fbpx

“حزب الله” ونظرية أكياس الملاكمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من قتل لقمان سليم أراد أن يُعرف وأن يترك توقيعه وأن يقول أن من يستطيع أن يطلق خمس رصاصات في رأسٍ واحدة، قادر على استهداف أي رأس يشاء، ساعة يشاء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


تمتاز الحياة المهنية المباشرة للملاكمين بقصرها النسبي، فالملاكم يتمرن لأشهر من أجل تحسين فرص فوزه في قتال موعود قد ينتهي بجولة قد لا تتجاوز مدتها الدقيقة الواحدة، يحاول خلالها شلّ حركة خصم يضاهيه أو يتفوّق عليه قوةً وحركةً ومرونة.
لكن الفترة الأكبر من التحضير والاستعداد تقوم على التمرين المستمر والذي تشكل أكياس الملاكمة أبرز مقوماته. هكذا ولأسابيع يفرغ جلّ قوته في هذه الأكياس. يلكمها يميناً ويساراً ولكنها تعود مجدداً لتُلكم من جديد. وكلما ازدادت قوة اللكمات، عادت الأكياس لتلقي المزيد.
هكذا تماماً تعاطى “حزب الله” منذ نشأته مع المكونات اللبنانية التي رفضت الخضوع للخمينية السياسية ومؤسستها القيادية التنفيذية، أي الولي الفقيه، كأكياس ملاكمة تتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى من دون أن تملك أي فرصة وإن لإبداء حتى رد فعل دفاعي في مواجهة مسار اللكم. وإن ردت أو قاومت فكان لها سيف التخوين جاهزاً لإعادة ترتيب الأمور ومواصلة الضربات. كان المطلوب أن نُقتَل بصمت وأن نشكر قاتلنا ربما على عطوفته.
هذا ما كان الحال عليه عام 1987، حين أعدمت ميدانياً مجموعة من القيادات العلمانية والشيوعية تحديداً، وتم تعطيل رد الفعل الدفاعي حتى وصلنا لما يمكن اعتباره مجازاً حالة “رضي القتيل ولم يرضَ القاتل”. وهذا ما عاد وتكرر عام 2005، مع سلسلة الاغتيالات السياسية المباشرة والممنهجة لخصوم الحزب.
سيسأل سائل، عن خبث أو غباء، عن الدلائل العينية والمادية للاتهام اليوم. الجواب واضح في السياسة وفي الدافع وفي الأداة. لكن علينا ألا نُضيّع حتى بضع كلمات في المناقشة أو الرد على تفاهات مماثلة. فالحزب ومنتسبوه ومثقفوه وأكاديميوه ومطبوعاته التحريضية، الذين لم يتوقفوا عن تخوين، كل الذين يخالفونهم الرأي، وتلفيق تهم العمالة لهم، بناء على افتراضات وتحليلات سياسية، لا يمكنه مطالبتنا بتبرير اتهامه بالمسؤولية عن اغتيال معارضيه، فكيف إذا كانت الضحية لقمان سليم الذي ألصقت شعارات تمجيد كاتم الصوت على حيطان منزله.

فالحزب الذي تعايش مع الدولة الطائفية، في علاقة تكافلية “سامبيوزية”، يحتقرها في الشكل ولكنه يستخدمها عملياً ليقتات منها وبواسطتها أسس منذ نشأته لللادولة واللامحاسبة واللاقانون.

المجد لكاسري كاتم الصوت من كامل مروة إلى سمير قصير وصولاً إلى لقمان سليم، كيس الملاكمة ليس قدراً.

لكن لماذا لقمان سليم؟ ولماذا اليوم؟ ولماذا في الجنوب؟ ولماذا يفقد في  منطقة استراتيجية شبه عسكرية للحزب؟ ولماذا تُركت السيارة والجثة في منطقة ذات توجه سياسي آخر؟ أسئلة كثيرة لكن يبقى الجواب واحداً، من قتل لقمان سليم أراد أن يُعرف وأن يترك توقيعه وأن يقول أن من يستطيع أن يطلق خمس رصاصات في رأسٍ واحدة، قادر على استهداف أي رأس يشاء، ساعة يشاء.
 ربما لأن لقمان كباحث وموثق ومترجم وناشر وسياسي معارض رفض، بكل بساطة، أن يكون كيس ملاكمة. فكان أن ثابر ومنذ سنوات على فتح الباب أمام إمكان الرد الحقوقي السياسي الدفاعي المنظم. ربما لأنه لم يخضع لترهيب التخوين حين خُونّا، ولكننا خضعنا، وربما لكونه لم يخشَ ثقوب الرأس حين هُدِّدنا بتحسس الرقاب وتحسسنا، وربما لأنه السباق في التنظير لأن الطريق لإنقاذ لبنان لا يمر إلا بإسقاط هيمنة الميليشيات على المجتمع.
كان بالإمكان  التصديق وتبرئة الحزب من دم لقمان سليم لو لم تغرق وسائل التواصل الاجتماعي بحفلات الشماتة والتهليل والتسخيف والتبرير، التي قادها منتسبون ومناصرون وأكاديميون وإعلاميون محسوبون على الحزب. كان يمكن انتظار التحقيق لو لم نقرأ ما قرأناه ونسمع ما سمعناه.
لكن، وإن كان الحزب غير متورط بكل الاغتيالات السياسية منذ عام 2005، حتى اليوم، ولم يستطع رصد ومنع المؤامرات التي تستهدفه، عبر إلصاقها به وفشل في حماية قياداته في الميدان والضاحية، ولم ينتبه حتى لاحتمال الانهيار المالي، ولم يعلم بأمونيوم بيروت واليوم يفاجئه اغتيال لقمان سليم في عقر داره! وإن كان الحزب فشل في كشف هذه المؤتمرات كلها على لبنان منذ 2005 حتى اليوم، فبماذا نجح لبنانياً؟! ما الفائدة وما الطائل منه وكيف حمى اللبنانيين؟ هل حمى لبنان عام 2006 وردع العدوان؟ ربما كان وأد ثورة الناس منذ 17 تشرين الأول 2019، أبرز ما حققه.
المجد لكاسري كاتم الصوت من كامل مروة إلى سمير قصير وصولاً إلى لقمان سليم، كيس الملاكمة ليس قدراً.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.