fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

66 يوماً من أفيخاي أدرعي… البروباغندا القاتلة في الحرب الإسرائيلية على لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خلال 66 يوماً من الحرب الشرسة ضد لبنان، عاش اللبنانيون تحت وطأة حرب نفسية مارسها الجيش الإسرائيلي. واجهة تلك الحرب النفسية كانت أفيخاي أدرعي، الضابط الذي يعمل كمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، والذي تصدّر الحرب الإلكترونية عبر الإنترنت كمؤثر إعلامي حربي. خلال 66 يوماً من الحرب، كان اسم أدرعي كافياً لإحداث تشويش وقلق بين اللبنانيين. كل إشعار منه عبر منصة X، كان يستدعي نزوح المئات وهربهم، وفي أحيان كثيرة الموت والدمار. هذا التحقيق عبارة عن عملية رصد وتحليل لمختلف منشورات أدرعي عبر السوشيل ميديا خلال الحرب وحتى قبلها، لفهم العقل الدعائي الذي رافق الحرب العسكرية ضد حزب الله وضد اللبنانيين عموماً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“ما هو شرير في الحرب النفسية ونشر البروباغندا هو التأثير الدائم الذي تتركه في المجتمعات والأفراد، حتى بعد فترة طويلة من وقف إطلاق النار. من الضروري الانتباه إلى أن ليس كل ما ندركه في وعينا هو أمر متعمّد من إسرائيل. كبشر لدينا ميل إلى الاعتقاد بأن الوحش يتمتع بكفاءة عالية ويدرك جيداً كل الضرر الذي يسببه، بينما قد يكون لعدم الكفاءة في بعض الأحيان التأثير ذاته”،  يقول جوزيف الخوري، وهو طبيب نفسي استشاري، في مقابلة مع “درج”.

خلال 66 يوماً من الحرب الشرسة ضد لبنان، عاش اللبنانيون تحت وطأة  حرب نفسية مارسها الجيش الإسرائيلي. 

واجهة تلك الحرب النفسية كانت أفيخاي أدرعي، الضابط الذي يعمل كمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، والذي تصدّر الحرب الإلكترونية عبر الإنترنت كمؤثر إعلامي حربي. خلال 66 يوماً من الحرب، كان اسم أدرعي كافياً لإحداث تشويش وقلق بين اللبنانيين. كل إشعار منه عبر منصة “X”، كان يستدعي نزوح المئات وهربهم، وفي أحيان كثيرة الموت والدمار. 

من منشوراته الكثيرة نقرأ جملاً لرجل عسكري يكرر أنه مهتم بإنقاذ أرواح المدنيين، بكلمات تثير الرعب كونها إنذارات بالإخلاء أو… الموت. يفعل ذلك أحياناً بمنشورات ملوّنة وفيديوات شخصية له يتحدث فيها ويضحك ويسخر أحياناً. 

هذا التحقيق عبارة عن عملية رصد وتحليل لمختلف منشورات أدرعي عبر السوشيل ميديا خلال الحرب وحتى قبلها، لفهم العقل الدعائي الذي رافق الحرب العسكرية ضد حزب الله وضد اللبنانيين عموماً.

البروباغندا 

تم اختبار مفهوم البروباغندا أو الدعاية وفعاليتها في الحروب، التي أخذت بعداً أكثر عمقاً في الحرب العالمية الثانية. كانت الدعاية وسيلة ناجعة لدى النظام النازي واعتُبرت وسيلة فعالة في تشكيل الوعي الجمعي والرأي العام وتبرير الأهوال. 

حاول عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، تطوير تفاهمات دبلوماسية وعلاقات طويلة الأمد بشكل يتجاوز البروباغندا أو يضبطها، لكن الأمر يختلف مع الهاسبارا (הַסְבָּרָה).

الهاسبارا هي كلمة عبرية تعني “الشرح” أو “التفسير” وقد اعتمدت كاستراتيجية دعائية إسرائيلية متعددة الأوجه، تهدف إلى الدفاع عن كل ما تقوم به إسرائيل من ارتكابات، وتشكيل السرديات التي تدعم حروبها وسياساتها على المستوى المحلي، وكذلك على الجبهات الدولية. وهي استراتيجية متكاملة إلى حد كبير مع الأمن القومي وفي بعض الأحيان يتم تنسيقها مع الجيش والاستخبارات. تتم إدارة هذه الاستراتيجية وتنسيقها وتنفيذها من قبل هيئات حكومية إسرائيلية مختلفة، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية قسم الإعلام.

أدرعي هو مثال بارز لتجسيد استراتيجية الهاسبارا، فدوره كمتحدث عربي باسم الجيش الإسرائيلي، وحلقة الوصل مع العالم العربي، يمثّل نموذجاً لنوع المتحدث الرسمي الذي ينسق معه منتدى الدعاية الوطنية لنشر رسائل إسرائيل.

بحسب مقال نُشر في صحيفة “هآرتس” في 26 كانون الثاني/ يناير 2022، تخطط الحكومة الإسرائيلية لإنفاق 100 مليون شيكل (31 مليون دولار) لإعادة إطلاق مشروع تحت اسم “كونسرت” الذي عُرف في البداية باسم “مقلاع سليمان”.

والغرض من هذا المشروع هو تعزيز التصور الإيجابي للبلاد، ومحاربة خطاب نزع الشرعية على الشبكات الاجتماعية، وفي وسائل الإعلام العالمية في غضون 4 سنوات. ويذكر المقال أيضاً أنه جنباً إلى جنب مع الاستثمار الخاص، من المتوقع أن تصل ميزانية المبادرة إلى 200 مليون شيكل بحلول عام 2025. علاوة على ذلك، يشرح المقال كيف تم إطلاق  مشروع باسم “كونسرت”، لتوفير استجابة موجهة نحو الدعاية، وتوليد مشاعر إيجابية تجاه إسرائيل، على منصات مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”إنستغرام”، وغيرها من الشبكات الاجتماعية، حيث يشارك المستخدمون في مناقشات سياسية.

أدرعي ليس وحشاً عبقرياً شريراً؛ إنه جزء من آلة، وفي دوره هو الرسول الذي ينفذ استراتيجية إسرائيلية مدروسة، مدعومة بموارد متعددة وهيئات حكومية مختلفة.

يمكن أن يتجلى تأثير الحرب النفسية في أشكال مختلفة، تؤثر على الديناميات الاجتماعية والرفاهية العامة للفرد.

التأثير: أدرعي الحاضر دوماً 

أدرعي الذي لا مفر منها. يخاطب الجيش الإسرائيلي المواطنين اللبنانيين من خلال شخصية أدرعي، إنه شخصية إعلامية جيدة التخطيط، تخاطب اللبنانيين بلغة عربية واضحة. وفقاً للدكتور الخوري، فإن “قدرة العدو على التواصل باللغة الأم تزيد من ثقته من خلال منحه شعوراً أعلى بالسيطرة. التحدث باللغة الأم للخصم يهدف إلى نزع السلاح ذهنياً وخلق اتصال زائف”.

هذا الارتباط يمكن أن يتحدث إلى الجماهير بفكرة “نحن لسنا سيئين إلى هذا الحد” كما تعتقدون، وهو أمر مفيد عند محاولة دفع الدعاية، أو يمكن ترجمته إلى ترهيب محض. وبالنسبة للبنانيين، يمكن أن يؤدي هذا أيضاً، إلى زيادة الهشاشة الناجمة عن الشعور الضمني بأن الإسرائيلي يتحدث اللغة العربية ويفهم مصطلحاتها، وهذا يشكل ميزة استراتيجية.

التأثير: الرهان على الخوف 

“استغل الجيش الإسرائيلي الطائفية القائمة بالفعل، واستغل الاختلافات داخل المجموعات اللبنانية، لمزيد من زعزعة استقرار المجتمع من الداخل. والغرض من هذا هو ضمان تفكيك النسيج الاجتماعي اللبناني، حتى بعد فترة طويلة من مغادرتهم”، أضاف الخوري.

ليس سراً أن المجتمعات اللبنانية متعددة إلى حدّ التعارض، لكن الشيء الوحيد الذي شكّل ربما عنصراً جامعاً في هذه الحرب، هو الصدمة المشتركة من “عدو” وهو إسرائيل. من خلال مخاطبة اللبنانيين عبر أدرعي، كانت هناك علامات واضحة أننا كنا تحت المراقبة والدراسة الشاملة، قبل فترة طويلة من شرارة الحرب. 

لقد استند أدرعي في دعايته على التعريفات البدائية للخير والشر، في محاولة لتمييع الحجج المعقدة وتحويلها إلى أفكار تبسيطية. خلال الحرب تبنوا نفس الاستراتيجية، ليس فقط في ضرباتهم التي كانت تقتصر عادة على القرى والمدن الشيعية، أو التي تعقّبت الشيعة خارج مدنهم، ولكن أيضاً في سردياتهم. في مرحلة ما انحرف دانيال هاغاري (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) عن قتال “حزب الله” ليلمّح مباشرة إلى أن كل الخطر قادم من المدن “الشيعية”.

التأثير: خلق الأنماط وكسرها

“لقد لاحظت أن قلقي يزداد من الساعة 9:00 مساءً حتى وقت متأخر من الليل. لا أتذكر أنني نمت طوال الليل مع أو بدون إصدار أوامر الإخلاء. أعتقد أنني اعتدت على الخوف في تلك الساعات” تقول هيا التي تعيش في الضاحية الجنوبية لـ”درج”. 

