fbpx

لبنان: جميل السيد يحمي رياض سلامة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

العدالة اللبنانية المترنحة في أقبية الفساد والانقسام هي اليوم أمام فضيحة عجزها، وأهل النظام الذي أسس للخلل في هذه العدالة لم يجد سوى جميل السيد ليتولى رد الفرصة التي تلوح إلى الصدع البائس نفسه، أي إلى الانقسام بين مؤيد لسلامة ومؤيد للسيد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 إحدى أبرز نقاط ضعفنا في معركتنا مع رياض سلامة هي أن جميل السيد وقف معنا فيها. هنا تصح عبارة زياد الرحباني الأثيرة: “اجو قعدو معنا في الخندق”. فسلامة نقطة تتقاطع عندها كل أقنية الفساد في النظام اللبناني، وهو يتولى تصريف حاجات هذا النظام عبر أنظمة التفلت من الرقابة على التحويلات، وتأمين البنية المصرفية لجمهورية الفساد، وجميل السيد هو ابن هذا النظام وربيبه، ومؤسس منظومة ارتهانه واستتباعه، وهنا يبدو انحيازه لنا في معركتنا أقرب إلى “قشرة الموز” التي يسعى صاحبها إلى حماية الحاكم من “كلن يعني كلن”.

نعم، رياض سلامة ليس وحيداً في هذه المعركة. يصطف إلى جانبه فيها كل النظام. في اللحظة التي يظهر فيها العونيون في مواجهته يتنفس الرجل الصعداء، فهو أمن بذلك منظومة دفاع عنه، يستيقظ خلالها خصوم العونيين، وحين ينبري جميل السيد للهجوم عليه، فهذا ما يشد من عضده. إنها المعادلة اللبنانية البائسة. الحماية تأتي من الخصم المذهبي، أو الخصم العصبوي. إنه النظام نفسه، على هذا النحو يشتغل، وعلى هذا النحو يدير السرقة والفساد، وهو اليوم يسعى لحماية رياض سلامة، عبر إدراج الفضيحة في سياق الانقسام، وتهرع وراء هذا المنطق وسائل إعلام، فتتصدى الـ”أم تي في” للسيد، فيما تجيبها الـ”ال بي سي” بقرائنه، ذاك أن الأخيرة تشعر بخيبة نقله موازنة إعلاناته منها بعد انتقال “كلام الناس” منها إلى “أم تي في”.

الفساد في لبنان لم يعد شأناً لبنانياً، وإن كنا نحن اللبنانيين ضحاياه الأُوَل. إنه شأن سويسري، وتمريره عبر القنوات المصرفية في جنيف يعني للسلطات وللرأي العام السويسري قبولاً بانتقاله إلى بلادهم.

في هذه المعمعة يتم طمس قضية بحجم السرقة التاريخية التي تعرض لها اللبنانيون، عندما أهدى رياض سلامة مدخراتهم لرجال السياسة والفساد ومن بينهم طبعاً جميل السيد، وتقاضى عمولته التي يبدو أنها لا تقتصر على المبلغ الذي أشارت إليه السلطات القضائية السويسرية. فالطبقة السياسية كلها، الموزعة بين ولائي البؤس والارتهان، أي 14 و8 آذار، ستكون تحت مرمى استهداف القضاء غير اللبناني اذا ما وضع هذا الأخير يده على ملف عقدة الفساد الرئيسة في لبنان. تطوع جميل السيد للشهادة في هذه القضية على ما أعلن الرجل قبل يومين، يمثل سعياً لرد القضية إلى سياقها اللبناني. أي إلى قصرها على محتواها العصبوي البائس. وهذا، وإن كان من الصعب تصريفه في العدالة السويسرية، إلا أنه فعال جداً في لبنان، ويمكن عبره بناء خصومة تحمي الحاكم، وتجعل منه منصة مواجهة مع ما يمثله جميل السيد في وعي خصومه.

ثمة “عبقرية” شيطانية وشريرة يجيد النظام توظيفها خلال سعيه للنجاة. لكننا هذه المرة أمام أفق مختلف. الفساد في لبنان لم يعد شأناً لبنانياً، وإن كنا نحن اللبنانيين ضحاياه الأُوَل. إنه شأن سويسري، وتمريره عبر القنوات المصرفية في جنيف يعني للسلطات وللرأي العام السويسري قبولاً بانتقاله إلى بلادهم. يحصل شيء مشابه أيضاً في بريطانيا في موضوع باخرة الموت التي نقلت الأمونيوم إلى لبنان. فالشركة صاحبة الباخرة مسجلة في بريطانيا، وبدأ نواب بريطانيون بحث السلطات القضائية في بلادهم للتحرك، وإلا “نكون شركاء في الجريمة”.

إقرأوا أيضاً:

وفي مقابل الفساد اللبناني المعولم، بدأت ملامح عدالة معولمة تلوح، وهذه فرصة فعلية للضحايا طالما أن القضاء في بلادهم عاجز عن التحرك. خالفت المصارف اللبنانية القانون بحق كل لبناني، وعجزنا عن العثور على قاضٍ واحد يقف إلى جانبنا. وعدنا رئيس الجمهورية بالكشف عن ملابسات انفجار المرفأ خلال خمسة أيام، ومرت ستة أشهر والجناة ما زالوا أحراراً! الجرائم في الحالين معلنة ومكشوفة، ولا تحتاج إلى أكثر من رغبة بالعدالة. صحافي لا يملك إمكانات المحققين الجنائيين كشف أسرار باخرة الموت التي لم يكشفها القضاة اللبنانيون، ومدع عام سويسري لم يعد يقوى على الصمت حيال ضغوط المجتمع المدني في بلاده قرر فتح تحقيق مع رياض سلامة.

العدالة اللبنانية المترنحة في أقبية الفساد والانقسام هي اليوم أمام فضيحة عجزها، وأهل النظام الذي أسس للخلل في هذه العدالة لم يجد سوى جميل السيد ليتولى رد الفرصة التي تلوح إلى الصدع البائس نفسه، أي إلى الانقسام بين مؤيد لسلامة ومؤيد للسيد.

لو أن الأمر ما زال بيد “العدالة اللبنانية” لكانت لهذا المسعى فرصه. الأرجح أن العدالة الدولية في مكان آخر تماماً.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.