fbpx

الجزائر: أعمال عائلة عابرة للحدود وللحكومات وللأحزاب… والضرائب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المجموعة العائلية بن حمادي، التي ينشط شركاؤها في السياسة تحت أسماء حزبية متعددة، هي ثاني أكبر شركة خاصة في الجزائر برقم أعمال يقدر بنحو مليار دولار أميركي. هنا تحقيق يقدم نظرة حول ديناميكية الشركة المدعومة بالديون المصرفية والتلاعب بأسعار التحويل بحسب ما كشفت الدفعة الثانية من وثائق بنما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

المجموعة العائلية بن حمادي، التي ينشط شركاؤها في السياسة تحت أسماء حزبية متعددة، هي ثاني أكبر شركة خاصة في الجزائر برقم أعمال يقدر بنحو مليار دولار أميركي. هنا تحقيق يقدم نظرة حول ديناميكية الشركة المدعومة بالديون المصرفية والتلاعب بأسعار التحويل بحسب ما كشفت الدفعة الثانية من وثائق بنما.

أصبحت مجموعة بن حمادي التجارية عملاقة السوق الجزائري بفضل تنوع أنشطتها، وهي المجموعة التي أسسها محمد طاهر بن حمادي الذي يبلغ من العمر 92 سنة، ويرأسها ابنه عبد الرحمن، البالغ من العمر 61 سنة، وهي أيضاً ثاني أكبر شركة خاصة في الجزائر، مع رقم أعمال يبلغ  103.2 مليار دينار جزائري أي ما يعادل 850 مليون يورو، وصافي أرباح قدره 4.1 مليار دينار جزائري وهو ما يعادل 34 مليون يورو عام 2016.

تملك المجموعة اليوم خمس عشرة شركة تنشط في مجالات عدة، منها الإلكترونيات (شركة كوندور)، ومجال الأغذية الزراعية (شركة Gerbior وGipates وPolyben وMoulin Makki)، ومواد البناء (Aglotubes  Argilor و Hodna MetalوTizi Ceramique وBordj Steel وRas El Khaima Agrégats)، ومجال الأدوية (GB Pharma)، والترويج العقاري (Condor Immo وBatigec)، والفندقة (فندقBeni Hamad de Bordj Bou Arreridj)، إضافة إلى أن الشركة ستدخل قريباً مجال السيارات، إذ إنها تعاقدت مع الشركة الفرنسية المصنعة “بيجو” من أجل تجميع بعض موديلاتها في الجزائر.

وعلى رغم تطور أعمال بن حمادي، وحصول الشركات المشكلة للمجموعة على أجزاء من السوق الجزائري، إلا أنها مدعومة بالديون المصرفية، والتلاعب بأسعار التحويل.

في الواقع، وبالنظر إلى أن المجموعة من أكبر المستوردين، فإن معاملاتها الدولية تسمح لها بتحقيق مكاسب عالية في العملة الصعبة، وذلك بفضل سعر الصرف المقيد بالدينار الجزائري.

تقدر قيمة المعاملات المحققة سنوياً من قبل شركةHi-Tech Machinery International، المحدودة التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها والمملوكة من قبل شركةCondor International، المحدودة المسجلة في ساموا حيث المنتفع الاقتصادي فيها هو عمر بن حمادي البالغ من العمر 44 سنة، وهو المدير التنفيذي لها بـ45 مليون دولار أي 40.5 مليون يورو، وذلك بحسب تقرير الذمة المالية المعلن عنه والموقع من قبل أحد الأطراف المخولة في الشركة.

يعد هذا الاستقرار المالي خارج الحدود لهذه الشركة الذي عمل مكتب موساك فونسيكا للخدمات القانونية في بنما المرتبطة بواقعة “وثائق بنما” على تحقيقه، بمثابة وسيلة استثمارية للتجارة التي تقوم بها عائلة بن حمادي، المنحدرة من ولاية برج بوعريريج، بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة والصين، في كل من الأجهزة المنزلية وأجهزة الكمبيوتر والبرمجيات والهواتف المحمولة والمعدات وحلول الطاقة الجديدة.

اقرأ أيضاً: كيف حاول الوزير الجزائري بوشوارب احتواء فضيحة وثائق بنما؟

هذا وقد كشفت الوثائق الجديدة التي حصلت عليها الصحيفة الألمانية Süddeutsche Zeitung والتي تمت مشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) عن معلومات جديدة تتعلق بالاستقرار خارج الحدود لبن حمادي.

