fbpx

مصر : حيث يقودك “ستاتوس” إلى السجن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هنا خمس حكايات لمواطنين عاديين، وضعتهم السلطة في خانة خصومها السياسيين بسبب منشوراتهم على فيس بوك، واستخدمت في مواجهتهم ترسانة من القوانين و تقنيات المراقبة الجماعية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من شرفة منزله المطل على ميدان الأربعين في محافظة السويس، ضبط محمد سعيد (30 سنة) هاتفه على خاصية البث المباشر عبر حسابه الشخصي على “فايسبوك”. وجه الكاميرا نحو المتظاهرين ورجال الشرطة في الميدان تلبية لدعوة تظاهر مساء 20 أيلول/ سبتمبر (2019) أطلقها المقاول والممثل المصري محمد علي من أسبانيا.

محاولة سعيد توثيق التظاهرة كانت كافية لحضور قوات الأمن إلى منزله بعد أقل من 48 ساعة، ليوثق سعيد بالكاميرا ذاتها لحظة توقيفه.

قبع سعيد منذ تلك اللحظة داخل زنزانة في سجن بورسعيد متهماً بالانضمام إلى جماعة إرهابية، واستخدام حساب خاص على شبكة الانترنت بهدف ارتكاب جريمة إذاعة وإشاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب في نفوس المواطنين!

سعيد الذي دفعته الحماسة إلى توثيق التظاهرة عبر حسابه على “فايسبوك” لم يكن الوحيد الذي أوقف من دون أن يشارك في التظاهر، وإنما شاركه نشطاء وسياسيون وصحافيون وأساتذة جامعات، منهم المدون والمبرمج علاء عبد الفتاح ومحاميه محمد الباقر الذي أوقف داخل نيابة أمن الدولة خلال التحقيق مع عبد الفتاح. وإلى جانبهم أستاذا العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة وحازم حسني، إضافة إلى الرئيس السابق لحزب الدستور خالد داوود، والمحامية ماهينور المصري، وغيرهم المئات أوقفوا بعد تفتيش هواتفهم ومتابعة نشاطهم على فيس بوك، ضمن حملة شنتها السلطات في الثلث الأخير من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي استهدفت قرابة أربعة آلاف شخص، بحسب إحصاء المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ووجهت إلى غالبيتهم تهمة استخدام حساب خاص على الإنترنت مع تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية أو مشاركتها أهدافها.

يأتي “فايسبوك” في صدارة منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخداماً في مصر، إذ يستخدمه أكثر من 40 مليون مصري بحسب تقرير «كراود أنالايزر» لمواقع التواصل الاجتماعي لعام 2019.

الاستهداف الأمني لمستخدمي “فايسبوك”، من النشطاء في مجالات السياسة وغيرها، أو المواطنين العاديين الذين تصنفهم السلطة كمعارضين، بات ظاهرة خلال السنوات الأخيرة في مصر. وبات توقيف شخص ما، بسبب نشره رأياً أو صورة أو فيديو على “فايسبوك”، أو حتى مجرد التفاعل مع منشورات على حسابات أخرى من طريق like وshare، أمراً معتاداً، تتبعه ملاحقات قضائية بتهم تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 10 سنوات، مع امتلاك السلطة تقنيات تمكنها من توسيع دائرة المراقبة الجماعية للمستخدمين من ناحية، وتضمين القوانين صياغات فضفاضة من ناحية أخرى.

في هذا التحقيق نسلط الضوء على خمس حكايات لمواطنين عاديين، وضعتهم السلطة في خانة خصومها السياسيين بسبب منشوراتهم على فيس بوك، واستخدمت في مواجهتهم ترسانة من القوانين و تقنيات المراقبة الجماعية، لتصادر حقهم الدستوري في التعبير عن الرأي، ما أجبر غالبيتهم على مغادرة الواقع الافتراضي، وكتم آرائهم، آملا في العودة إلى خانة مواطن عادي من جديد.

أندرو ناصف : أول إرهابي مسيحي 

طرقت آمال عزيز زكي (65 سنة) أبواب كثيرين ممن تعّرفهم بـ”الناس الكبار اللي كلمتهم مسموعة”، أملاً بالتوسط عند رئيس الجمهورية للعفو عن نجلها المحكوم عليه بالسجن 5 سنوات، وبعد عام كامل من التوسلات استجاب الأخير.

منذ لحظة اقتحام قوة شرطة منزلها في قرية بنايوس، التابعة لمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، في 16 أيار/ مايو 2017، وتوقيف نجلها أندرو ناصف، وحتى إصدار محكمة جنايات الزقازيق حكماً في 15 تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه بسجنه 5 سنوات، بتهمة الترويج للإرهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تحملت آمال عناء السفر 89 كيلومتراً ذهاباً ومثلها إياباً من الزقازيق إلى القاهرة وبالعكس، مرتين أسبوعياً، لمطالبة “لجنة العفو الرئاسي” ومجلس الوزراء ومجلس النواب ووزارة الداخلية، بإيصال رسالة واضحة للرئيس مفادها أن “أندرو ناصف المسيحي اللي بيشتغل في السياحة عشان يصرف على تعليمه متهم بالإرهاب!”، معتبرة أن تلك العبارة وحدها كافية لإطلاق سراح نجلها، وأن تهم التحريض على النظام الحاكم والإساءة لمؤسسات الدولة الموجهة له نابعة من عدم معرفة المحققين بأنه مسيحي: “حد سمع عن مسيحي إخواني وإرهابي قبل كده!” تقول آمال.

أندرو واحد من 28 شاباً من عشر محافظات أوقف في أيار 2017 من منزله بالزقازيق، ضمن حملة أمنية، استهدفت النشطاء وأعضاء الأحزاب والحركات السياسية، تزامنت مع إقرار اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية المعروفة بـ«اتفاقية تيران وصنافير»، ووجهت لهم تهم تعتمد على منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وأندرو هو الأول بين الذين صدر ضدهم حكم بالسجن المشدد خمس سنوات.

كتب أندرو ناصف (23 سنة) على حسابه على “فايسبوك”، قبل توقيفه: “إمتى هنسقط السجون والدكتاتورية العسكرية تاني”، و”اطلب الحرية واتكلم عن كل إنسان مظلوم في البلد إن كنت تعرفه أو متعرفوش لأن هيجي يوم عليك”، ما اعتبرته السلطة جريمة “إرهابية” متكاملة الأركان، تخضعه لقانون مكافحة الإرهاب الذي أصدرته السلطة في آب/ أغسطس 2015، بعد أيام من اغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات على يد الجماعات المتشددة لعقاب أعضاء جماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي المتشددة.

تحريات سرية بمعرفة ضابط الأمن الوطني

بنت محكمة جنايات الزقازيق حكمها بسجن أندرو خمس سنوات على تحريات وصفتها بـ”السرية”، أجراها ضابط بالأمن الوطني، مفادها أن “المتهم “أندرو من العناصر الإيثارية المعروفة بالتحريض ضد النظام القائم بالبلاد، والإساءة إلى مؤسسات الدولة، ودعوة المواطنين للتظاهر وتنظيم وقفات احتجاجية، وإثارة أعمال الشغب، والعنف خلال المرحلة المقبلة سعيا لعرقلة خطة الدولة في التنمية والنهوض الاقتصادي بالبلاد”. وتضمنت الاتهامات أن أندرو “يقوم بترويج تلك الأفكار عبر المواقع الإلكترونية بهدف إيصال رسائل مغلوطة وقناعات مزيفة لبعض المواطنين حول الوضع سعياً إلى تأليب الرأي العام ضد النظام القائم”، فضلاً عن اتهامه بـ”حيازة وتحرير مطبوعات تتضمن التحريض ضد النظام القائم وإسقاط مؤسسات الدولة؛ ومنها الجيش والشرطة والقضاء، وكذا حيازة بعض المواد المستخدمة في العنف في مسكنه”.

وذكرت الحيثيات التي حصلت معدة التحقيق على نسخة منها، أن ضابط الأمن الوطني عندما استوثق من جدية تلك التحريات أفرغها في محضر عرضه على النيابة العامة التي أذنت له بتاريخ 16 أيار/ مايو 2017 الساعة الثالثة صباحاً بضبطه وتفتيش مسكنه.

وتضيف المحكمة أنها عثرت خلال “تفتيش مسكنه على 8 مطبوعات مدون عليها عبارة (أفيقوا راجعين)” و4 مطبوعات بعنوان (جوعتونا)، و6 مطبوعات مدون عليها (25 يناير من جديد)، و5 مطبوعات مدون عليها (حركة شباب 6 أبريل أفرجوا عن مصر)”، إضافة إلى لافتة مدون عليها (أنا ابريلي صوت الحق)”.

في المقابل أكدت والدة أندور أن قوات الشرطة لم تأخذ من منزلها سوى نجلها وهاتفه وبطاقته الشخصية، نافية العثور على أي منشورات، وعلى رغم أن المحكمة تطرقت إلى إنكار أندرو تهمة حيازة المنشورات، إلا أنها أكدت اطمئنانها للتحريات التي أجريت بمعرفة ضابط الأمن الوطني ومصادره السرية، وعدم ضم المضبوطات إلى ملف القضية.

