fbpx

العراق: رابطة رقابية لشباب “ثورة تشرين”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“من أراد أن يبقى مخلصاً لانتفاضة تشرين فليعمل بحسب طبيعتها العامة: القطيعة التامة مع التيارات المتورطة بدم المتظاهرين، هو الخلاص الوحيد لمن يرفع شعاراتها”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع اشتداد التظاهرات العراقية التي انطلقت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2019، والتي عُرفت في ما بعد بثورة أو انتفاضة تشرين، كان الرفض يتصاعد حتى طال جميع أحزاب السلطة وعرّابيها وجميع من شارك في العملية السياسية بعد الغزو الأميركي لبغداد عام 2003.  

تعرّضت الاحتجاجات، الأبرز والأشد في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921، لاتهامات ودسائس مختلفة، وواجهت تحديات كان واحداً من أبرزها سؤال تجابه به: “ما البديل الذي تطرحه الثورة لهذه الأحزاب؟” 

ظهرت الأصوات التشرينية التي تفكر بصوت عال: لماذا لا نخلق بديلاً منّا نحن التشرينيين؟ 

بعد تراجع التظاهرات، إثر القمع القاتل الذي مارسته الحكومة والميليشيات، وتفشّي فايروس “كورونا” الذي أعاق التجمّعات، صارت فسحة النقاش أكبر، ما أفرز بعض الحركات والأحزاب التشرينية، سبقتها بعض الأحزاب المتفرعة، بشكل غير مباشر، من أحزاب قديمة، لكنها ترتدي ثوب تشرين، وبعضها بدأ يتحضّر لخوض الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في أواخر العام الحالي.

وضعت الحركة التشرينية، مبكراً، أمام نفسها حدوداً لا تتسامح مع من يتجاوزها، كان أهمها رفض التصالح مع أحزاب السلطة، خصوصاً تلك التي نصبت العداء لشباب تشرين، وشاركت ميليشياتها في قمعهم.

نقد ذاتي 

خاض أبناء “تشرين” سجالاتهم وطرحوا مخاوفهم من خلق كيانات سياسية، وكان أبرزها الخوف من إجهاض ثورتهم، وتفويت فرص إعادة الاحتجاج والرفض المجتمعي، بحجّة اشتراك المتظاهرين بالعملية السياسية، كانت نتيجةُ هذا السجال والنقاشات المستفيضة ظهور أكثر من حركة وحزب، معظم أعضائها من الشباب. 

في مقابل ذلك، ومن منطلق الحرص على اسم تشرين ونقد الذات، أقدمت مجموعة من المتظاهرين الشباب على تكوين “رابطة” تكون بمثابة الجبهة التي تراقب أداء الحركات والأحزاب حاملة اسم تشرين، وتعمل على تقويمها.

بحسب سلوان عدنان، أحد مؤسسي الرابطة، فإنها ستكون جهة تحرص على المحافظة على أهداف الانتفاضة لجهة مقاومة الفساد وسياسات القمع والعنف والعمل لانشاء نظام حر عادل حقيقي وليس كما هو حاصل الآن، “سنحرص على عدم استغلال اسم تشرين من قبل الانتهازيين والنفعيين كما حدث مع الاحتجاجات السابقة” يقول سلوان. 

تعتمد هذه “الرابطة” على التطوّع وتموّل نفسها ذاتياً، يرى سلوان عدنان أنها لن تكون بحاجة لتمويل كبير: “حرصُ الشباب المشاركين على اسم تشرين ووفاؤهم لشهدائها سيكون كافياً في العمل الرقابي، كلٌّ من محافظته ومدينته”.

أصداء 

يؤمنُ عدنان بأن الرقابةَ الذاتية حالةٌ صحية، وتصب في مصلحة الحركات التي تحمل اسم تشرين، وهذا بالضبط ما يذهب إليه الكاتب والصحافي أحمد السهيل: “أعتقد أن وجود شكل تنظيمي أعلى من الاحزاب المشكلة تحت اسم تشرين، على الأقل سيكون منطقة مقاربة بين وجهات نظر هذه الأحزاب”. 

حسين الغرابي أحد مؤسسي حزب “البيت الوطني” المنبثق من الاحتجاجات، يؤيد تشكيل جبهة كهذه، ويبدي لـ”درج”، استعداده وحزبه لتقبّل النقد إذا ما صدر عن هذه الجهة الرقابية: “هذه الخطوة مهمة ونرى أنها تقويمية  لكل حركة تنبثق من تشرين وهي مؤلّفة الآن من شخصيات تشرينية جيدة”. 

ولم يفُت الغرابي التعبير عن حاجة الحركات المنبثقة من تشرين إلى رقابة وتقويم، مرجعاً ذلك لكونها “ناشئة وحديثة العهد بالسياسة، وأن خطأها أو انحرافها يعني حرق مرحلة تشرين ونتاجاتها العظيمة”. 

قرارات لم تُتَخذ بعد 

في الكواليس، يعمل شبّانُ تشرين على إنضاج حركات أخرى غير التي أُعلن عنها، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة ولادة هذه الحركات والأحزاب، لكنها ستكون بمواجهة تحديين أساسيين: حسم أمر المشاركة في الانتخابات من عدمها، والثاني الدخول مع حركات تشرين الأخرى تحت مظلةٍ تحالفية واحدة. 

ويأمل القائمون على المبادرة، بأن تلعب “الرابطة” دوراً في تقريب وجهات النظر وجمع شتات شباب تشرين، خصوصاً أن هذه التجمعات تواجه منظومة حزبية دينية مسلحة ونافذة في العراق ما يجعل مهمة مجموعات من الشبان، ومهما كانت نبيلة، لكنها صعبة للغاية.

في المقابل، يعي القائمون على الرابطة الرقابية، الاختلافات بين الحركات التشرينية في ما يخص المشاركة في الانتخابات، وهذا ما يوضحه سلوان عدنان لـ”درج”: “الرأي غير متكافئ بين الشباب في ما يخص المشاركة، هنا سيكون للرابطة دورها في تقريب هذا الشتات وخلق جو متوازن بين الأطراف”.

على صعيد حزب “البيت الوطني”، أمر المشاركة من عدمها مشروط بمحددات ومطالب احتجاجات تشرين، وهذا ما يؤكده حسين الغرابي: “لم نحسم خيار الذهاب الى الانتخابات كون شروط تشرين لم تتحقق إلى الآن، واهمها حصر السلاح والاشراف الاممي ومنع استخدام المال العام والسلطة، واستقلالية المفوضية”. 

تبدو شروط المحتجين والحركات المنبثقة من تشرين بعيدة المنال بالنظر إلى تضخّم آلة الميليشيات وبسط سطوتها على الشارع والمؤسسات بقوة السلاح، مسنودةً بأحزاب تشارك في السلطة وتسهّل لها الأمر.

لا يرى الكاتب والصحافي أحمد السهيل بوادر لإقامة انتخابات “حرة نزيهة”، لكنه مع ذلك يؤيد تشكيل حركات وأحزاب من رحم تشرين: “حتى وإن لم تشترك في العمل السياسي، فستكون حائط صد وضمانة للمحتجين، وقد تكون منطلقاً لعودة الاحتجاج في المستقبل” على حدّ قوله.

حدود الدم

في كلِّ حال، وضعت الحركة التشرينية، مبكراً، أمام نفسها حدوداً لا تتسامح مع من يتجاوزها، كان أهمها رفض التصالح مع أحزاب السلطة، خصوصاً تلك التي نصبت العداء لشباب تشرين، وشاركت ميليشياتها في قمعهم.

يرى السهيل أن حركات وأحزاب تشرين “لن تكون بأيّ شكل من الأشكال كتلك التي شاركت في حكومات ما بعد 2003” ويعلل السهيل ثقته هذه بأن انتفاضة تشرين انطلقت من منطقة الرفض لكل أحزاب السلطة بلا استثناء “ستنطلق أحزاب تشرين من منطلقات ورؤى الثورة والانعطافة الفكرية التي خلقتها”.

لكن القائمين على “الرابطة” الرقابية يؤكدون أن لا خطوط حمراً تمنع من محاسبة أي من مكوّنات الانتفاضة. يقول سلوان عدنان: “من أراد أن يبقى مخلصاً لانتفاضة تشرين فليعمل بحسب طبيعتها العامة: القطيعة التامة مع التيارات المتورطة بدم المتظاهرين، هو الخلاص الوحيد لمن يرفع شعاراتها”.

إقرأوا أيضاً: