fbpx

صفوت الشريف “صندوق أسود” للمخابرات المصرية: هل قتل سعاد حسني وعمر خورشيد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

دعوة أسرة خورشيد لتلقي العزاء في الراحل، تزامنت مع تجديد شقيقة الفنانة سعاد حسني، اتهامها لصفوت الشريف بقتل شقيقتها أيضاً، ومطالبتها بضرورة الاقتصاص للفنانة الراحلة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يمت عمر خورشيد فعلياً إلا بعد 40 عاماً من وفاته. بل قُلْ لم يرقد بعد دفنه عام 1981 بسلام، بحسب عائلته، وشقيقه إيهاب، إلا بعدما دفن صفوت الشريف، الرجل الأمني والإعلامي القوي في عهد حسني مبارك عام 2021. انتظرت عائلة خورشيد 40 عاماً لتقبّل التعازي بوفاته. يقول شقيقه إيهاب: “عمر مات مقتولاً وليس بسبب حادث سيارة كما يعرف الجميع، تقرير الطبيب الشرعي ذكر وجود جرح قطعي نافذ في الرقبة، المتسبب في ده معروف للجميع، عبدالحليم حافظ كان يحمي سعاد حسني من الانتهاكات الجنسية اللي كان بيفرضها صفوت الشريف عليها. وبعد وفاة عبدالحليم حافظ أخبرت سعاد حسني شقيقي بالأمر، وسألته إن كان بمقدروه حمايتها، فتوجه على الفور إلى مكتب الشريف وأخبره بأن يبتعد منها ولا يمسها بسوء، وبعدها وقعت الحادثة”. 

 وفور إعلان وفاة صفوت الشريف، طالب إيهاب الجميع بمهاجمة الراحل والفرح بوفاته مستعيناً بقول (فتوى؟) لشيخ اسلامي “من مات من الطغاة والظلمة نفرح بموته، ونشهد على أنه طغى وظلم وتجبر لأننا شهداء الله في ملكه”، وأيضاً لجأ إلى قول منسوب لنبي المسلمين محمد: “موت العبد الفاجر الظالم يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب”، وأعلن إيهاب أن “الأسرة تتقبل واجب العزاء في منزلها في مصر الجديدة… الله يرحمك يا عمر”.

عمر خورشيد

يتهم إيهاب بشكل واضح رجل مبارك الاستخباراتي القوي بالتورّط في وفاة شقيقه، ويسود عُرف بين العائلات المصرية بعدم تقبل العزاء في وفاة المقتول إلا بعد الثأر له. توفى عمر خورشيد، 29  أيار/ مايو 1981 جراء حادث تصادم مروري عقب خروجه من كازينو “الرولاند” هو وزوجته اللبنانية “دينا” في نهاية شارع الهرم أمام مطعم “خريستو”، وحملت قصة وفاته ألغازاً كثيرة.

وكشفت الفنانة مديحة كامل، خلال التحقيقات، مطاردة سيارة لهم قبل الحادث، في إشارة منها لتعمد واضح للقتل، لكن الواقعة بأكملها سجلت وقتها ضد مجهول، بخاصة أن قائد السيارة فر هارباً، ولم يعثر له على أثر.

الفنانة مها عوف الزوجة الرابعة لخورشيد، كشفت خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي عبر التلفزيون المصري، أنها تشعر بأن حادث السيارة مُدبر، موحية بأن “الذبح في رقبته ليس بسبب الزجاج، عندما تمت معاينة السيارة عرفنا أن الزجاج ينزل زي البودرة ما بيدبحش، لكن كان فيه جرح 30 سنتم، في الرقبة مقطوعة ووريد مقطوع، الحادث غامض وغير معلوم من يقف وراءه حتى اللحظة”، متابعة: “لن تستطيع طوال عمرك أن تعرف كيف توفيت سعاد حسني، أو أشرف مروان، ربنا هو اللي يعلم وهو اللي بيحاسب”.

وفاة عمر خورشيد أحدثت صدى كبيراً داخل المجتمع حينها، فهو شقيق الفنانة شيريهان وتزوج فنانات منهن مها أبو عوف، وميرفت أمين وابنة المطربة اللبنانية صباح، كما أن مسيرته الفنية تقاطعت مع عدد كبير من الفنانين، أبرزهم: محمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وأم كلثوم. بدأ عمله السينمائي بدور في فيلم “ابنتي العزيزة” الذي أخرجه حلمي رفلة عام 1971، وشاركت في بطولته نجاة الصغيرة ورشدي أباظة، وكانت أول بطولة مطلقة له مع الفنانة صباح في فيلم “غيتار الحب”.

