fbpx

تفجيرات بغداد: هل استيقظ المسخ؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما حصل في باب شرقي في بغداد هو عملية مركبة شاركت فيها خلية بأكملها تحضيراً وتخطيطاً وتنفيذاً، وتصبح هذه الحقيقة مخيفة حين نردها إلى حقيقة استيقاظ التنظيم في البادية السورية وتنفيذه عمليات مركبة أيضاً…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل نحو سنتين زرنا بغداد والتقينا مسؤولين فيها، وبينما كان الأمنيون ممن التقيناهم يؤكدون أن “داعش” ما زال يتحرك في مساحات غير حضرية واسعة في الصحراء الغربية، وأن مواجهات يومية تقع بين فلوله وبين القوى العسكرية العراقية، كان السياسيون يتصرفون وكأنهم انتقلوا إلى مرحلة ما بعد “داعش”، وكان الانتصار على التنظيم جزءاً من مشهد “انتصار” أوسع على القاعدة الاجتماعية والمذهبية التي بنى التنظيم نفوذه فيها.

ماذا تقول لنا تفجيرات بغداد اليوم؟ هل استيقظ التنظيم؟ فتفجيرات اليوم ليست عملاً يائساً نفذه انغماسي فردي. ما حصل في باب شرقي في بغداد هو عملية مركبة شاركت فيها خلية بأكملها تحضيراً وتخطيطاً وتنفيذاً، وتصبح هذه الحقيقة مخيفة حين نردها إلى حقيقة استيقاظ التنظيم في البادية السورية وتنفيذه عمليات مركبة أيضاً، سقط في إحداها في ريف مدينة دير الزور نحو 40 قتيلاً من جنود النظام السوري.

لم يولد “داعش” من الفراغ، بل ولد في لحظة سياسية شديدة الوضوح. كان جواباً على “انتصار الشيعة على السنة” على رغم أن ضحاياه من السنة فاقوا ضحاياه من أي جماعة أخرى. النصر على التنظيم كان عسكرياً ولم يترافق مع أي تسوية سياسية، لا بل نجم عن هذا النصر تكثيف لهزيمة السنّة في العراق وسوريا. يقول صديقنا حسن أبو هنية، وهو أكثر العارفين بخبايا التنظيم إن السؤال ليس هل سيستيقط “داعش”؟ إنما متى سيستيقظ؟ ذاك أن استيقاظه أمر لا بد منه، فهو نائم اليوم في البادية بانتظار لحظة سياسية توفر له معاودة تدفقه على المشهد. واليوم يوفر الواقع في العراق وفي سوريا فرصاً حقيقية لمعاودة التنظيم نشاطه وإن وفق شروط مختلفة. 

إنها لحظة “زرقاوية” ومشهد “زرقاوي”، الانقضاض الوغدي على المدنيين في لحظة مذهبية شديدة الدلالة.

عملية اليوم في بغداد وقبلها في دير الزور وبينهما هجمات عدة في الصحراء وفي البادية، مؤشرات تدعو إلى قلق فعلي. فبغداد التي تتحرك فيها فرق الموت التابعة للفصائل الموالية لإيران، لن تكون عصية على فرق موت موازية. الفراغ الأمني الهائل الذي يوفره الفراغ السياسي والمزاج الانتصاري، فرصة حقيقية للتنظيم. هذا في بغداد، أما في البادية والصحراء فالفرص مضاعفة.

إنها لحظة “زرقاوية” ومشهد “زرقاوي”، الانقضاض الوغدي على المدنيين في لحظة مذهبية شديدة الدلالة. لا فرص تلوح لأي تسوية، فقد تم خنق انتفاضة الشباب بالعصا الإيرانية، ولا أحد يفكر بملايين المقيمين في المخيمات، وأهل مدن الغرب والشمال هم ذميو الدولة وسلطتها العميقة. 

و”داعش” وفي أعقاب القتل السهل لـ”خليفته” أبو بكر البغدادي، عاد ونصب خليفة من الحلقة الأمنية للتنظيم وليس من الوجوه “الشرعية” على ما كانت حال السلف. إنه أبو إبراهيم الهاشمي، وهو عراقي تركماني من مدينة تلعفر التي يتحدر منها معظم أمنيو التنظيم. والخليفة الجديد كان قريباً جداً من المؤسس الفعلي للتنظيم أبو علي الأنباري الذي قتل في سوريا. والمؤشرات تقول إن الهاشمي قرر العودة إلى ما قبل مرحلة السيطرة المكانية، أي إلى حروب العصابات القائمة على العمل الأمني، وعلى بناء الخلايا النائمة، التي تستيقظ في لحظات يسبقها عمل وصبر وتخطيط.

عملية بغداد اليوم إذا ما ربطت بعمليات دير الزور والبادية السورية، قد تكون افتتاحاً لزمن مختلف في العراق والأرجح في سوريا.

المشهد بين العراق وسوريا يكفي لمستوى من الخوف والتشاؤم. للاستعصاء في سوريا أصداء في العراق والعكس صحيح، والحدود بين البلدين مخترقة بصدع مذهبي هائل، ومثلما تؤمن هذه الحدود فرصاً للغارات الإسرائيلية على مواقع القوى الموالية لإيران التي تعبر مواكبها هذه الحدود خلال جولات القتال المذهبي في البلدين، توفر أيضاً فرصاً للتنظيم المسخي ليُنشئ نفوذه في تلك البيئة العشائرية، التي أقصيت عن التسويات السياسية، وتحولت إلى جماعة مهزومة تقيم في مخيمات البؤس التي تزنر كل من العراق وسوريا. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!