fbpx

لبنان: عن تفاهة العونية وعن شرها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كيف لكائن بشري أن يفكر في أن للقاح هوية “وطنية”؟ فعلاً هذا سؤال يجب أن نبحث عن إجابة له، تساعدنا على فهم هؤلاء الذين نعيش معهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حين يستيقظ الشر على حقيقة فشله يصبح أشد إيذاءً. العونية في لبنان تعيش فشلاً استثنائياً جعلها شراً يومياً يدهشنا كل يوم بمزيد من السوء. فعلى نحو مفاجئ اكتشف تيار رئيس الجمهورية ضرورة تنبيهنا إلى أن اللقاح يجب أن يُعطى للبنانيين دون غيرهم من المقيمين في ربوع وطنهم الزاهر. اللقاح لم يصل إلى لبنان، وهو لن يصل قريباً، ومباشرة خطاب الشر هذا هو استعاضة عن التأخير المأساوي في وصول اللقاح، الذي تسببوا به هم أنفسهم، بسبب فسادهم وفشلهم.

ما الذي دفع العونيين إلى إشهار شرورهم في لحظة لم يطرح أحد برنامجاً للتلقيح يشمل غير اللبنانيين؟ لماذا قرر القياديان في التيار ناجي الحايك ووديع عقل مفاتحة اللبنانيين بضرورة تلقيح اللبنانيين دون غيرهم؟ فالبدهي لمن يريد أن يفتح نقاشاً حول اللقاحات في لبنان أن يسأل عن أسباب التأخر باستيراد اللقاح في وقت باشرت فيه دول المنطقة بتلقيح المقيمين على أراضيها من مواطنين ولاجئين! والبدهي أيضاً الإشارة إلى أن التأخر شهرين في المباشرة في التلقيح يعني أن الدولة التي يقف على رأسها ميشال عون تسببت بموت نحو 3 آلاف لبناني ومقيم، إذا ما اعتبرنا أن يوم التأخر عن اللقاح يساوي موت خمسين لبنانياً، على ما تشير الأرقام الجديدة.

صحيح أن الشر تافه على ما عرفته حنة آرنت، إلا أنه مؤذٍ ومعيق لاحتمال مواصلة العيش مع أهله. من المؤذي فعلاً أن نكون شركاء هؤلاء الأشرار ببلد وبوباء وبكارثة. إنهم وباء موازٍ، وكارثة موازية. فالذهاب إلى اللاجئين في لحظة الفشل الاستثنائية في مواجهة الوباء ليس خطوة للهرب من الفشل، إنما تصعيد مجاني لخطاب الكراهية على قاعدة الفشل. فشل رئيس وفشل دولة وفشل مجتمع.

كيف لكائن بشري أن يفكر في أن للقاح هوية “وطنية”؟ فعلاً هذا سؤال يجب أن نبحث عن إجابة له، تساعدنا على فهم هؤلاء الذين نعيش معهم. على هذا النحو يجب أن نقاوم العونية. أي في السعي الدائم إلى فهم تحولات وتحورات الفايروس. العالم كله ذاهب إلى اللقاح من دون وضع حدود بين الملقحين، ذاك أننا أمام وباء تحتاج النجاة منه شروطاً لا يؤمنها التمييز. لهذه الأسباب باشر الأردن تلقيح اللاجئين السوريين والعراقيين بموازاة تلقيحها الأردنيين، ولهذه الأسباب بدأت تصلنا صور لبنانيي الشتات، في أميركا وأوروبا والخليج وهم يتلقون اللقاح. أي تمييز عنصري أو قومي أو جندري في تلقي اللقاح سيفضي إلى فشل العملية كلها. ما الذي دها بعقول هؤلاء الأشرار. نموذجهم الوحيد في العالم الذي يمكن الركون إليه لتفسير شرهم هو إسرائيل التي قررت عدم تزويد فلسطينيي الضفة والقطاع باللقاح. لكن إسرائيل شر من نوع آخر، فهي كانت أسست لعنصريتها بجدار فصل يتيح لها الاعتقاد بأن الفايروس لن يعبر من رام الله إلى تل أبيب، أما هم  فاستحضروا الشر من دون إمكانيته. شر مجاني لا مشروع له أو حتى شرط سياسي. وظيفته الوحيدة هي الكشف عن نفسه والإفصاح عن رغبته بالأذية.

لم يتبادر إلى ذهن النشطاء العونيين حين أرادوا الحديث عن اللقاح أن يفسروا للبنانيين أسباب تأخر وصول اللقاح نحو شهرين إلى لبنان. أن يقضي ثلاثة آلاف لبناني خلال هذه المدة أمر لا قيمة له أمام ضرورة حصر التلقيح باللبنانيين. أن تهز فضيحة بحجم أن ثمة مستشفى بكامله موجود في مستودعات المدينة الرياضية فيما يموت الناس بسبب عدم وجود أماكن لهم في المستشفيات، فهذا أمر لا يعني الخائفين على اللقاح من اللاجئين. فالمستشفى مركون في المستودعات لأن شريكا التيار، “حزب الله” و”حركة أمل” اختلفا حولها وتركا الناس يموتون على أبواب المستشفيات. هذه الفضيحة لا تحضر عونياً حين يتناول مأساتنا مع “كورونا”. ما يحضر هو اللاجئون، علماً أن اللقاح سيصلهم من الجهات المانحة، مثلما سيصلنا نحن اللاجئين في بلدنا وفي بيوتنا من جهات موازية أشفقت علينا بسبب خضوعنا لسلطتكم أيها الأشرار التافهون.

إقرأوا أيضاً: