fbpx

العراق: الميليشيات و”الحشد” يطفئون شموع الجيش في مئويته!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انتهى ضباط كبار في جيش صدام قادة عسكريين لمجموعات إرهابية في “القاعدة” ولاحقاً في “داعش”. فتنظيم “الدولة” لم يكن أكثر من ابن غير عاق للجيش العراقي…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يطرح الاحتفال بالذكرى المئوية على تأسيس الجيش العراقي (6 كانون ثاني/ يناير 1921) أسئلة كثيرة عن المصير الذي انتهى إليه هذا الجيش الطاعن في السنّ، الذي رسم تاريخ العراق، بعد انقلابات عدة شارك بها  في “شبابه” (انقلاب عام 1941 الذي قمعه الجيش البريطاني)، ثم مع نضوجه وإطاحته بالحكم الملكي (1958) ومروراً بتنصيب صدام حسين “مهيباً” وهي أعلى الرتب العسكرية في الجيش العراقي، رغم أنه لم يدرس في الكلية العسكرية، وصولاً إلى الإطاحة به وبـ”هيبته” و”اجتثاث البعث” وحلّ الجيش العراقي مع الاجتياح الأميركي في العام 2003. 

بدا أن الحلّ والاجتثاث هنا يذهبان بعيداً إلى “اجتثاث” السنة، كما كتب كنعان مكية (صاحب رواية “الفتنة”) في اعتذاره عن دعمه وتنظيره لفكرة اجتثاث البعث قبل الحرب، التي سرعان ما اكتشف أنها “في الحقيقة كانت اجتثاثاً للسنة وتصفية حسابات مع البعثيين”. يبطُل العجب بعد معرفة أن السبب يعود إلى تركيبة الجيش العراقي الذي نشأ أصلاً كما يقول حازم صاغية (راجع كتابه “قضايا قاتلة، دار الجديد، 2012) “كواحدة من أدوات السيطرة السنيّة”. ولمّا كانت نسبة عالية من ضباط الجيش العراقي من أبناء “المثلّث السني”، خصوصاً مدينة تكريت وجوارها، يبدو مفهوماً جداً لصاغية (وللقارئ معه) “أن تتلوّن البعثية بالسنيّة، وبالتكريتية في صورة أكثر تحديداً”. فالانقلاب البعثي “نفّذه عدد محدود من الضباط يعود أكثرهم إلى “المثلث السني” يصحبهم عدد يقلّ عن أصابع اليد من الحزبيين، على رأسهم شاب هو صدّام حسين التكريتي”. 

هكذا انتهى الحال بالجيش العراقي البعثي في عهد صدّام أسير “المثلث السنيّ”، وهكذا ما أن دخلت الدبابات الأميركية مع قيادات المعارضة العراقية في الخارج، ليحكموا العراق بعد سقوط صدام، حتى عمدوا إلى “اجتثاث البعث” مع ما ترتّب على ذلك من “عوارض جانبية” خطيرة، منها التأثير على عدد من الضباط المسرّحين، كما يلاحظ صاغية، وهؤلاء “انضموا إلى عصابات إرهابية ونقلوا خبراتهم التقنية إليها”. فانتهى ضباط كبار في جيش صدام قادة عسكريين لمجموعات إرهابية في “القاعدة” ولاحقاً في “داعش”. فتنظيم “الدولة” لم يكن أكثر من ابن غير عاق للجيش العراقي، ولم يكن أبو بكر البغدادي سوى واجهة لمؤسسي التنظيم الحقيقيين وهم ثلة من الضباط السابقين السنة الذين اقتادهم سجانوهم بعد حل الجيش إلى سجن بوكا في البصرة، وهناك عقدوا قراناً مع دعاة سلفيين جعلوهم واجهة شكلية للتنظيم الذي وظفوا هم خبراتهم الكبيرة في العمل الأمني والعسكري في بناء هياكله. 

الجيش العراقي المنحل هو من صنع الفارق بين تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، فبينما كان الأول امتداداً للتنظيمات العمودية والهرمية الإرهابية، اختار الثاني بسبب خبرات ضباط الجيش فكرة “التنظيم – الدولة” الأفقي، وكان هاجسه الرئيس السيطرة المكانية وبناء السلطة، وهذا كان بتأثير كبير من قادته الضباط السابقين.  

وهكذا وجد ما تبقى من الجيش العراقي الذي أعاد تأسيسه (بعد حل جيش صدام حسين) الحاكم المدني الأميركي بول بريمر من بقايا الجنود والضباط والمتطوعين الجدد، في مواجهة مع “إرهاب” لا يخلو من نكهة البعث المجتثّ، وصولاً إلى اضطرار الحكومات العراقية إلى زيادة عديد الجيش بشكل سريع وتأسيس قوات رديفة مثل قوات الشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج طوارئ مع دخول المحسوبيات في منح المناصب العليا، وهو ما أدى إلى ترهّل الجيش وغرقه في الفساد، لينتهي عاجزاً عن مواجهة الخطر الداعشي الذي راح يضرب بقسوة في الجسم العراقي. 

ومن القوات الرديفة، إلى الميليشيات الرديفة، التي وجد لها المرجع الشيعي السيد علي السيستاني عام 2014 “فتوى الجهاد الكفائي” بعد احتلال تنظيم “داعش” نحو ثلث مساحة العراق ووصوله إلى مشارف بغداد، وعجز الجيش العراقي والقوات النظامية الرديفة الأخرى عن إيقاف تقدمه. وبذلك قام “الحشد الشعبي”، الذي تم إصدار قانون يشرّعه في البرلمان العراقي ويؤمن تمويلاً كبيراً له من ميزانية الدولة، وأصبح رديفاً للرديف، لينتهي الجيش العراقي في مئويته هامشياً في المشهد العسكري العراقي، الذي تسيطر عليه الميليشيات الشيعية بشكل رئيس، وعلى رأسها الألوية الشيعية في “الحشد الشعبي” و”الفصائل الولائية” التابعة لإيران، وبدرجة أقل “الحشد العشائري” (ألوية سنّية ضمن الحشد الشعبي)، بعدما نسبت الانتصار على “داعش” إليها. 

في مئويته، تطفئ هذه الميليشيات بكثافة نيرانها “الصديقة” التي باتت تطاول الثوار والمعارضين والنشطاء والصحافيين، شموع قرن على تأسيس الجيش العراقي النظامي، الذي يبدو أنه لن يحصل حتى على قطعة صغيرة من حلوى عيده!

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!