fbpx

لقاحات “كورونا” في العراق… الخشية من فايروس الفساد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“لقد توقف عملي بسبب انتشار الفايروس في الربع الأول من 2020، والآن نعيش في ظل الإشاعات حول اللقاح”… لا يثق أحمد وكثر غيره من المواطنين بمساعي الحكومة ووزارة الصحة العراقية لتأمين ميزانيه لشراء اللقاح…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لن أتلقى أي لقاح لا أعلم مصدره. أنا وعائلتي لسنا فئران تجارب. حتى الآن تمكنت من أخذ التدابير الوقائية الضرورية، وما تبقى متروك للمشيئة الإلهية، حتى وإن حصلنا على اللقاح، فهو ما زال قيد التجربة ولا نعلم ما هي آثاره الجانبية”. هذا ما يقوله عزيز محمد (35 سنة) من محافظة النجف في جنوب العراق، والذي يعمل موظفاً حكومياً.

بعد عام على تفشّي الوباء، أعلنت منظمة الصحة العالمية في 6 كانون الثاني/ يناير 2021 عن وجود 599965 إصابة بفايروس “كورونا” في العراق، وهذه الأرقام زادت باطراد. كما تؤكد المنظمة أن اللقاح سيكون متاحاً للفئات الأكثر ضعفاً وتضرراً في الشهور المقبلة، وقد يستغرق الأمر أشهراً عدة قبل تطعيم بقية السكان. ويقول الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، “إن الأمر متروك لكل واحد منا للبقاء في حالة تأهب وممارسة التدابير الوقائية الشخصية حتى تأمين اللقاح”.

نظام صحي متهالك

يحذّر كثر من أطباء العراق،  من أن استمرار انتشار الفساد المالي والإداري وتدهور النظام الصحي  في البلاد، سيفاقمان عدد حالات الوفيات للمصابين بفايروس “كورونا”، وسينعكس هذا الإهمال سلباً على تلقي الرعاية الصحية للمرضى. الطبيب مصطفى العاني من مستشفى الكاظمية في بغداد، يقرّ بعدم ثقته بالاجراءات الحكومية لشراء اللقاح ويمكن تحويل المبالغ المخصصة لشراء اللقاح إلى مستلزمات طبية رديئة، في ظل رقابة صحية فاسدة واستنزاف قدرات المستشفيات، وضعف وعي المواطنين. ويؤكد العاني أن عدداً من الاطباء في المشفى الذي يعمل فيه يقومون بشراء معدات الوقاية من فايروس “كورونا” من أموالهم الخاصة.

عانى قطاع الصحة في العراق، الذي يحتل المرتبة 176 من أصل 195 دولة، بحسب المؤشر العالمي للأمن الصحي استناداً إلى لائحة أعدها مركز “جونز هوبكنز”، ونشر للمرة الأولى عام 2019 من مشكلات عدة متعلقة بندرة التمويل، وتدني الأولوية المُعطاة للصحة في الميزانية الحكومية، والبنية التحتية المتداعية ونقص الأطباء وطاقم التمريض، ما يجعل العراق غير قادر على مواجهة فايروس “كورونا”، ووفقاً لـ”منظمة الصحة العالمية”، هناك ما يعادل 8.2 طبيب لكل 10000 نسمة في العراق.

ولاية الفقيه على اللقاح

بعد وصف المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي لقاحات “كوفيد- 19” الغربية بأنها غير جديرة بالثقة،  تباينت آراء المواطنين في الشارع العراقي، وخصوصاً في المدن ذات الغالبية الشيعية، حول إمكان تلقي اللقاح أو رفضه، إذ لا يفصل كثيرون من أنصار النظام الإيراني من العراقيين اللقاحات الغربية عن نظريات المؤامرة.

يقول أحمد بقلي (30 سنة) وهو من بغداد ويعمل في مجال الإغاثة: “إذا توفر اللقاح سوف أحصل عليه لوقاية نفسي لكن لا اعتزم الحصول على اللقاح الصيني Coronavac. أفضل الحصول على لقاح شركة فايزر لأنني على دراية بالتجارب السريرية المعلنة حوله، بينما لا أعرف شيئاً عن اللقاح الصيني وتجاربه السريرية لقلة المعلومات المتوافرة. لقد توقف عملي بسبب انتشار الفايروس في الربع الأول من 2020، والآن نعيش في ظل الإشاعات حول اللقاح فهناك من يرى أنه يسبب العقم أو الوفاة، لكنني لا أصدق تلك الإشاعات”.

لا يثق أحمد وكثر غيره من المواطنين بمساعي الحكومة ووزارة الصحة العراقية لتأمين ميزانيه لشراء اللقاح، ويرجح أحمد أن هذه الصفقات ستشهد المزيد من شبهات الفساد، كما حدث مع وزيرة الصحة السابقة عديلة حمود المتورطة في قضية مباني المستشفيات والعقود المزيفة لتجهيز المستلزمات الطبية وغيرها من القضايا المتعلقة بهدر المال العام والمحاصصة الحزبية للمتنفذين في وزارة الصحة.

“إن الأمر متروك لكل واحد منا للبقاء في حالة تأهب وممارسة التدابير الوقائية الشخصية حتى تأمين اللقاح”.

اللقاح في مهبّ صفقات حكومية

بعد تعاقد العراق مع شركة “فايزر” لشراء اللقاح بسعر مخفض مراعاة للازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، طُرحت أسئلة كبيرة عن قدرة العراق على تخزين اللقاح عند شرائه، والذي يحتاج إلى برّادات خاصة تصل حرارتها إلى سبعين درجة مئوية تحت الصفر، خصوصاً أن البنية التحتية للمؤسسات الصحية في البلاد مترهّلة، فضلاً عن الفوضى التي تحكم عمل هذه المؤسسات، إذ ستكابد الصعوبات في تخزين اللقاح وتوزيعه بشكل عادل على المحتاجين إليه في المراحل الأولى، خصوصاً الكوادر الطبية وكبار السن والمواطنين الذين يعانون من أمراض خطيرة، تضع حياتهم على المحكّ في حال إصابتهم بـ”كورونا”. 

وزير الصحة حسن التميمي كان أعلن عن الاتفاق مع شركة “فايزر” على 1.5 مليون جرعة لقاح بانتظار توفير مستلزمات التبريد لجلبه إلى العراق، وتم الاتفاق على 16 مليون جرعة مع الاتحاد العالمي للقاحات.

يؤكد التميمي أن توزيع اللقاح سيشمل بالمرتبة الأولى الكوادر الصحية والقوات الأمنية وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، ومن ثم سيتم توزيعه بشكل مجاني في محافظة بغداد على مستشفيات الكاظمية، الكرخ، اليرموك، مدينة الطب، الكندي، الإمام علي، الزعفرانية. وفي كل محافظة سيتم تحديد 4 مستشفيات تقوم بعملية التطعيم ومن يأخذ اللقاح يمنح بطاقة لإثبات ذلك عند مراجعته المستشفيات.

يشكك الكاتب السياسي سجاد جياد في قدرة وزارة الصحة العراقية على الوفاء بالتزاماتها، إذ كان أداؤها “دون المستوى لسنوات عدة”. ويكشف جياد أن العراق دفع بالفعل أكثر من مئة مليون دولار لبرنامج COVAX، لضمان حصوله على لقاح معتمد من “منظمة الصحة العالمية”، كما تعاقدت وزارة الصحة مع الشركة المنتجة للقاح “فايزر” لتأمين نسبة من اللقاحات المطلوبة، لكن التأخير ليس مفاجئاً بحسب رأيه، لأن ملفات كهذه لا تنجو من شبهة الفساد، إضافة إلى عدم كفاءة النظام الصحي العراقي في مواجهة أزمات بهذا الحجم.

إقرأوا أيضاً: