fbpx

نحن… و”غزوة الكابيتول”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أميركا مذهولة بما فعلته بنفسها عندما أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض، ونحن غارقون بنشوة فشلنا على كل المستويات. الإعلام هناك، خلف المحيط، يبحث عن مصطلحات جديدة ليسوقها في وصف الحدث، ونحن عالقون عند “انتصاراتنا” الوهمية .

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 مثلما صفعتنا الديموقراطية الأميركية والغربية عموماً بهشاشتها عبر ترنحها خلال “غزوة واشنطن”، صفعنا أيضاً البخار الذي تصاعد إلى رؤوس مثقفي الممانعة الذين وجدوا في “الغزوة” ضالتهم، فراحوا يصولون ويجولون شارحين مكامن فشل النموذج الغربي وترنحه تحت ضربات الرجال البيض ممن اقتحموا مبنى الكابيتول. وكان أن أعمى البخار أيضاً أنظار “كتلة الوفاء للمقاومة” في لبنان فوصفت ما حصل في واشنطن بأنه عراك “أثناء تداول مقيت للسلطة”، وهذه العبارة تنطوي على دعوة لـ”مقت” تداول السلطة، وعلى اعتباره أحد رذائل الديموقراطية الغربية.

والحال أن تعثر الديموقراطية الأميركية طوال سنوات حكم ترامب الأربع، حصل أيضاً على وقع فشل مضاعف أصاب أنظمة حكم بلاد الممانعة بدءاً من بيروت ووصولاً إلى طهران، وطبعاً مروراً بدمشق وبغداد. وهذا الفشل ما لبث أن تكثف وتضاعف على وقع فشل الأنظمة “الترامبية” في الخليج ومصر وتركيا، إلا أن طعمه في بلاد الممانعة جاء أكثر حدة. وهذا طبعاً لم يثر انتباه مراقبي “غزوة واشنطن” والمعقبين عليها من كتاب المحور ومن كتله النيابية. فالاستنتاج وصل إلى أننا أمام نهاية التفوق الأميركي والغربي، ولم يترافق هذا التوقع مع أي نظرة لمستوى الفشل الذي وصلنا إليه في بلادنا. أميركا مذهولة بما فعلته بنفسها عندما أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض، ونحن غارقون بنشوة فشلنا على كل المستويات. الإعلام هناك، خلف المحيط، يبحث عن مصطلحات جديدة ليسوقها في وصف الحدث، ونحن عالقون عند “انتصاراتنا” الوهمية والفارغة وغير الواقعية.

لكن التأمل بالحدث الأميركي من هنا، من الشرق الأوسط، لا تقتصر تداعياته على منطق “التشفي” المنفصل عن الواقع، إنما يجب أن يمتد إلى ما أحدثته الترامبية في الإقليم طوال سنوات اشتغالها الأربع. فترامب، وصهره جاريد كوشنير، أعملا تبديلاً مأساوياً في المشهد الشرق أوسطي. المشرق لم يعد هو نفسه، والخليج ذهب إلى حيث تصعب العودة لجهة التحاقه بأحلام صهر الرئيس، ورجب طيب أردوغان أعتقد أنه انتزع تفويضاً أبدياً بأن يحكم تركيا بعقلية فلاديمير بوتين. وعندما تصاب أميركا بالذهول جراء “غزوة الكابيتول”، يجب أن يمتد هذا الذهول إلى غزوات جاريد كوشنير التي سبقت “غزوة الكابيتول”. صفقة القرن كانت غزوة مشابهة، والتطبيع المفتعل وغير العادل في الخليج كان غزوة، وقتل قاسم سليماني على رغم ما قام به الرجل من أدوار دموية، كان غزوة أيضاً، ذاك أن القرار بقتله انتهك سيادة بلد، ولم يراع ما يمكن أن يخلفه الحدث فيه من ارتدادات.

وإذا كان علينا أن نسخر من اعتقاد الممانعة بأننا حيال نهاية أميركا ونهاية الديموقراطية الأميركية، ومن المنطقي أن نسخر، إلا أننا يجب أيضاً أن نتأمل بحلفاء دونالد ترامب في المنطقة في ظل “غزوة واشنطن”. بماذا يفكرون الآن بعدما استيقظت أميركا على النزوة التي ارتكبتها؟ هل يشعرون بأنهم جزء من هذه النزوة، وأن الخطوات الترامبية، التي من الصعب العودة عنها، يمكن للعالم أن يضيفها إلى نزوات الرئيس الذي انقضت ولايته وزمنه وسياساته؟ ما هو مصير الفنادق والمدن على سواحل بلاد التطبيع التي وعد بها كوشنير أهل “صفقة القرن”؟ وكيف سيلاقي أردوغان خصمه جو بايدن في حفل التنصيب، أما بنيامين نتانياهو، فالانتخابات الوشيكة في إسرائيل لن تكون هي نفسها في ظل السقوط المدوي لحليفه في البيت الأبيض.

تعثر الديموقراطية الأميركية طوال سنوات حكم ترامب الأربع، حصل أيضاً على وقع فشل مضاعف أصاب أنظمة حكم بلاد الممانعة بدءاً من بيروت ووصولاً إلى طهران، وطبعاً مروراً بدمشق وبغداد.

أما لبنان في ظل “غزوة واشنطن” فسيكون هو نفسه، ذاك أنه صار نقطة ميتة وغير مستجيبة لخفقان قلب الكوكب. لبنان في ظل غزوة واشنطن هو نفسه قبلها. جثة وصفها الأمين العام لـ”حزب الله” بأنها “بلد قوي” و”قوي بسبب سلاح المقاومة”! ونحن إذ مدعوون للعيش في نعيم هذا السلاح، وقبول ما حصل في المرفأ وفي المصارف، علينا أن نقبل بأننا آخر بلد على هذا الكوكب سيصله لقاح “كورونا”، وعلينا أن نطرب لخطب السيد حسن نصرالله، وأن نتوقع نهاية وشيكة لأعدائنا وللديموقراطية الغربية البغيضة.    

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!