fbpx

لبنان : عن القاضي الذي تجرأ على “حركة أمل”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

انهم عصابة، وغير خَجِلون بهذا، وما يذهلهم هو أن ثمة من يوهم نفسه بحقيقة أن وصفهم بعصابة قد يخلف بهم شعوراً بالإهانة! لكن ما العمل حيال هذه المعادلة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

العصابة جاهرت بهويتها وقالت للبنانيين “أنا لا أخجل بكل ما فعلت وما أفعل وما سأفعل بكم”. وهي محقة بما ترتكبه، ذاك أن رئيس دولة كبرى مثل فرنسا ايمانويل ماكرون زارها في قصر فرنسا في بيروت والذي تتولى العصابة نفسها حراسته، وتبادل الابتسامات مع أعضاء العصابة فرداً فرداً، وقال لنا، نحن رعايا العصابة، أن لا خيار لنا سوى القبول بالعصابة بوصفها ممثلاً شرعياً لنا. وغادر ماكرون مخلفاً أصحاب هذه الوجوه الكالحة وجرى ما جرى، إلى أن صدر قرار محكمة التمييز القاضي بكف يد القاضي فادي صوان عن ملف انفجار المرفأ لأن صوان تجرأ على استدعاء الوزيرين في “حركة أمل”، علي حسن خليل وغازي زعيتر!

هذا الاستدعاء الذي ينطوي على وقاحة التعرض للأنبياء والمرسلين، لم يكن هو المسوغ المعلن لتنحية صوان، ذاك أن محكمة التمييز اكتشفت أن الرجل من المتضررين من انفجار المرفأ، وهذا ما قد يجعله حَكَماً غير عادلٍ. السبب المعلن أشد فظاعة من السبب المضمر. فنحن قد نتعامل مع حقيقة أن لحركة أمل يداً طائلة في السلطة، وأن الفساد يحاصر سمعتها، لكن أن تُدارى هذه الحقيقة لفضيحة أكبر منها تتمثل في أن المتضررين من انفجار المرفأ لا يصلحون لمقاضاة المتهمين، فهذا ما يجعل الصراخ بلا معنى!

“يجب الانتهاء من التحقيق في انفجار المرفأ”، قالها أمين عام حزب الله في خطابه الأخير! وفي اليوم الثاني صدر قرار تنحية القاضي صوان، فصلت بين الواقعتين حملة إعلامية على القاضي تتهمه بتجاوز القانون عبر استدعاء من يحمل حصانة نيابية. لا علاقة بين هذه المحطات. نصرالله لم يعط الأمر بتنحية القاضي، والحملة الإعلامية على صوان تولاها صحافيون محترفون لا يمكن أن يكونوا جزءاً من حملة سياسية!

وشكوكنا ليست في مكانها، فوحدها الصدف من حمل هذه الوقائع على التتابع في أيام متعاقبة.

“يجب الانتهاء من التحقيق في انفجار المرفأ”، قالها أمين عام حزب الله في خطابه الأخير!

انفجار دمر العاصمة وقتل المئات وأصاب الآلاف وشرد مئات الآلاف يحتاج التحقيق فيه إلى مراعاة حصانات المسؤولين عن حصول الانفجار! واستمر هذا الانتهاك ستة أشهر إلى أن اكتشف قضاة محكمة التمييز أن منزل القاضي تضرر في الانفجار وهذا ما قد يدفعه إلى يصدر حكماً انتقامياً.

انهم عصابة، وغير خَجِلون بهذا، وما يذهلهم هو أن ثمة من يوهم نفسه بحقيقة أن وصفهم بعصابة قد يخلف بهم شعوراً بالإهانة! لكن ما العمل حيال هذه المعادلة؟

علينا أن نباشر ضغطاً من نوع آخر. إذا زارهم ماكرون علينا أن نشعره أنه بفعلته صار واحداً منهم. الدولة التي ترسل سفيراً، يجب أن نعامله بوصفه سفير بلده لدى هذه العصابة، والبنك الدولي حين يرسل قرضاً يجب أن يعلم أن سقوط العصابة لن يرتب على الدولة التي تعقبها التزاماً بتسديد القرض. سفارات هذه العصابة لدى الدول الأخرى يجب أن تُعامل بوصفها فروعاً لها. وأي سفير أو مدير أو قنصل يجب أن يشعر بالخجل لكونه ممثلاً لهذه العصابة الملوثة أيديها بدمائنا. لا شيء آخر يقال حيال هذه الوقاحة المتواصلة والموغلة والمتصاعدة.

أما القضاة في دولة هذه العصابة، فمن الغريب أن واحداً منهم لم يشعر بحجم الإهانة وأن الكرامة المستباحة بهذا الوضوح تستحق استقالة، وهم بهذا المعنى بذلوا ما تبقى معنى العدالة التي يمثلونها، ولم يبق إلا رواتبهم الزهيدة مضافاً إليها فتات الوليمة، وهم لن يهنأوا بها، ذاك أن فيها تعب الناس وأنفاسهم ولهاثهم، وفيها صور وجوه ضحايا المرفأ وصراخ عائلاتهم واليتم الذي شطب وجوه أطفالهم.

سيبقى من لم يقو على المغادرة، وهؤلاء لن يكون أمامهم سوى أن يقاوموا. ليس هذا خياراً، بل قدراً لا يمكن تفاديه. اذاً سنقاوم. 

إقرأوا أيضاً: