fbpx

“وين غلطي؟” :الموسيقية سما عبدالهادي ضحية تعسف السلطة الفلسطينية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

رغم كل المناشدات تواصل السلطة الفلسطينية اعتقالها التعسفي للموسيقية الفلسطينية سما عبدالهادي بذرائع واهية …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ماهي جريمة سما عبدالهادي؟

لا  جواب واضحاً على اعتقال السلطة الفلسطينية للموسيقية الشابة التي تقبع في السجن في الضفة الغربية بشكل تعسفي.

“أعتقد أن سبب اعتقال السلطات الفلسطينية لأختي مرتبط تحديداً بنوع الموسيقى الذي تقدمه، هناك من لا تستهويه موسيقى التكنو فيربطها بالمخدرات الشعوذة والإلحاد على الفور… لكني أرى أن الموسيقى لا يمكن تعليبها وتقييدها، وما يعنيني الآن هو أن أرى سما…”، تقول ربى عبدالهادي لـ”درج”، وهي أخت المنسقة الموسيقية الفلسطينية أو الـ”دي جاي” سما عبدالهادي، التي اعتقلتها قوات الأمن الفلسطينية مساء الأحد 27 كانون الأول/ ديسمبر، على خلفية إشرافها على حفل موسيقي أثار جدلاً واسعاً في مقام النبي موسى في فلسطين “لما يحمله المكان من مكانة دينية وتاريخية” وفقاً للسلطات الفلسطينية، ولا تزال سما محتجزة، بعدما رفضت النيابة العامة الإفراج عنها، ومدّدت فترة حجزها من 48 ساعة إلى 15 يوماً بلا تهمة واضحة. 

تروي ربى تفاصيل الحادثة، فتقول إن أختها سما تعيش في باريس، وتعمل في المجال الموسيقي هناك، إلا أنها أتت إلى فلسطين منذ نحو شهر لإنجاز مشروع موسيقي يهدف إلى تصوير عدد من الفيديوات عن الموسيقى الإلكترونية في فلسطين، حيث يتم إنتاجها وتصويرها في مواقع أثرية وسياحية، ليتم نشرها على محطتي موسيقى عالميتين، مشيرة إلى أن “الهدف من المشروع هو الترويج لفلسطين بمواقعها الأثرية من خلال موسيقى التكنو العالمية، وهو جزء من مشروع بويلير روم”.  

سما عبدالهادي

وكانت سما (30 عاماً)، قدمت كتاباً لوزارة السياحة تطلب فيه إذن تصوير في 7 مواقع أثرية، وردّت الوزارة بالموافقة على ثلاثة منها، وإحداها هو مقام النبي موسى، علماً أن هذا المكان صُنف في عام 2019 كأحد المواقع الثقافية في فلسطين بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني، لما فيه من باحة خاصة تستقبل حفلات وتجمعات.

وبينما يُصوّر الحفل افتراضياً في ساحة البازار المجاورة للمقام، اقتحم المكان أشخاص أتوا فجأة في باصات، حاملين عصياً، ليهاجموا المشاركين في التصوير، بذريعة أنهم “يدنّسون المسجد”، وذلك خلافاً لما تمّ تداوله عن استنكار أهل المنطقة والجيران للأمر، إذ إن المكان خالي من السكان، وفق رواية ربى.

“أنا وين غلطي؟ غلطي إني أسأت التقدير…”

ولم تنتظر السلطات الفلسطينية أي تحقيق بل قامت شرطتها باعتقال سما، المشرفة على العمل واحتجزتها في نيابة أريحا لمدة 48 ساعة على ذمة التحقيق. ربى تؤكد أن أختها لا تزال محتجزة بعدما مددّت فترة احتجازها 15 يوماً، بهدف “استكمال التحقيق”. بينما يؤكد محامي سما هادي مشعل، إن “لا تهمة قانونية تطاول سما وإنها محتجزة تعسّفاً”، خصوصاً أن الحفل التصويري لم يُقام على مقربة من المسجد أو المقام، بل كان في باحة مخصصة لإقامة الحفلات، وأن الحفل ليس استثناءاً، إذ سبق وشهد المكان حفلات موسيقية وغنائية. كما أن النشاط لم يُخالف المعايير الصحية لإجراءات “كورونا” في أريحا، إذ تؤكد ربى أن عدد الأشخاص لم يتجاوز الثلاثين في مساحة 4,200 م وفي الهواء الطلق. 

السلطات لم تأتِ على ذكر الإجراءات الصحية، بل صبّت تركيزها على “تدنيس المكان”، لما تُعيده ربى إلى نوع الموسيقى التي قدّمها الحفل، إذ إن الوزارة وافقت مسبقاً على إقامة النشاط.   

إقرأوا أيضاً:

ولعلّ البلبلة التي أحاطت الاعتقال، مرتبطة أولاً بعدم وضوح الجهة المسؤولة عن المكان باعتباره مسجداً ومكاناً سياحياً. لكن المعطيات تُشير إلى أن وزارة الأوقاف مسؤولة فقط عن المسجد، بينما وزارة السياحة معنية بأمر الباحة المجاورة، التي أقيم فيها الحفل، خصوصاً أنها مصنّفة كمساحة ثقافية، لذلك لم تتحصل سما إذناً من وزارة الأوقاف، وفق ما أوضحته عائلتها في بيان تلا اعتقالها. 

يطرح اعتقال سما التعسفي إشكالية عدم ثبات موقف الجهات الرسمية وتوجهاتها نحو الانفتاح والحريات. وهو ما يفسّر تصريح وزارة السياحة بإقامة الحفل التصويري، وعند اعتراض فئة معينة من المجتمع وانقضاضها على الفاعل، شاركت السلطات المعنية بالهجوم أيضاً، بدلا من المدافعة عن موقفها وقرارها مثلاً. 

فقد صرّح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، خلال مؤتمر صحافي عقب الحادثة، إن “ما حدث في مقام النبي موسى مسيء لما يحمله هذا المكان من مكانة دينية وتاريخية”، مشيراً أنه شكّل لجنة تحقيق حول “كل الذي حدث هناك”، وأنه “سيوقع كل العقوبات على الذين تسببوا في هذه الإساءة لهذا المكان، ورمزيته ومكانته”، متجاهلاً دور وزير السياحة الذي سمح بإقامة الحفل.

تختم ربى حديثها بعبارةٍ قالتها أختها سما عبر الهاتف في آخر اتصالٍ سمحت القوى الأمنية بإجراءه معها، علماً أنها ممنوعة من رؤية أو زيارة أهلها، “أنا وين غلطي؟ غلطي إني أسأت التقدير…”. ويبدو أن إساءة التقدير إذا ما كان ينبغي اعتبار ذلك تهمة في هذه البلاد قد تحتجزك أياماً أو ربما أشهراً، كرهينة بلا تهمة قانونية واضحة لتحقيقٍ لا معطيات عن مجرياته… 

إقرأوا أيضاً: