fbpx

ماذا قصد قاسم سليماني عندما قال: “يقيناً كلو خير”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نحن في هذا الإقليم البائس مرة أخرى في مجرد أوراق يُنفخ بها فتتحول إلى هاشتغات يعقبها سجالات وتداس خلالها سيادة بلد بقدم جنرال لا يجيد اللبنانيون لفظ اسمه، ويقفز علينا في صفحاتنا الراحل المحتفى بشهادته بفيديو يقول فيه بالعربية وبلهجته الخرسانية، على ما كتب ابن عمتي على صفحته: “يقيناً كلو خير”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 افتُتِح العام 2021 على توتر وُصف بالحادّ بين واشنطن وطهران مسرحه العراق أولاً، ثم لبنان وسوريا بوصفهما ركنا مثلث النفوذ الإيراني في المشرق. لا ينتمي هذا الحدث إلى عائلة الوقائع الثقيلة التي شهدها العام السلف، أي العام 2020. فكلنا يعلم أن التوتر مزعوم، وأن طرفيه في غير وارده. طهران تكابد أزمات هائلة لا تتيح لها المغامرة بمواجهة مع واشنطن، والأخيرة تعيش مرحلة انتقالية بين إدارتين، وهذا يعيق تنظيم مواجهة. ثم أن عنوان التوتر لا قيمة سياسية له، فهو جرى بمناسبة الذكرى السنوية الأولى إقدام الولايات المتحدة الأميركية على اغتيال قاسم سليماني! للاغتيال نفسه قيمة سياسية طبعاً، لكن لذكرى مرور سنة عليه قيمة لا تزيد عن الرمزية، والاغتيال في لحظة حصوله لم يُشعل مواجهة، فكيف سيشعلها بعد انقضاء سنة على حصوله؟

ما يبعث على الضحك والذهول، لصحافي مثلي غطى “الحرب على داعش”، أن الرجلين المتلعثمين ببيانهما أسقطا منه حقيقة أن “النصر على داعش” ما كان ليتحقق لولا تولي الجيش الأميركي المهمة الأهم في هذه الحرب، أي سلاح الطيران.

التوتر المزعوم يشبه إلى حد كبير العراضة المضحكة التي أقدم عليها نائبان في البرلمان العراقي من تحالف “الفتح” هما يوسف الكلابي وحسن فدعم حين أقدما على التظاهر، وحيدين، أمام السفارة الأميركية في بغداد في ذكرى واقعة الاغتيال، وتليا بلسان متلعثم بياناً قالا فيه أن النصر على “داعش” ما كان ليتحقق لولا سليماني! 

ولعل ما يبعث على الضحك والذهول، لصحافي مثلي غطى “الحرب على داعش”، أن الرجلان المتلعثمان ببيانهما أسقطا منه حقيقة أن “النصر على داعش” ما كان ليتحقق لولا تولي الجيش الأميركي المهمة الأهم في هذه الحرب، أي سلاح الطيران، بالإضافة إلى الخبراء الذين رافقوا الجيش العراقي خطوة خطوة. كنا هناك في الموصل في حينها، وأصابنا ذهول كبير من قيادة الأميركيين حرباً يشارك معهم بها عراقيون موالون لطهران! 

إقرأوا أيضاً:

لكن، وعلى رغم خلوه من مخاطر واقعية، يبقى أن للتوتر وظيفة في ظل حال الانتظار والحذر الذي تعيشه طهران قبل حلول لإدارة الأميركية الجديدة في البيت الأبيض. فلطالما كان للسعار الأيديولوجي وظائف في سياق المواجهات الباردة. إيران تريد أن تذكر الإدارة القادمة بالأوراق التي بحوزتها قبل إجراء المقاصة بما يتعلق بالاتفاق النووي. أولى هذه الأوراق هي العراق الذي يلتبس على الجميع حقيقة وجوده بين النفوذين الأميركي والإيراني، وذلك في ظل وجود مصطفى الكاظمي على رأس حكومته. أما ثاني هذه الأوراق فهو لبنان، وهذا الأخير لا لُبس في حقيقة وجوده كاملاً بيد طهران. وفي هذا السياق كان نصيب لبنان من العراضة الأيديولوجية أشد وضوحاً، وان حملت احتمالات صدام أقل. فتمثال لقاسم سليماني في منطقة الغبيري، إحدى ضواحي بيروت، يمثل سابقة، خصوصاً أن من تولاها هو المجلس البلدي في تلك المنطقة، وكانت صورة رئيس الجمهورية ميشال عون خلف رئيس الجمهورية ميشال عون هذا المجلس أثناء إعلانه عن الخطوة. 

يقفز علينا في صفحاتنا الراحل المحتفى بشهادته بفيديو يقول فيه بالعربية وبلهجته الخرسانية، على ما كتب ابن عمتي على صفحته: “يقيناً كلو خير”! ونحن اذ فهمنا العبارة العربية، إلا أننا لم نفهم أين الخير؟         

طهران أصلاً لم تبد حذراً من إعلان لبنان والعراق نقطتين متقدمتين في مواجهتها مع واشنطن. خليفة سليماني لم يتردد في قول ذلك حرفياً بمناسبة مرور سنة على مقتل سلفه. فعل ذلك على رغم ما يشكله قوله من فضح لمحاولات حلفاء طهران في لبنان وفي العراق التخفيف من أثقال السمعة التي لحقتهم جراء تحولهم أذناباً لهذا النفوذ. ميشال عون، الرئيس اللبناني، أصدر بياناً لا يقل لعثمة عن بيان النائبين العراقيين، ألمح فيه إلى أن لبنان “سيد نفسه”. والمرء اذ يعرض هذا الادعاء على نفسه، ادعاء بأن “لبنان سيد نفسه” فما عليه إلا أن يداري قهقهته تفادياً لأن يتعرض لاستدعاء من دائرة المعلومات في قوى الأمن اللبنانية التي تتولى ضبط أي مواطن تتلبسه مقهقهاً على الرئيس.

أما في العراق فالوضع أقل وضوحاً لجهة حسم طهران بأنه ورقة يمكن طهران أن تعتمدها، فالانتشار الذي نفذته القوى الأمنية العراقية في محيط السفارة الأميركية في بغداد واقفال المنطقة الخضراء ومحاولة ضبط أي محاولة لإطلاق صواريخ عليها، في مقابل محاولات حلفاء طهران من الفصائل الولائية اقتحام مطار بغداد وبعض التظاهرات “الحشدية”، يكشف أن ثمة انقساماً وأن الأمر في بغداد ليس محسوماً لصالح طهران، على نحو ما هو محسوم لصالحها في بيروت.

اذاً نحن في هذا الإقليم البائس مرة أخرى في مجرد أوراق يُنفخ بها فتتحول إلى هاشتغات يعقبها سجالات وتداس خلالها سيادة بلد بقدم جنرال لا يجيد اللبنانيون لفظ اسمه، ويقفز علينا في صفحاتنا الراحل المحتفى بشهادته بفيديو يقول فيه بالعربية وبلهجته الخرسانية، على ما كتب ابن عمتي على صفحته: “يقيناً كلو خير”! ونحن اذ فهمنا العبارة العربية، إلا أننا لم نفهم أين الخير؟     

إقرأوا أيضاً:

    

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.