fbpx

انفجار بيروت : ليليان شعيتو استفاقت من غيبوبتها لتجد أنها محرومة من ابنها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

آخر الناجين من انفجار مرفأ بيروت تجد نفسها تخوض معركة رؤية طفلها.. ما قصة ليليان شعيتو؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
ليليان شعيتو

 بين الرجاء والغضب تتأرجح مشاعر عائلة ليليان شعيتو المجتمعة في منزل الأسرة في محلة الطريق الجديدة في بيروت، “نحنا عنا وضع انو ليليان ما عم تشوف ابنها وهيدا ما بيساعد بعلاجها وانشالله تقدر تشوفه…”

الوقائع التي تحملها هذه الجملة لنوال شعيتو تبدو ثقيلة على نحو هائل. 

شقيقتها ليليان نجت من الموت بانفجار مرفأ بيروت بأعجوبة بعد أن كرر الأطباء لعائلتها أن احتمال نجاتها ضعيف، لكنها نجت وعادت الى وعيها وتجاوبت نسبياً مع العلاج لتجد نفسها محرومة من رؤية رضيعها “علي”.

تتحدث نوال شعيتو بمرارة عن مأساة شقيقتها ليليان (26 عاماً) التي تقبع منذ خمسة أشهر في مستشفى الجامعة الأميركية بعد إصابتها البليغة في انفجار المرفأ. 

ليليان خريجة كلية الحقوق كانت تعيش مع زوجها حسن حدرج في أفريقيا حيث مقر عمله، وعادت الى بيروت الصيف الماضي لتنجب هنا. كان رضيعها لم يتجاوز الشهر والنصف حين وقع الانفجار. 

هدية الى زوجها

لحظة انفجار شحنة نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت والتي قتلت نحو مئتي شخص وجرحت 6 آلاف، كانت ليليان تتسوق في وسط العاصمة لشراء هدية لزوجها لتفاجئه بعيد ميلاده وترسلها له الى مقر عمله في افريقيا. تروي شقيقتها، “كانت ليليان عم تجيب هدية لزوجها .. كان عيد ميلاده بـ10 الشهر وبدها تشحنها (الهدية) حتى توصله بيوم عيده .كانت عاملتها مفاجأة”. لكن الانفجار باغت ليليان كما جميع اللبنانيين، فوقعت واجهة أحد محلات أسواق بيروت على رأسها مسببة لها إصابة بليغة. البعض اعتقدها ميتة ولم يتوقع الاطباء في البداية نجاتها، بل تقول العائلة إن الاطباء حاولوا التمهيد لفكرة أنها لن تنجو، لكن ليليان عاشت وأظهرت تجاوباً مع العلاج، “فتحت عيونها بعد 25 يوم، وبعد شهر ونص صارت تتحرك.. خرجت من الحالة “الخضرية” صارت تحرك ايديها واجريها على الخفيف …ليليان بعد 5 أشهر صارت بحالة اسمها الوعي الادنى…”، تقول نوال.

المفارقة الهائلة هي أنه خلال فترة وجودها في المستشفى لم يأت زوجها، الذي كانت تشتري له هدية لحظة اصابتها، لزيارتها او البقاء الى جانبها الا بعد 25 يوماً على الانفجار. هذا الأمر بدا صادماً للعائلة التي لم تفهم هذا البرود في حين كان يفترض أن يكون الزوج الى جانب زوجته وأم طفله. 

هذه حكاية من بين مئات الحكايات التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، لكنها تتقاطع مع مأساة أخرى تتمثل في نظام أبوي لا يتورع عن التخلي عن امرأة ضحية وحرمانها من ابنها، وبهذا المعنى ليليان ضحية مرتين: ضحية إجرام النظام وضحية اجحاف العقل الأبوي والقوانين.

يقول نبيه شعيتو والد ليليان وهو متقاعد وأب لخمس بنات، “هي  تصاوبت وما اجا .. بقي شهر  وما اجا .. اجا ونزل شافها ساعتين…”

زيارة الزوج لم تدم طويلا، بل إن والدته وذووه حرصوا على اخذ الطفل علي وابقائه معهم ولم يسمحوا لأهل ليليان برؤيته سوى مرة واحدة، ولم يزر أهل الزوج ليليان ولا مرة في المستشفى. 