“بعض حالات القلق تؤثّر على ساعتنا البيولوجية، وتضعنا في حالة من الخوف الناجم عن تهديد متوقع بغض النظر عن حدوثه. في حالات أخرى، تخلق الأنماط شعوراً بالراحة، وكسرها يخرق هذا الراحة… القدرة على التنبؤ هي الطريقة التي نعمّق بها الخوف”، يقول الخوري. 

وعندما تحوّلت التهديدات إلى وقت النهار، أدخلت عنصراً جديداً من القلق. كانت هناك حالة حيث صدر أمر خلال النهار باستهداف مبنى في الطيونة- بيروت، وقال متصل على الراديو إنه في العمل حالياً، وإن منزله مجاور للمبنى المستهدف، ولكن مع نافذة الإخلاء الصغيرة جداً، لم يفكر حتى في العودة إلى المنزل ونقل بعض الحاجيات.

من 12 تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 27 منه، أمطرت القوات الإسرائيلية لبنان بإنذارات إخلاء عشوائية في أماكن عشوائية بضربات متقلّبة، بحيث لم يتح بعضها للمدنيين مساحة للهرب أكثر من 15 دقيقة، من لحظة نشر الإنذار، في حين امتدت إنذارات لنحو 4 ساعات.

ترك هذا الغموض الكامل، اللبنانيين في حالة تأهب قصوى في جميع الأوقات.

التأثير: مهاجمة الحواس

لا يوجد وصف أفضل لكيفية تأثير صوت طنين طائرة الاستطلاع بدون طيار المزعج على اللبنانيين. احتل هذا اللحن أحادي الصوت سماء لبنان لأكثر من 66 يوماً على مدار الساعة.  

يقول خوري: “كانت أصوات الطائرات بدون طيار بمثابة إشارة مستمرة إلى ضعفنا”. لا مفر من صوت طائرة بدون طيار للمراقبة، ولكن أيضاً معرفة الغرض منها بالفعل، أي جمع المعلومات الاستخبارية بشكل غير قانوني، واستمرارها في منطقة معينة، يجعلك تتساءل ما إذا كنتَ الهدف المحدد التالي. تبدو الشوارع متشابهة وكذلك المباني السكنية، مما يعني منطقياً أننا جميعاً عرضة لهذا الخطر.

أدرعي… نموذج الترويع الموجّه 

من خلال متابعة أدرعي عن كثب، تشير منشوراته الدعائية إلى تبرير الترويع والاستهداف، أكثر من الدقة في تجنب الإبادة والإصابات المدنية.

ربما يكون هذا المنشور الذي يعود تاريخه إلى تموز/يوليو 2020 لأدرعي، وهو يلعب الشطرنج بقطع إعلامية ضد ما يُفترض أنها إيران ووكلائها، هو أفضل وصف للجوهر الحقيقي ولتطلعات الشخصية العسكرية البالغة من العمر 42 عاماً الآن. 

ولد أدرعي في 19 تموز/ يوليو 1982 في حيفا، وهو ينتمي إلى خلفية متعددة الثقافات، فهو من أصول عراقية، وبدأ تعلم اللغة العربية في المنزل وطور لغته لاحقاً في التعليم الرسمي. تم تعيينه من قبل الجيش الإسرائيلي في سن 22 عاماً كرئيس لقسم الإعلام العربي. انضم أدرعي إلى وسائل التواصل الاجتماعي وفتح حسابات باستخدام اسمه الخاص. بنى نفوذه عبر السوشيال ميديا، بعد أن كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية في البث التلفزيوني لأول مرة في حرب 2006.

“لذا ذهبنا إلى هناك، وفتحت حسابات باسمي، لأن الجمهور يعرفني شخصياً. قد يكرهونني أو يحبونني. لذلك انخرطنا في منصات باللغة العربية. لم نكن نعرف في ذلك الوقت أن هذا سيُحدث ضجة كبيرة في العالم العربي”

 مقابلة أفيخاي أدرعي مع “جيروزاليم بوست”.

يتوافق هذا التصريح مع نهجه في مقاربة القضايا، وخطابه مع الجمهور العربي مع الموضوعات، وطبعا يستخدم أدرعي المشاركة لصالحه، حتى لو كان يتعرض لسيل من الشتائم والرفض، على قاعدة المهم أنهم يتحدثون عني، بغض النظر عما إذا كان المحتوى سلبياً أم إيجابياً. حالياً، لدي ما مجموعه 4.36 مليون متابع تتوزع كالتالي:

(تويتر: 711.8 آلاف، فيسبوك: 2.6 ملايين، يوتيوب: 175 ألفاً، تيك توك: 908.2 ألف). 

الصورة المصنوعة لأدرعي هي رجل “يبني الجسور” بين إسرائيل والدول الناطقة بالعربية، من خلال النشر “النظيف” واللغة المختارة بعناية. 

لقد نما حساب “X” الخاص بأدرعي على تويتر بنسبة 29% منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023. وهو ماهر في اعتماد نهج جديد للتحكم بالسرديات من خلال الترويج، والتفنيد، ودفع الدعاية بمساعدة “ذكاء” وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يجعله يُدرك كيفية صدى المعلومات التي يبثها لدى الرأي العام اللبناني.

من خلال تصفّح صفحة أدرعي، نلاحظ أن هناك العديد من الصيغ التي استخدمها للترويج للرواية الإسرائيلية، من خلال تقديم إما صورة “نظيفة” لإسرائيل، أو شيطنة الفلسطينيين، أو خطاب الكراهية الشامل المشبع الموجه نحو إيران ووكلائها. من اللافت أيضاً هو رسوماته “المرحة” القابلة للتأثر والتي تُنسب أحياناً إلى مواطن سعودي غير قابل للتتبع، هو فهد الجبيري، أو إلى صفحة على “X” مع فنانين/فنانات غير معروفين تحت اسم Caricatir (@caricatir.

 “رسم صورة لأفكار مشؤومة وكئيبة في شكل مرئي مكثف، يشجع على تكوين الرأي بما يتجاوز الحجج العقلانية”، يقول سعد حاجو، وهو رسام كاريكاتير سوري مخضرم يتمتع بخبرة في الكاريكاتير السياسي لـ “درج”.

لكن على الرغم من محتواه المربك والمقلق، فإنه من الصعب تجاهل ما ينشره أدرعي حتى بعد دخول وقف إطلاق النار بين “حزب الله” واسرائيل حيز التنفيذ، لأن حياة الناس في لبنان تعتمد عليه. 

كل التحذيرات الاسرائيلية بشأن القصف وقرارات الإخلاء تتم عبره فقط.

خلال 66 يوماً من الحرب، خاطب أدرعي اللبنانيين أكثر من 650 مرة. على الأقل 378 من تلك المرات، كانت أوامر إخلاء مقسمة إلى 3 أنواع؛ إخلاءات عامة، وأخرى حسب الموقع، وثالثة وفق خريطة. 

كاريكاتير يبرر الإرهاب

الرسوم الكاريكاتورية تحوّل الأفكار المروعة والمناقشات المطولة، إلى محتوى سلس يتم استيعابه بسرعة، وقد استُخدمت هذه الرسوم بشكل شائع في الحرب العالمية الثانية، لشيطنة العدو ودعم الجبهة الداخلية والتجنيد في الجيش. وفي محادثة مع سعد حاجو حول فعالية الرسوم الكاريكاتورية في البيئة السياسية، قال: “… العقل يجمع بين الكلمات والصور لإنشاء الرموز والشفرات. هناك شيء يتعلق بالوعي الجماعي حيث يمنحنا قبول موضوع معين الرضا، كما أن السخرية من عدو مشترك تعزز الروابط بين الناس”.

وفي ما يتعلق بالشخصيات الاستبدادية في السلطة وصورتها في رسوم الكاريكاتير، أضاف حاجو: “كل شخصية قوية تبني سيطرتها على الهيبة والانضباط. وأهم شيء بالنسبة للسلطوي هو صورته. والرسوم الكاريكاتورية تهز هذه الصورة في العمق”.

بهذه المبادئ يمكن فهم الرسوم الكاريكاتورية، التي دأب أدرعي على نشرها عبر منصاته، والتي تركز على انتصار إسرائيل وهزيمة خصومها.

تدمير كفركلا

يظهر في هذا الرسم الذي نشره أدرعي عام 2018 زعيم “حزب الله” حسن نصر الله وهو يحمل جرة مكتوب عليها “أنفاق” و”متفجرات” وأخرى ليتم سكبها في جرة أكبر تسمى كفركلا. 

في ذلك الوقت كانت هناك حركة احتجاج في لبنان، قد نشطت تحت اسم “طلعت ريحتكم”. أضاف أدرعي هذا العنوان ك”هاشتاغ” على أمل أن يتم دمج المحتوى، والحصول على انتشار على مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانية.

روان، وهي من شابة لبنانية من بلدة كفركلا الحدودية وتبلغ من العمر 29 عاماً، عاشت الحرب الإسرائيلية بكل جوارحها. تقول لـ “درج” إنها شعرت بالذهول وبالخوف المفاجئ، خصوصاً أن قريتها تعرضت لتدمير شبه شامل بقصف اسرائيلي مكثف وشاهدتها هي وأهل القرى من خلال فيديوهات تبث مشاهد تدمير جماعي لأحياء كاملة في البلدة.

