fbpx

واشنطن مرتبكة حيال بن سلمان بوصفه “الخيار السعودي الوحيد”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

الجريمة التي شطبت وجه بن سلمان، والمتمثلة في “عملية الإعدام المعلن” لخاشقجي، لم تكن الوحيدة ولا الأكثر فداحة، على رغم بشاعتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 تحتاج المسارعة إلى استنتاج أننا أمام افتراق “تاريخي” في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية إلى بعض التروي، على رغم التحولات الكبيرة التي تشهدها هذه العلاقات في ظل إدارة جو بايدن، وفي أعقاب التقرير الذي صدر عن الـ”سي آي أي” والذي اتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شخصياً بالوقوف وراء جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول.

فالإشارات الأولى التي أرسلتها واشنطن في أعقاب صدور التقرير تذهب إلى أن جهداً صعباً تبذله العاصمة الأميركية للتمييز بين علاقاتها مع السعودية كحليف وازن لأميركا وبين بن سلمان وادارته. هذا التمييز كشف ارتباكاً من التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية، بين تمسكها بهذه العلاقات وبين “ضرورة أن تعكس هذه العلاقات القيم الأميركية”. والحال أن بن سلمان نجح على ما يبدو بأن يكون “الخيار السعودي الوحيد” الذي لا يمكن لعلاقات مع الرياض أن تنعقد من دونه. فخلال سنوات توليه السلطة تمكن ولي العهد من إبعاد أي منافس من الطبقة الحاكمة، وأطبق على كل مفاصل السلطة عبر إطاحته بأعمامه وأبنائهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى خاض حروباً هائلة مع حلقات رئيسية من حلقات السلطة في السعودية لعل أهمها حربه على “هيئة الأمر بالمعروف”، والتي تمكن من الحد من نفوذها، مقدماً نفسه كحاكم “مجدد” للمملكة.

الأرجح أننا أمام نوع من الهزات الارتدادية الناجمة عن أغرب أربع سنوات من السلطة أمضاها دونالد ترامب في البيت الأبيض، فالرجل خلف لبايدن إرثاً من الصعب العودة عنه ومن المستحيل استئنافه.

لكن الجريمة التي شطبت وجه بن سلمان، والمتمثلة في “عملية الإعدام المعلن” لخاشقجي، لم تكن الوحيدة ولا الأكثر فداحة، على رغم بشاعتها. فمنذ أكثر من 4 سنوات والمملكة تخوض حرباً عبثية في اليمن نجم عنها ما تصفه الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم. لم تحقق المملكة انجازاً ميدانياً واحداً خلالها، وارتكبت في سياقها عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين. ولعل السقطة الثانية لبن سلمان والتي تراجع عنها مؤخراً، تمثلت بخطوة محاصرة قطر، والتي بدت بدورها خطوة عبثية لم تفض إلا إلى مزيد من الخسائر لمعظم دول الخليج، لكن وبشكل خاص لسمعة ولي العهد.

على رغم كل نقاط الافتراق هذه بين واشنطن والرياض، حرصت إدارة بايدن على التمييز بين علاقاتها مع السعودية وبين التوتر مع بن سلمان. ولعل صدور تقرير “سي آي آيه” متزامناً مع عملية عسكرية أميركية كبيرة في سوريا استهدفت مواقع لفصائل عراقية موالية لإيران دلالة هنا، ذاك أن واشنطن تريد أن تقول للرياض بأن لا تحول كبيراً في موقعها من المواجهة الإقليمية. لا تحول كبيراً، لكن ثمة تحولاً أكيداً، فبايدن ذاهب على نحو حثيث لإعادة الاعتبار للاتفاق النووي مع طهران. ومن الصعب اليوم ترجمة هذه النوايا توقعات في شكل مشهد العلاقات في ضوء هذه النوايا. الإشارات التي ترسلها إدارة بايدن لا تبدو منسجمة حتى الآن. الحماسة لإحياء الاتفاق النووي لا تنسجم مع إعطاء الأمر بتنفيذ الغارة في سوريا، تماماً مثلما لا ينسجم صدور تقرير “سي آي أيه” مع إعلان واشنطن عدم تخليها عن حماية حليفها الرئيس في الخليج، أي السعودية!

الأرجح أننا أمام نوع من الهزات الارتدادية الناجمة عن أغرب أربع سنوات من السلطة أمضاها دونالد ترامب في البيت الأبيض، فالرجل خلف لبايدن إرثاً من الصعب العودة عنه ومن المستحيل استئنافه. وسيكون الرئيس الأميركي أمام استحقاقات لا يمكن العودة عنها من دون خسائر. فالمشهد في الشرق الأوسط جرت صياغته في ظل مزاج ترامبي لا يشكل امتداداً للموقع التقليدي لواشنطن. الحرب في اليمن انطلقت بعيداً عن هذا الموقع، وحصار الدوحة صار ممكناً في ظل ضعف حساسية ترامب حيال مسلمات واشنطن، وضاعف بن سلمان من قسوة قبضته على الداخل السعودي، فزج ناشطات وناشطين في السجون انطلاقاً من معرفته بعدم اكتراث دونالد ترامب لما تعتبره أميركا “قيماً” يجب التزام الحد الأدنى منها.

صحيفة واشنطن بوست، وهي “أم الصبي” في قضية خاشقجي، ذاك أن الصحافي السعودي المغدور كان كاتباً فيها، شككت بصرامة إدارة بايدن بمحاسبة بن سلمان على الجريمة، ورجحت استئناف العلاقات مع الرياض في ظل برودة في التواصل مع ولي العهد. الأرجح أن “البوست” محقة بما ذهبت إليه، لكننا يجب في المقابل أن نرصد شكل “الاستجابات” السعودية للشروط الأميركية المستجدة. “الانفراجات” الناجمة عن خطوات الافراج المحدود عن ناشطات وناشطين سياسيين سعوديين لا تبدو كافية، كذلك الأمر فيما يتعلق بكسر الحصار عن قطر. الملف اليمني يتقدم هنا كأولوية ليس لواشنطن فحسب، انما لحلفائها الغربيين أيضاً. علماً أن الرياض ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذا الملف، فلطهران يد طولى به. وهنا يعود التساؤل عن حلقات مفاوضة طهران، وعما اذا كانت ستشمل بؤر نفوذها الإقليمي في العراق وسوريا ولبنان واليمن.  

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.