fbpx

“كوفيد- 19”: أي اللقاحات نختار؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اللقاحات ليست إلا بداية الطريق نحو العودة الى عالم ما قبل “كوفيد- 19”. عقبات لوجستية تجعل من عملية إنتاج كميات لقاح كافية وتأمينها لتلقيح مليارات البشر في جميع أقطار الأرض ليس بالأمر السهل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليلة رأس السنة الجديدة بدا العالم مبتهجاً أكثر من أي سنة مضت لانتهاء عام 2020، وكأنه يتنفس الصعداء، كيف لا وهو عام أقل ما يقال فيه إنه لم يكن “طبيعياً” من دون ريب.

عبرنا عام 2020 بشق الأنفس من دون شك. لم يكن أي منا ليتخيل أننا هكذا وبدون أي سابق إنذار سنجد أنفسنا في حرب غير متوقعة مع فايروس احتل عالمنا وشل حركته، كنا نسمع عن أوبئة مثله في كتب التاريخ، وقد ظهر ليقلب حياتنا رأساً على عقب ويغيرها إلى الأبد ربما.

لقد نجونا بأعجوبة من الـ2020 ولكن ما يقارب المليوني إنسان لم ينجوا بل خسروا حياتهم بفايروس “كورونا”، فيما فقد آخرون حبيباً أو عزيزاً لهم أو وجدوا أنفسهم وحيدين في صراعهم مع الإصابة بالفايروس، أو بعيدين قسراً عن أحباء لهم. أضف إلى ذلك الأثر الاقتصادي، الاجتماعي، النفسي على ميئات الملايين من البشر. وها نحن ندخل عام 2021 وشبح “كورونا” ما زال يرافقنا، ولكن المختلف هذا العام هو الأمل بنهاية قريبة لهذا الكابوس الذي جاء به الإعلان عن الترخيص بالاستعمال الطارئ لعدد من لقاحات “كوفيد- 19″، كما بدأت دول بالفعل بإعطاء التلقيح للسكان. فحتى لحظة كتابة هذا المقال، تم تلقيح حوالى مليون شخص في بريطانيا وأكثر من 4 ملايين في الولايات المتحدة الأميركية من بين دول أخرى كالإمارات العربية المتحدة وحتى الصين. إذاً ما هي اللقاحات التي تمت الموافقة عليها حتى الآن؟ ما نقاط الاختلاف والقوة في كل منها؟ وأي منها نختار؟

“فايزر/ بيونتيك” و”موديرنا”

جيل جديد من اللقاحات يعتمد على استعمال حمض نووي ريبوزي mRNA  يرمز إلى بروتين واحد فقط، وهو بروتين السبايك البارز على سطح فايروس “كوفيد- 19″، إذ لجأت الشركتان إلى استعمال تقنية الأجسام النانوية المصنوعة من مركبات دهنية آمنة lipids، لتغليف الحمض النووي الريبوزي. ميزة هذا النوع من اللقاحات تكمن في بساطته، مقارنةً بلقاحات أخرى وأيضاً في عدم احتوائه على الفايروس كاملاً كما هو حال اللقاح الصيني. وهذا طبعاً يعطي هذه اللقاحات أفضلية بخاصة مع خلوها من المواد الحافظة التي تتضمنها لقاحات أخرى لـ”كوفيد- 19” غيره من الأمراض.

تم ترخيص الاستعمال الطارئ للقاح “فايزر/ بيونتيك” في كل من بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، بينما نال لقاح “موديرنا” ترخيص الاستعمال الطارئ من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA حتى اللحظة. ليس هنالك أي خطط لتلقيح الأطفال ما دون الـ18 بهذه اللقاحات بعد بانتظار دراستها على الأطفال بشكل أفضل.

الفعالية: نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أظهرت فعالية تقارب الـ95 في المئة للقاحين. 

عدد الجرعات المطلوبة: جرعتان بفارق 21 يوماً للقاح “فايزر/بيونتيك” وجرعتان بفارق 28 يوماً (شهر تقريباً) للقاح “موديرنا”.