“كفركلا مكان مزدحم في الصيف وأقل ازدحاماً في الشتاء. إنه المكان الذي تجتمع فيه العائلات يوم الأحد للراحة، بمناظر طبيعية هادئة لبساتين الزيتون. رائحتي المفضلة هي الخزامى وتحيط بمنزل جدتي. إنه المكان الذي نجتمع فيه للعمل في الأراضي كل موسم. تحت أشجار الزيتون هذه، نحن جميعاً أطفال وتيتا هي الوحيدة البالغة. أذهب يوم السبت إلى سوق المزارعين في بيروت بشكل أساسي لتجديد صابون “كفركلا” العضوي الخاص بي… إنه أمر غير مبرر أن يتم تدمير مسقط رأسي، سنوات من الجهد الذي بذله آباؤنا وأرواحهم في بناء منازل جميلة، ساعدت في خلق سنوات من الذكريات الجميلة. لا أستطيع حتى أن أفهم ما تعنيه تلك الذكريات بالنسبة لي الآن… أنا في حالة من عدم التصديق. هل سأعرف كيف أقود سيارتي نحو منزلي، حيث لا يوجد حتى طريق عملي واحد يقودني إلى هناك؟

من المزعج أن أسير في شوارعي، ومن الخانق أن أرى أخباراً مثل تلك، تحاول تشكيل كفركلا، هذه القرية الناعمة، كقاعدة عسكرية متجاهلين أهلها. ومن المزعج أن نكتشف أن هذا التراكم من الكراهية مستمر منذ عام 2018″.

“أنظروا إليها تحترق”

في هذا المنشور لأدرعي عام 2019، يسخر من عبارة شهيرة  هي “أنظروا إليها تحترق” وهي عبارة أطلقها نصرالله في آخر أيام حرب عام 2006. يقول أدرعي في منشوره، إن حسن نصر الله كان مختبئاً في الأنفاق لمدة 13 عاماً، وإن البحرية الإسرائيلية استخدمت هذا الوقت للتدريب على “العظمة”.

في 14 تموز/ يوليو 2006، أعلن حسن نصر الله الضربة الصاروخية الناجحة ضد السفينة البحرية الإسرائيلية INS Hanit خلال بث مباشر. “أنظروا إليها تحترق” هي بلا شك واحدة من أشهر العبارات، لأنها سلطت الضوء في ذلك الوقت، على القدرات العسكرية ل”حزب الله” واعتبرت لحظة محورية في الحرب.

في هذا المنشور، تسخر إسرائيل من الضربة، لكنها تُظهر كيف تم تدمير بيروت بشكل أكبر.

نظراً لأن الفن مفتوح للتفسيرات، فإن أحد تفسيرات هذا الكاريكاتير يمكن أن يكون خطأ في التناسب والأهداف بين إسرائيل ولبنان. بيروت موطن للمدنيين، والسفينة قاعدة عسكرية. لذا فإن الضربة التي تعرضت لها قاعدة عسكرية إسرائيلية صغيرة، يقابلها تدمير مدينة مزدحمة بالأهالي وحرقها.

الدروع البشرية

 بين 23 و 25 أيلول/ سبتمبر 2024، الوقت الذي دعا فيه أدرعي اللبنانيين إلى مغادرة منازلهم، كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلى ينشر رسومات لدعم رواية الدروع البشرية، لتبرير الإخلاء الجماعي وقصف منازل المدنيين.

المنزل هو تاريخ عائلتك وحارس ذكرياتك قبل أن يحوله “حزب الله” إلى مستودع عسكري. لم يسرق “حزب الله” منازل اللبنانيين فحسب، بل سرق ذكرياتهم وتاريخهم أيضاً… لقد سرق بلدهم.
بمرور الوقت، عندما يحتل “حزب الله” منازل الأبرياء لإخفاء صواريخه، تدفع العائلات الثمن خوفاً ونزوحاً… ولمن؟

لؤي شاب فرنسي لبناني يبلغ من العمر 24 عاماً، عاد مؤخراً إلى لبنان في كانون الثاني/ يناير 2024، لمعرفة المزيد عن تراث بلده وعائلته.

“… منذ بداية الحرب، كان عليّ أن أتابع قناة أفيخاي على X، من دون رغبة مني، لضمان سلامة عائلتي في الجنوب. ينشر أفيخاي بشكل روتيني هذه السخرية الطفولية، التي تبين بعد القليل من البحث، أنها ليست من صنع الذكاء الصناعي، وبالتالي تم التفكير فيها عمداً. في رأيي، يعمل الاختيار الأسلوبي للتصوير كوسيلة لتوضيح الرسالة بشكل حدسي، وممارسة الدعاية، وتكرار حجة الدرع البشري من خلال رسوم غريبة. أنا لا أهتم بالدعاية، أنا أهتم فقط بسلامة عائلتي في الجنوب، لسوء الحظ، هذه الرسومات تذكرنا بأن لا شيء يقف في وجه الدعاية والمعتقد، طالما أن شخصاً ما على استعداد لحمله، يمكن لشخص آخر بالتأكيد تبريره”.

حرق بساتين الزيتون

 أُمر اللبنانيون بمغادرة ليس فقط منازلهم، ولكن بساتين الزيتون الخاصة بهم أيضاً، والزيتون هو أحد أهم مزروعات لبنان والجنوب، الذي يصنف ذو جودة عالمية. 

في الصورة، يُشار إلى زيت الزيتون الذي يعد زيتاً علاجياً من أشجار مسالمة باسم زيت البندقية. هذا الرسم هو محاولة أخرى لشيطنة المساحات المدنية، من خلال نسبها وإعادة استخدام المشهد ليناسب السياق العسكري، وهو يهدف إلى دعم أوامر الإخلاء الموجهة بشكل خاص، إلى أصحاب بساتين الزيتون في الجنوب وعمالها.

“أنا متأكد من أنهم لا يصدقون منتجهم (الرسم) إنه موجود فقط لإثارة غضبنا. هذا الحرق الإجرامي لتلك الأشجار الثمينة يبدو شخصياً، يبدو وكأنه جهد لاقتلاع الارتباط بأرض موروثة”، يقول فريد البالغ من العمر 65 عاماً، وهو مالك بستان زيتون ومزارع موسمي لـ “درج”، وهو ينظر إلى حجم الاستهداف الذي تعرضت له بساتين الزيتون، وبينها شجرات معمّرة تم حرقها عمداً.

أوامر الإخلاء

حوّل الجيش الإسرائيلي لبنان إلى ساحة لتلقي أوامر إخلاء. في 23 أيلول/ سبتمبر، تلقى اللبنانيون أول تحذير إخلاء من أدرعي من حسابه على “X”، ومنذ ذلك الحين، نشر ما مجموعه 378 أمراً، حتى وقت وقف إطلاق النار المتفق عليه، الذي كان في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الساعة 4:00 صباحاً، علماً أن أوامر الإخلاء استمرت بعد وقف إطلاق النار في قرى الشريط الحدودي الأمامية. خلال حرب الـ66 يوماً اتخذت أوامر الإخلاء أشكالاً مختلفة بالتناوب بين: أوامر إخلاء عامة، والموقع، والموقع المحدد على الخريطة، وأوامر إخلاء المباني المحددة على الخريطة.

النوع الأول: أمر إخلاء عام

تم إصدار 16 أمراً بالإخلاء العام منذ 23 أيلول/ سبتمبر 2024، وكانت الفكرة وراء ذلك إثارة الذعر مع القليل جداً من التوجيه، أو منح الهاربين وقتاً كافياً لإيجاد ملاذ آمن. كانت تلك الطلبات عبارة عن بيان واسع النطاق، يطلب من اللبنانيين الابتعاد عن منشآت “حزب الله” غير المحددة، والجنوب، والشواطئ، وفي بعض الأحيان بساتين الزيتون.

النوع الثاني: أوامر إخلاء المواقع المرسومة على الخرائط

صدر عن إسرائيل عبر أدرعي 11 أمراً بإخلاء المواقع المرسومة على الخرائط، وهي تستهدف مساحات شاسعة في مناطق مختلفة من أنحاء لبنان، من 23 أيلول/ سبتمبر 2024 حتى 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أي قبل 3 أيام فقط من وقف إطلاق النار. 

أدناه جدول يتضمن نموذجاً لتواريخ نشر الخرائط وأيامها وأوقاتها.

Monday 23-Sept2:53PMBekaa
Tuesday22-Oct10:36AMAl Haush- 3 km Area
Wednesday23-Oct8:07AMTyre-Historical Peninsula
Thursday31-Oct11:42AM5 km area Baalbak
Thursday21-Nov8:08AMAL Haush
Thursday21-Nov8:08AMMaashouk
Thursday21-Nov8:08AMBurj el shmele
Friday22-Nov7:01AMBurj el shmele
Friday22-Nov7:01AMMaashouk
Monday25-Nov9:14AMHlta
Monday 25-Nov2:23PMTyre

النوع الثالث: أوامر إخلاء المباني المرسومة على الخرائط

هذا هو الأمر الأكثر تأثيراً من بين أوامر الإخلاء المختلفة، فقد صدرت هذه الأوامر المرسومة على الخرائط في ساعات عشوائية، وكان أحد نماذجها تحذيرين نُشرا عبر منصة  “X” في الساعة 4:14 صباحاً يوم الأحد، يأمران بإخلاء مبنيين، أحدهما في منطقة الحدث في الضاحية الجنوبية والآخر في حارة حريك، مع وجود مساحة زمنية “آمنة” تتراوح من 20 إلى 40 دقيقة فقط، للإخلاء قبل الضربات.

تكررت مشاهد الهلع والهروب الجماعي بملابس النوم، ومن دون حاجيات أساسية قبل استهداف المباني والمنازل.

في 66 يوماً، أرعبت 331 خريطة اللبنانيين، وبشكل تقريبي، تضمنت تلك الخرائط نحو 472 مبنى، كأهداف مباشرة منتشرة في مختلف أنحاء لبنان.

عدد البيوت التي اُعطيت أوامر إخلاء في ساعة محددة
عدد الإخلاءات خلال الساعات ما بين٢٣ و٢٧  تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٤

في السياق اللبناني، لعب الوقت دوراً محورياً في جعل تحذيرات الإخلاء ليس فقط مستحيلة، بل مرعبة أيضاً. ففي 66 يوماً حتى الساعات القليلة الأخيرة من سريان وقف إطلاق النار المتفق عليه؛ بين الساعة التاسعة مساءً والحادية عشرة مساءً، أرسل أدرعي 95 إنذاراً لإخلاء 136 مبنى سكنياً، وبعد منتصف الليل بين الساعة الثانية عشرة صباحاً وحتى الرابعة صباحاً، نشر 50 إنذاراً لإخلاء 73 مبنى سكنياً، بالإضافة إلى دائرة نصف قطرها 500 متر حول كل مبنى في وقت واحد.

ومن الأمور التي حاولنا تحليلها في هذا التقرير، هي التفكير بوقت إصدار الأوامر والضربات في محاولة لاستنباط الأنماط. 

وفقاً لجوزيف الخوري الطبيب النفسي البريطاني اللبناني، فإن “خلق أنماط لفرز موقف فوضوي ومحاولة توقّع الخطر القادم بطريقة ما ،هو جهد فعال لتهدئة المخاوف”.

النمط الأول: من 27 أيلول/ سبتمبر حتى 10 تشرين الأول/ أكتوبر، صدرت أغلب هذه التحذيرات بين الساعة 9:40 مساءً و3:32 صباحاً.

النمط الثاني: من 16 تشرين الأول/ أكتوبر حتى 23 منه، تحوّلت أغلب التحذيرات إلى وقت النهار بين الساعة 4:14 صباحاً و10:23 مساءً.

ثم تعود مرة أخرى إلى النمط الأول لمدة 3 أيام (23 و24 و25 تشرين الأول/ أكتوبر).

النمط الثالث: من 1 تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 13 منه، تحذيرات من المخاطر في ساعات عشوائية.

النمط الرابع: تصعيد واضح في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، يستمر حتى الساعة 1:21 صباح 27 منه.

الضاحية الجنوبية لبيروت

هناك انطباع خاطئ بأن ضواحي بيروت كانت خالية من السكان، بعد أيام قليلة من تحذيرات وأوامر الإخلاء المستمرة والضربات الصاروخية. قبل النظر في التحذيرات من المهم أن نلاحظ أن الضواحي كانت مأهولة بالسكان في الواقع وتضمنت جميع الفئات السكانية. وردت شهادات متكررة نقلتها وسائل إعلام تلفزيونية، أن كثيرين لم يكن لديهم ملجأ أو مكان يذهبون إليه، في ظل عجز خطط الطوارئ الحكومية عن استيعاب أزمة النزوح، التي بلغت حد مليون ومئتي ألف نازح، لم يحظ قسم كبير منهم ببدائل سكن عن منازلهم المهددة، مما جعل كثيرين منهم يغامرون بالبقاء في منازلهم، خصوصاً أن البديل الوحيد لهم في تلك الليالي الباردة، كان الخيام البلاستيكية على الشاطئ، ولهذا السبب اختاروا البقاء.

ظهرت عبر الشاشات، قصص عن كبار السن الذين ليس لديهم هواتف محمولة، ويعتمدون على الخطوط الأرضية في حياتهم اليومية، مما يعني أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى أوامر الإخلاء. سكان آخرون ليسوا متابعين لحساب أدرعي على “X”، وفي هذه الحالة خصصت مهمة مراقبة أدرعي 24/ 24  لعضو من العائلة، لتحذير باقي أفرادها حين صدور التحذير. 

في بعض المناطق مثل برج البراجنة، تم تطوير آليات مراقبة الشوارع بالتزامن مع رصد حساب أدرعي وتنبيه الجيران. كانت الطريقة الفعالة الوحيدة للقيام بذلك في ساعات متأخرة من الليل، هي إطلاق الرصاص في الهواء لإيقاظ الجميع ودفعهم للهرب. 

29% من أوامر الإخلاء في ضواحي بيروت، صدرت بين الساعة 11:00 مساءً والساعة 6:00 صباحاً. وقد شملت حوالي 114 مبنى مستهدفاً بشكل مباشر، ودائرة قطرها 500 متر حول تلك المباني، حيث تم تسجيل الضربات الأولى في وقت مبكر، ولم يكن يفصل ما بين التحذير والضربة الفعلية أكثر من 20 دقيقة.

من إجمالي 331 تحذيراً بالاخلاء تم رسمه على الخرائط التي نشرها أدرعي، كان هناك 279 مبنى مهدداً في ضواحي بيروت. 

حظيت منطقة حارة حريك بالنسبة الأكبر من التحذيرات (98 خريطة) تليها برج البراجنة (53 خريطة) ثم الحدث (49 خريطة) ثم الغبيري (44 خريطة) والعمروسية شويفات (10 خرائط). 

يبلغ إجمالي التقديرات للمباني المستهدفة بشكل مباشر في الضواحي 398 مبنى، منها ما يُقدّر بـ 366 مبنى فقط، من بين المناطق الخمسة المذكورة أعلاه. وفي معظم الحالات، تم تسوية المباني بالأرض، كما تم تسوية المباني المجاورة غير المحددة، أو تضررت بشدة وهي معرضة لخطر الهدم.

النوع الرابع: أوامر إخلاء المواقع

تم إصدار 20 أمر إخلاء مواقع ابتداءً من 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2024. الأمر الأول أفرغ 28 بلدة، والأمر الثاني أفرغ 96 بلدة، وبعد 54 يوماً، تم مسح أكثر من 180 بلدة من قبل الجيش الإسرائيلي، وتم تحديدها كمناطق خطرة حتى وقف إطلاق النار.

ما بعد وقف إطلاق النار

هناك 37 بلدة حدودية تم مسحها بشكل كامل، وبلدات لا تزال تحت سقف النيران والتحذيرات الإسرائيلية، منها على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من الحدود ومجموعها يناهز 70 قرية وبلدة.

بعد سريان وقف إطلاق النار، وخلال فترة الستين يوماً التي تضمنها الاتفاق، تخضع البلدات الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً من الحدود الجنوبية، لحظر تجول بين الساعة 5 مساءً و7 صباحاً.

تحت سيطرتنا

“لا أحد يعارض أدرعي ولا توجد رواية لبنانية بديلة للدعاية التي يروّج لها، والتي جعلته صوتاً مرتفعاً”، يضيف الخوري لـ “درج” أنه لا توجد قائمة مهام مشتركة يمكن تعميمها على اللبنانيين في تلك الأوقات لحمايتهم، ومع ذلك يقترح بعض التغييرات السلوكية في سيطرتنا، التي يمكن أن تساعد في بناء جدار بين الحرب النفسية وبيننا:

الحد من الاستهلاك: في علامته التجارية، يعتمد أدرعي على الصور التي تحدد نوع المحتوى الذي ينشره، إذا لم يكن الأمر مسألة حياة أو موت، فتجنّبه، السبب الوحيد الذي يجعلنا نتّبعه هو أوامر الإخلاء التي أصدرها، حدد التفاعل بهذا.

اسأل نفسك: “لماذا يزعجني هذا؟” كلما صادفت محتوى لا يخدم أي قيمة عسكرية، ويوجد فقط كرأي عائم لإحداث احتكاك مع المجتمعات، تجنّب الفخ، ربما يزعجك هذا لأنه تم نشره لخدمة هذا الغرض.
تحديث السرد: نريد أن نصدق أن كل ما تفعله إسرائيل حتى أدق التفاصيل هو متعمّد، ينبغي لنا أن ندرك أيضاً أنهم ربما لا يتمتعون بالكفاءة الكافية، وأن بعض الأمور التي يقومون بها يتم تضخيمها من جانبنا، في حين أن هذا في الواقع ليس سوى انعكاس لعدم كفاءتهم. والصورة النظيفة الوحيدة لهم هي تلك التي صممها أدرعي، ولكن عندما ننظر إلى الجنود المشاة الذين لا يخضعون للرقابة، فإننا لا نرى أداءً مثالياً لـ “الجيش الأكثر أخلاقية على وجه الأرض”، فهل هم حقاً منظمون ومنضبطون إلى هذا الحد؟

عمّار المأمون - فراس دالاتي | 17.01.2025

محمد حمشو لم يغادر منزله في دمشق !

