fbpx

“أهل المعروف” تنظيم عراقي جديد متخصص في “تفجير الخمور”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق وتضيق الخناق على إيران تسببا في انخفاض مستوى الدعم للجماعات المسلحة الناشطة في العراق، خصوصاً تلك التابعة لإيران، ما دفعها الى اللجوء لتمويل نفسها عبر بوابة الخمور والمخدرات والتي باتت من أقوى الأسواق الداخلية في العراق…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
أحد أصحاب محلات الخمور التي استهدفت في بغداد

لم تنته بعد التساؤلات حول جماعة “ربع الله” التي ظهرت مؤخرا في العاصمة العراقية بغداد مستهدفة مراكز المساج والتدليك بالهروات والعصي بحجة محاربة “الفاحشة” والفساد، حتى ظهرت مجموعة أخرى تحت اسم “سَرية أهل المعروف” منصّبة نفسها آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، لتفتتح باكورة “نشاطها” بتفجير عدد من محال بيع الكحول المنتشرة في عدد من أحياء بغداد.

نشطت هذه السرية خلال الشهرين الماضيين بشكل ملفت ولم يجر إعلان رسمي لأي ملاحقة أمنية أو الكشف عن الجهة التي تنتمي إليها او الداعمة لها باستثناء بيان ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي تبنّت فيه السرية مسؤوليتها عن استهداف محال بيع الخمور.

وهددت السرية أصحاب محال بيع الخمور في بيان لها بأنها لن تتوقف عن استهداف محالهم “حتى تطهير ارض بغداد من دنسهم” على حد وصفها، محذرة الأجهزة الأمنية المتواجدة بالقرب من هذه الامكنة من التدخل في عمل السرية كي لا يتم إلحاق الاذى بها، ما طرح تساؤلات حول حصول تلك المجموعات على دعم جهات نافذة. 

مجموعات متشددة بنمط جديد

وبلغت محال بيع الكحول التي تعرضت للتفجير في الشهرين الماضيين 14 محلاً بحسب مصادر أمنية، وجرى اغلاق خمسة نوادي ليلية بسبب تهديدات طالت مالكيها. كما نفذت عمليات بعبوات ناسفة وضعت عند أبواب تلك المحال والنوادي، في وقت نشرت فيه الأجهزة الأمنية مفارز جوالة وثابتة في عدد من المواقع المحتمل استهدافها.

ويقول أحد أصحاب المحال التي جرى استهدافها بحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام عراقية أن الخسائر التي تعرض  لها جراء تلك العمليات بلغت 20 ألف دولار على الاقل،  فضلاً عن خسائر المحال الاخرى، ويدير تلك الاماكن الناس في الأغلب ينتمون الى ديانات مسيحية، اذ ينص القانون العراقي على تحريم عمل المسلم في بيع الخمور فيما يبيح ذلك للديانات غير المسلمة.

سرية “أهل المعروف” يراها متخصصون بالجماعات المتطرفة على إنها ليست  ضمن التشكيلات الراديكالية المعروفة التي ظهرت ابان قتال داعش عام 2014 وما تلاها، بل كان ظهورها بالتوازي مع حركة الاحتجاج التي شهدتها محافظات وسط وجنوب العراق من نهاية عام 2019، وهي بذلك تمثل نمطاً جديداً من الحركات غير القتالية والتي ليس لها توجهاً سياسياً واضحاً او دينياً معروفاً بل تعمل وفق خطوط إسلامية عامة لم يتم تأييدها او إضفاء مشروعية عليها علناً من أي مرجعية دينية.

عمل هذه الجماعة، التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية باستخدام العنف، شبيه الى حد كبير بجماعات أخرى ظهرت مؤخراً يعتقد أنها ضمن الجناح المسلح الموالي لإيران، لا سيما وان العراق بات يضم العديد من الحركات التي تتقاضى أموالاً من الدولة العراقية وولاؤها الى جهات خارجية.

“ظهور هذه الجماعات هو نتيجة حتمية لوجود ضعف في بناء العملية السياسية”

وبحسب المعلومات القليلة المتاحة فهذه المجموعات تختار المنتسبين إليها بعناية فائقة، فأعمارهم ما بين الـ15 و الـ25 سنة ممن لديهم ميولا دينية متشددة، يرفضون فيها وجود الظواهر التي ترفضها التعاليم الاسلامية، وفي مقدمتها محال بيع الخمور ومراكز المساج والتدليك. ويرى مراقبون ان وجود هذه المجموعة او غيرها هي محاولة لخلق طرق تمويل جديد لمن يقف خلفها من جهات سياسية من خلال فرض الإتاوات والابتزاز المالي لتمويل اجنداتها. 

صلاح حسن وهو مراقب للشأن السياسي، يشير إلى ان هذه الجماعة وغيرها تتخذ من العاصمة بغداد مقراً رئيسياً لها، تنفذ عملياتها انطلاقاً منه، فالعاصمة مكان ملائم للضغط السياسي على المؤسستين الأمنية والحكومية.

تعدد الجماعات المتشددة التي تظهر في الآونة الأخيرة أثار تساؤلات حول الهدف الأمني منها. يعتقد المحلل السياسي احمد الحداد ان المرحلة المقبلة بالنسبة للجماعات المسلحة والأحزاب السياسية تتمحور حول بناء أذرع أمنية لها قوة على الأرض، تستخدم لإرهاب الخصوم فضلا عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر فضائح لسياسيين ومقالات تستهدف برامجهم السياسية.

ويشير الحداد الى ان هذه المجموعة لا تختلف كثيرا عن جماعة “ربع الله” في طريقة ترويجها الإعلامي وعملها على الأرض، واختيار أهدافها، فالتنظيمان وجهان لعملة واحدة على حد قوله.

إقرأوا أيضاً:

وزارة الداخلية العراقية لم تعر اهتماما لتهديدات “أهل المعروف” بحسب الناطق الرسمي باسمها خالد المحنا، الذي يؤكد ان “لا وجود لقوة فعلية على الأرض قادرة على مواجهة القوات الامنية العراقية النظامية”.

الباحث في الشؤون الأمنية فاضل ابو رغيف يرى أن استهداف محال الخمور يطلق اليد لمتعاطي المخدرات والمتاجرين فيها لاستغلال الوضع  بشكل أوسع وظهور هذه الجماعات هو نتيجة حتمية لوجود ضعف في بناء العملية السياسية فهي تعمل من خلال إثارة الفوضى من أجل تنفيذ أجندات تلك الجماعات. 

الظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق وتضيق الخناق على إيران تسببا في انخفاض مستوى الدعم للجماعات المسلحة الناشطة في العراق، خصوصاً تلك التابعة لإيران، ما دفعها الى اللجوء لتمويل نفسها عبر بوابة الخمور والمخدرات والتي باتت من أقوى الأسواق الداخلية في العراق في الوقت الحالي، لا سيما أنها تدر أرباحا طائلة بالإضافة الى لجوء تلك الجماعات أحيانا الى تمويل نفسها عن طريق إرهاب الطوائف والديانات الأخرى وإجبارهم على دفع “الجزية ” والخواّت لشراء “الأمان” تحت التهديد بحسب محللين.

تمثال أبو نواس في بغداد

العراق والخمر : تاريخ طويل

وبيع الخمور ليس مظهراً حديثاً في العراق، فبغداد التي عرفت بتنوعها العرقي والديني في العصر العباسي، كان تضم منذ ذلك الزمن بحسب مؤرخين العديد من الحانات ومجالس السمر لعل أبرزها ما لا يزال موجوداً في محلة باب الكرخ إبّان تأسيس أبي جعفر المنصور لعاصمته، وبرز  العديد من الشعراء في ذلك الوقت ممن نظموا قوافي الشعر في وصف الخمر ومعاقرته وكان من أبرزهم ابو نوّاس الذي لقب بشاعر الخمر نظرا لانتقاله جيئة وذهابا بين حلقات العلم تارة ودور اللهو تارة أخرى بحسب مؤرخين،  حتى سمي احد أشهر شوارع العاصمة بغداد والمطل على نهر دجلة باسمه  ونصب له تمثال وهو يمسك بيده اليسرى كأساً من الخمر نحته الفنان الراحل إسماعيل فتاح الترك عام 1972 ومنذ ذلك الحين عُرف شارع ابو نواس بشارع الحانات والسمر والسهر، ولم يسلم هذا النصب الحجري أيضا من أعمال التخريب من قبل مجهولين خلال الفترة الماضية بوصفه رمزاً من رموز الفاحشة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.