fbpx

عندما “طعنت” أميركا الانتفاضة الكردية بـ”طائرات هليكوبتر قتالية”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“عندما هاجمنا كركوك اعتقدنا أن القوات العراقية لن تستطيع استخدام الطائرات والهليكوبترات الحربية ضدنا، لكن 10-12 طائرة مجنّحة وهليكوبتر حربية شاركت في قصف مواقعنا” …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 3/3/1991 أجريت مفاوضات وقف النار في صفوان على الحدود العراقية- الكويتية، بين وفد عراقي بقيادة وزير الدفاع آنذاك الفريق الركن هاشم سلطان، ووفد قوات التحالف بقيادة الجنرال الأميركي نورمان شوارزكوف، الذي سمح لنظام صدام حسين باستخدام طائرات هليكوبتر قتالية، بذريعة الحاجة إليها كوسيلة وحيدة لتنقل المسؤولين بين بغداد ومحافظات العراق نظراً إلى تدمير الطرق والجسور خلال الحرب، على حد زعم القائد العراقي.

قرار القائد الأميركي كان له نتائج كارثية على المنتفضين في جنوب العراق وكردستان، فالقوات العراقية استخدمت هذه الطائرات في هجومها المضاد، وكان لها دور حاسم في عمليات القصف والملاحقة وقمع انتفاضتي كردستان وجنوب العراق.

خلفيات الموافقة على استخدام طائرات الهليكوبتر القتالية تستحق الرواية. في محضر الجلسة التي دوّنها الطرف الأميركي، ونُشرت تفاصيلها وقتها في الصحافة الأميركية، يتبيّن أنه بعد انتهاء المفاوضات التي وافق خلالها الوفد العراقي على القرار الأميركي بحظر استخدام الطائرات القتالية المجنّحة في أجواء العراق، أن سلطان هو الذي طلب من شوارزكوف السماح باستخدام طائرات الهليكوبتر لتنقل المسؤولين بسبب تدمير الطرق والجسور خلال الحرب. فرد شوارزكوف بانه يحق للعراقيين استخدام طائرات الهليكوبتر القتالية والتفت شوارزكوف إلى مدون المحضر الأميركي وأمره باعادة فتح المحضر ليضيف ما قاله تواً للوفد العراقي. سلطان الذي فوجئ برد شورازكوف سأله للتأكد، هل يعني أن العراقيين يمكنهم فعلاً أن يستخدموا طائرات الهليكوبتر القتالية؟ شوارزكوف كرر موافقته مضيفاً أن هذه الطائرات يجب أن تستخدم رمز اللون البرتقالي حين تحلق فوق المناطق التي ترابط فيها قوات التحالف كإشارة إلى أنها لا تحمل نيات عدوانية.

القوات العراقية بدأت الهجوم المضاد ضد انتفاضة الكرد في أواخر آذار/ مارس، بعدما قمعت انتفاضة الشيعة في الجنوب، وارتكبت جرائم وحشية ضد المنتفضين الذين وقعوا في أيديها وضد المدنيين عموماً.

ما سلف موضوع تناوله وقتها باحثون أميركيون ومعارضون عراقيون سائلين عن السبب الذي دفع شوارزكوف إلى التبرّع بالسماح للسلطات العراقية البعثية، باستخدام هذا السلاح الجوي من دون أن يطلبوا ذلك منه. اعتبر معارضون عراقيون وقتها أن أوساطاً في الإدارة الأميركية معنية بالشأن العراقي كانت مقتنعة بأن السماح للجيش العراقي بإعادة السيطرة على الوضع الداخلي، من شأنه أن يدفعه إلى مواجهة مع صدام حسين، الذي كانت غالبية من الضباط تعتبره مسؤولاً عن إلحاق هزيمة مهينة بهم، نتيجة لمغامرته باحتلال الكويت. شخصيا تابعت الموضوع لاحقا مع الأمير السعودي خالد بن سلطان الذي كان نائبا للقائد الأميركي لقوات التحالف الدولي ورافق شوارزكوف في مفاوضات صفوان. الأمير خالد أصدر كتاباً عن دوره في تلك الفترة، عنوانه “مقاتل من الصحراء” ونشره في 1995. معروف أن الأمير خالد كان مالك صحيفة “الحياة” التي عملت فيها عقداً من الزمن (1988-1998). كان الأمير خالد يزور لندن بصورة منتظمة ويداوم أحياناً في مكتبه في مقر “الحياة”، وفي إحدى زياراته طلبت لقاءه، فدعاني إلى مكتبه. سألته عن مفاوضات صفوان، تحديداً عن قرار شوارزكوف في شأن طائرات الهليكوبتر، وإن فاجأه ذلك. رد الأمير بأنه فوجئ بقرار شورازكوف، لكنه لم يتدخل في الموضوع. لماذا؟ لأنه افترض أن شوارزكوف لم يكن ليتخذ مثل هذا القرار من دون تنسيق مع واشنطن التي ربما كان قرارها، بحسب الأمير خالد، قد اتخذ بالتنسيق مع الرياض، وبالتالي لم يستبعد أن يكون ذلك باتفاق مباشر بين الملك فهد والرئيس جورج بوش نظراً إلى العلاقة الشخصية الوثيقة بينهما.