تبقى الحالة القانونية والمدنية لمحمد حمشو في "سوريا الجديدة" موضع ريبة ورهن التكهنات، في ظل تخبط التصريحات الرسمية وغياب الإجابات الواضحة، هل هو خاضعٌ للإقامة الجبرية، أم أنه أجرى تسوية من "نوع خاص" تشبه تلك التي نالها طلال مخلوف ومفيد درويش وغيرهم من كبار أركان النظام المخلوع بما يحفظ مكاناتهم ومكتسباتهم؟.

خلال 66 يوماً من الحرب الشرسة ضد لبنان، عاش اللبنانيون تحت وطأة حرب نفسية مارسها الجيش الإسرائيلي. واجهة تلك الحرب النفسية كانت أفيخاي أدرعي، الضابط الذي يعمل كمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، والذي تصدّر الحرب الإلكترونية عبر الإنترنت كمؤثر إعلامي حربي. خلال 66 يوماً من الحرب، كان اسم أدرعي كافياً لإحداث تشويش وقلق بين اللبنانيين. كل إشعار منه عبر منصة X، كان يستدعي نزوح المئات وهربهم، وفي أحيان كثيرة الموت والدمار. هذا التحقيق عبارة عن عملية رصد وتحليل لمختلف منشورات أدرعي عبر السوشيل ميديا خلال الحرب وحتى قبلها، لفهم العقل الدعائي الذي رافق الحرب العسكرية ضد حزب الله وضد اللبنانيين عموماً.

“ما هو شرير في الحرب النفسية ونشر البروباغندا هو التأثير الدائم الذي تتركه في المجتمعات والأفراد، حتى بعد فترة طويلة من وقف إطلاق النار. من الضروري الانتباه إلى أن ليس كل ما ندركه في وعينا هو أمر متعمّد من إسرائيل. كبشر لدينا ميل إلى الاعتقاد بأن الوحش يتمتع بكفاءة عالية ويدرك جيداً كل الضرر الذي يسببه، بينما قد يكون لعدم الكفاءة في بعض الأحيان التأثير ذاته”،  يقول جوزيف الخوري، وهو طبيب نفسي استشاري، في مقابلة مع “درج”.

خلال 66 يوماً من الحرب الشرسة ضد لبنان، عاش اللبنانيون تحت وطأة  حرب نفسية مارسها الجيش الإسرائيلي. 

واجهة تلك الحرب النفسية كانت أفيخاي أدرعي، الضابط الذي يعمل كمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، والذي تصدّر الحرب الإلكترونية عبر الإنترنت كمؤثر إعلامي حربي. خلال 66 يوماً من الحرب، كان اسم أدرعي كافياً لإحداث تشويش وقلق بين اللبنانيين. كل إشعار منه عبر منصة “X”، كان يستدعي نزوح المئات وهربهم، وفي أحيان كثيرة الموت والدمار. 

من منشوراته الكثيرة نقرأ جملاً لرجل عسكري يكرر أنه مهتم بإنقاذ أرواح المدنيين، بكلمات تثير الرعب كونها إنذارات بالإخلاء أو… الموت. يفعل ذلك أحياناً بمنشورات ملوّنة وفيديوات شخصية له يتحدث فيها ويضحك ويسخر أحياناً. 

هذا التحقيق عبارة عن عملية رصد وتحليل لمختلف منشورات أدرعي عبر السوشيل ميديا خلال الحرب وحتى قبلها، لفهم العقل الدعائي الذي رافق الحرب العسكرية ضد حزب الله وضد اللبنانيين عموماً.

البروباغندا 

تم اختبار مفهوم البروباغندا أو الدعاية وفعاليتها في الحروب، التي أخذت بعداً أكثر عمقاً في الحرب العالمية الثانية. كانت الدعاية وسيلة ناجعة لدى النظام النازي واعتُبرت وسيلة فعالة في تشكيل الوعي الجمعي والرأي العام وتبرير الأهوال. 

حاول عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، تطوير تفاهمات دبلوماسية وعلاقات طويلة الأمد بشكل يتجاوز البروباغندا أو يضبطها، لكن الأمر يختلف مع الهاسبارا (הַסְבָּרָה).

الهاسبارا هي كلمة عبرية تعني “الشرح” أو “التفسير” وقد اعتمدت كاستراتيجية دعائية إسرائيلية متعددة الأوجه، تهدف إلى الدفاع عن كل ما تقوم به إسرائيل من ارتكابات، وتشكيل السرديات التي تدعم حروبها وسياساتها على المستوى المحلي، وكذلك على الجبهات الدولية. وهي استراتيجية متكاملة إلى حد كبير مع الأمن القومي وفي بعض الأحيان يتم تنسيقها مع الجيش والاستخبارات. تتم إدارة هذه الاستراتيجية وتنسيقها وتنفيذها من قبل هيئات حكومية إسرائيلية مختلفة، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية قسم الإعلام.

أدرعي هو مثال بارز لتجسيد استراتيجية الهاسبارا، فدوره كمتحدث عربي باسم الجيش الإسرائيلي، وحلقة الوصل مع العالم العربي، يمثّل نموذجاً لنوع المتحدث الرسمي الذي ينسق معه منتدى الدعاية الوطنية لنشر رسائل إسرائيل.

بحسب مقال نُشر في صحيفة “هآرتس” في 26 كانون الثاني/ يناير 2022، تخطط الحكومة الإسرائيلية لإنفاق 100 مليون شيكل (31 مليون دولار) لإعادة إطلاق مشروع تحت اسم “كونسرت” الذي عُرف في البداية باسم “مقلاع سليمان”.

والغرض من هذا المشروع هو تعزيز التصور الإيجابي للبلاد، ومحاربة خطاب نزع الشرعية على الشبكات الاجتماعية، وفي وسائل الإعلام العالمية في غضون 4 سنوات. ويذكر المقال أيضاً أنه جنباً إلى جنب مع الاستثمار الخاص، من المتوقع أن تصل ميزانية المبادرة إلى 200 مليون شيكل بحلول عام 2025. علاوة على ذلك، يشرح المقال كيف تم إطلاق  مشروع باسم “كونسرت”، لتوفير استجابة موجهة نحو الدعاية، وتوليد مشاعر إيجابية تجاه إسرائيل، على منصات مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”إنستغرام”، وغيرها من الشبكات الاجتماعية، حيث يشارك المستخدمون في مناقشات سياسية.

أدرعي ليس وحشاً عبقرياً شريراً؛ إنه جزء من آلة، وفي دوره هو الرسول الذي ينفذ استراتيجية إسرائيلية مدروسة، مدعومة بموارد متعددة وهيئات حكومية مختلفة.

يمكن أن يتجلى تأثير الحرب النفسية في أشكال مختلفة، تؤثر على الديناميات الاجتماعية والرفاهية العامة للفرد.

التأثير: أدرعي الحاضر دوماً 

أدرعي الذي لا مفر منها. يخاطب الجيش الإسرائيلي المواطنين اللبنانيين من خلال شخصية أدرعي، إنه شخصية إعلامية جيدة التخطيط، تخاطب اللبنانيين بلغة عربية واضحة. وفقاً للدكتور الخوري، فإن “قدرة العدو على التواصل باللغة الأم تزيد من ثقته من خلال منحه شعوراً أعلى بالسيطرة. التحدث باللغة الأم للخصم يهدف إلى نزع السلاح ذهنياً وخلق اتصال زائف”.

هذا الارتباط يمكن أن يتحدث إلى الجماهير بفكرة “نحن لسنا سيئين إلى هذا الحد” كما تعتقدون، وهو أمر مفيد عند محاولة دفع الدعاية، أو يمكن ترجمته إلى ترهيب محض. وبالنسبة للبنانيين، يمكن أن يؤدي هذا أيضاً، إلى زيادة الهشاشة الناجمة عن الشعور الضمني بأن الإسرائيلي يتحدث اللغة العربية ويفهم مصطلحاتها، وهذا يشكل ميزة استراتيجية.

التأثير: الرهان على الخوف 

“استغل الجيش الإسرائيلي الطائفية القائمة بالفعل، واستغل الاختلافات داخل المجموعات اللبنانية، لمزيد من زعزعة استقرار المجتمع من الداخل. والغرض من هذا هو ضمان تفكيك النسيج الاجتماعي اللبناني، حتى بعد فترة طويلة من مغادرتهم”، أضاف الخوري.

ليس سراً أن المجتمعات اللبنانية متعددة إلى حدّ التعارض، لكن الشيء الوحيد الذي شكّل ربما عنصراً جامعاً في هذه الحرب، هو الصدمة المشتركة من “عدو” وهو إسرائيل. من خلال مخاطبة اللبنانيين عبر أدرعي، كانت هناك علامات واضحة أننا كنا تحت المراقبة والدراسة الشاملة، قبل فترة طويلة من شرارة الحرب. 

لقد استند أدرعي في دعايته على التعريفات البدائية للخير والشر، في محاولة لتمييع الحجج المعقدة وتحويلها إلى أفكار تبسيطية. خلال الحرب تبنوا نفس الاستراتيجية، ليس فقط في ضرباتهم التي كانت تقتصر عادة على القرى والمدن الشيعية، أو التي تعقّبت الشيعة خارج مدنهم، ولكن أيضاً في سردياتهم. في مرحلة ما انحرف دانيال هاغاري (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) عن قتال “حزب الله” ليلمّح مباشرة إلى أن كل الخطر قادم من المدن “الشيعية”.

