fbpx

السعودية… هل يكفي تخفيف أحكام الإعدام لاستقطاب إدارة بايدن؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يرى متابعون للملف السعودي – الأميركي أن السعوديّة تحاول اليوم تقديم مقاربة استراتيجية مختلفة وتسعى بشتّى الطرائق إلى تخفيف الحنق والتوتّر مع إدارة الرئيس الجديد وضمان علاقة جيّدة مع أهم حليف للمملكة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يُحرم السعوديّان سارة الجابري (20 سنة) وشقيقها عمر (22 سنة) من متابعة حياتهما الطبيعيّة منذ اعتقالهما في آذار/ مارس 2020. جريمتهما الوحيدة هي أنّهما ابنا مسؤول المخابرات السابق في المملكة العربية السعودية سعد الجابري الذي يحاول ولي العهد محمد بن سلمان الضغط عليه واستدراجه للعودة إلى المملكة من “منفاه” في مدينة تورنتو الكنديّة، حيث يحتمي خوفاً من ملاقاة مصير الكاتب الأميركي- السعودي جمال خاشقجي. 

سارة وعمر ليسا المعتقلين اعتباطياً الوحيدين في السجون السعوديّة، فالفتى مرتجى قريريص مثلاً اعتقلته السلطات عندما كان عمره 13 سنة على خلفيّة مشاركته عام 2014 في احتجاجات في منطقة القطيف حيث تعيش الأقلية الشيعية والتي تطالب بحقوقها. 

مرتجى قريريص

مرتجى هو المعتقل الأصغر  في السعودية ولا يزال قابعاً في السجن، لا بل كان محكوماً أيضاً بالإعدام! ولكن، لحسن حظّه، أُعفي من حكم الإعدام في حزيران/ يونيو 2019 على أن يتابع مدّة محكوميّته البالغة 12 عاماً وأصبح عمره اليوم نحو 19 سنة.

الفترة الأخيرة شهدت تغيّرات في المشهد الحقوقي في المملكة وتحديداً في الأحكام والعقوبات، إذ قرّرت المحكمة الجزائية المتخصصة في 7 شباط/ فبراير 2021 وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، تخفيف أحكام الإعدام بحقّ ثلاثة مراهقين من الأقليّة الشيعيّة: علي النمر (17 سنة)، وهو ابن شقيق نمر النمر، رجل الدين الشيعي، الذي أُعدم عام 2016، إضافة إلى عبد الله الزاهر (16 سنة) وداود المرهون (17 سنة)، الذين اعتقلوا في سن المراهقة، واستبدال حكم الإعدام بالسجن عشر سنوات تنتهي عام 2022. 

تمّ القبض على النمر والزاهر والمرهون بشكل منفصل عام 2012 بتهمة ارتكاب جرائم أثناء مشاركتهم في احتجاجات مناهضة للحكومة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية. وحكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الثلاثة بالإعدام عام 2014. إنّما في آب/ أغسطس 2020، أمر المدعي العام السعودي بمراجعة الأحكام الصادرة بحقهم، وبعدها بمدّة أقرّ إلغاء أحكام الإعدام.

أمّا الناشطات والنشطاء في مجال حقوق الإنسان والمعارضون السياسيون فهم دائماً عرضة للاعتقال، فلجين الهذلول ونسيمة السادة ورائف وسامر بدوي ونوف عبد العزيز، وصلاح حيدر ووليد أبو الخير وعصام كوشك والكثير غيرهم دفعوا فاتورة غالية لمطالبتهم بحقوق النساء وبحقوق سياسية وبالعدالة. وهناك أنباء نقلتها شقيقة لجين الهذلول عن احتمال إطلاق سراح شقيقتها لجين خلال أيام.

إعدامات بالجملة!

تسعى منظّمات حقوقية معروفة كمنظّمتي “أمنستي” و”هيومن رايتس ووتش” للضغط باتجاه إخلاء سبيل معتقلي الرأي، وكانت أبرز المحاولات قبل قمّة العشرين وخلالها، إذ استضافتها المملكة في تشرين الثاني2020. ولكن القضايا في المحاكم السعوديّة لا تقتصر على المحاكمات الجائرة والاعتقال التعسّفي فحسب، بل تتعدّى ذلك لتشمل أحكام إعدام صادمة لإنهاء حياة نشطاء وناشطات.
بحسب منظّمة “أمنستي“، استخدمت السلطات السعوديّة عقوبة الإعدام على نطاق واسع عام 2019، بحيث “نفذت عشرات الإعدامات… تم إعدام بعض الأشخاص، ومعظمهم من الأقلية الشيعية في البلاد، بعد “محاكمات جائرة”. واحتلت المملكة المركز الثالث من بين الخمس دول الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام عام 2019 على الشكل التالي:
1- الصين (حوالى 1000).

2- إيران (251 على الأقل).

3- المملكة العربية السعودية (184).

4- العراق (100 على الأقل).

5- مصر (32 على الأقل).

وفي 23 نيسان/ أبريل 2019، نفّذت المملكة إعدامات جماعيّة تضمّنت 37 رجلاً، 33 منهم ينتمون إلى الأقليّة الشيعيّة في البلاد أُدينوا بتهم تتعلّق بالتظاهر والاحتجاج والإرهاب والتجسّس. وأكّدت منظّمة “أمنستي” أنّ السعودية أعدمت رقماً قياسياً بلغ 184 شخصاً (178 رجلاً و6 نساء) عام 2019 مقارنةً بـ149 إعداماً عام 2018. “ونُفذت الإعدامات بالرصاص أو قطع الرأس، أحياناً في العلن”، وفقاً لـ”هيومن رايتس ووتش“.

ويبقى أحد أهم الأسماء التي تنتظر على قائمة المحكومين بالإعدام هو الشيخ السنيّ البارز سلمان العودة، أحد منتقدي الأسرة الحاكمة والدّاعي إلى التغيير السياسي، الذي قُبض عليه في أيلول/ سبتمبر 2017 بتهمة علاقته بجماعة الإخوان المسلمين التي وضعتها المملكة على لائحة الإرهاب عام 2014، ودعمه المعارضين المسجونين. 

أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية في 18 كانون الثاني/ يناير 2021 توثيقها 27 عملية إعدام عام 2020، ما يشكّل انخفاضاً بنسبة 85 في المئة مقارنة بعام 2019. وهذا يعود إلى بعض التغييرات القانونيّة في المملكة.

فعام 2018، تمّ إصدار قانون خاص بالأحداث يمنع أحكام الإعدام على من هم دون الـ15 سنة. وبعدها في نيسان/ أبريل 2020، أصدرت المملكة أمراً ملكيّاً يقضي بإنهاء استخدام عقوبة الإعدام لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة باستثناء القضايا المتعلّقة بقانون مواجهة الإرهاب واستبدالها بـ10 سنوات سجن في “دور الإصلاح”.

وبينما يعزو الجانب السعودي هذه التطوّرات لرؤية 2030 السعوديّة، يرجّح آخرون أن تكون هذه المتغيّرات السريعة وفي الفترة الأخيرة بالتحديد هي محاولة استباقيّة لتحسين العلاقات مع الرئيس الأميركي الجديد. 

إدارة بايدن: مواجهة جديدة! 

لا شكّ في أنّ وصول الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إلى سدّة الرئاسة لم يكن بالخبر السعيد لوليّ العهد، فلا يُخفى على أحد دعم المملكة المرشّح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب الذي غضّ النّظر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي كانت تُمارسها المملكة أهمّها وأفظعها عمليّة اغتيال الكاتب والصحافي جمال خاشقجي. فترامب ساوم على دم الخاشقجي و”كتب للسعودية شيكاً على بياض”، بحسب وصف حملة بايدن.

أمّا بايدن فكان واضحاً منذ البداية من جهة وصف المملكة بأنّها “منبوذة” Pariah، والحديث عن إعادة نظر وإعادة تقييم العلاقة الأميركية – السعوديّة. فيما تعهّد بالدفاع عن حقوق الإنسان وإنهاء دعم الولايات المتّحدة الأميركيّة لحرب اليمن. وبالفعل، أعلنت إدارة بايدن في بداية شباط 2021 إنهاء دعمها حرب اليمن المستمرّة منذ آذار 2015، والتي حصدت آلاف الأرواح، ووقف مبيع الأسلحة للتحالف العسكري بقيادة السعوديّة، كما عيّنت الإدارة مبعوثاً خاصاً لحلّ الأزمة اليمنيّة.

لذلك يرى متابعون للملف السعودي – الأميركي أن السعوديّة تحاول اليوم تقديم مقاربة استراتيجية مختلفة وتسعى بشتّى الطرائق إلى تخفيف الحنق والتوتّر مع إدارة الرئيس الجديد وضمان علاقة جيّدة مع أهم حليف للمملكة. وفي هذا السياق، خفّضت محكمة الاستئناف السعوديّة حكم الطبيب السعودي الأميركي وليد فتيحي، المدان بالحصول على الجنسية الأميركية من دون إذن وانتقاد دول عربية أخرى على “تويتر”، من 6 سنوات إلى ثلاث سنوات وشهرين. هذا فضلاً عن تحديد موعد الإفراج عن الناشطة لجين الهذلول في 11 شباط/ فبراير بعد اعتقالها عام 2018.

وهنا، يعتبر خالد الجابري في حديث لـWashington Post أنّ سارة وعمر الجابري هما “رهينتان سياسيّتان”، للضغط على والده وأنّ الدور الذي ستلعبه إدارة بايدن في هذه القضيّة هو “الاختبار الأكثر دقة لقدرة الولايات المتحدة على التأثير في سلوك محمد بن سلمان وتغييره”.

وتبقى القضيّة الأكثر تعقيداً هي عمليّة اغتيال الكاتب السياسي جمال خاشقجي، فهل سيفتح بايدن القضية من جديد أم ستبقى الصفحة مطوية حفاظاً على التحالف القائم، خصوصاً أنّ السعودية هي الشريك الأمني الأقرب للولايات المتّحدة في العالم العربي، وحليف استراتيجي في الشرق الأوسط، وزبون رئيسي لمبيعات الأسلحة الأميركية؟ 

ستتجلّى في الأيّام والأشهر المقبلة الأجوبة وتتضّح الاستراتيجيّة التي ستعتمدها إدارة بايدن تجاه السعوديّة وقدرتها على التأثير بسياسات المملكة.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.