القوات العراقية بدأت الهجوم المضاد ضد انتفاضة الكرد في أواخر آذار/ مارس، بعدما قمعت انتفاضة الشيعة في الجنوب، وارتكبت جرائم وحشية ضد المنتفضين الذين وقعوا في أيديها وضد المدنيين عموماً. بحسب نوشيروان مصطفى فإن “قوات الحرس الجمهوري بقيادة عزة الدوري بدأت الهجوم المضاد على كردستان، منطلقة من منطقة أبو غريب قرب بغداد وصولاً إلى منطقتي الفتحة في شمال محافظة صلاح الدين ودبس في شمال غربي كركوك مستخدمة الدبابات. في الوقت ذاته هاجمت قوات أخرى دهوك منطلقة من منطقة فايدة في جنوب المحافظة واستطاعت السيطرة على دهوك وزاخو أيضاً في وقت واحد تقريباً. وبعدما سيطرت تماماً على كركوك انطلقت نحو بلدة ألتون كوبري. اعتمدت القوات المهاجمة تكتيكا ًمحدداً بتجنّب أي احتكاك مع قوات البيشمركة، حتى إنها لم تكن ترد على نيراننا.

ولو كانت اختارت المواجهة مع قواتنا، لكنا على الأقل نستطيع إشغالها بالقتال نحو 20 يوماً في مناطق مثل جمجمال، لمنعها من التقدم من كركوك نحو مدينة السليمانية. في المناطق التي تعين عليها أن تواجه قوات البيشمركة استطعنا إيقافها كما حدث في كوري، التي أصبحت لاحقاً خط وقف القتال، وكذلك في أزمر وعربت وسيد صادق التابعة لمحافظة السليمانية، واستطعنا بذلك حماية السكان المدنيين. المعارك في هذه المناطق خاضتها قوات بيشمركة مشتركة تابعة لـ”الاتحاد الوطني الديموقراطي” و”الحزب الديموقراطي الكردستاني”. يتابع مصطفى: “كل السكان الكرد تقريباً فروا من كركوك التي كان علي حسن المجيد زارها قبل سيطرة البيشمركة عليها بأيام، وأمر باعتقال نحو 10-12 ألف شاب كردي، تحسباً لانضمامهم إلى انتفاضة في المدينة واحتجزوهم في معسكرات سابقة لأسرى الحرب الإيرانيين، في الرمادي غرب العراق. ومع ذلك، فإن الكرد المتبقين في كركوك شاركوا في انتفاضنها عندما دخلتها قواتنا لكنهم لم يشعروا برغبة في الاحتفال بسبب قلقهم على شبابهم المعتقلين. لاحقاً أطلق سراح هؤلاء الشباب بعدما بدأت المفاوضات بين الكرد وبغداد”. (نوشيروان مصطفى في لندن – أيلول/ سبتمبر 1993).

إقرأوا أيضاً:

كركوك دائماً

كانت كركوك والموقف منها تشكل على مدى تاريخ الثورات الكردية في القرن العشرين سبباً رئيساً في فشل المفاوضات والاتفاقات الكردية- العراقية. يكفي التذكير بما حدث حديثاً في استفتاء الاستقلال في 2016 لتأكيد أن كركوك ما زالت كذلك. المشكله تكررت أيضاً خلال انتفاضة كردستان عام 1991. المفارقة أن تحرير كركوك خلال الانتفاضة لعب دورين متناقضين. من جهة كانت سيطرة الكرد شبه الكاملة على كركوك سبباً لدفع بغداد إلى طلب التفاوض مع القيادة الكردية، ومن جهة أخرى، تسببت في تعجيل الهجوم المضاد لقمع الانتفاضة.