التأثير: خلق الأنماط وكسرها

“لقد لاحظت أن قلقي يزداد من الساعة 9:00 مساءً حتى وقت متأخر من الليل. لا أتذكر أنني نمت طوال الليل مع أو بدون إصدار أوامر الإخلاء. أعتقد أنني اعتدت على الخوف في تلك الساعات” تقول هيا التي تعيش في الضاحية الجنوبية لـ”درج”. 

“بعض حالات القلق تؤثّر على ساعتنا البيولوجية، وتضعنا في حالة من الخوف الناجم عن تهديد متوقع بغض النظر عن حدوثه. في حالات أخرى، تخلق الأنماط شعوراً بالراحة، وكسرها يخرق هذا الراحة… القدرة على التنبؤ هي الطريقة التي نعمّق بها الخوف”، يقول الخوري. 

وعندما تحوّلت التهديدات إلى وقت النهار، أدخلت عنصراً جديداً من القلق. كانت هناك حالة حيث صدر أمر خلال النهار باستهداف مبنى في الطيونة- بيروت، وقال متصل على الراديو إنه في العمل حالياً، وإن منزله مجاور للمبنى المستهدف، ولكن مع نافذة الإخلاء الصغيرة جداً، لم يفكر حتى في العودة إلى المنزل ونقل بعض الحاجيات.

من 12 تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 27 منه، أمطرت القوات الإسرائيلية لبنان بإنذارات إخلاء عشوائية في أماكن عشوائية بضربات متقلّبة، بحيث لم يتح بعضها للمدنيين مساحة للهرب أكثر من 15 دقيقة، من لحظة نشر الإنذار، في حين امتدت إنذارات لنحو 4 ساعات.

ترك هذا الغموض الكامل، اللبنانيين في حالة تأهب قصوى في جميع الأوقات.

التأثير: مهاجمة الحواس

لا يوجد وصف أفضل لكيفية تأثير صوت طنين طائرة الاستطلاع بدون طيار المزعج على اللبنانيين. احتل هذا اللحن أحادي الصوت سماء لبنان لأكثر من 66 يوماً على مدار الساعة.  

يقول خوري: “كانت أصوات الطائرات بدون طيار بمثابة إشارة مستمرة إلى ضعفنا”. لا مفر من صوت طائرة بدون طيار للمراقبة، ولكن أيضاً معرفة الغرض منها بالفعل، أي جمع المعلومات الاستخبارية بشكل غير قانوني، واستمرارها في منطقة معينة، يجعلك تتساءل ما إذا كنتَ الهدف المحدد التالي. تبدو الشوارع متشابهة وكذلك المباني السكنية، مما يعني منطقياً أننا جميعاً عرضة لهذا الخطر.

أدرعي… نموذج الترويع الموجّه 

من خلال متابعة أدرعي عن كثب، تشير منشوراته الدعائية إلى تبرير الترويع والاستهداف، أكثر من الدقة في تجنب الإبادة والإصابات المدنية.

ربما يكون هذا المنشور الذي يعود تاريخه إلى تموز/يوليو 2020 لأدرعي، وهو يلعب الشطرنج بقطع إعلامية ضد ما يُفترض أنها إيران ووكلائها، هو أفضل وصف للجوهر الحقيقي ولتطلعات الشخصية العسكرية البالغة من العمر 42 عاماً الآن. 

ولد أدرعي في 19 تموز/ يوليو 1982 في حيفا، وهو ينتمي إلى خلفية متعددة الثقافات، فهو من أصول عراقية، وبدأ تعلم اللغة العربية في المنزل وطور لغته لاحقاً في التعليم الرسمي. تم تعيينه من قبل الجيش الإسرائيلي في سن 22 عاماً كرئيس لقسم الإعلام العربي. انضم أدرعي إلى وسائل التواصل الاجتماعي وفتح حسابات باستخدام اسمه الخاص. بنى نفوذه عبر السوشيال ميديا، بعد أن كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية في البث التلفزيوني لأول مرة في حرب 2006.

“لذا ذهبنا إلى هناك، وفتحت حسابات باسمي، لأن الجمهور يعرفني شخصياً. قد يكرهونني أو يحبونني. لذلك انخرطنا في منصات باللغة العربية. لم نكن نعرف في ذلك الوقت أن هذا سيُحدث ضجة كبيرة في العالم العربي”

 مقابلة أفيخاي أدرعي مع “جيروزاليم بوست”.

يتوافق هذا التصريح مع نهجه في مقاربة القضايا، وخطابه مع الجمهور العربي مع الموضوعات، وطبعا يستخدم أدرعي المشاركة لصالحه، حتى لو كان يتعرض لسيل من الشتائم والرفض، على قاعدة المهم أنهم يتحدثون عني، بغض النظر عما إذا كان المحتوى سلبياً أم إيجابياً. حالياً، لدي ما مجموعه 4.36 مليون متابع تتوزع كالتالي:

(تويتر: 711.8 آلاف، فيسبوك: 2.6 ملايين، يوتيوب: 175 ألفاً، تيك توك: 908.2 ألف). 

الصورة المصنوعة لأدرعي هي رجل “يبني الجسور” بين إسرائيل والدول الناطقة بالعربية، من خلال النشر “النظيف” واللغة المختارة بعناية. 

لقد نما حساب “X” الخاص بأدرعي على تويتر بنسبة 29% منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023. وهو ماهر في اعتماد نهج جديد للتحكم بالسرديات من خلال الترويج، والتفنيد، ودفع الدعاية بمساعدة “ذكاء” وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يجعله يُدرك كيفية صدى المعلومات التي يبثها لدى الرأي العام اللبناني.

من خلال تصفّح صفحة أدرعي، نلاحظ أن هناك العديد من الصيغ التي استخدمها للترويج للرواية الإسرائيلية، من خلال تقديم إما صورة “نظيفة” لإسرائيل، أو شيطنة الفلسطينيين، أو خطاب الكراهية الشامل المشبع الموجه نحو إيران ووكلائها. من اللافت أيضاً هو رسوماته “المرحة” القابلة للتأثر والتي تُنسب أحياناً إلى مواطن سعودي غير قابل للتتبع، هو فهد الجبيري، أو إلى صفحة على “X” مع فنانين/فنانات غير معروفين تحت اسم Caricatir (@caricatir.

 “رسم صورة لأفكار مشؤومة وكئيبة في شكل مرئي مكثف، يشجع على تكوين الرأي بما يتجاوز الحجج العقلانية”، يقول سعد حاجو، وهو رسام كاريكاتير سوري مخضرم يتمتع بخبرة في الكاريكاتير السياسي لـ “درج”.

لكن على الرغم من محتواه المربك والمقلق، فإنه من الصعب تجاهل ما ينشره أدرعي حتى بعد دخول وقف إطلاق النار بين “حزب الله” واسرائيل حيز التنفيذ، لأن حياة الناس في لبنان تعتمد عليه. 

كل التحذيرات الاسرائيلية بشأن القصف وقرارات الإخلاء تتم عبره فقط.

خلال 66 يوماً من الحرب، خاطب أدرعي اللبنانيين أكثر من 650 مرة. على الأقل 378 من تلك المرات، كانت أوامر إخلاء مقسمة إلى 3 أنواع؛ إخلاءات عامة، وأخرى حسب الموقع، وثالثة وفق خريطة. 

كاريكاتير يبرر الإرهاب

الرسوم الكاريكاتورية تحوّل الأفكار المروعة والمناقشات المطولة، إلى محتوى سلس يتم استيعابه بسرعة، وقد استُخدمت هذه الرسوم بشكل شائع في الحرب العالمية الثانية، لشيطنة العدو ودعم الجبهة الداخلية والتجنيد في الجيش. وفي محادثة مع سعد حاجو حول فعالية الرسوم الكاريكاتورية في البيئة السياسية، قال: “… العقل يجمع بين الكلمات والصور لإنشاء الرموز والشفرات. هناك شيء يتعلق بالوعي الجماعي حيث يمنحنا قبول موضوع معين الرضا، كما أن السخرية من عدو مشترك تعزز الروابط بين الناس”.

وفي ما يتعلق بالشخصيات الاستبدادية في السلطة وصورتها في رسوم الكاريكاتير، أضاف حاجو: “كل شخصية قوية تبني سيطرتها على الهيبة والانضباط. وأهم شيء بالنسبة للسلطوي هو صورته. والرسوم الكاريكاتورية تهز هذه الصورة في العمق”.

بهذه المبادئ يمكن فهم الرسوم الكاريكاتورية، التي دأب أدرعي على نشرها عبر منصاته، والتي تركز على انتصار إسرائيل وهزيمة خصومها.

تدمير كفركلا

يظهر في هذا الرسم الذي نشره أدرعي عام 2018 زعيم “حزب الله” حسن نصر الله وهو يحمل جرة مكتوب عليها “أنفاق” و”متفجرات” وأخرى ليتم سكبها في جرة أكبر تسمى كفركلا. 

في ذلك الوقت كانت هناك حركة احتجاج في لبنان، قد نشطت تحت اسم “طلعت ريحتكم”. أضاف أدرعي هذا العنوان ك”هاشتاغ” على أمل أن يتم دمج المحتوى، والحصول على انتشار على مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانية.