السعر: الأغلى من بين اللقاحات المرخصة حتى الآن، إذ يتراوح بين 15 و35 دولاراً كمعدل للجرعة الواحدة، ما يعني أن تكلفة اللقاح يمكن أن تصل إلى الـ50 دولاراً أو أكثر لكل فرد. 

الحرارة المطلوبة: يتطلب لقاح “فايزر/ بيونتيك” درجات حرارة منخفضة جداً -70/-80 درجة مئوية للتخزين والنقل بينما يحتاج لقاح موديرنا -20 درجة مئوية (أو أيام عدة فقط في الثلاجة المنزلية على 2-8 درجات مئوية)

95%

نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أظهرت فعالية تقارب الـ

هذه المتطلبات تحتاج بالتالي تجهيزات خاصة مناسبة لحفظ، اللقاح ونقله، مثل ثلاجات خاصة، نيتروجين سائل أو ثلج جاف dry ice وهذه تشكل تحديات وعقبات بخاصة للدول الفقيرة وفي الأرياف.

أوكسفورد/ أسترازنيكا

التقنية التي يستند إليها لقاح “أوكسفورد/ استرازنيكا” تكمن في استخدام فايروسadenovirus  غير المضر بالإنسان (يسبب عادةً الرشح عند حيوان الشمبانزي) كناقل فايروسي لإدخال الحمض النووي لبروتين السبايك المختص بـ”كوفيد- 19″ إلى خلايانا. هذه التقنية تمت دراستها جيداً في زمان ما قبل “كوفيد- 19″، ولأغراض طبية عدة وتعتبر امنة بالنسبة إلى الأطفال وكبار السن كما الأشخاص الذين يمكن أن يعانوا من أمراض مزمنة. تم إعطاء ترخيص الاستخدام الطارئ للقاح “أوكسفورد/ أسترازنيكا” في بريطانيا حتى الآن. 

الفعالية: نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أظهرت فعالية تراوحت ما بين 62 و90 في المئة، بحسب نظام الجرعات المعتمد، إذ إن اعتماد نصف الجرعة الأساسية بحسب البروتوكول متبعاً بجرعة كاملة، برهن عن فعالية أعلى. 

لقاح آخر يعتمد تقنية شبيهة هو اللقاح الروسي “سبوتنيك 5″، وهناك حديث عن تعاون ما بين “أوكسفورد” والروس لدراسة حول إن كان بروتوكول يجمع ما بين اللقاحين، سيكون أكثر فعالية من حيث الحماية ومدتها. 

عدد الجرعات المطلوبة: جرعتان بفارق 4 إلى 12 أسبوعاً. وقد ثبت أنه يولد استجابة مناعية قوية من الجرعة الأولى، مقارنةً بلقاحات أخرى. 

السعر: الأرخص حتى الآن بين اللقاحات المرخصة للاستعمال بسعر 3 إلى 4 دولارات فقط كمعدل لكل جرعة. 

الحرارة المطلوبة: تكفي حرارة ما بين 2 و8 درجات مئوية وهي درجات حرارة أي ثلاجة منزلية عادية، لحفظ لقاح أوكسفورد/استرازنيكا ونقله، لأشهر عدة وهذا يضعه في خانة اللقاحات الأكثر ملاءمة، إضافة إلى سعره المنخفض إذ لا يتطلب ترتيبات خاصة في هذا الإطار.

لقاح سينوفارم الصيني:

لا نملك معلومات كافية عن لقاح “سينوفارم”، ولكن ما نعرفه هو أنه فايروس “كوفيد- 19” معطل، بحيث أنه قادر على تحفيز جهاز المناعة من دون تعريض الشخص للمرض. هذه التقنية هي من ضمن المدرسة التقليدية لصناعة اللقاحات الموجودة منذ أكثر من قرن. لقاحات نعرفها مثل لقاح شلل الأطفال أو لقاح داء الكلب، وفق التقنية ذاتها. الدول التي أعطت الموافقة على الاستعمال الطارئ هي الصين بشكل أساسي كما الإمارات العربية المتحدة والبحرين.

