل عاجل، لفحوصات الـ PCR، بجهاز مخبري واحد، قدرته القصوى فحص ألف عينة يوميًا. 

ولكن في منتصف آب تصاعدت الأعمال العسكرية بين الجيش الإسرائيلي وحركة “حماس” واستمرت قرابة 10 أيام، أدت الى توقف محطة توليد كهرباء غزة، وتقليص ساعات وصولها لأقل من 4 ساعات يومياً، بسبب إغلاق إسرائيل المعبر التجاري، ومنع دخول المحروقات، ما استنزف خزانات الوقود في المستشفيات، وفرض ضغوطا إضافية على قطاع الصحة ليتزامن ذلك مع اكتشاف أولى إصابات كورونا في مخيم المغازي وسط القطاع. 

تتابع اكتشاف الحالات في بؤر مختلفة، ما أربك المواطنين الواقعين بين عملية حربية ووباء آخذ في التفشي، لتقرر وزارة الداخلية فرض حظر التجول، منعاً للاختلاط، وحتى يتسنى للمختصين تتبع وتحديد المخالطين.

داخل المستشفى الأوروبي، في أواخر آب/ أغسطس خصصت الصحة 50 سرير عناية فقط لاستقبال مصابي “كورونا”، كما أضافت جهازاً مخبرياً بتبرع من دولة قطر، ما رفع قدرتها المخبرية إلى ألفي فحص يومي، بحسب ما قال القدرة لـ”درج”. وفي 25 آب، بدأ المختبر المركزي بإجراء 558 فحصاً وارتفع العدد اليومي تدريجياً مع تزايد انتشار الفايروس بين المخالطين، حتى وصل إلى ألفي فحص في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي. 

وعليه، فإن القطاع الصحي في غزة مستمر اليوم بفضل تدخل طارئ هنا ومساعدة سريعة هناك من دون أي انتظام في المساعدات أو خطة واضحة بإمكان السكان الركون إليها ولو لأيام قليلة مقبلة.

أُنجز هذا التحقيق بدعم من منظمة دعم الإعلام الدولي (IMS) وبالتعاون مع مؤسّسة “روزنة” للاعلام ومنصّة “خيوط” اليمنيّة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.