كتب أندرو ناصف (23 سنة) على حسابه على “فايسبوك”، قبل توقيفه: “إمتى هنسقط السجون والدكتاتورية العسكرية تاني”، و”اطلب الحرية واتكلم عن كل إنسان مظلوم في البلد إن كنت تعرفه أو متعرفوش لأن هيجي يوم عليك”، ما اعتبرته السلطة جريمة “إرهابية” متكاملة الأركان

وذكرت المحكمة في الحكم “إنه عن الدفع بإنفراد الضابط بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة المرافقة له عن الشهادة بشهادتهم، فمردود عليه بأنه من المقرر وفقاً لقضاء هذه المحكمة أن سلوك الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة تطمئن إلى أقوال ضابط شاهد الإثبات وتأخذ بها وترتاح إليها الأمر الذي يكون معه نفي الدفاع في هذا الصدد غير سديد متعيناً رفضه”.

ويفسر عبد العزيز يوسف محامي أندرو لـمعدة التحقيق حيثيات المحكمة بأن ضابط اﻷمن الوطني جمع المعلومات عن أندرو وقام بتوقيفه والشهادة ضده، أما المنشورات التي ذكر الحكم وجودها في منزله فلم ترتب المحكمة أثرا على عدم وجودها من الأساس، ولا على رفض الضباط وأفراد الشرطة الذين شاركوه في توقيف أندرو في الشهادة على حيازة أندرو لها.

قبل أن تنظر محكمة النقض الطعن المقام من أسرة أندرو ضد هذا الحكم، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في 16 أيار 2018 قراراً جمهورياً بالعفو عن 332 سجيناً من الشباب وذوي الحالات الصحية، ضم أندرو ومعه زميله الموقوف قبله بساعات إسلام مرعى أمين “حزب المصري الديموقراطي” في الزقازيق الذي عاقبته المحكمة بالسجن 3 سنوات.

خرج أندرو من السجن بعدما أمضى عاماً كاملاً، وأغلق حسابه على “فايسبوك” لمدة 16 شهراً، قبل أن يعيد فتحه مرة أخرى بداية من أيلول/ سبتمبر 2018، لنشر صور شخصية، حاولنا التواصل معه بعدما أعاد فتح حسابه ورحب أندرو في بداية الأمر وحدد أكثر من موعد للمقابلة، آخرها كان في آذار/ مارس 2020 ولكنه اعتذر بعدها، مفضلاً عدم تذكر تجربة السجن مرة أخرى.

إقرأوا أيضاً:

محمد رمضان: الممنوع الأول من استخدام الإنترنت

في أول كانون الأول/ ديسمبر 2016 كتب المحامي محمد رمضان على صفحته على “فايسبوك” منشورات منها “تيران وصنافير مصرية” و”عواد باع أرضه”، وفي الخامس من الشهر نفسه، ألقت قوات الأمن القبض عليه أثناء متابعته بعض القضايا في قسم المنتزه بالإسكندرية، بعدما تقدم أحد المحامين ببلاغ ضده بتهمة كتابة منشورات على صفحته على “فايسبوك” تتضمن تجاوزاً في حق رئيس الجمهورية والتحريض على نظام الحكم. حققت النيابة مع رمضان وقتها، وأخلت سبيله بعد احتجازه لمدة 48 ساعة بكفالة عشرة آلاف جنيه (637 دولاراً).

 وفي 12 نيسان/ أبريل 2017، أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية، حكماً غيابياً بحبسه عشر سنوات، ومنعه من استخدام الانترنت لمدة خمس سنوات، إضافة إلى تحديد إقامته جبرياً خمس سنوات أخرى.

 اعتبرت المحكمة أن المنشورات تنطوي على إهانة لرئيس الجمهورية وتحريض على الإرهاب، وهو أول تطبيق للمادة 37 من قانون مكافحة الإرهاب التي تعطي للمحكمة في أي جريمة إرهابية أن تقضي بإلزام المتهم بآداء “تدبير” أو أكثر بحد أقصى 5 سنوات إلى جانب عقوبة السجن.

ولأن الحكم غيابي، قدم رمضان طلباً لإعادة محاكمته لإعفائه من تنفيذ العقوبة، واستجابت له دائرة أخرى بمحكمة جنايات الإسكندرية وقررت في 10 حزيران/ يونيو 2017 وقف المحاكمة لحين الفصل في مدى دستورية عدد من مواد قانون الإرهاب الذي بنت عليه الدائرة الأولى حكمها.

تعليق المحكمة الدستورية العليا للمحاكمة مكننا من لقاء رمضان في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 قبل القبض عليه في قضية أخرى.