الفعالية: بحسب تصريحات الشركة الرسمية فهذا اللقاح أثبت فعالية 79 في المئة، أي أقل من اللقاحات الأخرى (وهذا متوقع مع التقنية المستعملة) من دون الإدلاء بأي تفاصيل إضافية، على رغم تضارب نسب الفعالية مع النسب المبلغ عنها من الدول التي وافقت على استعمال هذا اللقاح مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والتي بحسب الدولتين وصلت إلى 86 في المئة. رفض المتحدث باسم شركة “سينوفارم” شرح التفاوت في النسب في الوقت الحاضر، أضف إلى ذلك أن الشركة لم تفصح عن تفاصيل بيانات المرحلة الثالثة من تجاربها السريرية كما لم تنشر الدراسة المتعلقة بها بعد.

عدد الجرعات المطلوبة: جرعتان بفارق شهر على الأرجح (بروتوكول الجرعات للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية لم يكشف عنه بعد) 

السعر: أقل من 145 دولاراً (1000 ين) للجرعتين المطلوبتين لكل شخص بحسب تصريحات الشركة من دون تحديد السعر الدقيق.  

 الحرارة المطلوبة: كما لقاح “أوكسفورد”، لقاح “سينوفارم” مستقر على حرارة ما بين 2 و8 درجات مئوية للحفظ والنقل. 

إقرأوا أيضاً:

أي لقاح اختار؟

جميع اللقاحات فعالة كما أوضحنا أعلاه إذ إن أي فعالية ما فوق الـ50 في المئة تعتبر جيدة. أما لناحية الأمان فجميعها آمنة مع هامش آثار جانبية طفيفة شبيهة بآثار لقاحات أخرى يختبرها قلة مثل وجع موضعي مكان الحقن أو ارتفاع بسيط في الحرارة أو تعب عام. حالات قليلة جداً من الرد الفعل التحسسي تم الإبلاغ عنها ولكنها لا تستدعي القلق. ملايين تلقوا جرعتهم الأولى من لقاح “كوفيد- 19” بالفعل وبالتالي لا داعي للقلق على هذا الصعيد.

غير أن، عوامل أخرى هي التي ستحدد أي لقاح سيتلقى كل منا، منها دولة الإقامة، إذ إن مقررات كل دولة هي التي ستحدد أي لقاح تنوي توفيره للقاطنين على أراضيها. قدرة الدول المادية لشراء جرعات تكفي عدد السكان مع الأخذ في الاعتبار لوجستيات النقل والتخزين السليمة المطلوبة لكل لقاح، هي أيضاً ستحدد مصدر اللقاح. فدول كبريطانيا والولايات المتحدة قد بدأت بالفعل عملية تلقيح الملايين من مواطنيها بلقاحات فايزر/بيونتيك وموديرنا التي تعتبر من الأعلى ثمناً وتطلب لوجستيات خاصة للنقل والتخزين بينما دولٌ فقيرة ربما لن تكون قادرة على تحمل نفقة لقاحات كهذه، أو لا تمتلك مقومات النقل والحفظ المطلوبة. في كل الأحوال، أي لقاح من تلك المذكورة أعلاه يفي بالغرض، لا بل ضرورة، مع الانتباه لتلقي اللقاح من مصادر رسمية موثوقة لضمان عدم الوقوع في شرك أي محاولات غش محتملة.

لناحية الأمان فجميع اللقاحات آمنة مع هامش آثار جانبية طفيفة شبيهة بآثار لقاحات أخرى يختبرها قلة مثل وجع موضعي مكان الحقن أو ارتفاع بسيط في الحرارة أو تعب عام.