طلب موساك فونسيكا من الأمناء الذين يوفر لهم الشركات خارج الحدود تحديد هوية المستفيدين الماليين لهذه الشركات وتحديد مصادر دخلهم، كما حصل على تقرير الذمة المالية المعلن عنها لشركةHi-Tech Machinery International Co المحدودة.

التلاعب بسعر التحويل

تم إرسال وثيقة إثبات هوية المستفيد الأخير لهذه الشركة للمكتب البنمي من قبل محامي بن حمادي فيديل ليو من مكتب Liu Dexing، كمرفق في رسالة بالبريد الإلكتروني في تاريخ  ديسمبر/ كانون الأول 2016، أي بعد ثمانية أشهر من ظهور فضيحة “وثائق بنما”.

وقد جاء في الرسالة “يجب أن يكون لهذه الشركة شهادة تخويل وتفويض باسمي. والوثيقة المرفقة هي شهادة موقعة تثبت هوية المستفيد النهائي”.

تم توقيع الوثيقة من قبل عمر بن حمادي، المدير العام لمجموعة بن حمادي وأحد الأشقاء المساهمين في هذه المجموعة العائلية الى جانب والدهم محمد طاهر.

الشهادة المطلوبة من مفوض الشركة هي شهادة رسمية تسلم من قبل الوكيل المسجل أو السلطات القضائية التي تنتمي إليها الشركة، والتي تؤكد هوية موقعي الشركة، وأسماء المدراء وأصحاب الأسهم فضلاً عن محتوى المحاضر الحرفية، وغالباً ما يتم استخدامها لإثبات أن الشركة مخولة للقيام بالمعاملات التجارية بشكلٍ قانوني.

ومع ذلك، فإن القيمة الحقيقية للعملة الوطنية أقل بنسبة 60 في المئة من قيمتها الرسمية، إذا اعتمدنا على أسعار الصرف السائدة في السوق الموازية.

تعمل هذه المبالغة في التقييم والتي يزعم أنها حصة استيراد من أجل الحفاظ على  أسعار المنتجات والخدمات المستوردة في مستوى مستدام من قبل دافعي الضرائب، على تسهيل التلاعب بأسعار التحويل، وتحقيق أعلى استفادة ضريبية. وتتعامل شركة Hi-Tech Machinery International  التي تقوم بتنسيق عمليات شراء المجموعة في السوق الصيني والإماراتي- مع الشركات الجزائرية التابعة والتي تملك إمكان الوصول إلى العملة الصعبة بأسعار رخيصة وكأنها لا تربطها علاقة تبعية.

وعليه، وبحسب الذمة المالية ذاتها المعلن عنها، فإن الزيادة المحققة سنوياً من خلال المعاملات التي قامت بها شركة بن حمادي التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها- تقدر بـ11 مليون دولار أميركي أي ما يعادل عشرة ملايين يورو، من دون أن يكون لمصلحة الضرائب الجزائرية أدنى فكرة.

تواصلنا مع عبد الرحمن بن حمادي وشقيقه عمر بن حمادي، وأرسلنا إليهم مجموعة من الأسئلة في 14 يونيو/ حزيران 2018 وتلقينا تأكيداً بوصول الاسئلة بالبريد لكنهما فضّلا عدم الرد.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن مجموعة بن حمادي لم تخضع أبداً لتعديل ضريبي من قبل السلطة المختصة.

تربط عائلة بن حمادي علاقات متينة وقوية مع صانعي القرار السياسي بسبب نشاط أعضائها الذين يتخطون الأحزاب السياسية والحساسيات الحزبية، إضافة إلى نشاطهم داخل التشكيلات السياسية المختلفة. هذا وقد شغل ويشغل حالياً ثلاثة من أبنائها وهم أيضاً مساهمون في المجموعة مناصب سياسية.

ففي الفترة الممتدة بين عامي 2002 و2007 تم انتخاب الأخ الأكبر، موسى البالغ من العمر 65 سنة، والذي كان يشغل منصب المدير العام للشركة الجزائرية للاتصالات ما بين عامي 2008 و2010 ووزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في حكومة سلال- وكان نائباً في قائمة جبهة التحرير الوطنية، وهو الحزب الذي يرأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والذي يتمتع بأغلبية في المجلس الوطني لنواب الشعب (مجلس النواب).

كما تم انتخاب اسماعيل البالغ من العمر 63 سنة نائباً عن “حزب التجمع الوطني الديموقراطي”، وهو الحزب الذي ينتمي إليه الوزير الأول وداعم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وانتخب حسين، 55 سنة، هو الآخر مندوباً  لولاية برج بوعريريج في منتدى قادة الأعمال، أكبر أرباب العمل في البلاد، وهي منظمة أخرى تدعم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

الدائنون يملكون 81 في المئة من أصول المجموعة

تظل شركة كوندور للالكترونيات الشركة الأهم التابعة لمجموعة بن حمادي والتي تسوق الأجهزة المنزلية والهواتف النقالة، والأدوات المعلوماتية.

تمثل الشركة- مع رقم أعمال يقدر بـ88.9 مليار دينار جزائري (733 مليون يورو)، وناتج صافي يبلغ 3.6 مليار دينار جزائري (29 مليار يورو) في عام 2016، ونسبة نمو تصل إلى 15 في المئة مقارنة بعام 2015- 85 في المئة من عمليات بيع المجموعة، و80 في المئة من الربح الذي تحققه.

إنها القاطرة التي تسحب الشركات التابعة الأخرى، الأقل ديناميكية والأكثر مديونية. فنسبة ديون المجموعة بلغت 0.81 في المئة. بعبارةٍ أخرى، يملك الدائنون والمصرفيون والموردون 81 في المئة من أصولها التي تصل إلى 121 مليار دينار جزائري (مليار يورو) عام 2016.

على رغم أن جزءاً كبيراً من ديون المجموعة قد ورث عن الشركة المتوسطة البلجيكية عام 2014، عندما تم شراء شركة Batigec، إلا أن محاولة الخصخصة باءت بالفشل عام 2006، إذ لا تزال تعاني من صعوبات مالية هائلة تحت شعار مجموعة بن حمادي، من خلال توقيعها على عقود ديون جديدة للتطوير، وهو الوضع الذي لا تستثنى منه الشركات التابعة الأخرى.

بلغ إجمالي رؤوس أموال شركة كوندور للإلكترونيات وباتيجيك، وأغلوتوب، وأرجيلور، وبوردج ستيل، وتيزي للسيراميك، وهودنا ميتال، وراس الخيمة أغريغا، وجيربيور، وجيبات، وبوليبن ومولين مكي، بالكاد 20 مليار دينار جزائري (165 مليون يورو) عام 2016. وتجدر الإشارة إلى أن الممول الرئيسي للمجموعة حالياً هو بنك الجزائر الخارجي.

“أراضي بقيمة مضافة عالية”

وبشكلٍ أكثر تفصيلاً، لم يكن سوى ثلاث شركات تابعة للمجموعة فقط غير مديونة عام 2016، وهي شركة Polyben، ومولين مكي، ورأس الخيمة Agrégats، في حين بلغت قيمة الديون بعيدة الأمد  لبقية الشركات التابعة 33 مليار دينار جزائري (272 مليون يورو) و25 مليار دينار جزائري (206 مليون يورو) في ما يخص الديون قصيرة الأمد.

كوندور للإلكترونيات هي الشركة الأكثر لجوءاً للديون قصيرة الأمد والمخصصة لتمويل حاجيات الخزينة المرتبطة بالصعوبات التي تواجهها في استرداد الديون. وعليه، وصلت قيمة الديون قصيرة الأمد التي أخذتها شركة كوندور للإلكترونيات عام 2016، 24 مليار دينار جزائري (198 مليون يورو)، وهو ما يعادل ربع  رقم أعمالها.

وفي ما يتعلق بديون شركة البناء البلجيكية باتيجيك المشتراة من قبل المجموعة فقد بلغت عام 2016، 27.5. مليار دينار جزائري (227 مليون يورو)، وهي الشركة الأكثر مديونية بنسبة دين تصل إلى 0.95. إذ يملك الدائنون وبخاصة القرض الشعبي الجزائري وبنك الجزائر الخارجي، عام 2016 ما قد يقدر بـ34 مليار دينار جزائري (280 مليون يورو) من أصولها.

حصلت عائلة بن حمادي التي ورثت 15 مليار دينار جزائري من الديون عند شراء هذه الشركة (140 مليون يورو بسعر صرف عام 2014) على ديون جديدة من أجل استكمال المشاريع التي كانت مسؤولة عنها، على رغم ديونها المرتفعة بالفعل والتي تضع جدارتها الائتمانية في وضعٍ حرج.

ومع ذلك، فإن شركة باتيجيك، التي حققت مبيعات بقيمة 2.2 مليار دينار (18 مليون يورو) وسجلت خسارة قدرها 324 مليون دينار (2.6 مليون يورو) عام 2016، كانت تعمل على برنامج 8000 وحدة سكنية اجتماعية، موزعة على مدن في البلاد (الجزائر، سطيف، المسيلة، إلخ) والتي تم بيعها بالفعل قبل المباشرة بالبناء…   

وقد بلغت قيمة هذه الوحدات السكنية عام 2016، 24.2 مليار دينار (203 ملايين يورو). كما أن باتيجيك تخفي أراضي تقع في المراكز الحضرية وتبلغ قيمتها 2.3 مليار دينار (18 مليوم يورو). وهو ما يفسر، وفق محاسب مقرب من المجموعة، هذه السهولة في الحصول على الديون. إذ يقول “إنها أراض ذات قيمة مضافة عالية”.

اشتغلت الشركة قبل شراء أسهم باتيجيك في مجال البناء من خلال شركة كوندور العقارية، وهي شركة تابعة لكوندور للإلكترونيات. وتتكون أصولها بخاصة من العقارات المخصصة للبيع، والتي كانت تقدر بـ4.5 مليار دينار (37 مليون يورو) عام 2016. إن نموذج تطوير هذا القطاع من مجموعة بن حمادي هو نموذج الشركة المتكاملة أو الشبكية المتمثلة في مواد البناء والبناء والتطوير العقاري.

الشركة المنفذة لمجموعة بن حمادي هي شركة ترافوكوفيا. فقد تعاقدت بين عامي 2016 و2017، مع شركة المباني الصناعية المملوكة للدولة باتيميتال، من أجل القيام بمشروع مشترك، كما أنها أيضاً تعاقدت مع الشركتين التركيتين، Ipek Insaat San وGentes.

ضعف قانوني

في حزيران 2016، فازت هذه المجموعة بعقد يقضي بتحديث الوحدات الفندقية التابعة لمؤسسة إدارة السياحة (EGT) بسيدي فرج، تقدر قيمته بـ2.09 مليار دج (17 مليون يورو).

وعام 2016، حققت شركة Travocovia مبيعات بلغت 3.4 مليار دينار (28 مليون يورو) وربحاً صافياً قدره 33.9 مليون دينار (280 ألف يورو)، لكنها تراكمت عليها عام 2016، ديون بلغ مجموعها 5.7 مليار دج،  طويلة الأجل وقصيرة الأجل (ما يعادل 47 مليون يورو).

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن التشريع الجزائري لم يلزم الشركات بالإعلان عن سياسة تسعير التحويل، إلا قبل سنة ونصف السنة فقط، بمقتضى قانون المالية لعام 2017.

قبل عام 2017، لم يكن لدى إدارة الضرائب على وجه التحديد أي وسيلة للتحكم في أسعار التحويل، على رغم أنه منصوص عليها صراحة في المادة 141 مكرر من قانون الضرائب المباشرة والضرائب ذات الصلة، المعدل والمكمل بموجب المادة 4 من قانون المالية التكميلي لعام 2010.

لأغراض المادة 141 مكررة، يُفهم من أسعار التحويل، الأسعار التي تطبقها شركة من الشركات، خلال عملية نقل السلع أو خدمات إلى شركة أو أكثر من الشركات ذات القرابة التي توجد على المستوى الوطني أو في الخارج على “مشتريات ومبيعات السلع أو الخدمات أو الإتاوات أو الفوائد أو الضمانات أو الأجور  أو عمليات البيع والترخيص للممتلكات غير المادية، مثل العلامات التجارية وبراءات الاختراع والدراية الفنية وإعادة  إصدار الفواتير الخاصة بالتكاليف ومنح القروض من دون فوائد أو بفوائد مخفضة وما إلى ذلك”.

وينطلق الأمر أيضاً على التعاملات التي قد تؤدي إلى عمليات تحويل غير طبيعية للدخل أو الأرباح التي تشوبها شكوك في أسعار التحويل  من قبيل “زيادة أسعار الشراء أو البيع أو نقصانها، دفع الإتاوات المفرطة أو من غير مقابل، منح قروض بدون فوائد أو بأسعار مخفضة، التنازل عن الفوائد المنصوص عليها في اتفاقيات القروض، منح امتيازات على نحو لا يتناسب مع الخدمة التي يتم الحصول عليها أو بأي وسيلة أخرى”.

كان الهدف الذي يرومه قانون المالية لعام 2017 السعي إلى إدماج منتجات مثل تلك العمليات في القاعدة الضريبية للشركات، وإن مثل هذه العمليات، هي التي مكنت الهياكل الفارغة المنشأة في هونغ كونغ من طرف أسرة بن حمادي، والتي كشفت عنها “أوراق بنما”، من جني 10 ملايين يورو والتباهي بمعدل عائدات مستفز، يقارب 25 في المئة، أعلى بكثير من جميع معدلات الفروع الأخرى…

اقرأ أيضاً: الجزائر : أموال مريبة لابن مدير شركة سوناطراك عبر مصارف لبنانية