fbpx

لبنان: الحريري وسر الاستعصاء العوني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نحن والحال أمام سعد الحريري وهو يستظل سقفاً فرنسياً وشت زيارة ماكرون لبيروت بماهية العسر الذي سيتنكبه جبران باسيل أمام جدرانه إذا تمت مقاربته باليسر الذي أتاحته له التسوية الأولى.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعرف سعد الحريري أن الاستعصاء الذي يواجه تشكيل حكومته يراوح بين مسارين لا ثالث لهما، إما تشكيلها بشروط ميشال عون، وبالتالي جبران باسيل، أو الاعتذار، وما دون المسارين المذكورين هناك الإقامة الطويلة في تكليف يجعل الحريري نفسه سبباً رئيساً من أسباب استعصاء التشكيل، وعلى سوية واحدة مع عون وصهره.

في المسار الأول، فإن الركون إلى وقائع سابقة يفضي إلى أننا أمام “حريري” سيتنازل في نهاية الأمر أمام الشروط العونية، والمبرر الحريري حاضر كما كل مرة، “مصلحة البلد”، فيما هذه المصلحة المفترضة لا تلبث أن تكون تكراراً مقيتاً لتجارب سلطوية عونية ترى في البلاد والعباد مسرحاً لنزوات هي أسوأ ما أنتجت السياسة اللبنانية. وبالتالي، فإن الحريري إذا سار بالإرادة العونية، ولو مُكرهاً، سيبدو في استعصائه الممتد منذ التكليف حتى لحظة استسلامه المفترضة، شريكاً كامل المسؤولية في ترك بلد يعيش أسوأ أزماته الاقتصادية والاجتماعية والصحية، بلا حكومة تُدير هذا البؤس، وقطعاً مع افتراض يلزمه كم هائل من حسن النيات، منا كلبنانيين، في أن سلطويين مُجربين ومكررين يمكن أن يهزموا فينا الظنون التي أدمنت بهم الخيبة والسوء.

يعرف سعد الحريري أن الاستعصاء الذي يواجه تشكيل حكومته يراوح بين مسارين لا ثالث لهما،

إما تشكيلها بشروط ميشال عون، وبالتالي جبران باسيل،

أو الاعتذار.

لن يتراجع عون إذاً، ومن يعرف الرجل، يعرف أن ما يريده يجب أن يناله ولو كلف الأمر انهياراً ناجزاً، طالما أن عقل الرجل يفترض أن اللبنانيين ليسوا إلا هوامش بشرية في سيرة ذاتية لا تحتمل المفاضلة مع أحد. وما كان ليقدمه عون وصهره من تنازلات في ما فات من عهدهما، ولم يقدماه، يبدو مستحيلاً وقد دخلا في السنتين الأخيرتين منه. واستشراف عقل كهذا يفضي إلى نتيجة حتمية هي تكريس هيمنة عونية صافية، وذلك ربطاً بالاستحقاق الرئاسي إذا لم يتح ملء شغوره، أو بالمآل الدستوري الطبيعي للرئاسة إذا ما كُتب له أن يحاكي المخيلة العونية في أن جبران باسيل هو رئيسنا المقبل.

  ماذا عن اعتذار الحريري؟

مسار كهذا هو بالطبع مطلب عوني، وفيديو القصر الذي سرّب منذ فترة وجيزة ويتهم خلاله عون الحريري بالكذب، كان مؤشراً واضحاً على هذا المطلب. لكن سؤالاً ضرورياً يُطرح هنا، طالما أن التسوية الرئاسية بين عون والحريري كانت تفوح منها رائحة مكتسبات نالها جبران باسيل، من تكتل نيابي هو الأكبر لبنانياً، إلى سلطة مطلقة في الوزارات والإدارة والمؤسسات الأمنية والقضائية التي حازها، لماذا يرفض عون وباسيل تكليف الحريري الذي كان المساهم الأكبر في الغلة العونية الراهنة في السلطة، علماً أن الحريري كما يعرفه العونيون نموذج مثالي في التسويات التي يتوقون إليها؟

رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري

  الجواب الأكثر قابلية للصرف والذي يستشعره العونيون، أنَّ التسوية الأولى ارتكبها الحريري بإرادته، والرجل بدا حينها معزولاً عن أي سقف عربي أو دولي، وهو ما ترك لباسيل تحديداً، الاستثمار في عزلة حريرية معطوفة على جائحة مالية عند رجل يبحث عن تعويض ما كيفما اتفق، لكن التسوية الجديدة يأتي إليها الحريري أقله بسقف دولي أمنته المبادرة الفرنسية، والتي بالمناسبة هي غث مكين بدلالة أن رجلها لبنانياً ليس إلا سعد الحريري.

نحن والحال إذاً أمام سعد الحريري وهو يستظل سقفاً فرنسياً وشت زيارة ماكرون لبيروت بماهية العسر الذي سيتنكبه جبران باسيل أمام جدرانه إذا تمت مقاربته باليسر الذي أتاحته له التسوية الأولى. هو ما يدفع باسيل إلى اجتراح معايير هدفها دفع الحريري إلى الاعتذار، وبالتالي إسقاط المبادرة الفرنسية التي لن تبحث على الأرجح عن رجلٍ آخر لها، وسيكتفي رئيس فرنسا بهذا القدر من المجازفة، الأمر الذي يُتيح للعهد المفاضلة بين حكومة حسان دياب لتصريف الأعمال، وقد صارت ظلاً للمجلس الأعلى للدفاع، أو الذهاب إلى استشارات نيابية جديدة لا يرى العونيون مآلاتها إلا في شخصية تتيح التسوية معها إطلاق يدهم في السلطة التي لم تنضب مغرياتها أمامهم، لا سيما إذا سارت خطايا حاكم المصرف المركزي رياض سلامة إلى قدرها المحتوم.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.