fbpx

من اخترق حساب جماعة “حزب الله” المصرفيّ؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كانت رسالة هذا الفيديو أنّ الفساد المستشري في لبنان، الذي يعدّ “حزب الله” جزءاً منه، هو السبب وراء الهجوم وعمليّة القرصنة، فكانت تلك الرسالة بمثابة عمل انتقاميّ من قِبَل لبنانيّين ولم تكن عملاً خارجيّاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رُفِع على موقع “يوتيوب” فيديو مُنتَجاً بعناية إلى حدٍّ ما، واستهلّ بشعارٍ لمجموعة من القراصنة المجهولين يسمّون أنفسهم “سبايدر ز” SpiderZ. يعرض الفيديو مقطعاً مدّته ثوانٍ معدودة لانفجار مرفأ بيروت، الذي دمّر جزءاً كبيراً من المدينة، وأثار موجةً من الغضب تجاه “حزب الله”، إثر مزاعم بتخزينه موادّ خطيرة في عنابر المرفأ، ربّما كانت مسؤولةً عن الكارثة.

وظهر في الفيديو رجلٌ يرتدي قناعاً وتمّ التشويش على صوته عبر أجهزة الكمبيوتر، قائلاً: “المعادلة ياللي حاكمة لبنان هي المافيا والميليشيا والمال”، وظهرت في الخلفيّة صور الرئيس اللبنانيّ ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه برّي وأمين عام “حزب الله” حسن نصر الله.

ولكن كانت جماعة “حزب الله” وحدها ضحيّة الهجوم الرقميّ الذي تمّ توثيقه على “يوتيوب”. وكشفت عمليّة القرصنة معلومات حوالى 100 ألف حساب من دول عدة، بأموال مودَعة في “جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن” اللبنانيّة، وهي مؤسّسة تابعة لـ”حزب الله”.

وكشفت العمليّة أيضاً أسماءَ حوالى 200 ألف من المقترضين اللبنانيّين، وتفاصيل قروضٍ تمّ الحصول عليها بين عامَي 2019 و2020، ومعلوماتٍ عن حسابات فتحتها “مؤسّسة القرض الحسن” في مصارف لبنانيّة وأوروبيّة على رغم العقوبات الأميركيّة.

وقال عوزي شايع، المسؤول السابق في الموساد، إنّ هذه العمليّة “تقوِّض بشكلٍ كبير أمنَ الأشخاص الذين فتحوا حساباتٍ هناك. لأنه سيتمّ تصنيفهم الآن أنصاراً لجماعة حزب الله، وهذا قد يُعيق قدراتهم على إجراء معاملات ماليّة وإدارة شؤونهم الماليّة. وبالنسبة إلى جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن، فهذا التسريب قد يصعّب عليها إدارة حساباتها في المصارف اللبنانيّة”.

كانت رسالة هذا الفيديو أنّ الفساد المستشري في لبنان، الذي يعدّ “حزب الله” جزءاً منه، هو السبب وراء الهجوم وعمليّة القرصنة، فكانت تلك الرسالة بمثابة عمل انتقاميّ من قِبَل لبنانيّين ولم تكن عملاً خارجيّاً.

وأكّد أحد القراصنة المجهولين في الفيديو أنّ “اقتصاد حزب الله الموازي للاقتصاد اللبنانيّ، وابتزاز حزب الله لمصادر الدولة أدّى إلى انهيار الاقتصاد اللبنانيّ.… جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن مش جمعيّة خيريّة، هي مصرف حزب الله غير الشرعيّ”. 

ولكن مع إبرازه رسومات وتقنيات متحرّكة، يبدو الفيديو احترافيّاً بدرجة أكبر من قدرات مجموعة من القراصنة المجهولين. ثمّ هناك مسألة التوقيت. 

منذ أكثر من شهرٍ، تعرضت إسرائيل لهجومٍ رقميّ واسع النطاق ضدّ شركة “شيربيت” للتأمين وشركة “أميتال” للبرمجيّات، وانتشر ليشمل عشرات الشركات الأخرى. وقد أشارت الحملة التسويقيّة التي صاحبت تلك الهجمات إلى أنّها عمليّة مدعومة من قبل دولةٍ ما، وليست عملاً إجراميّاً.

إقرأوا أيضاً:

وبعد أسبوعين وقع هجوم آخر لم يكن أقلّ انتشاراً، وكان موجَّهاً نحو “جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن”. يقول خبراء الأمن الرقميّ الذين فحصوا الموادّ المسرَّبة إنّ الهجوم استهدفَ كلّاً من أجهزة الكمبيوتر وأنظمة الأمن في المصرف، مشيرين إلى وجود دورٍ لهيئة استخباراتيّة أجنبيّة.

