fbpx

العراق: “خلية الصقور” بين دورها الأمني وأدوارها الإعلامية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“خلية الصقور وبقية الاجهزة استُخدِمت لأغراض سياسية، خصوصاً في أوقات وأزمنة سابقة، من طريق الضغط على مناطق دون أخرى”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد عودة التفجيرات الدموية إلى العاصمة بغداد مع تفجيري ساحة الطيران، عاد السؤال إلى الواجهة: “ما دور الأجهزة الأمنية؟”. 

لم يتأخر جواب رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، إذ صدر القرار، بعد زيارة بروتوكولية إلى مكان الجريمة وتبعها اجتماع أمنيّ رفيع، نتجت عنه تنحية خمسة من القادة الأمنيين الكبار وتعيين بدلاء لهم. كان من بين الأسماء التي أُزيحت عبد الكريم عبد فاضل المعروف باسم أبو علي البصري.

قرارٌ وارتداد

أثار القرار حفيظة جهات وشخصيات سياسية، ونددت به وسائل إعلام قريبة من إيران.

كان أبو علي البصري أحد مؤسسي خلية الصقور الاستخبارية عام 2009، والتي نشأت برعاية وإشراف نوري المالكي رئيس الوزراء آنذاك الذي تربطه بالبصري علاقة قديمة بدأت تحت مظلة “حزب الدعوة”، وبدعم أميركي.

يعتقد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن إقالة أبي علي البصري ستخلق فراغاً: “التغييرات التي طاولت الهيكل الأمني، حق للكاظمي، فهو قائد عام للقوات المسلحة، لكن في ما يتعلق بتغيير ابو علي البصري فهو لديه إنجازات لا تُصدّق وكثيرة جداً، لذلك أعتقد أن إزاحة البصري ستُسبب نقصاً حاداً في المنظومة وقدرتها الاستخبارية”.

امتدّ التحفّظ على تغييرات الكاظمي إلى مجلس النواب، وعبّرت لجنة الأمن والدفاع النيابية عن ذلك إزاء استبدال قائد خلية الصقور أبو علي البصري “على رغم أنها قضية تخص القائد العام للقوات المسلحة، لكننا كنا ضد تبديل قائد خلية الصقور أبو علي البصري لأنه كان يعمل بحيادية ووطنية”، يقول عضو اللجنة النائب عبد الخالق العزاوي لـ”درج”.

حمل قرار القائد العام للقوات المسلحة أسماء 5 بدلاء للخمسة المعزولين، وكان حميد الشطري هو الاسم الذي وضع كبديل للبصريّ.

هذا التغيير “سيرتقي بالعمل الاستخباري على جميع الأصعدة”. 

البديل

حميد الشطري أو أبو حسين الشطري، كان يشغل، قبل ظهور اسمه كبديل لأبي علي البصري، منصب معاون رئيس جهاز الأمن الوطني وكذلك معاون رئيس هيئة الحشد الشعبي. ليس للشطري تاريخ واضح، لكن المعلومات تقول إنه ينتمي الى حركة  “15 شعبان”، وهي حركة إسلامية معارضة لنظام حزب البعث، انبثقت في أهوار جنوب العراق، وينسب لها تنفيذ عملية اغتيال نجل صدام حسين الأكبر عدي عام 1996، يتزعمها “حمزة الموسوي” ولها ارتباطات وثيقة بإيران.

يكرّر الخبير الأمني فاضل أبو رغيف المديح لأبي علي البصري، وفي الوقت نفسه يشيد ببديله، ويقول لـ”درج”: “يتمتع الشطري بخبرة عملية في جهاز الأمن الوطني، لكن أعتقد أن أفضل تغيير قام به الكاظمي هو تولية أحمد ابو رغيف وكالة وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات”، مشيراً إلى أن هذا التغيير “سيرتقي بالعمل الاستخباري على جميع الأصعدة”. 

المقدرة والجذور

تعتبر الخلية التي تأسست في الظل، من أقوى الأجهزة الاستخبارية في العراق وأدقها، كان عملها سرياً أيام تنظيم “القاعدة” ورواج السيارات المفخخة، لكنها ظهرت عام 2014 بعد تضخّم قدرات تنظيم “داعش” الارهابي، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 ظهرت صفحة على “فايسبوك”، تحت اسم “خلية الصقور الاستخبارية”.

وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته أُعلِنَ عن إصابةِ زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي ومقتل 14 من مرافقيه في غارة جوية بناءً على معلومات توصلت إليها “خلية الصقور”.

تتمتع الخلية بقدرات عالية وتقنيات متقدمة في عالم الاستخبارات ولدى ضباطها كفاءة عالية، بحسب مصادر أمنية. 

خلال الأشهر العشرة الأولى من 2020 تمكنت خلية الصقور من اعتقال 11 ألف متهم مطلوبين بارتكاب جرائم إرهابية وجنائية والقتل والتزوير والابتزاز الإلكتروني والمخدرات، بحسب تصريحات لقائد الخلية المعزول أبو علي البصري.

يشيدُ المقرّبون من البصري، بقدراته كقائد وطبائعه كشخص: “إنه هادئ ومتّزن، وفي الوقت نفسه هو شديد الدقة ومتفانٍ في عمله، لم تكن تمرّ عملية في الخلية من دون إشراف أبو علي البصري ومعرفته بتفاصيلها”.

وينفي هؤلاء أن تكون الخلية تورّطت بأعمال “غير قانونية أو سياسية أو طائفية” لكنهم يشيرون إلى أن “جميع ضبّاط الخلية ينتمون إلى المذهب الشيعي”.

إقرأوا أيضاً:

مآخذ

بعد 2003، وخصوصاً في عهد نوري المالكي، طاولت الأجهزةَ الأمنية العراقية اتهاماتٌ متعددة بأنها “طائفية ومخترقة” وليست الأجهزة الاستخبارية بمنأى عن هذه الاتهامات.

يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عبد الخالق العزاوي أن هناك “سلبيات” في الأجهزة الاستخبارية ومن ضمنها “خلية الصقور”، ويؤكد أن لجنته اجتمعت بقادة الأجهزة الاستخبارية في وقت سابق، وأطلعتهم على هذه الملاحظات: “هناك ازدواجية بمصادر المعلومات المعتمدة وخصوصاً في المناطق المحررة، وإن هذه المصادر دون المستوى المطلوب وتفتقر إلى الصدقية العالية وهناك سلبيات في إيصال المعلومة، وهذا ينطبق على مصادر خلية الصقور”.

بينما يدفع الخبير الأمني فاضل ابو رغيف هذه الشبهات عن الخلية: “إنها دائرة رسمية وفق القانون والدستور وفيها قاضٍ مختص ولا يمكن أن تتصرف إلا وفق المعطيات القانونية، لذلك فلا أعتقد أنها استُغِلّت لتصفية حسابات سياسية أو ضد المدنيين”.

تتمتع الخلية بقدرات عالية وتقنيات متقدمة في عالم الاستخبارات ولدى ضباطها كفاءة عالية.

“المخبر السري” من جديد

في الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2010 – 2014) تضاعفت حالات الاختفاء القسري والاعتقالات العشوائية في المناطق السُنية، وراج حينها ما يُعرَفُ بالـ”مخبر السرّي”، الذي تعتمده الأجهزة الأمنية والاستخبارية كدلالة كافية لاعتقال أيّ شخص في هذه المناطق.

في كانون الثاني/ يناير 2013 وبعد ضغطٍ شعبي، أعلن القضاء إيقاف العمل بنظام “المخبر السري”، لكن الأمر لم يتعدّ كونه إعلاناً فقط.

يقول العزاوي: “ما زال المخبر السري موجوداً في قسم من المناطق وتم اعتماده كمصدر معلوماتي لهذه الأجهزة وما زال يتحرك بدافع طائفي أحياناً”. وينقل العزّاوي معلومات يصفها بـ”الدقيقة” تفيد بأن “خلية الصقور وبقية الاجهزة استُخدِمت لأغراض سياسية، خصوصاً في أوقات وأزمنة سابقة، من طريق الضغط على مناطق دون أخرى”.

مكاسبُ أخرى

يُسوّقُ فريقُ رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي والإعلامُ المقرّبُ منه، قراراتِ القائد العام للقوات المسلّحة على أنها “تحرير الأجهزة الأمنية من قبضة إيران”، وفي المقابل يكيلُ عليه خصومُه تهمَ العمالة لأميركا ويشكّكون بجميع قراراته، حتى أن بعضَ المنصّات المتفرّعة من إعلام المحور الإيراني قلّلت من شأن العمليتين الأمنيّتين اللتين تلتا انفجار ساحة الطيران وأنهتا حياة مجموعة من عناصر التنظيم، من بينهم قائدان بارزان هما “أبو ياسر العيساوي” نائب الخليفة ووالي العراق و”أبو حسين الغريباوي” قائد جنوب العراق في التنظيم.

يعتقد مقرّبون من قيادة “خلية الصقور” أن تغيير أبو علي البصري كان سياسياً ومن أجل مكاسب إعلامية، “دليل ذلك هما العمليّتان اللتان نُفذتا بحق قائدين في داعش، لأنهما كانا مراقبَين من قبل الخلية وكل تحركاتهما معروفة لضباطها وقادتها”، وهو ما يؤيده فاضل أبو رغيف، أي أن القتيلَين كانا تحت المراقبة، يقول: “هناك تلازم بين تغيير القادة الأمنيين ومقتل قادة دواعش، فمثلاً أبو ياسر العيساوي وحتى أبو حسن الغريباوي كانا متابعين من قبل خلية الصقور التي قتلتهما بجهد ودعم جوي للتحالف الدولي”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.