كتب المحامي محمد رمضان على صفحته على “فايسبوك” منشورات منها “تيران وصنافير مصرية” و”عواد باع أرضه”، وفي الخامس من الشهر نفسه، ألقت قوات الأمن القبض عليه أثناء متابعته بعض القضايا في قسم المنتزه بالإسكندرية، بعدما تقدم أحد المحامين ببلاغ ضده بتهمة كتابة منشورات على صفحته على “فايسبوك”

“طبيعة عملي كمحام مهتم بالقضايا السياسية وبخاصة قضايا الحريات جعلتني في مواجهة مباشرة مع أجهزة الأمن وبخاصة الأمن الوطني”، يقول رمضان، موضحاً أنه عادة ما يقدم بلاغات ضد الضباط الذين يعذبون الموقوفين، وأنه قبل توقيفه بأيام، قام عدد من الضباط بسؤال أهالي المنطقة التي يسكن فيها عن علاقته بتنظيم “الاشتراكيين الثوريين”. على الفور قدم رمضان إنذاراً لمدير قطاع الأمن الوطني بالإسكندرية، يخبره فيه بأنه “يعمل محامياً وأوكل إليه الدفاع في العديد من القضايا السياسية، وأنه (رمضان) لاحظ أنه عند قيام مباحث أمن الدولة بتوقيف عدد من الأشخاص، قيام الضابط المختص بالاستفسار منهم عن طبيعة الموقع الذي يشغله (رمضان) في حركة (الاشتراكيين الثوريين)”. وشدد على أن “ليس لديه معلومات عن تلك الحركة ولا يعرف إذا كانت هناك حركة بهذا الاسم، وأن أي محاضر أو قضايا أو تحريات سوف تحرر بمعرفة قيادات وضباط الأمن الوطني في الإسكندرية ضده هي محاضر كيدية ملفقة”.

ويضيف رمضان أنه بعد تقدمه بالإنذار بأيام اقتحمت أجهزة الأمن منزله في الإسكندرية ووقتها كان في القاهرة، وأوقفت القوى الأمنية، وقتها، والدته وشقيقته حتى يسلم نفسه، وبعد تدخل الأهالي والمحامين أخلوا سبيلهما. وبعد أيام ألقت قوات الأمن القبض على رمضان في قسم المنتزه، حيث كان يدافع عن أحد موكليه، بحجة وجود بلاغ ضده من أحد المحامين بسبب ما يكتبه على “فايسبوك”. 

“أغلقت حسابي على فايسبوك بعد حكم محكمة الجنايات بسجني عشر سنوات” يقول رمضان، ويضيف: “لو كنت أعرف أني هتحبس بسببه كنت هكتب مقال توعوي يفيد الناس ويفهمهم لا مجرد رأي”، ولكن قرار رمضان بالبعد من “فايسبوك” لم يستمر أكثر من ستة أشهر، حيث أنشأ حساباً جديداً في حزيران/ يونيو 2018، ليكون السبب في إعادة توقيفه في 11 كانون الأول 2018 بعدما نشر صورة له مرتدياً سترة صفراء، بالتزامن مع تظاهرات السترات الصفر في فرنسا، ما اعتبرته السلطة تحريضاً على التظاهر، وهي التهمة التي حبس على إثرها رمضان عامين حبساً احتياطياً قبل أن تقرر محكمة جنايات الإسكندرية، في الثاني من كانون الأول 2020، إخلاء سبيله، بكفالة خمسة آلاف جنيه.

ولكن قرار المحكمة لم ينفذ، حيث قررت نيابة أمن الدولة في الثامن من كانون الأول الماضي (2020) إعادة حبس رمضان في قضية جديدة، برقم 467 لسنة 2020 بعدما اتهمته بـ«إرسال خطابات من داخل محبسه بهدف زعزعة الاستقرار»، وفقاً للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي التهمة التي ما زال رمضان محبوساً احتياطياً على ذمتها حتى وقت كتابة التحقيق، في حين ما زالت المحكمة الدستورية العليا تنظر في أمر مدى توافق قانون مكافحة الإرهاب مع الدستور.

عمرو نوهان: ضحية ميكي ماوس 

 قبل أيام من نهاية مدة خدمته العسكرية الإلزامية، نشر عمرو نوهان على حسابه على “فايسبوك” صورة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هيئة الشخصية الكارتونية “ميكي ماوس” ما تسبب في طرده من الخدمة العسكرية في آب 2015، ومحاكمته عسكريا وسجنه ثلاث سنوات، أنهاها في أيلول 2018، وخرج من السجن ليمارس مهنة المحاماة.

وفي 10حزيران 2019 أوقفته قوات الأمن مرة ثانية، خلال دفاعه عن أحد المتهمين، داخل قسم شرطة كرموز، ووجهت له اتهامات بـ”الانضمام لجماعة إرهابية” و”استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة”، ما زال محبوساً احتياطياً.

في مدينة الاسكندرية وعلى بعد أمتار قليلة من كورنيش منطقة بحري، قابلنا أسرة نوهان في 28 أيلول 2017 قبل أن يكمل عقوبة المحكمة العسكرية.
“جريمة عمرو هي رأيه” هكذا أخبرنا شقيقه وليد نوهان، مضيفاً أن شقيقه كتب رأيه على حسابه الشخصي على “فايسبوك” قبل انتهاء فترة تجنيده بأيام فأحيل للمحكمة العسكرية وقضت بحبسه ثلاث سنوات.

حدد الحكم الصادر من المحكمة العسكرية في محافظة مطروح التهم التي ارتكبها نوهان بـ:

 أولاً: قيامه بمشاركة صورة ساخرة لرئيس الجمهورية على حسابه الشخصي في “فايسبوك”.

ثانياً: نشر منشور على صفحته وردت فيه عبارة “يسقط السيسي ومرسي ومبارك”.

ثالثا: نشر منشور تهكمي على رئيس الجمهورية.

رابعا: نشر منشور ورد فيه سب لرئيس الجمهورية.

خامسا: نشر منشور يتضمن شماتة بشأن التفجيرات التي تقع قرب مقر جهاز الأمن الوطني.

وقالت المحكمة في حكمها، إن قسم الأمن الحربي، أحد الأجهزة التابعة للمخابرات الحربية والاستطلاع التابعة لوزارة الدفاع، تلقى معلومات بقيام نوهان بـ”تدوين عبارات ونشر صور على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به “فايسبوك” مناهضة للقوات المسلحة والنظام الحاكم، بما ينافي السلوك القويم الذي يجب أن يتحلى به أفراد القوات المسلحة، كما نشر صور شخصية له مرتدياً الزي العسكري على “فايسبوك” وهو ما يعد إهمالاً لطاعة الأوامر والتعليمات العسكرية، وتم عرضه على النيابة العسكرية وانتهت إلى إحالته للمحاكمة.

ويصنف قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966، إهمال طاعة الأوامر العسكرية، والسلوك المضر بالضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري بـ”الجريمة” ويعاقب عليها بالحبس.

 والدة نوهان التي تعمل مدرسة في الإمارات ولا تأتي إلى مصر إلا في إجازة الصيف قالت: “قد يكون التعبير عن الرأي أثناء تأدية الخدمة العسكرية جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن هل فكر المسؤولون عن البلاد، كيف يعاقبون شبابها من دون أن ينفروهم من الانتماء إليها ويكرهوهم فيها”.

إقرأوا أيضاً:

حاولنا التواصل مع نوهان عقب خروجه من السجن عام 2018، ولكنه أكد في رسالة نصية أنه غير مستعد “ذهنياً” و”صحياً” و”مادياً” للعودة للسجن مرة ثانية. وأضاف “خصمي في القضية كان رئيس الجمهورية، ولسه مش عارف هو لسه مخاصمني ولا لأ”. واختتم رسالته: “حلِم (أضبط) لساني وأمشي جنب الحيط لأني لو اتحبست تاني هموت جوة”.

لم يغلق وليد صفحة شقيقه على “فايسبوك” بعد توقيفه في المرة الأولى، معتبراً أن “فيس بوك ساحة لتبادل الآراء والأفكار وليس للصور والأغاني فقط”. وأن شقيقه دفع ثمن رأيه. وأبقى عمرو على صفحته على “فايسبوك”، بعد خروجه من السجن، ولكن بعد توقيفه الثاني أغلق الصفحة.

محمد يحيى: قلب نظام الحكم بكاميرا الموبايل 

استخدام ستة ممثلين مسرحيين “فايسبوك” لنشر عروض تمثيلية ساخرة، كان كفيلاً بسجنهم أشهراً بعد اتهامهم بإحداث فوضى في البلاد لمناهضة النظام.

في كانون الأول 2015 شكل ستة ممثلين مسرحيين، تتراوح أعمارهم بين الـ21 و38 سنة، فرقة أطلقوا عليها اسم “أطفال الشوارع”، وطافوا محافظات مصر بعروض مختلفة ضمن ما يسمى “مسرح الشارع”، ثم انتقلوا لتنفيذ الفكرة عبر تصويرها بكاميرا الموبايل في فيديوات قصيرة، بطريقة “السيلفي”، يتحدثون فيها عن موروثات اجتماعية وتناقضات المجتمع بطريقة ساخرة، وتطورت الفكرة لطرح قضايا سياسية، ونشروا تلك الفيديوات على صفحة تحمل اسم الفرقة على “فايسبوك”.

بعد خروج أعضاء الفرقة من السجن بعام كامل، اتفقنا على موعد للتسجيل، وفي الموعد المحدد لم يأت أي من أعضاء الفرقة للتسجيل، وتكرر الأمر مرات، حتى انتهى بالتسجيل مع عضو الفرقة محمد يحيى منفرداً في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.

