fbpx

لبنان: اعتقال “سعيد عبدالله” مجدداً رأفة بمشاعر الطائفة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يزال سعيد عبدالله في السجن الاحتياطي، الذي زج فيه للمرة الثانية على التوالي في غضون شهرين، بسبب دعوى مقدمة من دار الطائفة الدرزية بحقه…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يكن كافياً بالنسبة إلى مدعي عام جبل لبنان غادة عون فترة الـ46 يوماً الأولى التي أمضاها سعيد عبدالله في السجن الاحتياطي، ولا اختطافه من قبل مخابرات الجيش واجباره عبر عصب عينيه وبالقوة، على فتح هاتفه وإزالة منشورات كان كتبها تناول فيها معتقدات تتعلق بالطائفة الدرزية والنائب السابق وليد جنبلاط.

الإثنين 11 كانون الثاني/ يناير 2021، استدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية سعيد عبدالله، وتمكنت محاميته من الدخول معه إلى التحقيق، وفقاً للمادة 47 المعدلة حديثاً والتي غالباً ما لا تطبقها الضابطة العدلية والقضاة.

في المكتب المذكور أعلاه مثلاً، خابر رتيب التحقيق القاضي وسأله إذا كان المحامي يستطيع الدخول وحضور التحقيق أو لا، وهنا يبرز اسم غادة عون مجدداً التي لا تسمح للمحامين دائماً بالدخول، ولا تطبق المادة 47 لتزيد المخالفات القانونية التي ترتكبها كما يؤكد محامون متابعون للملف.

في التفاصيل، يقول المحامي جاد طعمة لـ”درج”، “سعيد عبدالله دخل مجدداً التحقيق ومعه محاميته، بدعوى مقدمة من دار الطائفة الدرزية، فيما كان استُدعي سابقاً وسجن بسبب منشورات تتعلق بالدين المسيحي ورئيس الجمهورية”.

سعيد عبدالله والمحامي جاد طعمة والمحامية هبة فرحات

يتابع طعمة: “دخل سعيد التحقيق ومعه أمتعته لعلمه المسبق بأنه سيتم توقيفه مجدداً، بسبب تجربته السابقة مع القضاء. خابر رتيب التحقيق النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون التي لا تطبق نص المادة 47 وبالتالي لا يُسمح للمحامي الحضور معه، ولكن ما حدث أن القاضية عون لم تكن على السمع، فخابر رتيب التحقيق القاضية نازك الخطيب التي سمحت للمحامية بالدخول مع سعيد، وهنا السؤال عن الفرق في تطبيق القانون نفسه بين قاضٍ وآخر”.

يتابع: “ما حدث أن سعيد عبدالله قرر خلال التحقيق إزالة منشوراته، وسُئل إن كان سيوقّع تعهداً بعدم التعرض لأي كان على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما طلبت منه عون عندما استلمت التحقيق لاحقاً، فقال إنه ينتقد الجميع وخصوصاً الذين يخالفهم الرأي، وبذلك نصت التسوية التي فُرضت على عبد الله  بعدم التعرض إلى الرموز الدينية ووقّع تعهداً في هذا الخصوص تحديداً”.

المفارقة بحسب طعمة أن المحققين وبعد الانتهاء من استنطاق عبد الله، لم يخابروا المحامي العام الاستئنافي نازك الخطيب، إذ كانت لديهم إشارة مسبقة من القاضية غادة عون بتوقيفه لمدة 24 ساعة.

حرية المعتقد في البلاد مكفولة بالقانون بعكس حرية اللامعتقد.

وهكذا حصل، تم توقف سعيد 24 ساعة، ليس لارتكابه جرماً، بل لأن القاضية غادة عون كانت اتخذت قرارها مسبقاً بتوقيفه قبل الاستماع إليه حتى، وفق طعمة.

بعد مرور 24 ساعة، لم تخلِ عون سبيله، بل ختمت التحقيق وحولته إلى القاضي الجزائي، ما يعني استمرار بقائه في السجن إلى أجل غير محدد.       

  ما دور القضاء والأجهزة  الأمنية؟

لا تقتصر القضية على سعيد عبدالله، بل تتخطاها لتستهدف كل مواطن لبناني غير مؤمن أو ملحد أو له معتقداته الخاصة، فحرية المعتقد في البلاد مكفولة بالقانون بعكس حرية اللامعتقد. وسيناريو التوقيف والتحقيق والإهانة ذاته سيكون مصير أي شخص ينتقد ديناً أو معتقداً، تماماً كحال سعيد الذي يعاقَب بسبب رأيه بالسجن حيث يقبع منذ أكثر من 50 يوماً (على مرحلتين)، وما زال مصيره مجهولاً.  

“القضاء والأجهزة الأمنية استغلت فرصة أن شاباً لا يملك (ظهراً) ووساطة سياسية وطائفية وفي الوقت نفسه هو غير معروف أو مؤثر كي يثير ضجة إعلامية، فقالت، فلنطبق كل القوانين الرجعية عليه!”،  بهذه الكلمات يصف المدير التنفيذي لمنظمة “سميكس” محمد نجم حال سعيد عبدالله.

ويضيف: “قد لا يملك القضاء الجرأة على صب غضبه القانوني على المجرمين الحقيقيين في انفجار المرفأ مثلاً والفاسدين الذي أوصلوا البلد إلى الانهيار، بل يمسك مشنقة القانون الرجعي، لمحاكمة المواطنين العاديين، والمحرض عليهم من أحزاب مناطقهم”.

وسعيد كان تلقى تهديدات بالقتل من مسلحين تابعين لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي” ذهبوا إلى منزله لترهيبه، وبدل أن توقفهم مخابرات الجيش، خطف عناصرها سعيد وأجبروه على فتح هاتفه بالقوة عبر بصمة اليد.

وهنا يُسأل القضاء، أين القانون؟ ولماذا لا يتم تطبيقه على المحرضين على القتل، وعلى “زعران” الأحزاب المسلحة!؟

إقرأوا أيضاً:

تقرير منظمات المجتمع المدني

يفنّد تقرير صادر بداية عام 2021 عن مجموعات ومنظمات حقوقية من المجتمع المدني، الانتهاكات التي ما زال يتعرض لها أصحاب الرأي من نشطاء وصحافيين ومتظاهرين، بخاصة بعد انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

يضيف التقرير أن لبنان يفتقد للإطار المؤسسي والتشريعي العام لحماية حقوق الإنسان بشكل كامل، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في القوانين بحيث أن التشهير يعتبر جريمة جنائية وليس دعوى مدنية، مثلاً يعاقب القانون على إهانة رئيس الجمهورية بالسجن لمدة تصل إلى سنتين، وإهانة الشعائر الدينية والعسكرية تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 3 سنوات.

من الواضح أيضاً استغلال القادة السياسيين والأحزاب لهذه القوانين لتكميم أفواه المعارضين وخنق حرية التعبير، بحسب التقرير.

بالأرقام فتح مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية المخول التحقيق بهذه الجرائم من كانون الثاني/ يناير 2015 إلى أيار/ مايو 2019، 3599 تحقيقاً في قضايا تشهير. وفي عام 2018 وحده حقق المكتب في 1451 قضية تشهير.

يتطرق التقرير أيضاً إلى الانتهاكات في حرية التعبير التي يمارسها مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية من خلال الضغط على الموقوف بتوقيع تعهد يمنعه من التشهير بالضحية المزعومة في المستقبل، وأيضاً من خلال طلب حذف المنشورات.

يتكلم التقرير عن توصيات في مجال حرية التعبير، أبرزها:

-استبدال جريمة القدح والذم وعقوباتها بدعوى مدنية بالتشهير.

-إلغاء ممارسة حمل المشتبه بهم على توقيع تعهدات قبل محاكمتهم.

-التأكد من إبلاغ المشتبه بهم قيد التحقيق من مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية قبل 24 ساعة من استدعائهم، وذكر سبب الاستدعاء وهوية الشخص المدّعي.

لبنان يفتقد للإطار المؤسسي والتشريعي العام لحماية حقوق الإنسان بشكل كامل.

“قضيته نموذج لتحالف المنظومة الطائفية مع الأجهزة الأمنية” 

تقول المديرة التنفيذية لمنظمة SEEDS، المحامية ليال صقر لـ”درج” إن “أهمية تقرير UPR أنه يساعد على مساءلة لبنان أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ما يجبره على اتخاذ خطوات تجاه تعزيز الحقوق وحمايتها، مثال على ذلك تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، بناءً على توصية صادرة عن مجلس حقوق الإنسان”.

أما بخصوص قضية سعيد عبدالله فترى صقر، أنها “نموذج لتحالف المنظومة الطائفية مع الأجهزة الأمنية في قمع الحريات، فالزعماء يستخدمون قوانين موجودة، في قانون العقوبات  للحد من الحريات والتعبير، ولإجراء توقيفات احتياطية”.

وتقول أيضاً إن منظمة SEEDS أرسلت توصية لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لإلغاء تجريم الرأي وإلغاء تحريك مواد القدح والذم، وإزالة العقوبة الجزائية كي ننتهي من هذه التوقيفات التعسفية.

في المحصّلة لا يزال سعيد عبدالله في السجن الاحتياطي، الذي زج فيه للمرة الثانية على التوالي في غضون شهرين، بسبب دعوى مقدمة من دار الطائفة الدرزية بحقه، ولا يزال قضاة منحازون سياسياً يطوعون القانون بشكل تعسفي على اشخاص لا يملكون سنداً طائفياً أو سياسياً مثل سعيد عبدالله، على رغم اكتظاظ السجون والنظارات، وبخاصة تلك النظارة في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية التي لا تتسع لأكثر من 8 أشخاص، إنما يُحشَر في داخلها غالباً أكثر من 25 شخصاً ينامون بالتناوب. وفي بلد يعيش أسوأ أيامه الصحية بسبب انتشار فايروس “كورونا”، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، فإن القضاء منشغل جداً بالتوقيفات الاعتباطية، في ظل غيبوبة تامة لأي رقابة على النشاط التشريعي لتسريع عملية تطوير القوانين ومراقبة الانتهاكات الإنسانية.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.