fbpx

ألغام سياسية على الطريق الى سنجار:
قدم تعود وأخرى تبقى في الخيمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“هذا طريق طويل ومحفوف بالألغام، لكن جزءاً ليس صغيراً من أهالي سنجار قرروا المضي فيه والعودة الى قراهم، رغم ان كل مصادر الخطر ماتزال ماثلة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان الخريف يتمدد على أطراف مخيم شاريا للنازحين شمالي دهوك وبدأت موجات الرياح الباردة تضرب اطراف الخيم، حين قرر النازح الايزيدي من سنجار فارس بابير انهاء سنوات غربته الست في اقليم كردستان والعودة الى قريته التي تركها حين زحف تنظيم داعش في صيف 2014 على المنطقة وارتكب فيها ابادات جماعية.

حلم العودة الى “تل بنات” القرية التي ولد فيها، ظل يلاحق بابير طوال السنوات الأربع التي أعقبت تحرير المنطقة، لكن الأمن الهش في ظل صراع القوى السياسية المسلحة وغياب الخدمات وتعطل عملية الإعمار وعدم توفر فرص عمل، كانت تمنعه مثل معظم النازحين من العودة، قبل أن يبعث اتفاق سنجار الموقّع بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم بارقة أمل بحل قريب في المنطقة المتنازع عليها، والتي يعيش فيها الايزيديون الى جانب الكرد والعرب والتركمان.

لا تأتي أهمية المنطقة فحسب من رمزيتها كونها “الضحية المتجسدة” لفظاعات تنظيم داعش الذي قتل آلافاً من سكانها الايزيديين واختطف آلافاً اخرين بينهم نساء أخذوا كسبايا ومازال مصير بعضهن مجهولا، ودفع الى هجرة نحو 400 الف من سكانها بمن فيهم الكرد المسلمين، بل ايضا من كونها خزانا انتخابيا للقوى الكردية وعمقا استراتيجيا لإقليم كردستان.

اتفاق سنجار… ترحيب وقلق

تضمن اتفاق سنجار،الذي وقع في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2020 وبعد أشهر من المحادثات التفصيلية المعقدة، سلسلة خطوات لتطبيع الاوضاع في القضاء بدءاً بتعزيز الأمن واعادة الاستقرار، وانتهاءً باطلاق عمليات الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد.

يقول دلير علي، وهو ناشط كردي ترك المدينة كباقي المواطنين الكرد عند دخول داعش اليها:”هذا طريق طويل ومحفوف بالألغام، لكن جزءاً ليس صغيراً من أهالي سنجار قرروا المضي فيه والعودة الى قراهم، رغم ان كل مصادر الخطر ماتزال ماثلة”. ويضيف “لم يعد الكثيرون يتحملون العيش هنا في المخيمات.. هذه أنشأت لتستقبل النازحين لأشهر، لكن ها هم سيدخلون عامهم السابع بعيداً من مدينتهم وقراهم”.

يعرض علينا لقطات فيديو قديمة لوالده الذي توفي، كان يردد فيها: “هي بضعة أشهر وسنعود إلى مدينتنا”. يتوقف لبرهة ثم يتابع “نخشى أن تتحول هذه المخيمات المؤقتة الى مدن دائمة، فرغم اتفاق سنجار فإن كل بواعث القلق ماتزال ماثلة، فالقوى المسلحة لم تغادر المنطقة وان اغلقت بعض مقراتها وسط المدينة، والحساسيات بين المكونات ماتزال قائمة ولم تبذل جهود لبناء مصالحات وتقريب المكونات”.

وينص اتفاق سنجار على حصر التواجد الأمني والإداري في القضاء التابع لمحافظة نينوى، بالقوات الرسمية في بغداد واربيل وبشكل خاص الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز المخابرات والامن الوطني، والتركيز على إبعاد الفصائل الايزيدية المقربة من حزب العمال الكردستاني والتي تمتعت بنفوذ كبير منذ استعادة المنطقة.

وجاء الاتفاق بعد ست سنوات من اجتياح داعش لسنجار وبعد أكثر من ثلاث سنوات على اعادة تحرير القضاء من قبل قوات البيشمركة المدعومة من قوات التحالف وفصائل ايزيدية وكردية مختلفة فضلا عن فصائل الحشد الشعبي والجيش العراقي.

يشعر ايزيديون بمرارة جراء تأخر الاتفاق وبالتالي عودتهم وهو ما  تسبب بعيش غالبية اهالي سنجار من ايزيديين ومسلمين حياتهم بين مخيمات النزوح في دهوك وجبل سنجار، بما في ذلك من فقر وعوز وخوف في ظل تدخلات خارجية وداخلية ما بين مجموعات موالية لحزب العمال الكردستاني واخرى تتبع قوات الحشد الشعبي والبيشمركة والجيش وحتى استهدافات الأتراك.

يرى متابعون لملف سنجار الشائك، ان الاتفاق الذي يقضي بخروج الفصائل المسلحة من سنجار او على الأقل ابعادها من مركز المدينة، يشكل خارطة طريق استراتيجية لعودة النازحين بشكل آمن الى مناطقهم.

حقل ألغام

لا ترتبط عودة النازحين باستقرار الأمن وتقديم الخدمات او توفير فرص العمل فقط، بل أيضاً بحل مشكلة مئات الأبنية المفخخة بالمتفجرات، ومعالجة مسألة الدمار الكبير في المدينة القديمة كما في العديد من القرى والذي يتجاوز 80%، وهو ما جعل ارقام العائدين لا تتجاوز الـ30% في أحسن الأحوال.

في الثاني من كانون الثاني 2021 قتل شاب بانفجار عبوة ناسفة في مجمع “تل البنات ” القديم، بعد عودة بعض النازحين إليه، ما بث شكوكاً وقلقاً بشأن عودة آمنة للنازحين. ويثير عدم الثقة بين المكونات، وعدم حصول مصالحات مجتمعية بين الايزيديين وجيرانهم العرب الذين تورط بعض ابنائهم في عمليات القتل والخطف والنهب، المخاوف من تطور اي خلاف شخصي الى قتال في ظل الأحقاد الكامنة وتعدد القوى والولاءات وانتشار الأسلحة في المدينة التي باتت تضم أكثر من 80 مقبرة جماعية.

تلك الحقائق هي التي تفسر تصريح مدير ناحية سنوني شمالي سنجار خديدا جوكي، الذي أكد تراجع العودة الطوعية في الشهرين الأخيرين بعد التوقيع على الاتفاقية: “قبل الاتفاقية كان المعدل الأسبوعي لعودة العوائل يبلغ أكثر من 85 عائلة، الآن المعدل هو ستة عوائل فقط”، موردا جملة أسباب سياسية وخدمية: “الخوف من المستقبل، عدم الثقة بين المكونات، غياب الخدمات والمدارس، وتردي الوضع المعيشي”. وهذا ما دفع بكثيرين إلى ترك موطئ قدم لهم في المخيمات، فهم لا يسلّمون خيامهم، “قدم هنا وأخرى هناك، لحين اتضاح الأمور”.

30%

أرقام العائدين لا تتجاوز الـ

أمل العودة والتحديات

النازح الايزيدي بابير كان منشغلا مع عائلته بجمع آخر متاعه، ويبدو عليه الارهاق. يقول “اليوم قررنا انهاء سنوات غربتنا والعودة الى سنجار.. يحزنني ان أترك جيراني في المخيم وأهالي دهوك الذين قدموا كل شيء لنا، لكني سعيد بانهاء حياة النزوح”. يقول إنه يطوي بعودته ست سنوات من العيش في غربة عن منطقته، ويعود الآن لأنه “لا يمكن ان تظل سنجار خاوية من أهلها أبدا حينها ستكون داعش قد حققت هدفها”. ويبدي بابير تفاؤله بالمستقبل فـ”قدوم القوات الامنية العراقية وبدء اخلاء بعض مقرات الفصائل المسلحة من المدينة، خلق جوا من الطمأنينة”.

ويكشف بابير عن عودة 500 عائلة الى قريته وقرى مجاورة لها جنوب قضاء سنجار، “لكن هؤلاء يحتاجون الى توفير الخدمات الأساسية لهم ولحملات إعمار بيوتهم المدمرة لتمكين العائدين من البقاء وتشجيع الآخرين على العودة”. لكن الناشط سعد حمو، الذي لم يغادر سنجار وبقي في جبلها بعد الابادة، يرى ان الاتفاقية “لن تغير الكثير على ارض الواقع وان تحقيق تحول يفتح باب عودة النازحين، يحتاج الى وقت طويل”.

ويذكر “حمو” ان عدد العوائل العائدة الى سنجار في العام 2020 بلغ 24326 عائلة ايزيدية و6450 عائلة عربية، وهم بمجملهم يواجهون العديد من المعوقات اهمها قلة الخدمات بما فيها الصحية وانعدام الكهرباء في معظم القرى والمجمعات السكنية في جنوب القضاء، الى جانب عدم وجود مدارس في العديد من القرى”.

الصراع الداخلي والاقليمي

يؤكد خبير التنوع في العراق سعد سلوم، في دراسة أنجزها لمنظمة الهجرة الدولية، عن عودة النازحين الى مناطق الأقليات المتنازع عليها، ان الاوضاع معقدة في سنجار لاسباب عدة أبرزها الصراع الداخلي بين القوى السياسية والمسلحة هناك، والصراع الإقليمي بين “تركيا وإيران” حول المنطقة لأهميتها فمن يسيطر عليها يتحكم فعليا بالمثلث الحدودي العراقي التركي السوري.

إقرأوا أيضاً:

ويوضح سلوم، ان استقرار المنطقة ليس مهما للايزيديين فقط ولضمان عودة مستدامة للنازحين من مخيمات اقليم كردستان، بل هو مهم لمساهمته في استقرار المنطقة اقليمياً، مشيرا الى ان اتفاقية سنجار مهمة “لأنها تسعى لتوحيد المرجعيات الامنية المتعددة في سنجار والتي قد تهدد المنطقة في ضوء الصراعات الداخلية والإقليمية”.

ويقول ان هذا الأمر سيؤدي إلى تعزيز فكرة بناء سلام مستدام في سنجار وكبح هيمنة تيارات سياسية كبيرة على القرار الايزيدي واحتواء التدخلات التركية الإيرانية، ودعم وإصلاح قطاعات التعليم والزراعة والصحة.

استقرار المنطقة ليس مهما للايزيديين فقط ولضمان عودة مستدامة للنازحين من مخيمات اقليم كردستان، بل هو مهم لمساهمته في استقرار المنطقة اقليمياً.

التموضع ما بعد الاتفاق

يؤكد قادة أمنيون ان اتفاقية سنجار، أرست واقعا جديداً يتمثل بفرض ادارة امنية عراقية على المنطقة بقيادة الجيش والشرطة الاتحادية، وتقليص دور القوى السياسية المسلحة.  المتحدث باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، يؤكد ان “القوات الامنية بصنوفها المختلفة انتشرت في قضاء سنجار لتقوم بتأمين وسط وأطراف المدينة”، وان العلم العراقي هو الوحيد الذي سيرفع في القضاء ولن يسمح بسواه، وستكون للدولة السلطة الكاملة على القضاء والى الحدود مع سوريا.

القوات الأمنية ستعمل على حفظ الحدود من عمليات التسلل، بحسب الخفاجي، بما يضمن أمن وسلامة سنجار، كما ستعمل على تهيئة الأمن لعودة النازحين وايضا توفير بيئة مناسبة لبدء عملية الإعمار”.

ولفت الى ان الدوائر”ستعيد فتح ابوابها مرة أخرى وسيتم افتتاح دوائر جديدة بالتنسيق مع محافظ نينوى وسيكون هناك مكتب للنازحين وآخر للشهداء”.

وبالتزامن مع التحركات الأمنية، نظمت الحكومة الاتحادية في ناحية سنوني شمالي القضاء مؤتمرا عشائريا لتشجيع عودة النازحين بعنوان “كلنا العراق” وبمشاركة وجهاء وشيوخ عشائر وعدد من رجال الدين وممثلين عن أهالي سنجار.

موقف قوات ايزيدخان

ورحب حيدر ششو قائد قوات ايزيدخان الايزيدية التي تضم بضعة آلاف من المقاتلين المنضوين ضمن وزارة البيشمركة بحكومة اقليم كردستان والمنتشرين في مناطق بسنجار وجبلها، بقدوم القوات الأمنية العراقية من جيش وشرطة اتحادية، مؤكداً ان قواته “تعمل معهم بشكل مشترك لغرض توفير بيئة آمنة لعودة النازحين”.

واشار الى ان القوات العراقية “عملت بعد دخولها على إزالة الرايات التابعة للفصائل المتواجدة في القضاء ورفعت العلم العراقي من دون أي مشاكل تذكر، كما تم إخلاء بعض المباني”.

ولفت ششو الى أن الشرطة الاتحادية والجيش “يعملان الان على مسك الحدود بين العراق وسوريا من جهة سنجار، إلى حين ارسالة قوة أخرى تشكل وفقا للاتفاق بين بغداد واربيل لمسك زمام الأمور داخل القضاء”.

لكن الكاتب وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة، يعتبر ان الخطوات المتحققة من اتفاق سنجار الى الآن ضعيفة: “خطوات الحكومة العراقية أظهرت ضعفاً في مواجهة القوى غير القانونية المتواجدة في سنجار كالحشد الشعبي وقوات حزب العمال الكردستاني”.ويضيف ان “الحكومة العراقية لم تقم بواجبها بالشكل الصحيح ولم تطرد هذه القوات، فقد تسلمت منها مقرّاتها لبضع ساعات فقط، ثم عادت وسلمتها لها بعد ان ارتدى عناصر الميليشيات ملابس مدنية او اندمجت مع القوات العراقية، وهذا الامر غير مقبول تماما ويعد خرقا للاتفاقية”.

ويتهم زنكنة قوى لم يحددها “بالتحكم” بالحكومة العراقية التي اعتبرها “مشلولة”.

ويعد مصير الفصائل المقربة من حزب العمال كـ”وحدات مقاومة سنجار” مشكلة معقدة، فهؤلاء مقاتلون عراقيون وان كانوا فكريا يميلون الى حزب العمال الذي قام بتدريبهم وتأهيلهم طوال سنوات عقب انسحاب البيشمركة والجيش من سنجار في اعقاب هجوم داعش عليها. وجزء كبير من مقاتلي هذا الفصيل ينتمون رسميا الى قوة الحشد الشعبي. فهو فصيل رسمي يتشكل من ايزيديين عراقيين قاتلوا داعش الى جانب القوات العراقية وساهموا في إنقاذ عشرات آلاف الايزديين من الابادة.

إقرأوا أيضاً:

موقف اقليم كردستان

يرفض الحزب الديمقراطي الذي يقود حكومة اقليم كردستان ويتمتع بقوة كبيرة في شمال سنجار، أي تعاطي رسمي مع حزب العمال الكردستاني، ويطالب بطرده نهائيا من المنطقة باعتباره دخيلا.

ويقول زنكنة ان تطبيق اتفاقية سنجار كما ورد بابعاد جميع الفصائل المسلحة عدا الجيش والبيشمركة “سيساهم بفرض سلطة القانون ويرسي الطمأنينة”.

ويحذر زنكنة من أن حزب العمال يهدد امن اقليم كردستان والعملية السياسية في العراق وهيبة الدولة، وان قواته غير مجازة قانونيا، متهما الحزب بقتل احد الدبلوماسيين الاتراك في اربيل وبمحاولة مهاجمة البعثات الدبلوماسية وقتل بعض قوات البيشمركة.

ويطالب زنكنة، بالأخذ بمقترح نيجرفان بارزاني رئيس اقليم كردستان، بالجلوس على طاولة حوار “تركية عراقية كردية امريكية” لحل المشاكل المرتبطة بهذا الملف.

شيعة سنجار

من جانبهم يرحب شيعة سنجار بالاتفاقية، ويقول السيد محمود الأعرجي رئيس تجمع شيعة سنجار، ان الاتفاقية ترسم خارطة طريق لحلحلة الأمور في المدينة، ولكن يجب ان يتم التنفيذ بحضور مكونات سنجار كلها. وينتقد الأعرجي حضور النائب بالبرلمان العراقي صائب خدر عن الكوتا الايزيدية أثناء توقيع الاتفاقية، لأنه ليس من اهل سنجار ولا يعرف التفاصيل الكاملة عن المدينة “كان من الواجب اشراك اهل سنجار من كل المكونات برسم تفاصيل الاتفاقية، ومع ذلك نحن ندعم العديد من فقراتها خصوصاً تلك التي تتعلق بملف عودة النازحين واجراءات الدولة للعودة الطوعية”.

ويؤيد الأعرجي حضوراً قوياً للقوات الأمنية العراقية داخل المدينة خاصة من الشرطة المحلية وبقية الأجهزة المساندة لها “كما ندعم تواجد الجيش عند الحدود وعلى اطراف المدينة”.

أما في ما يتعلق بالملف الاداري، فيرى انه “معقد بعض الشيء”، عازيا ذلك إلى عدم وجود استقلالية للمناصب الادارية، مشككا في إمكانية تعيين قائممقام مستقل على أرض الواقع.

يلفت الأعرجي الى وجود فقرات غير واضحة في الاتفاقية كالتنسيق بين القوات الامنية داخل القضاء والقوات الامنية في اقليم كردستان “هل هذا يعني عودة القوات الكردية؟ هذا الأمر سيولد خلافات داخلية وهذا أحد اهداف داعش”، داعيا الحكومة الاتحادية الى “أخذ الامر بجدية لمنع تحقيق أهداف داعش”.

ويوضح الأعرجي “نرى ان قدوم قوات من خارج سنجار ليس بالشيء الصحيح لعدم الحاجة اليها في الوقت الحالي، خاصة ان هناك عدداً كبيراً من المقاتلين داخل سنجار من ابناء المدينة ما أدّى إلى تحويل المدينة الى ثكنة عسكرية”.

الفشل سيكون مصيرها

يعتقد الدكتور علي اغوان، وهو أستاذ جامعي وباحث في العلاقات الدولية، ان الاتفاق جرى على عجل “فلم تصل بغداد الى عمق الأزمة، ولم تجلس مباشرة مع اطرافها الحقيقيين وهم اهالي سنجار”.

ويقول “كان يجب على بغداد عدم اقتصار جهودها على المعالجة الأمنية فقط، كان عليها العمل لإيجاد حلول لمشاكل مجتمع سنجار”.

“الفشل سيكون هو العنوان الرئيسي لهذا الاتفاق” يحسم اغوان فـ”الاوضاع في سنجار تحتاج لجهود اقليمية ودولية وأممية كبيرة لكي تأتي بثمار إيجابية”، مشددا على أن ابعاد اهل سنجار عن “خطر العنف والإرهاب هو الهدف الذي يجب ان يسعى اليه الجميع”.

بدوره لا يخفي الناشط الايزيدي مراد اسماعيل مخاوفه من ثغرات في الإتفاق يتمثل بـ “احتواء القوات غير النظامية ضمن وزارتي الدفاع والداخلية”.

وحدات “مقاومة سنجار” باقية

يدرك المتابعون لملف سنجار ان هناك سلسلة تعقيدات تواجهه نتيجة تعدد الجماعات المسلحة التي تملك نفوذا في القضاء، وبينها قوات الحشد الشعبي التي يستبعد الجميع امكانية تهميشها او ابعادها، الى جانب وحدات مقاومة سنجار، والتي تسيطر فعليا على معظم مناطق سنجار المدينة والجبل والمجمعات الجنوبية الى الحدود مع سوريا.

يقول عارف شنكالي، القيادي في اللواء 80 للحشد الشعبي، الذي يضم قوات “وحدات مقاومة سنجار” ان قواته “باقية في الحدود الادارية لقضاء سنجار، وهي لم تخرج سوى من وسط القضاء”.ويضيف ان “تسليم مقارنا في وسط المدينة جاء على مبدأ التعامل العقلاني وتغليب لغة الحوار وليس لدينا اي مشكلة مع القوات الامنية العراقية، على الرغم من عدم اشراك الايزيديين في الاتفاق المبرم بين بغداد والحزب الديمقراطي الكردستاني”. ويشير شنكالي الى أن أحد شروط “الحشد” لتسليم مقار قوات مقاومة سنجار الى القوات العراقية، هو “ضم عناصر تلك القوة المشكلة بعد 2014 ضمن القوات العراقية، وهذا ما حدث فقد تم دمج مقاتلينا في اللواء 80 ضمن قوات الحشد الشعبي”.

ويقدر عدد مقاتلي وحدات مقاومة سنجار بنحو 4500 عنصر عسكري ايزيدي عراقي، وهم يأملون دمجهم مع فصائل الحشد، الى جانب دمج “اسايش ايزيدخان” ضمن صفوف قوة الشرطة المحلية مستقبلا.

ويتهم شنكالي، جهات اعلامية بتعمد نشر معلومات مضللة عن قواتهم، مؤكدا انها “اول قوة رفعت العلم العراقي وانزلت اعلامها منذ أكثر من عامين”، مشددا على ان قواته “تعمل ضمن السياقات الدستورية والقانونية العراقية وهي مستعدة لأي خطوة تدعم استقرار المنطقة”.

من جانبه يقول سيدو الأحمدي، وهو أحد اعضاء الوفد الايزيدي الذي تشكل من قوى سياسية وعسكرية مختلفة في سنجار، والتقى في 15 من تشرين الثاني الماضي برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، انهم حصلوا على وعود بالاستجابة لمطالب الايزيديين بجدية فيما يتعلق باتفاقية سنجار واعادة الحياة للمدينة التي فقدت آلافاً من أبنائها وما زال مصير نحو ثلاثة آلاف منهم مجهولا. وقد أبدى الوفد مخاوفاً من تهميش الايزيديين وحرمانهم من المناصب العليا خلال تنفيذ اتفاقية سنجار، “وطالبنا بفتح باب التطوع على القوى الأمنية المختلفة، وزيادة عدد عناصر القوة المزمع تشكيلها من الشرطة المحلية لتضم 5000 عنصر”، بحسب الأحمدي الذي سمع من الكاظمي وفريقه وعوداً بـ”التعامل مع مطالب الايزيديين بجدية”.

*انجز التقرير بدعم من مؤسسة نيريج للصحافة الاستقصائية

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.