يتفق نوشيروان مصطفى ونيتشيرفان بارزاني على العامل السلبي الناجم عن تحرير كركوك. وكنت أشرت في حلقة سابقة إلى أن القيادي في “الاتحاد الوطني الكردستاني” فريدون عبد القادر ذكر في كتابه “نسور قنديل”، أن هذا كان رأي نوشيروان مصطفى. وفي لقاء خاص مع نيتشيرفان بارزاني، قال إنه عندما ذهب إلى أطراف كركوك قبل هجوم البيشمركة لتحريرها، “فكرت باأنا يجب ألا نهاجمها لأننا لن نستطيع الاحتفاظ بها بسبب طبيعتها الجغرافية. كركوك مهمة بالنسبة إلى بغداد، لكن لا توجد جبال هناك والبيشمركة مقاتلون في الجبال. إلى ذلك فإن تركيا وإيران والسعودية والكويت تعارض وقوع كركوك في أيدي الكرد. لكن على رغم ذلك، فإن تحريرها يعتبر نصراً كبيراً لنا. هكذا جاء القرار النهائي للقيادة الكردية بالهجوم على كركوك. وتأكيداً لقرار القيادة كنت تلقيت رسالة من مسعود بارزاني قبل ثلاثة أو أربعة أيام من هجومنا على كركوك، مستفسراً عن السبب لعدم بدء الهجوم بعد. القوات العراقية حاولت الدفاع عن كركوك لكن البيشمركة تصدوا لها بقوة. وعندما هاجمنا كركوك اعتقدنا أن القوات العراقية لن تستطيع استخدام الطائرات والهليكوبترات الحربية ضدنا، لكن 10-12 طائرة مجنّحة وهليكوبتر حربية شاركت في قصف مواقعنا” (نيتشيرفان بارزاني – أربيل في 22/5/1993).

في الحلقة السابقة، ذكرت الاتصالات في جنيف بين سرجل قزاز بالنيابة عن القيادة الكردية وبرزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين، والذي كان يشغل منصي الممثل الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة في جنيف وأسباب فشل تلك الاتصالات التي استمرت عملياً حتى الهجوم المضاد للقوات العراقية على كركوك في 28/3/1991. تزامنت تلك الاتصالات مع اتصالات أخرى مباشرة بين بغداد والقيادة الكردية، عندما كانت كركوك ما زالت في أيدي الكرد. أكد ذلك نيتشيرفان بارزاني ونوشيروان مصطفى. هنا قصة ذلك كما رواها بارزاني في اللقاء السالف معه. قال: “كنا لا نزال في كركوك عندما وصل إليها مكرم طالباني (الوزير السابق في الحكومة العراقية ممثلاً عن الحزب الشيوعي العراقي الذي ظل في بغداد وعلى صلة مباشرة مع صدام حسين)، ناقلاً رسالة من بغداد تدعونا إلى إجراء مفاوضات.

استقبلته في مكتبي وأبلغني بأنه يحمل رسالة من صدام، مضيفاً أن كل شيء هادئ في بغداد وتحت السيطرة، وأن الوقت مناسب لتسوية كل شيء سلمياً. الحق أن القيادة الكردية كانت متفقة على أن الوقت كان مناسباً فعلاً للتفاوض لأنها لم تكن تثق بالغرب. في أي حال لم يحاول أحد أن يتصل بنا. إلى ذلك لو قارنا بين أن نبقى لاجئين في إيران وأن نعيش في العراق ولو تحت نظام صدام فإن الخيار الثاني كان أفضل لنا”. أوضح بارزاني أيضاً أن مكرم طالباني طلب أن يلتقي جلال طالباني. لكن مام جلال كان وقتها في دهوك، فعرضت على مكرم أن أرسله إلى دهوك برفقة أحد أقرباء طالباني. لكن مكرم لم يستطع الوصول إلى دهوك لأن قتالاً كان يدور في الطريق، فقرر العودة. في طريق العودة توقف (لم يذكر بارزاني أين) للقاء مسعود بارزاني ونوشيروان مصطفى. بارزاني أبلغ مكرم بأننا مستعدون للتفاوض، لكن ماذا يمكنكم أن تقدموا لنا؟ مكرم لم تكن لديه اقتراحات عملية لأنه كان مجرد ناقل لرسالة بغداد. عاد مكرم إلى بغداد وبدأ الهجوم المضاد علينا”. (نيتشيرفان بارزاني 22/5/1993).

