fbpx

شباب تونس يعودون إلى الشارع على وقع تعديل حكومي وحجر صحيّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في ظل هذه الأجواء الضبابية صحياً وسياسياً في تونس، هل ستنجح محاولة الشباب اليوم في إيصال أصواتهم الغاضبة لتكون وفق بعض المراقبين بوادر اندلاع انتفاضة جديدة، أم ستمضي هذه الشعلة مع انطفاء كانون الثاني ككل سنة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على وقع احتجاجات ليلية اجتاحت مناطق عدة في العاصمة التونسة وخارجها كبنزرت ونابل والقيروان وسليانة وسوسة، عدَّل رئيس الحكومة هشام المشيشي أسماء 11 وزيراً  من جملة 25 وزارة. وغيَّب عن حكومته النساء في سابقة اعتبرتها ناشطات ونسويات خطيرة، ووصفن المشيشي بـ “عدم الاتزان”، وبأنه لا يحترم المقاربة الجندرية ودورها في نهضة الشعوب. 

وعلى رغم إقرار حجر صحي إجباري عام في البلاد حتى 17 كانون الثاني/ يناير، إلا أن تدابير الحجر، لا سيما حظر التجول بدءاً من الرابعة مساء، لم تمنع مئات الشباب من الخروج والتظاهر، غير آبهين لانتشار عناصر الأمن في الأحياء، وقنابل الغاز مسيل الدموع منتهية الصلاحية (منذ عام 2018) التي رميت باتجاههم، كما بيّنت صور التقطها مواطنون من ولاية سليانة/ الشمال الغربي لتونس.

هل ستنجح محاولة الشباب اليوم في إيصال أصواتهم الغاضبة لتكون وفق بعض المراقبين بوادر اندلاع انتفاضة جديدة، أم ستمضي هذه الشعلة مع انطفاء كانون الثاني ككل سنة؟

الاحتجاجات المسائية التي انطلقت الخميس 14 كانون الثاني، تاريخ مرور 10 سنوات على الثورة التونسية، قد تبدو في ظاهرها غير مرتبطة بالتغيير الوزاري الأخير الذي أتى على خلفية التصدّع في الائتلاف الحاكم، إلا أنها جاءت نتيجة تزايد شعور عام بعدم الرضا على الوضع العام في البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة، وتردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية في ظل “كورونا”، إضافة إلى السياسات الحكومية التي لاتزال قاصرة لجهة تطوير التنمية الاقتصادية .

وبما يذكّر بمشاهد من ثورة عام 2010، هجم شباب على مخازن لمواد غذائية وسرقوها، وهذا تطور يثير القلق لجهة تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والصحية المستشرية.

المكلف بالاتصال في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر يقول لـ”درج”، إن “الاحتجاجات الأخيرة في مختلف المناطق ليست مفاجئة بل هي نتيجة مسار من التهميش والإقصاء. كما أن الصمت السياسي الرسمي تجاهها يبرره عجز النخب الحاكمة عن إعطاء إجابات حقيقية للدوافع الكامنة وراء موجات الغضب المتصاعدة”. ويرى بن عمر أن “السنوات الأخيرة كرست لدى فئات واسعة من الشباب فكرة الديموقراطية شكلياً فقط، فيما الدولة لم تكن تؤدي دورها ووظيفتها، وتمارس عنفاً اجتماعياً تجاه الناس (عدم المساواة، انعدام العدالة الزّبونية، والمحاباة، وسلطة الأقوى)”.

يمكن القول إن التعامل الأمني العنيف مع الاحتجاجات الأخيرة ولد شعوراً بالخزي والمهانة لدى فئات واسعة، ما مهد لمشاعر الغضب والتعبير عنها من طريق الشغب.

الصراع بين سعيّد والمشيشي 

هذه الاحتجاجات أتت في ظل أزمة سياسية تتفاقم في البلاد بسبب تجاذب سياسية بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ومن ورائه الائتلاف الحاكم الدّاعم له والمتمثل في “حزب حركة النهضة” و”ائتلاف الكرامة” المقرب منه، و”حزب قلب تونس” لرئيسه نبيل القروي المسجون حالياً على ذمة قضية فساد وشبهات تبييض أموال. 

وبذلك تتواصل الهزات في معاقل الحكم وعلى رأسها وزارات سيادية وحيوية مثل الداخلية والعدل والفلاحة والصحة وغيرها. وفي ظل تذبذب واضح في استراتيجية الحكومة في مجابهة “كوفيد- 19″، مر على تونس منذ إعلان أول إصابة بالفايروس في آذار/ مارس 2020، 4 وزراء صحة، وهو عدد كبير خلال فترة قصيرة، يعكس الارتباك والفوضى في إدارة الأزمة وعجز الحكومة عن توفير اللقاحات في فترة معقولة.

وعلى رغم أن الظاهر هو صراع بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، لكن الصراع العميق يدور بين مؤسسة رئاسة الجمهورية والمشيشي ومن ورائه حزامه السياسي، “حركة النهضة” و”ائتلاف الكرامة” و”حزب قلب تونس”. ولعل المشيشي مضى في طريق سلفه يوسف الشاهد عندما تمرد على الرئيس الراحل الباحي قائد السبسي الذي اختاره لقيادة الحكومة عام 2016. ولربما كان سعيد يتمنى أن يكون ولاء هشام المشيشي له، لأنه هو الذي اختاره لهذا المنصب بعدما كان وزيراً للداخلية في عهد حكومة إلياس الفخفاخ، إلا أن المشيشي شق عصا الطاعة منذ اليوم الأول واصطف مع خصوم سعيد.

مر على تونس منذ إعلان أول إصابة بالفايروس في آذار/ مارس 2020، 4 وزراء صحة.

خلافات الرئيس

يحاول قيس سعيد، والحزام السياسي للمشيشي بقيادة “حركة النهضة” إيجاد موطئ قدم في الحكومة، وهو ما دعمه تطور العلاقة بين رئيس “حركة النهضة” راشد الغنوشي ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، ما جعل الغنوشي يصرح للتلفزيون العربي على رغم شبهات الفساد التي تحوم حوله بأن “القروي بريء من تهم تبييض الأموال وسيخرج من السجن معززاً مكرماً”.

ويشير الكاتب والصحافي توفيق العياشي لـ”درج” إلى أن “تجليات الصراع بين الرئاستين برزت خصوصاً عندما فرض الرئيس قيس سعيد تعيين عدد من الوزراء المقربين منه، واليوم هشام المشيشي يريد الإطاحة بهذه الأسماء حتى يفقد الرئيس سعيد امتداده في هذه الحكومة. وظهر ذلك جلياً بخاصة في تجاذب حقيبة وزارة الداخلية، بعدما ترأسها توفيق شرف الدين المقرب من سعيد وأطاح به المشيشي بدعوى مجابهة مخططات الفتن الداخلية في الوزارة وحماية القيادات الامنية”.

برز أيضاً التمزق بين طرفي السلطة التنفيذية في تونس، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، من خلال التراشق الكلامي في الخطابات التي كان يلقيها سعيد وفي كل مرة كان كان يقول إن هناك “أطرافاً خبيثة تريد السيطرة على الدولة ودواليب الحكم وإنه على علم باجتماعاتها في الغرف المغلقة وهو يقصد الحزام السياسي للمشيشي”.

كما طفت على السطح خلافات حادة حول السياسة الخارجية لتونس وهنا يشير توفيق العياشي إلى أن هذه الصورة لا تشجع على تجاوز الأزمة الاقتصادية، بخاصة في حال بلوغها الدوائر المالية الدولية المانحة، كما أن الصراع السياسي في الداخل يعيق التفاوض ويظهر للعالم أن السلطة في تونس ممزقة وغير مستقرة.

خلاف سعيد مع المشيشي أساسه تحالف الأخير مع رئيس “حزب قلب تونس” نبيل القروي، الذي يعتبره رئيس الجمهورية رمزاً لقوى الفساد، كما أن سعيد لا يرى أن لـ”حركة النهضة” الحق في أن تكون في الحكم اليوم، بعدما تخلت خلال السنوات الماضية عن استحقاقات وطنية مهمة، على رأسها استرداد الأموال المنهوبة في الخارج ونشر قائمة شهداء وجرحى الثورة والمساهمة في إقرار قانون المصالحة الذي بموجبه تم العفو على الكثير من رجال الأعمال المتهمين بقضايا فساد مالي ونهب للثروات التونسية أثناء حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

لكن في ظل هذه الأجواء الضبابية صحياً وسياسياً في تونس، هل ستنجح محاولة الشباب اليوم في إيصال أصواتهم الغاضبة لتكون وفق بعض المراقبين بوادر اندلاع انتفاضة جديدة، أم ستمضي هذه الشعلة مع انطفاء كانون الثاني ككل سنة؟ 

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.