تشير أوراق القضية الخاصة بالشباب الستة إلى أنه قبل توقيفهم في 9 أيار 2016 بثلاثة أيام “توافرت معلومات لضابط بقطاع الأمن الوطني من مصادر سرية موثوق بها تفيد بقيام بعض العناصر الإيثارية بمحافظتي القاهرة والجيزة أطلقوا على أنفسهم (فرقة أطفال الشوارع)، بإحداث فوضى في البلاد ومناهضة النظام والسعي لزعزعة الاستقرار من خلال الإعداد لمخطط يهدف إلى تحريض جموع المواطنين ضد الدولة ومؤسساتها ودفعهم للمشاركة في التظاهرات والمسيرات ضد الدولة”.

“اتفصلت من وظيفتي بسبب كلمتين على فايسبوك”

وذكرت التحريات المعدة من قبل الضابط نفسه أن أعضاء الفرقة قاموا في سبيل تنفيذ مخططهم بعقد اجتماعات في ما بينهم اتفقوا خلالها على إعداد حملة ممنهجة عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب من خلال عرض فيديوهات مصورة لهم تتضمن تحريف كلمات بعض الأغاني الوطنية وإحلالها بألفاظ نابية مسيئة للدولة ومؤسساتها، وأن أعضاء الفرقة “محمد عادل ومحمد جبر ومصطفى زين ومحمد يحيى وعز الدين خالد ومحمد دسوقي اتفقوا على تصعيد وتيرة أعمالهم و استغلال الإنترنت في نشر مقاطع فيديو أعدوها لحشد جموع المواطنين بدعوى قيام النظام بالتنازل عن بعض الأراضي، مقابل معونات اقتصادية عقب الإعلان عن ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية:. 

الأدلة التي تضمنها ملف قضية أطفال الشوارع في نيابة أمن الدولة العليا اقتصرت على إسطوانة مدمجة “CD” تضم أربعة فيديوات للفرقة، بعنوان “عبيد البيادةأبو دبورة سد النهضةالمملكة السعودية 7 آلاف سنة حضارة“.

ظل الممثلون الستة في السجن حتى قضت محكمة جنايات شمال القاهرة، في السابع من أيلول 2016 بقبول استئنافهم قرار تجديد حبسهم، وقررت إخلاء سبيلهم بتدابير احترازية، تتمثل في البقاء في قسم الشرطة التابع لمحل إقامتهم لمدة ثلاث ساعات مرتين أسبوعياً لمدة أربعة أشهر، إلا أن القضية ما زالت متداولة أمام المحكمة ولم تحفظ حتى تاريخ كتابة التحقيق.

بعد خروج أعضاء الفرقة من السجن، قرروا غلق صفحتهم على “فايسبوك”، وتوقفوا عن العمل معاً. “اتفصلت من وظيفتي بسبب كلمتين على فايسبوك” يقول يحيى الذي كان يعمل إلى جانب التمثيل موظفاً في وزارة الثقافة، مضيفاً أن فرقة “أطفال الشوارع” لم يعد لها وجود الآن “كانت ذكرى جميلة، ولكن تجربة الحبس كانت مؤلمة ولم نتعافَ منها”.

محمد سعيد: ضحية البث المباشر

بعد 16 شهراً من القبض عليه، ما زال محمد سعيد محبوساً احتياطياً، بعدما وجهت له نيابة أمن الدولة العليا في أيلول 2019 أربعة اتهامات، هي: مشاركة جماعة إرهابية أغراضها، وإنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج أفكار تلك الجماعة، ونشر أخبار كاذبة، إضافة إلى الانضمام لمجموعة لتنظيم تظاهرة من دون ترخيص.

قبل تظاهرات 20 أيلول لم يكن لسعيد أي نشاط سياسي، كان يمتلك منفذاً لبيع السلع الكهربائية المعمرة في منزله في ميدان الأربعين في مدينة السويس، بحسب محاميته هدى عبد الوهاب التي أوضحت أنه لسوء حظ سعيد، قناة “الجزيرة” وقنوات الإخوان نقلت عن صفحته تلك التظاهرات، ما تسبب في توقيفه على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 وتعرض للتعذيب داخل سجن بورسعيد، بحسب ما أثبته المتهم في محضر تحقيقات النيابة.

وتضيف عبد الوهاب: “على عكس أكثر من ثلاثة آلاف شخص قبض عليهم وقتها، وضموا للقضية ذاتها، لم يخل سبيله وظل قيد الحبس الاحتياطي على ذمة تلك القضية حتى الثالث من تشرين الثاني 2020، حين قررت محكمة جنايات القاهرة، إخلاء سبيله بتدابير احترازية، ولكن قرار المحكمة لم ينفذ وتم عرضه بعدها بأيام على نيابة أمن الدولة العليا متهماً على ذمة قضية جديدة برقم 1057 لسنة 2020 ووجهت له تهمة الانضمام لجماعة إرهابية أيضاً، وما زال محبوساً بحسب المحامية هدى عبد الوهاب”.