روان، وهي من شابة لبنانية من بلدة كفركلا الحدودية وتبلغ من العمر 29 عاماً، عاشت الحرب الإسرائيلية بكل جوارحها. تقول لـ “درج” إنها شعرت بالذهول وبالخوف المفاجئ، خصوصاً أن قريتها تعرضت لتدمير شبه شامل بقصف اسرائيلي مكثف وشاهدتها هي وأهل القرى من خلال فيديوهات تبث مشاهد تدمير جماعي لأحياء كاملة في البلدة.

“كفركلا مكان مزدحم في الصيف وأقل ازدحاماً في الشتاء. إنه المكان الذي تجتمع فيه العائلات يوم الأحد للراحة، بمناظر طبيعية هادئة لبساتين الزيتون. رائحتي المفضلة هي الخزامى وتحيط بمنزل جدتي. إنه المكان الذي نجتمع فيه للعمل في الأراضي كل موسم. تحت أشجار الزيتون هذه، نحن جميعاً أطفال وتيتا هي الوحيدة البالغة. أذهب يوم السبت إلى سوق المزارعين في بيروت بشكل أساسي لتجديد صابون “كفركلا” العضوي الخاص بي… إنه أمر غير مبرر أن يتم تدمير مسقط رأسي، سنوات من الجهد الذي بذله آباؤنا وأرواحهم في بناء منازل جميلة، ساعدت في خلق سنوات من الذكريات الجميلة. لا أستطيع حتى أن أفهم ما تعنيه تلك الذكريات بالنسبة لي الآن… أنا في حالة من عدم التصديق. هل سأعرف كيف أقود سيارتي نحو منزلي، حيث لا يوجد حتى طريق عملي واحد يقودني إلى هناك؟

من المزعج أن أسير في شوارعي، ومن الخانق أن أرى أخباراً مثل تلك، تحاول تشكيل كفركلا، هذه القرية الناعمة، كقاعدة عسكرية متجاهلين أهلها. ومن المزعج أن نكتشف أن هذا التراكم من الكراهية مستمر منذ عام 2018″.

“أنظروا إليها تحترق”

في هذا المنشور لأدرعي عام 2019، يسخر من عبارة شهيرة  هي “أنظروا إليها تحترق” وهي عبارة أطلقها نصرالله في آخر أيام حرب عام 2006. يقول أدرعي في منشوره، إن حسن نصر الله كان مختبئاً في الأنفاق لمدة 13 عاماً، وإن البحرية الإسرائيلية استخدمت هذا الوقت للتدريب على “العظمة”.

في 14 تموز/ يوليو 2006، أعلن حسن نصر الله الضربة الصاروخية الناجحة ضد السفينة البحرية الإسرائيلية INS Hanit خلال بث مباشر. “أنظروا إليها تحترق” هي بلا شك واحدة من أشهر العبارات، لأنها سلطت الضوء في ذلك الوقت، على القدرات العسكرية ل”حزب الله” واعتبرت لحظة محورية في الحرب.

في هذا المنشور، تسخر إسرائيل من الضربة، لكنها تُظهر كيف تم تدمير بيروت بشكل أكبر.

نظراً لأن الفن مفتوح للتفسيرات، فإن أحد تفسيرات هذا الكاريكاتير يمكن أن يكون خطأ في التناسب والأهداف بين إسرائيل ولبنان. بيروت موطن للمدنيين، والسفينة قاعدة عسكرية. لذا فإن الضربة التي تعرضت لها قاعدة عسكرية إسرائيلية صغيرة، يقابلها تدمير مدينة مزدحمة بالأهالي وحرقها.

الدروع البشرية

 بين 23 و 25 أيلول/ سبتمبر 2024، الوقت الذي دعا فيه أدرعي اللبنانيين إلى مغادرة منازلهم، كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلى ينشر رسومات لدعم رواية الدروع البشرية، لتبرير الإخلاء الجماعي وقصف منازل المدنيين.

المنزل هو تاريخ عائلتك وحارس ذكرياتك قبل أن يحوله “حزب الله” إلى مستودع عسكري. لم يسرق “حزب الله” منازل اللبنانيين فحسب، بل سرق ذكرياتهم وتاريخهم أيضاً… لقد سرق بلدهم.
بمرور الوقت، عندما يحتل “حزب الله” منازل الأبرياء لإخفاء صواريخه، تدفع العائلات الثمن خوفاً ونزوحاً… ولمن؟

لؤي شاب فرنسي لبناني يبلغ من العمر 24 عاماً، عاد مؤخراً إلى لبنان في كانون الثاني/ يناير 2024، لمعرفة المزيد عن تراث بلده وعائلته.

“… منذ بداية الحرب، كان عليّ أن أتابع قناة أفيخاي على X، من دون رغبة مني، لضمان سلامة عائلتي في الجنوب. ينشر أفيخاي بشكل روتيني هذه السخرية الطفولية، التي تبين بعد القليل من البحث، أنها ليست من صنع الذكاء الصناعي، وبالتالي تم التفكير فيها عمداً. في رأيي، يعمل الاختيار الأسلوبي للتصوير كوسيلة لتوضيح الرسالة بشكل حدسي، وممارسة الدعاية، وتكرار حجة الدرع البشري من خلال رسوم غريبة. أنا لا أهتم بالدعاية، أنا أهتم فقط بسلامة عائلتي في الجنوب، لسوء الحظ، هذه الرسومات تذكرنا بأن لا شيء يقف في وجه الدعاية والمعتقد، طالما أن شخصاً ما على استعداد لحمله، يمكن لشخص آخر بالتأكيد تبريره”.

حرق بساتين الزيتون

 أُمر اللبنانيون بمغادرة ليس فقط منازلهم، ولكن بساتين الزيتون الخاصة بهم أيضاً، والزيتون هو أحد أهم مزروعات لبنان والجنوب، الذي يصنف ذو جودة عالمية. 

في الصورة، يُشار إلى زيت الزيتون الذي يعد زيتاً علاجياً من أشجار مسالمة باسم زيت البندقية. هذا الرسم هو محاولة أخرى لشيطنة المساحات المدنية، من خلال نسبها وإعادة استخدام المشهد ليناسب السياق العسكري، وهو يهدف إلى دعم أوامر الإخلاء الموجهة بشكل خاص، إلى أصحاب بساتين الزيتون في الجنوب وعمالها.

“أنا متأكد من أنهم لا يصدقون منتجهم (الرسم) إنه موجود فقط لإثارة غضبنا. هذا الحرق الإجرامي لتلك الأشجار الثمينة يبدو شخصياً، يبدو وكأنه جهد لاقتلاع الارتباط بأرض موروثة”، يقول فريد البالغ من العمر 65 عاماً، وهو مالك بستان زيتون ومزارع موسمي لـ “درج”، وهو ينظر إلى حجم الاستهداف الذي تعرضت له بساتين الزيتون، وبينها شجرات معمّرة تم حرقها عمداً.

أوامر الإخلاء

حوّل الجيش الإسرائيلي لبنان إلى ساحة لتلقي أوامر إخلاء. في 23 أيلول/ سبتمبر، تلقى اللبنانيون أول تحذير إخلاء من أدرعي من حسابه على “X”، ومنذ ذلك الحين، نشر ما مجموعه 378 أمراً، حتى وقت وقف إطلاق النار المتفق عليه، الذي كان في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الساعة 4:00 صباحاً، علماً أن أوامر الإخلاء استمرت بعد وقف إطلاق النار في قرى الشريط الحدودي الأمامية. خلال حرب الـ66 يوماً اتخذت أوامر الإخلاء أشكالاً مختلفة بالتناوب بين: أوامر إخلاء عامة، والموقع، والموقع المحدد على الخريطة، وأوامر إخلاء المباني المحددة على الخريطة.

النوع الأول: أمر إخلاء عام

تم إصدار 16 أمراً بالإخلاء العام منذ 23 أيلول/ سبتمبر 2024، وكانت الفكرة وراء ذلك إثارة الذعر مع القليل جداً من التوجيه، أو منح الهاربين وقتاً كافياً لإيجاد ملاذ آمن. كانت تلك الطلبات عبارة عن بيان واسع النطاق، يطلب من اللبنانيين الابتعاد عن منشآت “حزب الله” غير المحددة، والجنوب، والشواطئ، وفي بعض الأحيان بساتين الزيتون.

النوع الثاني: أوامر إخلاء المواقع المرسومة على الخرائط

صدر عن إسرائيل عبر أدرعي 11 أمراً بإخلاء المواقع المرسومة على الخرائط، وهي تستهدف مساحات شاسعة في مناطق مختلفة من أنحاء لبنان، من 23 أيلول/ سبتمبر 2024 حتى 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أي قبل 3 أيام فقط من وقف إطلاق النار. 

أدناه جدول يتضمن نموذجاً لتواريخ نشر الخرائط وأيامها وأوقاتها.

Monday 23-Sept2:53PMBekaa
Tuesday22-Oct10:36AMAl Haush- 3 km Area
Wednesday23-Oct8:07AMTyre-Historical Peninsula
Thursday31-Oct11:42AM5 km area Baalbak
Thursday21-Nov8:08AMAL Haush
Thursday21-Nov8:08AMMaashouk
Thursday21-Nov8:08AMBurj el shmele
Friday22-Nov7:01AMBurj el shmele
Friday22-Nov7:01AMMaashouk
Monday25-Nov9:14AMHlta
Monday 25-Nov2:23PMTyre

النوع الثالث: أوامر إخلاء المباني المرسومة على الخرائط

هذا هو الأمر الأكثر تأثيراً من بين أوامر الإخلاء المختلفة، فقد صدرت هذه الأوامر المرسومة على الخرائط في ساعات عشوائية، وكان أحد نماذجها تحذيرين نُشرا عبر منصة  “X” في الساعة 4:14 صباحاً يوم الأحد، يأمران بإخلاء مبنيين، أحدهما في منطقة الحدث في الضاحية الجنوبية والآخر في حارة حريك، مع وجود مساحة زمنية “آمنة” تتراوح من 20 إلى 40 دقيقة فقط، للإخلاء قبل الضربات.

تكررت مشاهد الهلع والهروب الجماعي بملابس النوم، ومن دون حاجيات أساسية قبل استهداف المباني والمنازل.

في 66 يوماً، أرعبت 331 خريطة اللبنانيين، وبشكل تقريبي، تضمنت تلك الخرائط نحو 472 مبنى، كأهداف مباشرة منتشرة في مختلف أنحاء لبنان.

عدد البيوت التي اُعطيت أوامر إخلاء في ساعة محددة
عدد الإخلاءات خلال الساعات ما بين٢٣ و٢٧  تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٤

في السياق اللبناني، لعب الوقت دوراً محورياً في جعل تحذيرات الإخلاء ليس فقط مستحيلة، بل مرعبة أيضاً. ففي 66 يوماً حتى الساعات القليلة الأخيرة من سريان وقف إطلاق النار المتفق عليه؛ بين الساعة التاسعة مساءً والحادية عشرة مساءً، أرسل أدرعي 95 إنذاراً لإخلاء 136 مبنى سكنياً، وبعد منتصف الليل بين الساعة الثانية عشرة صباحاً وحتى الرابعة صباحاً، نشر 50 إنذاراً لإخلاء 73 مبنى سكنياً، بالإضافة إلى دائرة نصف قطرها 500 متر حول كل مبنى في وقت واحد.

ومن الأمور التي حاولنا تحليلها في هذا التقرير، هي التفكير بوقت إصدار الأوامر والضربات في محاولة لاستنباط الأنماط. 

وفقاً لجوزيف الخوري الطبيب النفسي البريطاني اللبناني، فإن “خلق أنماط لفرز موقف فوضوي ومحاولة توقّع الخطر القادم بطريقة ما ،هو جهد فعال لتهدئة المخاوف”.

النمط الأول: من 27 أيلول/ سبتمبر حتى 10 تشرين الأول/ أكتوبر، صدرت أغلب هذه التحذيرات بين الساعة 9:40 مساءً و3:32 صباحاً.

النمط الثاني: من 16 تشرين الأول/ أكتوبر حتى 23 منه، تحوّلت أغلب التحذيرات إلى وقت النهار بين الساعة 4:14 صباحاً و10:23 مساءً.

ثم تعود مرة أخرى إلى النمط الأول لمدة 3 أيام (23 و24 و25 تشرين الأول/ أكتوبر).

النمط الثالث: من 1 تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 13 منه، تحذيرات من المخاطر في ساعات عشوائية.

النمط الرابع: تصعيد واضح في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، يستمر حتى الساعة 1:21 صباح 27 منه.

الضاحية الجنوبية لبيروت

هناك انطباع خاطئ بأن ضواحي بيروت كانت خالية من السكان، بعد أيام قليلة من تحذيرات وأوامر الإخلاء المستمرة والضربات الصاروخية. قبل النظر في التحذيرات من المهم أن نلاحظ أن الضواحي كانت مأهولة بالسكان في الواقع وتضمنت جميع الفئات السكانية. وردت شهادات متكررة نقلتها وسائل إعلام تلفزيونية، أن كثيرين لم يكن لديهم ملجأ أو مكان يذهبون إليه، في ظل عجز خطط الطوارئ الحكومية عن استيعاب أزمة النزوح، التي بلغت حد مليون ومئتي ألف نازح، لم يحظ قسم كبير منهم ببدائل سكن عن منازلهم المهددة، مما جعل كثيرين منهم يغامرون بالبقاء في منازلهم، خصوصاً أن البديل الوحيد لهم في تلك الليالي الباردة، كان الخيام البلاستيكية على الشاطئ، ولهذا السبب اختاروا البقاء.

ظهرت عبر الشاشات، قصص عن كبار السن الذين ليس لديهم هواتف محمولة، ويعتمدون على الخطوط الأرضية في حياتهم اليومية، مما يعني أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى أوامر الإخلاء. سكان آخرون ليسوا متابعين لحساب أدرعي على “X”، وفي هذه الحالة خصصت مهمة مراقبة أدرعي 24/ 24  لعضو من العائلة، لتحذير باقي أفرادها حين صدور التحذير. 

في بعض المناطق مثل برج البراجنة، تم تطوير آليات مراقبة الشوارع بالتزامن مع رصد حساب أدرعي وتنبيه الجيران. كانت الطريقة الفعالة الوحيدة للقيام بذلك في ساعات متأخرة من الليل، هي إطلاق الرصاص في الهواء لإيقاظ الجميع ودفعهم للهرب. 

29% من أوامر الإخلاء في ضواحي بيروت، صدرت بين الساعة 11:00 مساءً والساعة 6:00 صباحاً. وقد شملت حوالي 114 مبنى مستهدفاً بشكل مباشر، ودائرة قطرها 500 متر حول تلك المباني، حيث تم تسجيل الضربات الأولى في وقت مبكر، ولم يكن يفصل ما بين التحذير والضربة الفعلية أكثر من 20 دقيقة.

من إجمالي 331 تحذيراً بالاخلاء تم رسمه على الخرائط التي نشرها أدرعي، كان هناك 279 مبنى مهدداً في ضواحي بيروت. 

حظيت منطقة حارة حريك بالنسبة الأكبر من التحذيرات (98 خريطة) تليها برج البراجنة (53 خريطة) ثم الحدث (49 خريطة) ثم الغبيري (44 خريطة) والعمروسية شويفات (10 خرائط). 

يبلغ إجمالي التقديرات للمباني المستهدفة بشكل مباشر في الضواحي 398 مبنى، منها ما يُقدّر بـ 366 مبنى فقط، من بين المناطق الخمسة المذكورة أعلاه. وفي معظم الحالات، تم تسوية المباني بالأرض، كما تم تسوية المباني المجاورة غير المحددة، أو تضررت بشدة وهي معرضة لخطر الهدم.

النوع الرابع: أوامر إخلاء المواقع

تم إصدار 20 أمر إخلاء مواقع ابتداءً من 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2024. الأمر الأول أفرغ 28 بلدة، والأمر الثاني أفرغ 96 بلدة، وبعد 54 يوماً، تم مسح أكثر من 180 بلدة من قبل الجيش الإسرائيلي، وتم تحديدها كمناطق خطرة حتى وقف إطلاق النار.

ما بعد وقف إطلاق النار

هناك 37 بلدة حدودية تم مسحها بشكل كامل، وبلدات لا تزال تحت سقف النيران والتحذيرات الإسرائيلية، منها على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من الحدود ومجموعها يناهز 70 قرية وبلدة.

بعد سريان وقف إطلاق النار، وخلال فترة الستين يوماً التي تضمنها الاتفاق، تخضع البلدات الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً من الحدود الجنوبية، لحظر تجول بين الساعة 5 مساءً و7 صباحاً.

تحت سيطرتنا

“لا أحد يعارض أدرعي ولا توجد رواية لبنانية بديلة للدعاية التي يروّج لها، والتي جعلته صوتاً مرتفعاً”، يضيف الخوري لـ “درج” أنه لا توجد قائمة مهام مشتركة يمكن تعميمها على اللبنانيين في تلك الأوقات لحمايتهم، ومع ذلك يقترح بعض التغييرات السلوكية في سيطرتنا، التي يمكن أن تساعد في بناء جدار بين الحرب النفسية وبيننا:

الحد من الاستهلاك: في علامته التجارية، يعتمد أدرعي على الصور التي تحدد نوع المحتوى الذي ينشره، إذا لم يكن الأمر مسألة حياة أو موت، فتجنّبه، السبب الوحيد الذي يجعلنا نتّبعه هو أوامر الإخلاء التي أصدرها، حدد التفاعل بهذا.

اسأل نفسك: “لماذا يزعجني هذا؟” كلما صادفت محتوى لا يخدم أي قيمة عسكرية، ويوجد فقط كرأي عائم لإحداث احتكاك مع المجتمعات، تجنّب الفخ، ربما يزعجك هذا لأنه تم نشره لخدمة هذا الغرض.
تحديث السرد: نريد أن نصدق أن كل ما تفعله إسرائيل حتى أدق التفاصيل هو متعمّد، ينبغي لنا أن ندرك أيضاً أنهم ربما لا يتمتعون بالكفاءة الكافية، وأن بعض الأمور التي يقومون بها يتم تضخيمها من جانبنا، في حين أن هذا في الواقع ليس سوى انعكاس لعدم كفاءتهم. والصورة النظيفة الوحيدة لهم هي تلك التي صممها أدرعي، ولكن عندما ننظر إلى الجنود المشاة الذين لا يخضعون للرقابة، فإننا لا نرى أداءً مثالياً لـ “الجيش الأكثر أخلاقية على وجه الأرض”، فهل هم حقاً منظمون ومنضبطون إلى هذا الحد؟

اشترك بنشرتنا البريدية