أُسّست “جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن” عام 1983 كهيئة خيريّة لتقديم القروض الاجتماعيّة الصغيرة للشيعة في بيروت. وقد عملت على مدى ثلاثة عقود تحت غطاء المؤسّسات الماليّة الأشهر التابعة لـ”حزب الله”، مثل “صندوق الشهيد” ومصرف “يسر” الاستثماريّ. فقد ساعدا الهيئة على إدارة نظام ماليّ موازٍ للنظام الماليّ اللبنانيّ إنما مستقلّ عنه.

راكم “حزب الله” الأموال من مصادر متنوّعة؛ منها شركات شرعيّة- قانونيّة أدارها أنصاره حول العالم، وأنشطة إجراميّة للشعية في أميركا اللاتينيّة وغرب أفريقيا، والتبرّعات، فضلاً عن المساعدات المقدَّمة من إيران التي تُقدَّر بنحو 100 مليون دولار سنويّاً. 

كانت الأموال تُودَع عبر مصرف “يسر” في المصارف اللبنانيّة.

ساعد ذلك النظامُ “حزب الله” على تفادي كشف عناصره وعملائه، ولكنّه سهَّل أيضاً على الأطراف الخارجيّة تحديد أماكن أموال الجماعة والمصارف التي تقدِّم المساعدة لها. وقد تمكّن الموساد الإسرائيليّ، إضافةً إلى مجموعة الدفاع القانونيّ “شورات هادين”، من تعقّب رؤوس أموال الجماعة ومقاضاة المصارف التي اعتمد عليها للحصول على تعويضات ماليّة في الخارج.

وقالت نيتسانا دارشان- ليتنر، مؤسّسة ومديرة “شورات هادين”، إنّ “جمعيّة مؤسّسة القرض الحسن” حلّت محلَّ مؤسّسات ماليّة أخرى لـ”حزب الله”، وتعلّمت من أخطاء المؤسّسات السابقة. وقد اعتادت الجمعيّة إيداعَ الأموال في مصارف تجاريّة باسمها، ولكنّها مع بداية 2016 (بعدما ورد اسمها في تقارير الولايات المتّحدة) بدأت فتح حسابات باسم موظّفيها.

كانت الحسابات تسجَّل بأسماء اثنين أو ثلاثة من الموظّفين لمنع أيٍّ منهم من سرقة الأموال المودَعة في وقتٍ لاحق. 

فيما كانت المصارف الأخرى تنهار، أقنعت المؤسّسة اللبنانيّن غير المنتمين لـ”حزب الله” بفتح حسابات لديها.

تحوّلت الجمعيّة لاحقاً إلى مصرف، وفتحت 30 فرعاً، وأسّست نظاماً لإدارة الودائع، مع تقديم القروض وخدمات تحويل الأموال دوليّاً. وأطلقت الجمعيّة أخيراً تطبيقاً للهواتف، وقامت بتثبيت ماكينات الصرف الآليّ في فروعها. وفيما كانت المصارف الأخرى تنهار، أقنعت المؤسّسة اللبنانيّن غير المنتمين لـ”حزب الله” بفتح حسابات لديها.

وقال شايع، الذي كان رئيساً لفريق هاربون، وهو فريق أسّسه الموساد لتحديد مواقع الموارد الماليّة لـ”حزب الله”، إنّ “مؤسّسة القرض الحسن تدير اليومَ ميزانيّة جماعة حزب الله التي يصل حجمها إلى ما بين مليار إلى 15 مليار دولار سنويّاً. وهي تدفع رواتب العملاء، بل وتصدر لهم بطاقات ائتمانيّة”.

وكشفت المعلومات التي سرّبها قراصنة “سبايدرز” أنّ أشخاصاً من دول مثل ألمانيا وفرنسا وبلغاريا فتحوا حساباتٍ في “مؤسّسة القرض الحسن”، باستخدام توكيلات أُرسِلَت إلى لبنان. وهذا الأمر يشير إلى استخدامهم المصرف لغسيل الأموال من بلدانهم الأصليّة. 

إضافةً إلى ذلك، قال شايع إنّ قائمة العملاء تضمّ منظّمات إيرانيّة، كالسفارة الإيرانيّة في لبنان وخطوط طيران ماهان، ما يُشير إلى أنّ الجمعيّة كانت تُستخدم للالتفاف على العقوبات الأميركيّة المفروضة على إيران. وبيّنت المعلومات أيضاً أنّ فريق الجمعيّة كانت لديه حسابات في مصارف في الخارج منها “سوسييتيه جنرال”. 

وأكّد “حزب الله” وقوع عمليّة القرصنة في بيانٍ على موقعٍ إلكترونيّ ذي صلة بها، ولكنّه أصرّ على أنّ الأضرار الناجمة عنها كانت ضئيلة وفي أدنى الحدود.هذا المقال مترجم عن الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".