لبنان، قيد الانتظار

ما زالت خطة الحكومة اللبنانية للتعامل مع وباء “كوفيد- 19” غير واضحة على المدى المنتظر والقرارات حتى الآن تبدو ارتجالية مع أعداد إصابات لا تكف عن الارتفاع وعدم تقيد عام بإجراءات الوقاية. أما في ما يختص توفير لقاح “كوفيد- 19” للبنانيين، فقد أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن كمية من لقاح “فايزر/ بيونتيك” ستصل إلى لبنان في شهر شباط/ فبراير 2021 الحالي. هذه الكمية بحسب الوزير الحسن ستكون كافية لتغطي 15 في المئة من عدد القاطنين على الأراضي اللبنانية فقط (أي حوالى المليون نسمة) بانتظار كميات أخرى ينتظر لبنان تأمينها من منصة كوفاكس، المبادرة العالمية التي أطلقتها “منظمة الصحة العالمية” وغيرها، بهدف تأمين توزيع عادل للقاح على الدول النامية ومحدودة الدخل، والتي من غير المعروف بعد متى ستبدأ بإرسال اللقاح إلى لبنان. أضف إلى ذلك أن كوفاكس كانت صرحت أنها ستعمل على توفير جرعات تكفي 20 في المئة من عدد سكان الدول الموقعة كحد أقصى.

إذاً عملية التلقيح لفايروس “كوفيد-19” في لبنان غير واضحة المعالم بعد، كما أن الجرعات الموعودة حتى وإن وصلت في موعد ليس ببعيد، لن تكون كافية لتلبية جميع القاطنين على أرض لبنان. فماذا عن أكثر من نصف الشعب الذي لن توفر له هذه الخطة اللقاح؟ مع العلم أن منظمة الصحة العالمية أقرت التلقيح حتى لمن كان أصيب بعدوى “كوفيد- 19” سابقاً.

المشكلة هنا تكمن في أن مسعى إيقاف إنتشار الفيروس في المجتمع يتطلب تلقيح أكبر عدد ممكن من المجتمع بجرعتين من اللقاح لكل فرد من أجل تأمين الحماية المطلوبة وهذا ما تعمل عليه دول أخرى في أوروبا وامريكا وحتى الخليج العربي إذ إن دول كثيرة قد حجزت بالفعل مئات الملايين من الجرعات تكفي لا بل تزيد عن أعداد سكانها لتلقيح عامة الشعب بالمجان. بناءً على ذلك فإن تلقيح أقل من 50 في المئة من الشعب لن يكون كافياً لوقف انتشار العدوى بل جل ما ستفعله هو حماية هؤلاء الذين تلقوا اللقاح دون غيرهم. أضف إلى ذلك أن مدة الحماية التي سيؤمنها اللقاح ما زالت غير واضحة ومن المتوقع أن تظهر حاجة إلى تلقيح دوري ضد الفايروس.

العالم يحبس أنفاسه

اللقاحات ليست إلا بداية الطريق نحو العودة الى عالم ما قبل “كوفيد- 19”. عقبات لوجستية تجعل من عملية إنتاج كميات لقاح كافية وتأمينها لتلقيح مليارات البشر في جميع أقطار الأرض ليس بالأمر السهل، بل عملية ستتطلب أشهراً طويلة من المجهود العالمي. هذا يعني أن الالتزام بإجراءات الوقاية من كمامة وتباعد اجتماعي على الأرجح ستبقى برفقتنا معظم عام 2021، أو على الأقل النصف الأول منه. هذا على نطاق عالمي، أما في دول تغيب فيها الخطط الفعالة لتأمين لقاح “كوفيد- 19” لأبناء الدولة بشكل مجاني أسوةً بدول أخرى، بخاصة في ظل أزمات اقتصادية صعبة، فمن المتوقع أن تستمر الأزمة حتى لوقت أطول من ذلك. مع أننا بذلك نخاطر ليس بالأرواح وحسب، بل أيضاً بزيادة الضغوط الاقتصادية نتيجة الإغلاقات العامة والضغوط على القطاع الصحي المنهك وحتى غياب الثقة بقرارات الدولة وبالتالي “فلتان” الوضع إلى ما لا تحمد عقباه.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.