مصير سعيد ما زال مجهولاً حتى الآن، ولكن صفحته على “فايسبوك” ما زالت متاحة وشاهدة على أن جرمه لم يكن سوى استخدام تقنية البث المباشر لـ”فايسبوك” في توثيق ما حدث في مواجهة منزله.

إقرأوا أيضاً:

تقنياً ثم قانونياً 

قد يكون من السهل على السلطة تتبع النشطاء السياسيين أو المعارضين، ولكن كيف تستطيع مد رقابتها على الأشخاص العاديين الذين ربما يزيد عددهم عن 40 مليون مستخدم، الإجابة يحددها حسن الأزهري المحامي في “مؤسسة مسار مجتمع التقنية والقانون” في “المراقبة الجماعية”.

يوضح الأزهري أن السلطة باتت قادرة على المراقبة الجماعية لمستخدمي “فايسبوك” منذ عام 2016، وخلال المراقبة يكون الاستهداف عشوائياً، بمعنى أن الأجهزة الأمنية ترصد استخدام أي شخص كلمات دلالية معينة أو هاشتاغ معيناً، وتحدد توجهاته السياسية، حيث يستخدم الجهاز التابع لوزارة الداخلية تلك البيانات في تحريك القضايا ضد مستخدمي “فايسبوك”.

وكانت وزارة الداخلية قد أفصحت عن رغبتها في الرقابة الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، في الأول من حزيران 2014، إذ نشرت جريدة “الوطن” كراسة شروط خاصة بمناقصة لوزارة الداخلية لتوريد برمجيات أطلقت عليها “مشروع المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي-منظومة قياس الرأي العام”.

حددت الداخلية الهدف من المناقصة في رغبتها في شراء، أحدث إصدارات برامج نظام رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي (فايسبوك- تويتر- يوتيوب- انستغرام- لينكد إن- فايبر- واتس آب)، إضافة إلى التعرف إلى الأشخاص الذين يمثلون خطراً على المجتمع وتحليل الآراء المختلفة التي من شأنها التحديث الدائم للمنظومة الأمنية بالوزارة.

السلطة باتت قادرة على المراقبة الجماعية لمستخدمي “فايسبوك” منذ عام 2016، وخلال المراقبة يكون الاستهداف عشوائياً، بمعنى أن الأجهزة الأمنية ترصد استخدام أي شخص كلمات دلالية معينة أو هاشتاغ معيناً، وتحدد توجهاته السياسية

وحددت الداخلية في المناقصة آلية عمل البرامج التي تريد شراءها وتقديم أداة تحليلية لآراء واتجاهات أعضاء الشبكة الاجتماعية. وفي الوقت الذي تخوفت فيه منظمات حقوقية من استخدام تلك البرامج في مراقبة المساحات المتعلقة بالتعبير الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، أكد مساعد وزير الداخلية لشؤون الإعلام اللواء عبد الفتاح عثمان في اتصال هاتفي مع إحدى القنوات التلفزيونية صحة الخبر، نافياً أن يكون لتلك البرامج أي علاقة بحرية التعبير عن الرأي. 

وفي 22 أيلول 2014 تقدمت 10 منظمات حقوقية بدعوى قضائية لوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الداخلية بإجراء تلك المناقصة، يوضح الأزهري أن إعلان الداخلية عن استهدافها شراء تطبيقات تمكنها من مراقبة الشبكات الاجتماعية، والتجسس على أنشطة المستخدمين؛ يتعارض مع الحق الدستوري في التعبير عن الرأي، غير أن محكمة القضاء الإداري قضت في 28 شباط 2017 بعدم قبول الدعوى، لأن القاضي كيّف القضية باعتبارها طعناً على العقد الخاص بالمناقصة، وهو الأمر الذي يقصره القانون على طرفي العقد، ولم يتعرض لمدى مشروعية استخدام وزارة الداخلية لتلك الأنظمة والبرامج، ولكن الحكم تطرق إلى إبرام المناقصة بالفعل ودخولها حيز التنفيذ منذ عام 2014، بموجب عقد بين وزارة الداخلية وإحدى الشركات ولكنه لم يسمها.

وزارة الداخلية لم تنشر أيضاً أية معلومات عن المناقصة وما أسفرت عنه، وقمنا خلال إعداد هذا التحقيق بالإتصال باللواء عبد الفتاح عثمان الذي كان مديراً لإدارة الإعلام بالوزارة بالتزامن مع إجراء المناقصة، وأرسلنا له رسائل نصية بأسئلتنا ولكننا لم نتلق أي رد.

