fbpx

الإيرانيون يزدادون فقراً… فماذا يفعل النظام؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“بعد الوباء، إذا لم تستطع الجمهوريّة الإسلاميّة الحدّ من انتشار الفقر، فقد تواجه مشكلات سياسيّة واجتماعيّة”. ثمّة خطر محدِق يُهدّد النظام في هذا السياق…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان ما زال بإمكان محمّد شراء الفاكهة والدجاج الطازج لأطفاله الثلاثة. ولكن مع تدمير العقوبات الأميركيّة ووباء “كورونا” الاقتصادَ الإيرانيّ وارتفاع نسبة التضخّم، ورفع أسعار الفواكه الطازجة ثلاثةَ أمثال تقريباً، يقتات الآن محمّد وأسرته، بعدما فقد عمله، على الخبز والبطاطس والبيض، وهذا بعدما حصل على “علاوات” من الدولة، وباع بعضَ أثاث المنزل وأجهزته، ولجأ إلى مدخّراته.

قال محمّد، الذي أُصِيب في طفولته بشلل الأطفال وتوقّف منذ ثلاثة أعوام عن بيع السجائر بسبب إعاقته، “أتلقّى نحو 9 ملايين ريال إيرانيّ شهريّاً (38 دولاراً أميركيّاً)، مساعدةً ماليّة من الحكومة، وأُنفِق مثل هذا المبلغ من أموالي الخاصّة. وما زلنا نعيش كلاجئين في زمن الحرب”.

وقع الملايين في براثن الفقر المدقِع على مدار العام الماضي، ما زاد من الضغوط الواقعة على النظام، في العام الذي يشهد الانتخابات الإيرانيّة، من أجل استئناف الاتّفاق النوويّ مع الرئيس الأميركيّ الجديد جو بايدن.

“يعيش أكثر من 60 في المئة من أفراد المجتمع الإيرانيّ في فقرٍ نسبيّ، لأنّ أجور العمّال لا تكفي سوى ثلث احتياجاتهم المعيشيّة”.

تفخر الجمهوريّة الإسلاميّة بأنّ اقتصادها صمد في وجه العقوبات الأميركيّة ووباء “كورونا”، ويرجع ذلك جزئيّاً إلى الصادرات غير النفطيّة (كالبتروكيماويّات والصلب)، وأعمال المقايضة، وبيع كمّيات صغيرة من النفط الخام إلى الصين. ولكنّ كثراً من الإيرانيّين اليوم أزدادوا فقراً، مقارنة بما كانوا عليه حين أعلن دونالد ترامب انسحاب الولايات المتّحدة من الاتّفاق النوويّ الذي قامت الجمهوريّة الإسلاميّة بتوقيعه مع القوى الكبرى.

قال فرامرز توفيقي، رئيس لجنة الأجور في مجلس العمل الإسلاميّ، وهو رابطة للعلاقات الصناعيّة، “يعيش أكثر من 60 في المئة من أفراد المجتمع الإيرانيّ في فقرٍ نسبيّ، لأنّ أجور العمّال لا تكفي سوى ثلث احتياجاتهم المعيشيّة. ونصف مَن يعيشون تحت خطّ الفقر يعانون من فقرٍ مدقِع”.

في حين أكّد سعيد ليلاز، وهو اقتصاديّ من التيّار الإصلاحيّ، الأرقامَ التي استشهد بها توفيقي، وقال إنّ عددَ الذين يعانون الفقر المدقِع قد زاد خمسة أمثال في الأعوام الثلاثة التي أعقبت انسحابَ الولايات المتّحدة من الاتّفاق النوويّ وإعادة فرض العقوبات. ولكن لا أرقام حكوميّة رسميّة متاحة حول الفقر، فيما يعتمد الخبراء على بيانات القوّة الشرائيّة لتقدير نسبة الفقر.

أضاف ليلاز أنّ ارتفاع معدّلات الفقر زاد الضغوط على النظام لإعادة المحادثات مع الولايات المتّحدة، موضحاً أنّه “بعد الوباء، إذا لم تستطع الجمهوريّة الإسلاميّة الحدّ من انتشار الفقر، فقد تواجه مشكلات سياسيّة واجتماعيّة. لذا على الحكومة أن تخفّف على الشعب الضغوط الهائلة التي يعانون منها على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة”.

يصل معدّل التضخّم السنويّ الرسميّ الآن إلى 46.2 في المئة، مقارنةً بأقلّ من 10 في المئة في أيار/ مايو 2018، حين انسحبت الولايات المتّحدة من الاتّفاق النوويّ. وقد ارتفعت أسعار الطعام والشراب مرّة أخرى، إذ يشكو الإيرانيّون من أنّ أسعار الدجاج والأرز والبيض تضاعفت تقريباً خلال العام الماضي، فيما زادت أسعار البقول والزيوت النباتيّة نحو ثلاث مرات. وفي بلدٍ تصل فيه نسبة البطالة في أوساط الشباب إلى 16.5 في المئة، فَقَد كثرٌ من العمّال وظائفهم خلال العام الماضي نتيجةَ الوباء.

يرى محلّلون أنّ كثيرون كانوا لِيتضوّروا جوعاً لولا الإعانات الحكوميّة الشهريّة التي تقدَّم للتعويض عن خفض دعم الطاقة، فضلاً عن إعانات المساعدة للتخفيف من آثار الوباء.

إقرأوا أيضاً:

يُغطّي النظام الذكيّ للدفع النقديّ في إيران حوالى نصف السكان البالغ عددهم 83 مليون نسمة، ويستهدف أولئك الذين ليس لديهم مصدر للدخل، فيحقّ لأشدّ الأسر فقراً -التي يبلغ متوسّط عدد أفرادها أربعة أفراد- الحصولُ على ما لا يقلّ عن 5 ملايين و700 ألف ريال شهريّاً، وهو ما يكفي لشراء الخبز والبطاطس. وقد ساعد ذلك على جعل الخبز “في متناول الكثير من الأسر، ويساعدها على النجاة من الموت جوعاً”، بحسب ما قاله ليلاز.

وقال غودرات، وهو حارس يعمل في مبنى سكنيّ في منطقة شمال طهران الثريّة، إنّ أجره الشهريّ البالغ 18.5 مليون ريال قد زاد إلى 24 مليون ريال منذ آذار/ مارس 2020، لكنّه ما زال يكافح للعيش على حدّ الكفاف، فهو يُرسل تقريباً كلَّ راتبه إلى زوجتِه وطفلَيه الذين يعيشون في مدينة أخرى ليتمكّنوا من البقاء على قيد الحياة. وأضاف: “لم أشعر من قَبل في حياتي أنّني تحت وطأة مثل هذا الضغط الماليّ الهائل. فقد صرت أتناول كمّيات أقلّ من الطعام هذه الأيّام، وأعتمد على الجيران الذين يقدّمون لي الطعام أحياناً. ولكن قد تمرّ عليّ ليالٍ أنام جائعاً أو أيّام لا أجد خلالها سوى الماء أو الشاي لأسدّ رمقي على الإفطار”.

في مدينة زاهدان- وهي واحدة من أشدّ المناطق حرماناً في البلاد- يقول العاملون في مجال الأعمال الخيريّة إنّ الوضع أصبح أسوأ بكثير. وتُقدّم جمعية “عابد فافامانش” الخيريّة المساعدات إلى 370 أسرة، وهو ما يعادل أربعة أمثال ما كانت عليه الأسر في العام الماضي؛ ويُعزَى ذلك -إلى حدٍّ كبير- إلى هجرة الفقراء من المدن الأكبر والأكثر تكلفةً”، موضحاً أنّ “الأسر التي لديها طفلان، تعيش في مساكن إيواء مساحتها لا تتجاوز 12 متراً مربّعاً، ولا يجدون ما يأكلونه على الإفطار”.

تفخر الجمهوريّة الإسلاميّة بأنّ اقتصادها صمد في وجه العقوبات الأميركيّة ووباء “كورونا”.

ثمّة خطر محدِق يُهدّد النظام في هذا السياق، يتمثّل في أنّ هذا الفقر المدقِع يُمكن أن تترتّب عليه أيضاً عواقب سياسيّة. فقد وُوجِهت احتجاجات الفقراء التي اندلعت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بالعنف، وقُمِعت بصورة وحشيّة، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص. أعرب فرامرز توفيقي عن مدى خطورة هذا الوضع قائلاً، “إذا لم نتمكّن من التصدّي للفجوة الآخذة في الاتّساع بين الأغنياء والفقراء، فسنشهد انفجاراً في مشاعر الاستياء والإحباط في المجتمع”.

في حين علّق محمّد كثيراً من الآمال على المحادثات بين إيران والولايات المتّحدة ورفع العقوبات، وقال إنّ الفساد وسوء الإدارة يشكّلان مشكلتَين كبيرتَين. وأكّد أنّه على القادة الإيرانيّين أن يعطوا الأولويّة لاحتياجات الناس الحقيقيّة، مثل كرامتهم وقضاياهم الاقتصاديّة الأساسيّة، بدلاً من “الاحتياجات المزيّفة” مثل القضايا الإقليميّة وإرغام النساء على احترام القوانين المتعلّقة بالزيّ الإسلاميّ.

وتابع: “اليوم، إذا مات والدي، لا أستطيع تحمّل تكاليف السفر لحضور جنازته. هذه ليست الطريقة التي يمكن أن تحيا بها أمّة”. وختم: “هذا النهج لا يفيد حتّى الحكّام، لأنّه إذا كان يمكن قمع الناس بل وقتلهم اليوم، فإنّهم سيحملون الأسلحة غداً للدفاع عن حقّهم في عيش حياة كريمة”. هذا المقال مترجم عن ft.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.