الفنانة الراحلة سعاد حسني قالت في مذكّراتها، التي نشرت بعد وفاتها في صحيفة “روز اليوسف” المصرية، إن صفوت الشريف أعد مؤامرات كثيرة للانتقام من خورشيد، حتى إنه أطلق شائعة ارتباط خورشيد بابنة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للانتقام منه من ناحية، والتقرب من السادات من ناحية أخرى، كما أن الشريف أطلق شائعة سفر خورشيد إلى تل أبيب في الوقت الذي كانت فيه كل الدول العربية حزينة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ما تسبب في منع إقامة الكثير من حفلات خورشيد في الدول العربية. 

“موت العبد الفاجر الظالم يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب”

تاريخ عدائي بين الشريف وعائلة “خورشيد”

إيهاب خورشيد قال إن شقيقه عمر ذهب إلى صفوت الشريف وهدده بفضحه وفضح ممارساته إذا لم يكف عن محاولته إجبار سعاد حسني على ممارسة الجنس مع بعض الشخصيات التي تستهدفها المخابرات، لافتا إلى أن سعاد حسني أخبرت عمر بذلك طلباً لحمايتها بعد وفاة عبدالحليم حافظ الذي كان يحميها من ممارسات الشريف.

وأوضح إيهاب أن الشريف كان يستهدف عائلة خورشيد بشكل شخصي لأن والدته اعتماد شهدت ضده في محكمة الثورة عام 1968، و”نتيجة الشهادة دي بعد ما بقى وزير انتقم منها ومن أولادها”، لافتاً إلى أنه استمر في تعذيب العائلة 50 سنة، لدرجة أنه كان يعاقب أبناء اعتماد بالفصل من العمل إذا تجرأ أحدهم على التواصل معها. 

أسرة سعاد حسني تبحث عن القصاص 

دعوة أسرة خورشيد لتلقي العزاء في الراحل، تزامنت مع تجديد شقيقة الفنانة سعاد حسني، اتهامها لصفوت الشريف بقتل شقيقتها أيضاً، ومطالبتها بضرورة الاقتصاص للفنانة الراحلة، وقالت شقيقتها جانجاه عبدالمنعم: “حقها لم يتحقق بعد ولم نقتص لها، نبحث عن حقها بشكل قانوني حتى يعرف الناس حقيقة ما حدث”.

توفيت السندريلا –سعاد حسني- 21 حزيران/ يونيو 2001، إثر سقوطها من شرفة شقة في الطبقة السادسة من مبنى “ستوارت تاور” في العاصمة البريطانية لندن، وأثارت حادثة وفاتها جدلاً واسعاً بخاصة أن الحادث وقع بعد إعلانها عن نشر مذكراتها، وأعلنت السلطات البريطانية والمصرية أنها انتحرت إثر مرورها بحالة نفسية سيئة، ولم تشر تحقيقات لندن إلى وجود شبهة جنائية في الحادث. 

تشييع سعاد حسني عام 2001 في القاهرة

الربط بين صفوت الشريف الذي حمل اسماً حركياً (موافي) ووفاة سعاد حسني وعمر خورشيد وعلاقته بهما، حكاية تكشّفت تفاصيلها بعد خضوع الأخير مع مجموعة من قسم مندوبي الجهاز المعروفين باسم “المجموعة 98” للتحقيق في قضية “انحرافات جهاز المخابرات”، وكان أشهرهم رئيس الجهاز الأسبق صلاح نصرعقب نكسة 1967. تركزت التحقيقات حول ما يعرف بعمليات الـ”كنترول”، وتعتمد على الحصول على صور أو أفلام تُثبت وجود علاقة جنسية مشينة للشخص المطلوب السيطرة عليه، لاستغلال هذا الأمر في أعمال المخابرات وفي الضغط على هذا الشخص لتجنيده لمصلحة المخابرات أو لتنفيذ مهمات بعينها. ووفقاً للتحقيقات فإن “موافي” اعترف بأن هذه العمليات كانت تستخدم على مستوى سياسي كسلاح في يد الدولة بالنسبة إلى الشخصيات الكبيرة في البلاد الأخرى بخاصة العربية، وأحيانا كانت للسيطرة على بعض المعارضين أو المناهضين، أو يتم تخزين المعلومات لاستخدامها في الوقت المناسب. 

بدأ صفوت الشريف حياته ضابطاً في المخابرات، إبان حقبة الرئيس جمال عبدالناصر، غير أن قضية “انحرافات جهاز المخابرات” أنهت طموحه المهني، لكنه عاد إلى الأضواء من جديد مستغلاً مهاراته التي اكتسبها داخل الجهاز، والتي أهلته إلى ترؤس الهيئة المصرية للاستعلامات، ثم تولى منصب وزير الإعلام لعقدين، ورئيساً لمجلس الشورى، وأميناً عاماً للحزب الوطني الحاكم، قبل أن تنهي ثورة 25 يناير حكم مبارك ورموزه، ويحاكم الشريف ويدان بكسب غير مشروع يقدر بملايين الجنيهات.