قمع الانتفاضة

نجحت القوات العراقية في قمع الانتفاضة عسكرياً بسبب تفوقها تسليحاً وعديداً وتكتيكاً. لكن إلى جانب ذلك هل كانت هناك أسباب داخلية تخصّ القيادات الكردية؟ يعتقد نوشيروان مصطفى، الذي كان أحد القادة البارزين ليس فقط بوصفه المسؤول الثاني في قيادة “الاتحاد الوطني الكردستاني”، بل لأنه كان عملياً الرجل الثاني في القيادة العسكرية لقوات البيشمركة، إلى جانب المسؤول الأول مسعود بارزاني، أن الكرد وقواتهم ارتكبوا أخطاء لعبت دورها في الانهيار السريع للانتفاضة، وفشل القوات الكردية في التصدي للهجوم المضاد الذي شنته قوات الحرس الجمهوري. السبب الأول في رأيه تمثل في “انعدام الإرادة السياسية في الأوقات الحرجة. فالجبهة الكردستانية كانت تتألف من ثمانية أحزاب وعندما بدأت الانتفاضة سارعت هذه الاحزاب، خصوصاً الصغيرة، إلى تسويق نفسها بدلاً من تركيز الجهود على إقامة خطوط دفاعية قوية، خصوصاً في كركوك. إلى ذلك، بدأت هذه الأحزاب تتنافس على استقطاب عناصر الفصائل العشائرية المسلحة التي كانت متعاونة مع الحكومة العراقية، بهدف تعزيز الأجنحة المسلحة للأحزاب.

كما أعتقدُ أن كثيرين من العائدين إلى كردستان من المنافي شعروا بالارتخاء مستقرين في ديارهم بين عائلاتهم. بعبارة أخرى احتفلوا قبل الأوان. وبعد تحرير كركوك قدمت قيادات الجبهة الكردستانية للسكان وعوداً كثيرة، من دون أن تسنح لنا الفرصة لعمل أي شيء خلال الايام الثمانية، التي بقينا فيها هناك قبل الهجوم العنيف للقوات العراقية على البيشمركة والمدنيين على السواء. إلى ذلك، أقدمت قيادة الجبهة الكردستانية على تشكيل لجنة مسؤولة عن كل شيء في المدن والبلدات التي سيطرنا عليها، وبرأيي أن ذلك كان خطأ لأنه لا تمكن إدارة مدينة في ظل تلك الظروف من قبل لجنة من أحزاب بدلاً من إدارة مهنية. علماً أننا لم نكن نفتقد إلى مهنيين وخبراء استطاعوا خلال فترة قصيرة إدارة غالبية الخدمات، بما في ذلك المستشفيات، فيما قام مهندسونا بإصلاح وسائل توفير مياه الشرب والكهرباء. في النهاية، عندما فر السكان الكرد من كركوك إلى اريبل، أثار ذلك مخاوف سكانها أيضاً، وبدروهم بدأوا الفرار منها متجهين نحو الجبال. المشكلة الكبرى التي واجهها السكان في أثناء هروبهم، كانت في عدم وجود قرى تأويهم بسبب عمليات التدمير المنظمة التي نفذتها القوات العراقية على مدى سنوات”.

إلى ما سلف أضاف مصطفى سبباً ثانياً، وهو أن القيادة الكردية راهنت على وعود من ايران وسوريا للحصول على دعم تقني منهما. “لكنهما نكثتا بوعودهما، فيما رفضتا تلبية طلبات عاجلة كإصلاح مدافع حصلنا عليها من القوات العراقية ومساعدتنا في استخدامها، ولم نكن نحتاج إلى أكثر من 100 عنصر تقني لتنفيذ هذه المهمة. أما السببب الثالث الذي اعتبرُه حاسماً فهو الموقف الأميركي. فالأميركيون ظلوا يقولون علناً إن ما يجري في العراق هو مشكلة داخلية. هذا إضافة إلى سماحهم للحرس الجمهوري باستخدام طائرات الهليكوبتر الحربية”. (نوشيروان مصطفى – لندن في ايلول 1993).

انسحاب قوات البيشمركة من المدن تكرر في كل مكان تقريباً. نيتشيرفان بارزاني كان في السليمانية عندما وصل إليها جلال طالباني مع قوات من البيشمركة التابعة لحزبه “كانت الساعة العاشرة مساء عندما وصل مام جلال وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل هاجمتنا القوات العراقية. كان معي 500 من عناصر البيشمركة ومع مام جلال أكثر من هذا العدد. تصدينا للهجوم في مضيق دربندي بازيان بين جمجمال والسليمانية واستمر القتال حتى الرابعة صباحاً، قبل أن ننسحب إلى قرية كرزة وراء جبل أزمر (شمال شرقي المدينة)، حيث قررنا إعادة تجميع قواتنا.

أقمنا خطاً دفاعياً على الجبل لحماية طريق الانسحاب في اتجاه إيران. لكن عناصر البيشمركة الذين كانوا معي تفرقوا، بعضهم ذهب لإنقاذ عائلاتهم وبعضهم الآخر انقطعت الاتصالات معهم فلم يبق معي سوى 100-115 عنصراً من البيشمركة” (نيتشيرفان بارزاني – أربيل في 22/5/1993). أضيف أن طالباني أخبرني خلال حديث خاص معه أن كل البيشمركة الذين كانوا معه تقريباً تفرقوا أيضاً، وذهبوا لإنقاذ عائلاتهم، فيما بقي معه حوالى 140 من بيشمركة نيتشيرفان بارزاني، قبل أن يغادروا عائدين للالتحاق بمسعود بارزاني.

الكرد وقواتهم ارتكبوا أخطاء لعبت دورها في الانهيار السريع للانتفاضة، وفشل القوات الكردية في التصدي للهجوم المضاد الذي شنته قوات الحرس الجمهوري.

بحسب طالباني، “كان مقرراً تحرير الموصل أيضاً والاتفاق كان على اساس أن بيشمركتنا يحررون كركوك وبيشمركة بارزاني يحررون الموصل. كوسرت تطوع لقيادة الهجوم على الموصل لكن بارزاني قال إنه سيقود الهجوم. لكنه في نهاية الأمر لم يفعل”. (جلال طالباني – أربيل في 21/7/1993). من جهته، بارزاني يوضح أن “الموصل كانت في متناول يدنا، لكنني في النهاية قررت عدم الهجوم عليها بسبب ما حدث فيها عام 1959 (إشارة إلى محاولة التمرد بقيادة العقيد عبد الوهاب الشواف أمر حامية الموصل الذي كان عضواً في حركة الضباط السرية التي قامت بانقلاب تموز/ يوليو 1958، لكنه انقلب على قائد الانقلاب عبد الكريم قاسم وقتل في مقره عندما أرسل قاسم مقاتلات قصفت المقر.

وخلال محاولة التمرد، وقعت أحداث قتل وإعدامات في الموصل تروطت فيها جماعات شيوعية وكردية). رفضت الهجوم على الموصل تجنباً لأي أحداث مماثلة محتملة قد تقع بسبب الهجوم عليها. لكنني أعتقد أننا ارتكبنا خطأ بعدم الهجوم عل بغداد بعد تحرير كركوك لأن القوات العراقية كانت منهارة تماماً، إذ استسلم لنا أكثر من 100 ألف من الجيش العراقي، بعدما رفضوا تنفيذ الأوامر بالقتال ضدنا. والحقيقة أننا لم نعرف ماذا نفعل بكل هؤلاء الجنود والضباط وكيف نوفّر المأوى والطعام لهم. وفي النهاية شجعناهم على العودة إلى ديارهم وهذا ما فعلته غالبيتهم فيما قرر بعضهم اللجوء إلى إيران وسوريا”. (مسعود بارزاني – منتجع صلاح الدين في 19/7/1993).

الأحداث التي تلت قمع الانتفاضة وأدت إلى مأساة اللاجئين الذي فروا بمئات الآلاف إلى الجبال في اتجاه الحدود التركية والايرانية، أسهبتْ وسائل الإعلام العالمية في ذكر تفاصيلها آنذاك، إضافة إلى شهادات مسؤولين كرد وقادة للبيشمركة شاركوا في تفحير الانتفاضة وقيادتها. كانت كارثة أدت في النهاية إلى إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار الرقم 688، الذي اتخذ أساساً لإقامة الملاذات الآمنة وفرض منطقة حظر جوي، وبالتالي إلى المفاوضات بين القيادة الكردية وبغداد.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.