عائلة  ليليان تعيش ارتباكاً كبيراً جراء هذا الوضع، خصوصاً أن العلاقة كانت طبيعية بين الزوجين قبل الانفجار كما يروون، وهم اليوم يجدون أنفسهم في وضع صعب، فهم يريدون تدبر مبلغ يسمح لهم بتسفيرها الى العلاج في الخارج ولا يريدون خوض مواجهة مع الزوج وعائلته خصوصاً في بيئة قانونية واجتماعية تعطي الأفضلية والحق للزوج والأب، لكن حرمان ابنتهم من ابنها في ظرفها الحالي  يبدو أمراً بالغ الاجحاف. 

النجاة والعلاج أولاً

العائلة اليوم تعيش على أمل نجاة الابنة واستكمال علاجها، فهي لا تزال غير قادرة على الحديث أو القيام من السرير وتكتفي بإشارات وإيماءات محدودة.

يقول والدها نبيه شعيتو، “انا  بيهمني بنتي الله يهونها عليها وترجع تمشي وتروح ..  لاحقين  الصبي تشوفه.. الصبي بتشوفه بعدين لأن آخرته لامه…

“نحنا مسالمين وما نحب نجي صوب حدا .. ما بعرف هني(اهل الزوج) شو صاير معهن”.

تقول نوال، “عنا  مشكلة بعلاجها انو هي لازم تشوف ابنها بس هي ما عم تشوف ابنها. المعالجة النفسية هي اللي عم تطلب لأن هيدا بيساعد بعلاجها وانشالله نقدر، النا شهرين ونص ما شفناه لعلي وما منعرف عنه شي”…

هل ستكون ليليان ضحية جديدة لتعسف زوجي وقانوني؟

الوقائع تشي بحكاية تشبه حكاية نساء وفتيات كثيرات وجدن أنفسهن وقد تعرضن لإصابة بالغة تفقدهن حيوتهن وطاقتهن ما يبعد الشريك ويدفعه للتخلي عنهن، والبحث عن أخرى في مجتمع ينضح بثقافة تميز ضد النساء قانونياً وثقافياً. 

هناك خشية جدية من أن تجد ليليان نفسها وهي تحاول النجاة من أسوأ جريمة عاشها لبنان أنها في مواجهة تعسف من نوع آخر، أي ذاك الذي تواجهه نساء كثيرات حين يتعرضن لما أصيبت به، فيجد الزوج نفسه متحرراً من الالتزام بغية البحث عن زوجة أخرى، شابة وغير مصابة بانفجار سببه فساد سلطة مجرمة.

عائلة ليليان تعيش محنة بالغة، فمن يزور منزلها سيشعر بوطأة الأيام الطويلة القاسية التي يعيشونها منذ 4 آب الماضي، “نحنا عايشين بجحيم .. 5  اشهر جحيم”، يقول والد ليليان وهو يغالب دموعه. لا يجد الرجل المتقاعد ما يخفف من ضيقه وخوفه على ابنته الصغيرة من جريمة تسبب بها نظام الفساد في لبنان، “هول زعران. كل الدولة معها خبر بنيترات الامونيوم.. الدولة كلها بتعرف. ما عندهن اولاد؟ ما عندهن شعور بالمسؤولية؟ وهلق بيتخانقوا على وزراء ومناصب كأنوا مافي شي… “

أهل ليليان يعيشون على أمل استمرار تقدم صحة  ابنتهم وسط حسرة من عدم تمكنها من رؤية وحيدها “علي”، تقول نوال”اختي بدها علاج برة، مين بدو يعالجها؟ مين بيدفع العلاج؟ شوفي حال البنوك،  شو ذنبها. كله من اهمالهن”. وبعد انتشار قضية ليليان اصدرت المحكمة الجعفرية قراراً يلزم بمنع سفر الطفل علي حتى اشعار اخر والزام الطفل ان يزور والدته لعدة ساعات يومياً، فلعل هذا يخفف من مصاب الأم.

حكاية ليليان هي من بين مئات الحكايات التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، لكنها تتقاطع مع مأساة أخرى تتمثل في نظام أبوي لا يتورع عن التخلي عن امرأة ضحية وحرمانها من ابنها، وبهذا المعنى ليليان ضحية مرتين: ضحية إجرام النظام وضحية اجحاف العقل الأبوي واجحاف القوانين.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.