علاقة السندريلا مع المخابرات: من التجنيد إلى القتل 

كشفت اعتماد خورشيد، زوجة رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق صلاح نصر، وهي سليلة إحدى العائلات الإقطاعية التي كانت على علاقة مباشرة بالملك فاروق، وجمعت علاقة صداقة بين خالها والرئيس الراحل جمال عبدالناصر من طريق عضو مجلس قيادة الثورة حسن إبراهيم، والتي تزوجت مدير التصوير أحمد خورشيد –والد عمر خورشيد- لاحقاً، أن قصة تجنيد سعاد حسني بدأت عندما عهد صلاح نصر إلى صفوت الشريف بأن يجند الأخيرة بتصوير فيلم جنسي لها من دون علمها. فورطها في علاقة عاطفية مع شاب ادعى أنه فرنسي، لكنه كان يعمل في إذاعة البرنامج الأوروبي ويجيد الحديث بلغات عدة، وانبهرت السندريلا به والتقت به مراراً، وزرع الشريف كاميرات مراقبة دقيقة في المكان الذي يشهد لقاءاتهما، واستغل ما صوره لها في تجنيدها.

وكشفت خورشيد أن سعاد حسني لم تنتحر بل قتلت بعد اتخاذها قراراً بكتابة مذكراتها وبيعها لاحتياجها الشديد إلى المال للعلاج، بعدما طلبت من صفوت الشريف أكثر من مرة إرسال أموال لها وامتناعه عن ذلك، وبمجرد علم صفوت الشريف بالأمر اتخذ قراره، بخاصة بعد علمه باجتماعها مع الصحافي والإعلامي عبداللطيف المناوي لكتابة المذكرات. 

ولم تتوقف قائمة الفنانات المُستخدمات في الإيقاع بالشخصيات الديبلوماسية والسياسية الشهيرة عند سعاد حسني، فقد امتدت إلى كثيرات. ذكرت اعتماد خورشيد بعضهن، كالفنانة شريفة ماهر، شويكار ومريم فخر الدين وفاتن حمامة وصولاً إلى المغربية سميرة سعيد، مشيرة إلى أن صلاح طلب منها تجنيد لبنى عبد العزيز، وليلى طاهر وهند رستم وأخريات، غير أنها رفضت وطلبت منهن السفر خارج البلاد، ونوهت أن الفنانة برلنتي عبدالحميد تم تجنيدها بإرادتها لحاجتها إلى المال.

كشفت خورشيد أن سعاد حسني لم تنتحر بل قتلت بعد اتخاذها قراراً بكتابة مذكراتها وبيعها لاحتياجها الشديد إلى المال للعلاج.

حسني مبارك من ضحايا صفوت الشريف!

ذكرت مصادر وشخصيات عامة وسياسية أن الشريف “موافي” استمر حتماً في ممارسة مهنته الأثيرة، حتى بعدما أصبح وزيراً للإعلام لأكثر من عقدين، وأنه كان يستثمر هذه الشرائط لإخضاع السياسيين والخصوم، لكن اعتماد خورشيد قطعت الشك باليقين عندما أكدت قيامه بالسيطرة على عدد من السياسيين والوزراء في جميع الحكومات، باستخدام طريقة “الكنترول” حتى وصل إلى مبارك نفسه، الذي أكدت أنه سجل له فيلماً جنسياً بالطريقة التي استخدمها مع سعاد حسني، لذلك يخشاه الجميع. وقد ظل إخضاع الفنانين والمشاهير للـ”كنترول” سيناريو متبعاً ومستمراً، وتوسع تنفيذه عند جهاز “أمن الدولة” التابع لوزارة الداخلية بخاصة في عهد حبيب العادلي، وقد اعترف العادلي بتنصت “الداخلية” وتجسسها على المواطنين والمشاهير خلال إحدى جلسات محاكمته بعد ثورة يناير.

ولا يزال كثر من رجال المخابرات المصريين ينظرون إلى الشريف بـ”احترام وتقدير” باعتباره ضابطاً “وطنياً” أدى المهمات المطلوبة منه لأغراض سياسية وطنية، وليس بصفته عنصراً فاسداً يستوجب التقويم والمحاكمة. وقد كان حسني مبارك يدافع عن “الشريف” دائماً، قائلاً إنه كان يقوم بدور وطني موكل إليه ليس إلا. وخرجت وسائل إعلام مقربة من النظام المصري للدفاع عن صفوت الشريف بعد وفاته، ولمحاولة نفي الاتهامات الموجهة إليه.

جانجاه عبدالمنعم، الأخت غير الشقيقة للفنانة سعاد حسني، قالت إن “حقيقة ما حدث للسندريلا وكواليس مقتلها يجب أن تظهر حتى بعد وفاة الأطراف كلها في القضية”، وعلى غرار السندريلا تنتظر عائلات كثيرة الاقتصاص لذويهم ممن سقطوا ضحايا لممارسات وانحرافات غير سوية لـ”موافي” وعناصر مخابراته. 

إقرأوا أيضاً: