fbpx

“اللاجئون السوريون في لبنان… الكورونا وحلم العودة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أدت تدابير مواجهة الوباء إلى تعميق أزمة اللبنانيين الاقتصادية، فيما وجد اللاجئون السوريون أنفسهم أمام تحدٍ جديد بعدما كانوا يتخبطون في الأصل لضمان حياة كريمة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 لجين حاج يوسف- فاطمة عثمان

في 21 شباط/ فبراير 2020 أعلن لبنان تسجيل أوّل إصابة بفايروس “كورونا”، ليجد نفسه أمام أزمة جديدة تضاف إلى أزمات مالية واقتصادية نتجت عنها موجة احتجاجات واسعة ضد الحكومة.

أدت تدابير مواجهة الوباء إلى تعميق أزمة اللبنانيين الاقتصادية، فيما وجد اللاجئون السوريون أنفسهم أمام تحدٍ جديد بعدما كانوا يتخبطون في الأصل لضمان حياة كريمة، كما تقول الأمم المتحدة.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين في لبنان 879529 لاجئاً، وذلك حتى نهاية تشرين ثاني/ نوفمبر 2020 [3]، فيما تقول السلطات اللبنانية إن عددهم تجاوز المليون ونصف المليون لاجئ. أصيب منهم 1369 بفايروس “كورونا”، وتوفي 31 وفق “منظمة الصحة العالمية”.

نحاول في هذا التقرير التعرّف إلى أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان في ظل جائحة “كورونا”، والإجابة على سؤال: كيف أصبحت العودة هدفاً لغالبيتهم؟

ماذا حدث مع حسان؟

توقف اللاجئ السوري حسان حسونة عن العمل في ورشة بناء كانت مصدر رزقه الوحيد، نتيجة تعثر صاحب المشروع بعد نحو شهر من اكتشاف أول إصابة «كورونا» في لبنان، ولم يحصل حسان على عمل مستقر حتى الآن.

يقول: «منذ وصولي إلى لبنان وأنا عامل مياومة في ورش البناء. قبل كورونا كنت أعمل في ورشة وأحصل على 15 ألف ليرة في اليوم (10 دولارات) [5]، لكن صاحب المشروع أوقف العمل بسبب الأزمة الاقتصادية وكورونا».

الأسر اللاجئة تعيش بأقل من  308,728 ليرة للفرد الواحد في الشهر )42 دولار).

لجأ الأربعيني حسونة إلى لبنان عام 2012، ومنذ ذلك الحين يعيش مع عائلته المكونة من زوجته وأطفاله الخمسة في بيت مستأجر في منطقة عين الحلوة في مدينة صيدا الجنوبية.

 قبل لجوئه إلى لبنان كان حسونة يملك مقهى في مدينة القصير، وعن أسباب مغادرته سوريا، يقول «غادرت خوفاً من الاعتقال لأنني معارض للنظام».

لم يكن حسونة اللاجئ السوري الوحيد الذي فقد عمله في لبنان بسبب تداعيات الجائحة، إذ تظهر دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية تسريح 60 في المئة من اللاجئين السوريين من أعمالهم بشكل دائم.

بعد خسارته العمل في البناء تجمد دخله عند 30 ألف ليرة (4 دولارات) يومياً، يحصل عليها من مساعدته أصحاب مخمر موز قريب من مكان سكنه، إضافة إلى ما تجنيه الزوجة من بيع منتجات غذائية تعدها في المنزل، وهو دخل غير ثابت «بحسب الطلب».

يقول: «نحتاج إلى مليون ليرة شهرياً (135 دولاراً) لتأمين مستلزماتنا، لكن ما نحصل عليه لا يتجاوز 500 ألف ليرة (68 دولاراً) فقط». ويعيش 73 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان تحت خط الفقر الوطني، وفقاً لأرقام المفوضية التي قالت، «إن حالتهم ازدادت سوءاً بعد تقييد الحركة للوقاية من فايروس كورونا».

إقرأوا أيضاً:

يعيش 89% من اللاجئين السوريين في لبنان تحت خط الفقر المدقع، وفقاً لدراسة «تقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2020» الصادرة في 18 ديسمبر/ كان أول 2020، مقارنة بـ 55% قبل عام واحد فقط.

وبحسب الدراسة الصادرة عن المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي و «اليونيسيف» فإن الأسر اللاجئة تعيش بأقل من  308,728 ليرة للفرد الواحد في الشهر )42 دولار).

 يسعى اللاجئ للاستفادة مجدداً من برنامج المساعدة المالية الذي تقدمه المفوضية للاجئين، علماً أنه كان يحصل على 25 دولاراً عن كل فرد من أفراد عائلته شهرياً، قبل أن يُفصل من البرنامج لأنه يعمل. يرى اللاجئ أن إعادته إلى برنامج المساعدة المالية «رح يساعدني في تأمين أكل لأطفالي خلال الأزمة». 

يتخوف حسونة من أن يقدم صاحب البيت المكون من غرفتين على رفع الإيجار البالغ حالياً 100 ألف ليرة (14 دولاراً)، يوضح: «إذا حدث ذلك سأقع في مشكلة كبيرة». 

اضطر 11% من اللاجئين السوريين إلى تغيير مكان إقامتهم، لعجزهم عن دفع أجرة السكن أو بحثًا عن إيجار أقل، كما تشير أرقام تقرير ” رصد الآثار الاقتصادية على اللاجئين في لبنان” الذي أصدرته المفوضية في أكتوبر/ تشرين أول 2020.

وفي محاولة منه لتقليل النفقات، حاول نقل ولديه من المدرسة الخاصة إلى مدرسة حكومية ليفاجأ بأن «المدرسة الخاصة التي يدفع رسومها مليوني ليرة (270 دولاراً) في السنة، وتدرس المناهج السورية، لا تعترف بها وزارة التعليم اللبنانية».

«الحل هو أن أعود إلى سوريا، حيث يستطيع أولادي مواصلة الدراسة وتوفير بعض النفقات»، لكنه حل يصطدم بمعوقات عدة أولها قرار الحكومة السورية الذي يلزم كل مواطن يريد دخول البلاد تصريف 100 دولار أميركي إلى الليرة السورية بحسب سعر الصرف الرسمي، أي أقلّ بكثير من قيمة المبلغ الحقيقي.

وصدر القرار في تموز/ يوليو 2020، بحجة مساعدة الدولة على توفير احتياطي من العملات الأجنبية.

يضاف إلى ذلك خوف حسونة من التعرض إلى الاعتقال، ويقول «مشتاق لبلدي وبتمنى لو معي مصاري لأرجع، لكن أوضاعي المالية من جهة و خوفي من الاعتقال يمنعانني من العودة».

في منتصف آذار/ مارس 2020 أغلقت السلطات اللبنانية حدودها مع سوريا، ضمن تدابير مكافحة فايروس “كورونا”، فيما أغلقت حكومة النظام السوري حدودها مع لبنان في 22 آذار 2020 بالتزامن مع تسجيل أول إصابة بالفايروس في سوريا.

وفتحت الحدود في مواعيد استثنائية أمام اللاجئين السوريين الراغبين في العودة من دون أن تعلن السلطات اللبنانية أو السورية أعداد العائدين. 

 ويخطط 5% من اللاجئين لمغادرة لبنان، وفقا لتقرير رصد الآثار الاقتصادية، منهم 18% لا يجدون مشكلة في العودة إلى سوريا فيما يسعى 82% للمغادرة إلى بلد ثالث. 

“البير وغطاه”

عام 2013 لجأ السوري عبد الله هزاع (36 سنة) وعائلته إلى لبنان هرباً بعد اشتداد المعارك في مدينة القصير حيث كان يقيم. وفور وصوله إلى الأراضي اللبنانية اصطحبه أحد أقاربه إلى مخيم الريحانية في محافظة عكار، حيث أقامت العائلة في خيمة إلى أن تم طردها منها في أيار/ مايو 2020. 

حاول اللاجئ في البداية العمل في مهنة الخياطة، لكن كلفة المعدات المرتفعة وقفت عائقاً أمامه، ليتجه إلى أعمال البناء، يقول: «عملت بالمياومة في البناء مقابل 10 آلاف ليرة يومياً [8]، كانت هذه المرة الأولى التي أعمل فيها في البناء»، وواجه هزاع صعوبات في إيجاد العمل لعدم امتلاكه بطاقة إقامة على الأراضي اللبنانية.

ويمنع القانون اللبناني السوريين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية من العمل تحت طائلة المحاسبة.

إلى جانب عمله المتقطع اعتمدت العائلة على المساعدة المالية التي تتقاضاها من المفوضية والبالغة ما يساوي نحو 10 دولارات للفرد شهرياً «مبلغ لا يكفي لتلبية حتى الحاجات الضرورية» يقول. كذلك حالت أوضاع هزاع الاقتصادية «الصعبة» دون إرسال أبنائه إلى المدارس وهو ما يصيبه بالحسرة. 

في 18 نيسان/ أبريل 2020 اصطحب هزاع زوجته الحامل إلى أحد مستشفيات شمال لبنان ليتبين أنها مصابة بفايروس “كورونا”.

«ظلت في المستشفى 15 يوماً، الأطباء تهربوا من توليدها لأنهم كانوا خائفين من انتقال العدوى. في النهاية وافق أحدهم على توليدها» كما أخبرنا هزاع، الذي اقترض كلفة الولادة البالغة 600 ألف ليرة من أحد أصدقائه.

 ويخطط 5% من اللاجئين لمغادرة لبنان، وفقا لتقرير رصد الآثار الاقتصادية، منهم 18% لا يجدون مشكلة في العودة إلى سوريا فيما يسعى 82% للمغادرة إلى بلد ثالث

في 1 أيار/ مايو 2020 أنجبت زوجته طفلة ليصبح بذلك عدد الأبناء والبنات سبعة أكبرهم في الثالثة عشرة، بعدها بثلاثة أيام عاد اللاجئ وزوجته إلى المخيم يحملون طفلتهم الرضيعة ليفاجأوا بقرار طردهم.

وانتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان صادر عنها الإجراءات «التمييزية» التي تفرضها جهات لبنانية على اللاجئين السوريين ضمن التدابير التي تتخذها لمواجهة الوباء. [9] 

 يقول هزاع: «طردونا من المخيم بعدما شكوا بإصابتي وزوجتي بفايروس كورونا، فغادرت أنا وأبنائي، حتى بعدما أجرينا فحصاً وتبيّن أننا لسنا مصابين، لم يُسمح لنا بالعودة».

يكلف فحص “كورونا” 200 ألف ليرة (27 دولاراً)، مبلغ لم يكن يملكه اللاجئ الذي ساعدته جمعية أهلية على توفيره.

وتزداد الأمور تعقيداً مع صعوبات تجوّل السوريين التي تفرضها عرسال وبلديات أخرى في عكار وغيرها من المناطق اللبنانية، ما يجعل الذهاب من منطقة إلى أخرى لإجراء فحص “كورونا” مسألة شاقة ومشروطة. 

وإجراءات حظر التجوّل أو الحد منه رافقت وصول الفيروس إلى لبنان، وذلك في ظل ضعف الإمكانات الوقائية المتاحة، وصعوبات ضبط الأوضاع لا سيما في المناطق الفقيرة المهملة والتي تنتشر فيها غالباً المخيمات. 

تعيش عائلة هزاع في مستودع مستأجر تحت سطح الأرض، يقول «الرطوبة منتشرة في المخزن والظلام دامس، لكنه مكان يقينا برد الشتاء»، ويتابع «أجرة المستودع 150 ألف ليرة (20 دولاراً)، لكنني لا أستطيع دفعها حتى الآن، صاحب المستودع لا يلح عليّ بالدفع، لأنه يعلم البير وغطاه».

منذ ستة أشهر لم يحصل هزاع على أيّ عملٍ، فيما يمتنع الجميع عن توظيفه بعد شائعة إصابته بـ”كورونا”، وهو اليوم يعتمد بشكل كامل في معيشته على ما يتقاضاه من المفوضية. 

يتمنى العودة إلى سوريا، لكن ما يمنعه كما يقول أن «لا مكان أذهب إليه فمنزلي تهدم، ولا أملك المال للعودة، وأخشى أن يتم اعتقالي عند عودتي».

ويعاني نحو 11 في المئة من اللاجئين بحسب تقرير الأمم المتحدة بتاريخ أيلول/ سبتمبر 2020، من وضع خيام سيئ، فيما 40 في المئة ليسوا قادرين على تغطية كلفة المعيشة، بينما 50 في المئة زادت عليهم الأسعار.

وتقتصر فحوص فيروس “كورونا المستجد” (PCR) داخل مخيمات اللاجئين في لبنان، على حالات قليلة واستثنائية لا يمكن أن تغطّي حجم الخطر الذي قد يسببه انتشار الوباء داخل المخيمات أو حتى انتقال العدوى من خيمة إلى أخرى. فالجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في مخيمات اللجوء غير قادرة على تمويل فحوص عشوائية ودورية ضرورية في هذه المخيمات المكتظة بالسكان والتي تفتقد إلى الكثيرة من الحاجات الإنسانية الضرورية.

أُنجز هذا التحقيق بدعم من منظمة دعم الاعلام الدولي IMS بالتعاون ما بين مؤسّسة “روزنة” للإعلام ومنصّة “خيوط” اليمنيّة وموقع “درج” اللبناني

إقرأوا أيضاً:

المقالات العشرة الأكثر قراءة خلال عام 2020

مرفأ بيروت:
اختفى تحت الإهراء…!

“ظللتُ أقولُ له: ستذهب إلى المرفأ وتتركني هنا مع الأطفال، فماذا لو حدث شيء؟ وكان يقول لي: أقلقُ عليكم في المنزل، ولا أقلقُ على نفسي في المرفأ”…

تقصي ثروة رياض سلامة في أوروبا:
شركات وعقارات و”5 أبعاد من المتعة”

استثمرت شركات خارجية (أوفشور) مملوكة لحاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة بهدوء في أصول خارجية، بلغت قيمتها نحو 100 مليون دولار أميركي في السنوات الأخيرة، فيما كان سلامة يشجع الآخرين على الاستثمار في بلاده.

قصة “طبيب النظام السوري” الذي عذّب قريبي

كان يُمنع على أحد أن يقترب من غرفته باستثناء الحراس والمحققين وطبيب يعاينه لعشر دقائق صباحاً. أما الحراس الآتون من “الخطيب” ومن إدارة المخابرات الجوية، فكان “صفعهم إياي أمراً طبيعياً لهم”.

في حقيقة البحث عن علاج للكورونا

دخلت شركة سانوفي الفرنسية ومعهد باستور في سباق مع ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل للتوصّل إلى لقاح ضدّ الكورونا. المسألة لن تكون سهلة