fbpx

فيديو بعبدا- لبنان: صلافة رئيسين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سعد الحريري لم يتأخر طبعاً في الرد على المشهد المصور، فأسرج منصته المفضلة للرد على كلام عون، لكنه رد بلا وقائع تبعد منه تهمة الكذب…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ظهر تسجيل مصور بين رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيلة ميشال عون وحسان دياب يتهم فيه الأول الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بالكذب، فيما يومئ الثاني برأسه إلى أسفل بما يوحي بالموافقة.

نحن إذاً أمام واقعة كنا كلبنانيين في متنها، والتهمة إن أثقلت على الحريري كمُتهَم، فقد أثقلت علينا في تأويل التسريب الذي لا يشك عاقل في أنه مقصود، فمسرحه القصر الجمهوري، وليس لقاءً شعبياً بلا ضوابط أو قيود، وهو بالتالي يستدرجنا إلى سؤال حتمي، لماذا سُرب كلام عون؟

واقع الأمر أن عون لم يبدِ أصلاً حماسةً لعودة الحريري إلى السراي الحكومي، ومثله جبران باسيل. وما لم يقله عون للحريري في 13 جلسة بين التكليف والتسريب، إذ بدا محكوماً بنفور يضبطه البروتوكول السياسي، وفره لقاؤه بحسان دياب، فكانت المذمة التي تستبطن، ومن خلال معناها القيمي تحديداً، الدفع بالحريري إلى رد فعل ليس أقله الاعتذار عن التكليف. فالحريري بدا منذ لحظته الأولى خياراً مراً فرضته الديموقراطية اللبنانية الهشة، التي خذلت العونيين هذه المرة، فهو لا يملك حليفاً قوياً يستطيع تعطيل هشاشة مفاعيلها، كما حصل عندما عُطلت لعامين من أجل إيصال عون إلى رئاسة الجمهورية.

 عموماً، التسجيل وإن بدا مقتطعاً من سياق كلامي بين الرئيسين، لكنه بفجاجته يقطع كل تأويل يحاوله المُتَّهِم أو مصادره إخراجه من متنه الواضح، فسعد الحريري المفترَض أن تؤول مصائرنا إلى حكومته إذا تشكلت، هو كاذب ولو في اللحظة التي أرادها ميشال عون آنية لا مطلقة، وربَطها بملف تشكيل الحكومة.

 وأغلب الظن أن ما حمله التسجيل المذكور هو عينة تحفل بها مجالس السياسيين في اتهامهم لبعضهم بعضاً، وأغلب الظن أيضاً، وهنا المفارقة، أن ميشال عون وجبران باسيل يتنكبان أكثر من سواهما مذمات مجالس الأمانات التي تُعقد بين خصوم الرئيس وصهره، وهم بالمناسبة، الغالبية المطلقة من السياسيين .

الاتهام في أي حال يفضي إلى رذيلتين متجانستين في المعنى ولكنهما تنشطران في حمل وزرهما، فأن يكذب سعد الحريري، إن صدَقت رواية عون، ليس بوزر جديد يتنكبه الرئيس المكلف الذي كان آخر ما كذَّب به على اللبنانيين جميعاً حين جزم أنه لن يكون رئيساً لأي حكومة في ما تبقى من عهد عون. والعفاف السلطوي هذا حسمه الحريري إثر تقديم استقالة آخر حكوماته التي أعقبت انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، لكن الرجل لم يُفاجئنا وهو يتصيد لحظة انهيار تكليف مصطفى أديب، ليأتي إلى المشهد السياسي من جديد محمولاً بالمبادرة الفرنسية هذه المرة. وبالتالي فمن كان طالب سلطة بهذا الهوس الذي يُمثله الحريري، لن يغص برذيلة هي ديدن السياسة اللبنانية وممتهنيها، وهي بالمناسبة رذيلة متخففة أمام الرذائل التي أوصلنا إليها السلطويون، والحريري لا ريب من أولهم.

أغلب الظن أن ما حمله التسجيل المذكور هو عينة تحفل بها مجالس السياسيين في اتهامهم لبعضهم بعضاً.

الرذيلة الثانية هي من نصيب رئيس الجمهورية، وقد اجترحها لسانه بصعوبة، وعلى غير ما ألفناه فيه سابقاً، واجتراح الذاكرة يضعنا أمام مسار شتائمي لطالما آلت سيادته المطلقة لفم الجنرال الذي يشهد ماضيه القريب والبعيد على شتائم كانت تُطلق مقرونة بتوتر عصبي مرتفع، لذا فإن خفر الاتهام الذي استحكم بالرجل في الأمس وهو يرمي الحريري بتهمة الكذب، يفضي بالمرء إلى افتراض يشي بأن التخفف من بذاءة اللسان مردود غالباً إلى وقار ليس بالضرورة وليد اتزان المزاج، بل هو على الأرجح مرهون للأعمار ونهاياتها، وإلا لكنا والحال أمام مذمة كانت لتكون أكثر شناعةً مما شاهدناه في التسجيل المُسرب.

سعد الحريري لم يتأخر طبعاً في الرد على المشهد المصور، فأسرج منصته المفضلة للرد على كلام عون، لكنه رد بلا وقائع تبعد منه تهمة الكذب، فاسترشد بكلام من الإنجيل هو على الأرجح رُشد مستشار أراد تسفيه التهمة باستحضار كلام اكتشفنا فيه أن الدين يُسعف وارده في الملمات بالمذمات، ما استتبع رداً من اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني الحر”، خاتمته آية من القرآن. فصرنا والحال أمام مقارعة، أدواتها السياسة والدين، وكما لو أننا في حلقة من حلقات المتصوفين، وهذه مفارقة ما كانت لتبدو على هذا العُسر لو أننا في مدينة فاضلة وليس في لبنان الذي لم يترك سياسيوه رذيلة وإلا وكانوا أربابها.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.