غير أن صحيفة أمريكية كشفت في أيلول 2017 عن فوز شركة مصر للنظم الهندسية systems Engineering of Egypt بالمناقصة وهي موزع للشركة الأميركية Blue coat، المتخصصة في مراقبة الانترنت.

وبحسب تقرير أصدرته “الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان” بعنوان “مصر قمع صنع في فرنسا“، في تموز/ يوليو 2018، زودت تلك الشركة السلطة المصرية بنظام فحص حزم عميق “فحص متعمق للمحتوى” لاعتراض المحتوى وكذلك البيانات الشخصية على المحادثات الهاتفية ومراقبة برامج مثل “واتس اب” أو “فايبر” أو “سكايب”.

وتطرق التقرير إلى بدء وزارة الداخلية استخدام تلك البرامج في آب/ أغسطس 2016، وبحسب خبراء فنيين تمكن تلك البرامج السلطة من الرقابة المنهجية و العامة للاتصالات عبر الإنترنت، وذلك بتجاوز بروتوكول التشفير.

بعد رصد الأشخاص الذين تضعهم الأجهزة الأمنية في خانة الخطرين على المجتمع يأتي دور القوانين لتحديد العقاب، وعلى رغم عدم وجود قانون مستقل يحدد المسموح والممنوع في وسائل النشر الرقمية إلا أن السلطة في مصر تعتمد على المواد العقابية الخاصة بجرائم النشر العادية في قوانين العقوبات وتنظيم الاتصالات والطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب، وبداية من آب وأيلول 2018 انضم لتلك القوانين، قانونا جرائم تقنية المعلومات وتنظيم الصحافة والإعلام، لملاحقة المستخدمين، بحسب المحامي أحمد عثمان المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير (التي تقدم الدعم القانوني للمتهمين في قضايا مرتبطة بفايسبوك).

وقال عثمان إن السلطات الشرطية والقضائية استناداً إلى مواد قانون العقوبات، توجه إلى مستخدمي “فايسبوك” تهماً مثل؛ نشر أخبار كاذبة، أو إهانة رئيس الجمهورية أو مؤسسات الدولة، أو الانتماء إلى جماعة أسست على خلاف القانون. وأعطى مثالاً، واقعة توقيف أكثر من 75 شخصاً في أيلول 2017، بسبب نشرهم صوراً على “فايسبوك” لمشاركتها في حفلة تجمع المثليين وترفع علم قوس قزح “المعروف كإشارة للتنوع”، ووجهت لهم النيابة تهم الانضمام لجماعة تأسست على خلاف القانون.

ولا يقف الأمر عند كتابة تعليق أو نشر صورة أو فيديو على “فايسبوك”، وإنما يمتد إلى مجرد التفاعل مع منشورات على حسابات أخرى، فيعدد عثمان الأمثلة؛ قبضت أجهزة الأمن على كرم زكريا عضو حركة 6 أبريل بسبب إعجابه (like) بمنشور على صفحة “الموجة الخضراء”، التي “تحث المواطنين على الإيجابية”. 

أحدث التهم وأخطرها هي التهم المرتبطة بقانون مكافحة الإرهاب الصادر في أغسطس 2015، إضافة إلى قانونين آخرين يسهلان مهمة ملاحقة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الأول هو قانون تنظيم الصحافة والإعلام الصادر في الأول من أيلول 2018، والذي تخضع مواده الحسابات أو المدونات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها عن خمسة آلاف شخص، لسلطة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

أما القانون الثاني فهو الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في آب 2018، والذي يلزم مقدمي خدمات الانترنت في مصر بحفظ وتخزين بيانات المستخدمين لمدة ثلاثة أشهر وتقديمها لجهات الأمن لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي للبلاد.

واعتبر عثمان أن الحملة التي شنتها السلطة للقبض على المعارضين للتعديلات الدستورية في نيسان/ أبريل 2019 والتي أسفرت عن القبض على ما يقرب من 10 من أعضاء أحزاب الدستور ومصر القوية بسبب كتابتهم منشورات مناهضة للتعديلات الدستورية على حساباتهم الشخصية على “فايسبوك” كان أول تطبيق للقانون، وقد استخدمت المحكمة الإدارية العليا القانون ذاته في كانون الأول 2019، لفصل موظف من عمله بعدما وضع على “فايسبوك” منشوراً اعتبرته المحكمة ينطوي على اعتداء على القيم الأسرية فى المجتمع المصري، وينتهك حياة الآخرين الخاصة.

رنا ممدوح –  صحافية مصرية تعمل في موقع «مدى مصر» المستقل، متخصصة في الشؤون القضائية

أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف “شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج)

إقرأوا أيضاً: